السابق صلاة من أجل اعادة بناء كفر برعم واقرث المهجرتين
رابط المقال: https://milhilard.org/wgxl
عدد القراءات: 452
تاريخ النشر: أغسطس 24, 2022 5:20 م
رابط المقال: https://milhilard.org/wgxl
بشار جرار
واشنطن-عمّان
الفريسيون معروفون لدينا، لكل قارئ للكتاب المقدس بعهيديه القديم والجديد. يعلم المسلمون أيضا عبر تاريخهم هذه الفئة تماما والذي يجمع بينهما في الأديان والطوائف والمذاهب كافة هي السمات التالية: حرفية التفسير للنص. ادّعاء احتكار فهمه. تنصيب أنفسهم قضاة على العالم والعالمين. تشدد يفضي إلى أحد أمرين كلاهما ليس بخير أبدا: التطرف والنفاق..
الناظر المتدبّر في عالم اليوم، في سائر أرجاء المعمورة، يرى في الفريسية السياسية والدينية على حد سواء كارثة عمّت بلاياها مختلف جوانب حياة الناس العامة والخاصة. انظر في أي اتجاه شئت، ترى نصوصا غير مقدسة، أكسبها الفريسيون السياسيون قداسة: البداية كانت بالأوامر الصادرة عن رأس الدولة في جميع النظم السياسية حتى جعلوها في إطار دستور (مرن أو جامد: بمعنى قابلية التعديل من عدمها). وانحدرت الأمور رويدا رويدا حتى صارت القداسة سمة الدساتير والقوانين والتعليمات المكتوبة والشفوية، المباشرة وغير المباشرة، هكذا حتى صارت في بعض البلاد البعيدة عنا والحمد لله، قداسة سياسية لأحلام وهواجس أصغر موظف في الدولة أو الحزب.
ليت الأمر وقف عند ذلك الحد، بل استمر الانحدار إلى الدرك الأسفل من التأطير القانوني والتنظير السياسي، دخلت بعض الدول دوامة التعديلات والاستثناءات وقامت ثورات وانشطرت وتشظّت فصائل وتنظيمات، كلها تحت لافتة الفريسية السياسية، فكل يرى نفسه المالك الحصري لحق تفسير ما قرر أن يكون نصا مقدسا.
كم نحن بحاجة إلى قيامة المسيح فينا لدحض أكاذيب الفريسيين السياسيين ودجلهم. مسيحيون ومسلمون نعلم يقينا أن لا قداسة سوى بالنص الديني وأن الآيات كلها انطلقت من حقيقة ربانية واحدة قضت بمنح الناس كافة حق الاختيار ما لم يخرج على الوصايا العشر. ولك أن تتدبّر في التعبير العربي (وصايا) والإنجليزي (كوماندمينتس) بمعنى أوامر و(نواهي). هي إذن نصوص منحنا -من لدن خالقنا العظيم- الحق في الإيمان من عدمه، ووفقا للكيفية والنوعية التي نراها في قلوبنا لا في كشاكيلنا!
محبة وإكراما لإحدى زوجاته (ماريا) أوصى النبي محمد (صلعم) ب “القبط” خيرا. فما بالكم وخاصة الأخوة الأحبة “مسيحيي المشرق” في وصية السيد المسيح لكل المؤمنين به فاديا ومخلّصا وربّا تجسّدت فيه “الكلمة” بأن “نحب بعضنا بعضا”. بعضنا هذه، قطعا تشمل الإنجيليين. فمتى يحترم بعض الفريسيين السياسيين والدينيين حرية الاختيار لهذه الجماعات التي عرفت الله بحسب كتابه المقدس واختارت أن تعمل وفقا لآياته، كل حسب محبته وفهمه.
ما ضير فريسيي هذا الزمان بأن يقوم الإنجيليون ومنهم “جماعات الله” بخدمة الناس دون تبشير لاهوتي ولا كرازة كتابية. ما ضيرهم أن يعمموا قصص النجاح. انظروا لثمارهم في العالم كله وخاصة في أمريكا. كم أنقذوا أسرا من الطلاق؟ كم أنقذوا مراهقين من المخدرات؟ كم زاروا وخدموا دور أيتام وكبار السن والسجون (مراكز الإصلاح والتأهيل)؟ كم ساعدوا الناس على الاحتفاظ ببيوتهم ولم شمل أسرهم؟ لم أقرأ كل ذلك في دورية أمريكية متخصصة ك “كريستيانيتي توداي”، بل عرفتها وعرفها أبي عن قرب في شخص القس أيوب ريحاني، رحمهما الله..
إن كان لدى البعض عقدة الفريسية السياسية فماذا لو اعتنقنا جميعا السامرية الدينية؟!
بشّار جرّار
كاتب أمريكي أردني مقيم في واشنطن
متخصص في دراسات السلام
كاتب سياسي في الشؤون الأمريكية والشرق أوسطية، قضايا محاربة الإرهاب وتعزيز حوار الأديان
كاتب زاوية في عدد من الصحف والمواقع العربية والدولية
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.