السابق بين مؤيد ومعارض ومتخوّف.. ثقافة العيب تمنع إنشاء دور لرعاية المسنّين تابعة للكنائس في الكرك
رابط المقال: https://milhilard.org/q2pt
عدد القراءات: 1372
تاريخ النشر: يناير 24, 2022 4:38 م
رابط المقال: https://milhilard.org/q2pt
بقلم: نسرين حواتمة
إن مبادئ الحب الإلهي والوصايا السماوية لا تتغيّر بمر السنين ولا تتأثر بإختلاف الثقافات فهو الحب الكامل والصلاح المطلق الذي أراد ويريد أن يجمع جميع البشر تحت ظل جناحه الأبوي. وبالتجسد صار السيد المسيح “بكرًا بين أخوة كثيرين” (رو 8: 29) فصرنا نحن فيه أولادًا لله بالنعمة والتبني كقول الإنجيل.
“وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ.” (يو 1 : 12) ولهذا أوصانا السيد
المسيح قائلًا “…، مَتَى صَلَّيْتُمْ فَقُولُوا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، …” (لو 11: 2).
يقول القديس كيرلس الكبير “ابن الله صار إنسانًا لكي يصير الناس فيه وبواسطته أبناء الله بالتبني” (يوحنا 12: 1).
كما دعينا لنشارك السيد المسيح في الميراث، ولنأخذ روح التبني، لا بحسب استحقاقنا، بل بنعمة الله. لذلك تتخذ هذه
النعمة موضعها فينا عندما نصلّي “أبانا“. وتنبعث المحبة من دعوتنا له “أبانا“.
فشكرًا لمراحم الله التي سمحت لنا أن ندعوه “أبانا” – تلك العلاقة التي ننالها دون أن ندفع ثمنًا ما من جانبنا، بل أخذناها بإرادته الصالحة.
وإن كان الآب السماوي الذي منه كل أبُوَّة يدعونا بنين له في المسيح، فهو بالمقابل يدعو كنيسته في جميع أنحاء العالم إلى جعل الإنجيل مرئياً من خلال الاستجابة لوصاياه بإظهار الحب للطفل اليتيم والطفل الذي لا سند له. (يعقوب 1 : 27)
“اَلدِّيَانَةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ عِنْدَ اللهِ الآبِ هِيَ هذِهِ: افْتِقَادُ الْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ فِي ضِيقَتِهِمْ،”.
إن التبني هو في قلب الآب “إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ، حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ” (أف 1: 5) هو “أَبُو الْيَتَامَى وَقَاضِي الأَرَامِلِ.” (مزمور 68 : 5) هو “الصَّانِعُ حَقَّ الْيَتِيمِ وَالأَرْمَلَةِ،.” (تثنية 10 : 18) هو “….مُعِينَ الْيَتِيمِ.” (مز 10 : 14) هو يحامي عن اليتيم “…، لِكَيْ لاَ يَعُودَ أَيْضًا يَرْعَبُهُمْ إِنْسَانٌ مِنَ الأَرْضِ.” (مز 10 : 18).
إن اليُتم وجع عميق يحتاج إلى علاج، وعلاجه بالمحبة وبفتح قلوبنا وبيوتنا لإستقبال من أودت بهم الحياة إلى فقدان السند والمعين.
وإدراكاً لحجم هذا الوجع فقد وعد السيد المسيح تلاميذه بأن لا يتركهم أيتامًا حيث قال في يوحنا 14 : 18 “لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى.
إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ.” أي لا أترككم وحدكم. ويشهد الرب عن نفسه في صفحات الكتاب بأنه “اَللهُ مُسْكِنُ الْمُتَوَحِّدِينَ فِي بَيْتٍ. …”
(مزمور 68: 6). ان المتوحدين هم “الذين يشعرون بالوحدة”. البيت هنا تعني “عائلات”، فمحبة الله تشفق على كل من هو بلا عائلة. فما أروعها من دعوة فيها نفتح بيوتنا لإحتضان وتبنّي الأطفال الأيتام والمتروكين، حيث نرى نماذج للتبني في الكتاب لمقدّس، فنجد الطفل يسوع الذي إحتضنه يوسف النجار ورعاه وعلّمه وكان أبًا له. فمثلًا موسى، تَبنتهُ إبنة فرعون وعاش 40 سنة في بيتها (أعمال 7 : 21) .وكذا كانت إستير الملكة طفلة يتيمة الأبوين تبناها إبن عمها مردخاي وأحسن تربيتها (أستير 2 : 7). لنذكر كلام الرب يسوع عندما قال: “وَمَنْ قَبِلَ وَلَدًا وَاحِدًا مِثْلَ هذَا بِاسْمِي فَقَدْ قَبِلَنِي.” (متى 18 : 5). بالتأكيد إن هذا الإعلان العظيم هو بمثابة دعوة للأزواج الراغبين بالتبني، وفي رعاية وتربية أطفال في بيتهما. فقبول طفل سواء تبنّي أو احتضان أو رعاية، هو استقبال للرب يسوع نفسه.
وبالإضافة لما وضعه الآب السماوي من مهمة على أكتاف الكنيسة فإنه أيضاً يوصينا ألا نرفض طفل لأنه إبن غير شرعي،
فعلى الكنيسة أن تقبل هذه الفئة وتساعدها لأن الله نفسه قبلها. فنجد مثلًا قصة أحد قادة الشعب في العهد القديم وهو
يفتاح الجلعادي الذي رُفِضَ من إخوته لأنه إبن غير شرعي (قضاة 11 : 1 – 2)، لكن الرب قَبِلَهُ ولم يقبله فقط بل استأمنه وأوكل إليه مهمة إنقاذ شعبه (1 صموئيل 12 : 11). ولم تقف قصّة يفتاح عند هذا الحد، بل زاد إكرام الله له حيث ذكر اسمه في العهد الجديد في سلسلة ابطال الإيمان (عبرانيين 11 : 32).
إن الكلام مقصّر في وصف أهمية التبنّي ودوره في بناء نفس فقدت حنان الأب والأم. فلنقم ونبني لأجل مجتمع ومستقبل مشرق، فعدد الأيتام عالمياّ لو جُمِعَ في دولة لكانت من أكبر دول العالم من حيث عدد السكان. لنتشجّع ولا نخشى من أن نُتَمِم الدعوة السماوية ولنرعى ونحتضن ونتبنّى، فوصيّة الله فوق أي وصايا وتعليمات بشرية.
“يَا أَوْلاَدِي، لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ!” (1يوحنا 3 :18)
المراجع
التبني في المسيحية 3 | البحث في موقع الأنبا تكلا | St-Takla.org
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.