السابق حفلُ تأبين الأب قسطنطين قرمش- صور
رابط المقال: https://milhilard.org/o2hc
عدد القراءات: 487
تاريخ النشر: يونيو 5, 2023 10:07 م
الفوج 69 للمدرسة المعمدانية في الناضرة
رابط المقال: https://milhilard.org/o2hc
بقلم: داود كُتّاب- ملح الأرض
بدعوة من الصديق العزيز بطرس منصور أقمت لعدة أيام في عاصمة الجليل مدينة البشارة- الناصرة، وقد كان لي الشرف أن أرافقه وهو المدير التنفيذي للمدرسة المعمدانية في الناصرة لحضور حفل تخريج الفوج الـ69 للمدرسة مساء السبت. لا شك أن احتفالات التخرج لها طعم ورونق خاص و تختلط فيها مشاعر العاطفة بالانتقال من مرحلة إلى أخرى، ولكن في نفس الوقت هي توفر فرصة مهمة جرد حساب واستعراض الإنجازات وقصص النجاح.
إن مدير المدرسة عزيز دعيم هو أيضا صديق قديم وكنا قد اشتركنا معًا ومع المحامي بطرس واخرين في إصدار مجلة “صوت المحبة” عامي 1986 وعام 1987 (اقراء هنا) . وأبرز المدير في الحفل العديد من الإنجازات الأكاديمية والإجتماعية والجوائز المستحقة من نشاطات الطلاب مما يعكس تميّز هذا الصرح التعليمي.
رغم كل التميّز الأكاديمي والاجتماعي، لكن أكثر ما لفت انتباهي في هذا الحفل الجميل بصورة خاصة هو وضع أهلنا في مناطق الـ48 بشكل عام في التمسك الصلب بالتراث الشعبي والحس الوطني الصادق وغير المزيف ودون شعارات وعلو أهمية العربية كلغة والثقافة والتقاليد العريق.
لقد كان أول ما لفت انتباهي هو رسومات مستوحى من تطريز بلادنا على اللوحة الرئيسية لحفل التخرج وعلى طرف يد روب التخرج لكل الطلاب. كما وكان تقديم عريفات الحفل المربية متيل قندلفت وكيتي مرجية مميزًا بملكتهم للغة العربية الفصحى الذي يعكس اهتماما خاصا في المدرسة في اللغة العربية وقواعدها.
ورغم أن الاحتفال كان في قاعة كبيرة في منطقة الناصرة العليا إلا أنه وخلال الحفل الطويل الذي استمر لحوالي ثلاث ساعات لم نسمع أي كلمة باللغة العبرية، أو أي أمر يعكس أننا موجودون في بلد مرّت عليها 75 سنة من إقامة دولة إسرائيل.
لم أر علما إسرائيليا ولم يشارك أي مسؤول إسرائيلي وكان مدير عام بلدية الناصرة الدكتور طارق شريف كلمة معبّرة عن فخر البلدة والمجتمع النصراوي بالمدرسة وإدارتها.
وكان للشاعر الفلسطيني الراحل حضور في الحفل إذ أعادت المعلمة المتقاعدة ليلي جرجورة خوري بعد خمسين عاما في المدرسة جملة محمود درويش الشهيرة: “على هذه الأرض ما يستحق الحياة.”
كما أبهرني الشاب الخريج تيسير جميل إلياس وهو يلعب العود بإبداع جميل ومتقن مع زميله على الجيتار الخريج راوي خليل كتان اتحفوا الحضور وتبعه الأخير بمقطع آخر مع والد راوي استاذ الالكترونيكا في المدرسة والفنان خليل كتان على جهاز البزق .
كما كان واضحا أن طلاب المدرسة المعمدانية في الناصرة يملكون مواهب في العديد من الفنون الموسيقية وغيرها وحتى في مجال الموسيقى الحديثة ا(لراب) والتي تم استعراض فقرة من تأليفهم وتقديمهم فيها يروون حكاية سنوات الطلاب الاثني عشر في المدرسة المعمدانية.
وكان لقسم السينما والإعلام في المدرسة أيضا دور في إنتاج عدة أفلام تم عرضها خلال حفل التخرج تم توليفها بصورة جذابة وممتعة عكست لقطات وارتجالات أفرحت الطلاب أنفسهم وأهاليهم.
لا شك أن موضوع التعليم في الوسط العربي في مناطق الـ 48 يحتل أولوية عالية- الأمر الذي تعكسه نجاحات بارزة وقد تميّز الطلاب والخريجون الفلسطينيون في مناطق الـ 48 في قطاعات مختلفة منها الصيدلة والمحاماة والطب وفي الفترة الأخيرة تميز خاص في مجال الهايتك.
مبارك لطلاب ومعلمي وأداري المدرسة المعمدانية لهذا الإنجاز ونتطلع إلى حفل مميّز العام القادم بمناسبة تخرج الفوج السبعين.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.