Skip to content

مَنح الدّكتوراة الفخريّة للصّحفيّ والكاتب عطا الله منصور ابن قرية الجش الجليلية

رابط المقال: https://milhilard.org/t5hg
عدد القراءات: 428
تاريخ النشر: ديسمبر 16, 2022 7:06 م
الصحفي عطالله منصور

الصحفي عطالله منصور

رابط المقال: https://milhilard.org/t5hg

 داود كُتّاب- ملح الارض

قال الصحفي الفلسطيني المخضرم عطالله منصور لـ “ملح الأرض” ان الفضل في كل إنجازاته الشخصية يعود لله وللوالدين. ” الله كان ولا يزال يحبني. والدي كان فقيرًا، ولكن لم اجوع ولا يوم ولم يقل لي يوما ما الا افعل أمر ما. والدتي كانت أمية، ولكن كان لها رأي سديد.”

يستذكر عطالله منصور طفولته بعد أن تم الإعلان الرسمي أنه سيحصل على شهادة دكتوراه فخرية من جامعة تل أبيب. منصور يذكر صعوبة الحياة في مسقط رأسه في قرية الجش الجليلية: كنا فقراء وكان بيتنا مجرد 50 متر مربع، وكان البيت محاط من الثلاث جهات وحدثت العديد من الوفيات في المحيط القريب لنا. مات جدي من الكوليرا عام 1908 ومات أخي من الحصبة وبقينا انا واخواتي الاثنتين في البيت”. يعترف عطا الله منصور أنه كان مدللا. “انا كنت المدلل في العائلة”.

يرفع عطا الله منصور القبعة تقديرًا لدور الكنيسة في تلك الفترة وخاصة في المناطق الريفية. “ولدنا في كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك وكان لكاهن القرية دور كبير في المجتمع. لعبت الكنيسة دورًا في القرى  في دعم الناس وكان الخوارنة مؤهلون مقارنة مع باقي الشعب”.

وفيما يخص العمل الإعلامي يقول عطا الله منصور ل “ملح الارض” أن أهم نصيحة يمكن تقديمها لمن يرغب بالعمل الصحفي هو ضرورة القراءة والثقة بالنفس.  “كنت اقرأ كل شي تصل يدي عليه ، ان كان كتاب او مجلة او حتى نصائح طبيه كان يتم تقديمها في العيادات. كان لدي إيمان بنفسي وكنت واثق أنني أستطيع استيعاب أمور معقّدة واحوّلها إلى مقال سهل للقراءة والاستفادة”.

عطالله منصور في بداية مشواره الصحفي

يذكر منصور أوائل أيام عمله الصحفي بالقول: “كنت اكتب المقال على ورق وإرساله بالبريد وانتظر أسبوعًا كاملًا لصدور المجلة الأسبوعية التي كنت أرسلها.

ويتذكر عطا الله منصور أنه كان يعمل بدون كلل لسنوات حتى انه في يوم زواجه قام بإرسال مقاله الأسبوعي للصحيفة. ويقول إنه عمل 11 سنة بدون أي إجازة. ثم جاء المسؤول وقال له: عليك أن تأخذ إجازة. فردّ انه يرغب السفر لبريطانيا للدراسة كي يقوي لغته الإنجليزية.

ويقول منصور أنه عمل لغاية عام 1995 ولم يقم أحد برفع قضية ضده بسبب ما كان يكتب.

وحول الوضع الحالي يقول منصور إن الفجوة بين العرب واليهود في إسرائيل أصبحت كبيرة جدا تكاد تكون قطيعة بين الطرفان.

مع الزوجة افلين غريب (التي انتقلت للامجاد 2010) والاحفاد

يقول منصور أنه يقرأ مجلة ملح الأرض ويستمتع بما يتم نشره من مقالات واخبار معربا عن رأيه أن “جزء كبير من المهنة و أمر هام للصحفي ان يشعر ان ما يتم كتابته له صدى.”

وهذه نبذة عن حياة ومسيرة الأستاذ عطاالله منصور:

ولد عطا الله بطرس منصور في قرية الجشّ في الجليل الأعلى عام 1934، وترعرع فيها حتى عام 1953 حيث انتقل بعدها ليسكن في مدينة النّاصرة حتى يومنا هذا. بدأ منصور مسيرته الصحفية عام 1954 في مجلة “هعولام هزيه” كأول صحفيّ عربيّ فلسطيني يكتب بالعبريّة في الصّحافة العبريّة في البلاد، ليتبعها في صحيفة هآرتس كمراسل في الجليل، القدس، الضّفّة الغربيّة وانكلترا، وكاتب مقالات وتحليلات وزاوية أسبوعيّة فيها حتّى عام 1991. خلال تلك الفترة، كتب منصور عن كلّ المفارق الهامّة للدّولة والمواطنين العرب في البلاد مثل حرب 1956 والحكم العسكريّ على المواطنين العرب، حرب الأيام السّتّة وظروف الحياة في القدس الشرقية والضفة بعدها، حرب 1973، يوم الأرض، اتّفاقيّات السّلام مع مصر، حرب لبنان الأولى والثانية، وطبعًا الحياة السّياسيّة، الاقتصاديّة، والاجتماعيّة للمواطنين العرب في البلاد. خلال السّنوات كانت له عدّة سابقات صحفيّة وصلت الى الصّحافة العالميّة حيث كان أول صحفيّ عربيّ يقابل دافيد بن جوريون، وهو أول صحفيّ وصل إلى موقع حريق المسجد الأقصى عام 1968 ونظرًا لتعليمات الرقابة العسكرية لم يكن بالإمكان النشر في البلاد فقام بإرسالها للوكالات الأجنبية التي عمل معها. كما كان أول من كتب عن اندلاع حوادث يوم الأرض ولربّما كانت مساهمته الأهم هي نشر خبر عن عملية الجيش في هدم قلقيلية ومحاولة الجيش لتهجير أهلها مباشرة بعد عام 1967، ولكن مساهمته بنشر الخبر أعدت الجيش عن مخطّطه.

بعد تقاعده من صحيفة هآرتس، عمل منصور في صحيفة “عل همشمار” وأيضًا في صحيفة “القدس”. ما زال حتّى يومنا هذا نشيطًا في الكتابة ويعكف على كتاب بالعبريّة حول مسيرته المهنيّة طيلة سبعة عقود.

امام كنيسة البشارة الى يمينه الابن البكر بطرس والى اليسار بدر

في بداية الثّمانينات من القرن الماضي، اشترك منصور في تأسيس أول صحيفة أسبوعيّة عربية غير حزبيّة في البلاد وهي جريدة الصّنّارة والتي كان محرّرًا فيها لعدّة سنوات.

كما نشر منصور مقالات في كبرى الصحف والوكالات الصحفيّة في أمريكا وانجلترا في مواضيع تخُصّ المواطنين الفلسطينيين العرب في البلاد وبضمنها Associated Press.

لم يكمل عطا الله منصور تعليمه المدرسيّ بسبب أحداث نكبة 1948 حيث نجت قريته بأعجوبة بالرغم من تهجير معظم سكّان قرى قضاء صفد، ولكنه ثابر كأبناء جيله بالتّمسُّك بالوطن وبناء حياتهم من جديد في الظروف والتّحدّيات الجديدة، وشقّ طريقه في المجال المهني. حصل في بداية السبعينيات على منحة خاصّة ليتعلّم في جامعة اوكسفورد البريطانية المرموقة ودرس فيها العلوم السياسية والاقتصاد وكتب أطروحة عن المبنى السّياسيّ الطّائفيّ في لبنان بإرشاد العلّامة الشهير البروفيسور ألبرت حوراني.

الدكتور الصحفي عطالله مع حفيده الطبيب عطالله منصور

 إضافة لعمله الصّحفيّ، فقد نشط عطا الله منصور في كتابة الكتب، فكتب أول رواية باللغة العبريّة يكتبها كاتب غير يهودي بعنوان “في نور جديد” عام 1966 وحازت وقتها على أصداء واسعة. كما نشر 9 كتب سياسيّة، تاريخيّة، روائية وسير ذاتيّة باللغات العربيّة، العبريّة، والانجليزيّة. فعلى سبيل المثال، نشر كتابًا بحثيًا باللغة العبريّة بالاشتراك مع الصحفيّ عوزي بنزيمان عن سياسة حكومات إسرائيل تجاه المواطنين العرب في إسرائيل في العقود الثلاثة الأولى منذ تأسيس دولة إسرائيل، وذلك بعنوان “قاطنون ثانويون דיירי משנה” (عام 1992) وكتاب آخر بالإنجليزية عن تاريخ المسيحيّين العرب في الشرق (بعنوان “كنائس ذات أبواب ضيقة” Narrow Gate Churchesعام 2004) وكتاب مذكّرات آخر بالعربيّة بعنوان “حفنة تراب زنابق الحقل” في ذات العام (2004).

يبلغ اليوم الأستاذ عطا الله التاسعة والثمانين عامًا وقد توفيّت زوجته المربيّة افلين غريب منصور نهاية عام 2010. هو أب لثلاثة أولاد: بطرس وبدور وسمر وله سبعة أحفاد.

هذا وتمنح جامعة تل ابيب شهادة الدّكتوراة الفخريّة عطا الله منصور في احتفال خاص مع مُكرمين آخرين في شهر أيار 2023.

وكانت اللّجان المختصّة في جامعة تل أبيب قد اتخذت قرارها بمنح الأستاذ عطا الله الدّكتوراة الفخرية بعد اطّلاعها على مسيرته المهنية وعلى نماذج من كتاباته ومؤلفاته الغنية، وبعد استلامها عدّة توصيات.

فقد قال الصحفيّ المخضرم والقدير من “يديعوت أحرونوت” ناحوم برنيّاع في توصيته أنّ عطا الله منصور مهّد الطريق للصحفيّين العرب بعده، وأسّس جسرًا من الكلمات بين مجتمعين و ثقافتين ويشهد أنّ عمله الصحفي قد امتاز بالمصداقيّة، الاستقامة، الشّجاعة والمعرفة الواسعة.

أمّا المؤرخ المعروف الدكتور توم سيغيف فقال في توصيته لجامعة تل أبيب أنّه ليس هناك مَن عمل أكثر من عطا الله منصور للتّقارب بين اليهود والعرب والاندماج العرب من إسرائيل في حياة الدولة.

أما الصّحفيّ المعروف عوزي بنزيمان من “هآرتس” ومحرّر صحيفة “العين السابعة” فكتب يقول أنّ عطا الله منصور هو طلائعيّ بين الكُتّاب العرب من مواطنيّ إسرائيل، والذي توجّه للجمهور اليهود باللّغة العبريّة وأوضح للجمهور الإسرائيلي منذ سنوات الدولة الأولى عن مشاعر العرب، صعوباتهم وتعاملهم مع الوضع الذي فرض عليهم نتيجة لحرب 1948. لقد فعل ذلك بأسلوب محترم منضبط وبلهجة تعبّر عن رغبة في التّعايش وبذات الوقت حافظ على قواعد العمل الصّحفيّ. وأجمل بنزيمان توصيته بالقول أنّ منح الدكتوراة الفخريّة لعطا الله منصور سيجلب الاحترام أيضًا لجامعة تل أبيب نفسها.

أمّا الدكتور عمر مصالحة وهو باحث من كليّة جبعات حفيفا الذي قدم توصية، فكتب يقول إن عطا الله منصور “منح الإلهام لكثيرين ليسيروا في أعقابه وأنا أحدهم”

وكان الوزير الدكتور نحمان شاي من حزب العمل قد قدّم توصيته هو الآخر كونه عملا عطا الله منصور في الماضي. وقال في التوصية أنّ منصور ساهم مساهمة غير اعتياديّة للتعايش اليهوديّ – العربيّ وبذات الوقت حافظ على هويّته العربيّة. لقد افتخر بانتمائه العربي وبذات الوقت وجد حلقات وصل بينها وبين المجتمع الإسرائيليّ. كما أضاف الوزير نحمان شاي ان كتابات عطا الله منصور الأدبيّة كانت غنيّة وذات أوجه عديدة. ولقد أظهر في عمله الصّحفيّ وشخصيّته الشّجاعة، المصداقيّة، الاستقامة والمهنيّة.

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

Skip to content