Skip to content

المغطس، جسر فوق ضفتين ونهر

رابط المقال: https://milhilard.org/nfk2
عدد القراءات: 676
تاريخ النشر: سبتمبر 1, 2021 1:29 م
Jordan-Baptism3
رابط المقال: https://milhilard.org/nfk2

بقلم: مايكل سعادة

ان المعمودية هي حدث روحي مهم وتعتبر بمثابة شهادة ميلاد لتجديد وتثبيت حياة المسيحي بشكل رسمي، وبدأت بمكان ارتبط بيوحنا المعمدان الذي عمّد الناس ووصل عمله للذروة حين عمّد المسيح. ومنذ القرون الأولى للمسيحية أصبح موقع المغطس مزارا وموقعا للحج بشكل متواصل.

ان الحديث عن الجانب الروحي للمغطس قد يطول ويطول، ولذلك اردت ان أوضح جانبًا آخر للمغطس يتمحور حول نقاشات وخلافات بين جماعات مختلفة حول المكان الدقيق والصحيح للمغطس.

ولتوضيح هذا الموضوع سوف أتكلم عن نوعين من الخلافات:

أولًا: خلاف حول وقوعه شرق منطقة اريحا او في منطقة طبريا.

ثانيا: خلاف حول وجوده في الضفة الغربية لنهر الأردن او بالضفة الشرقية.

ان الخوض بهذه الخلافات قد يمتد ويتفرع بشكل قد يشتت الموضوع لذلك ساحاول الايجاز قدر المستطاع كي يتسنى لنا الفهم السلس والبسيط.

أولا: الخلاف حول وقوعه في منطقة شرق اريحا او بمنطقة طبريا ولتوضيح ذلك هناك قضيتين:

أ. صيام المسيح في صحراء يهوذا (صحراء القدس) وقد قضى أيامه الأربعين في الصحراء وفي جبل التجربة الذي يسمى جبل “قرنطل”. بعد انتهاء الصيام ذهب الى نهر الأردن شرق اريحا وهذا منطقي كونها قريبة منه. لذلك لا يعقل ان يكون المسيح قد مشى الى طبريا اكثر من 120 كم ليعتمد في النهر هناك.

ب. ان الفصل الذي تم بين حدود عام 48 وحدود عام 67 قد جعل وصول الوفود المسيحية الوافدة عبر مطار اللد الى المغطس اكثر تعقيدا” وضمن ترتيبات امنية خاصة مع الجيش الأردني كونة السلطة الحاكمة للضفة الغربية والقدس. لذلك تم انشاء مغطس اخر يقع على بعد بضعة كيلومترات جنوب بحيرة طبريا وقد سمى “يردنيت” وكان ذلك لاسباب سياسية كبديل عن المغطس الأصلي ولأسباب اقتصادية تجعل الوفود المسيحية تتسوق وتشتري البضائع والتحف الإسرائيلية. ورغم جمال “اليردنيت” وعمق مياهه وصفائها الا ان ذلك لا يجعله المغطس الصحيح.

ثانيا: الخلاف حول وجود المغطس بالضفة الشرقية او الغربية لنهر الأردن:

وهنا يجدر الإشارة الى انه في زمن المسيح لم يكن هناك تقسيم جغرافي سياسي ما بين فلسطين والأردن كونها مناطق خاضعة للإمبراطورية الرومانية لذلك يعتبر الخوض في هذه القضية امر عقيم وغير منطقي.

القضية الهامة هنا انه معروف وكما ذكر في الانجيل ان يوحنا المعمدان وكذلك المسيح من بعده كانوا يترددوا على الضفة الشرقية من النهر وكانت تسمى بيت عنيا وتقع ضمن وادي الخرار. هناك تعمّد المسيح وبشّر فيها الجموع. ويذكر الانجيل ان المسيح تواجد في بيت عنيا عندما جاءه خبر وفاة صديقة المحبب لقلبة اليعازر. لقد اثبتت الحفريات المتعددة والتي كان آخرها عام 1997 في الضفة الشرقية ان آثار لمواقع قديمة والتي ترتبط بيوحنا المعمدان قد تم اكتشافها. وهذا دليل ان بيت عنيا تقع في الأردن وهي المكان الصحيح للمغطس، ولذلك تم تدشين الموقع بالتنسيق ما بين الحكومة الأردنية وبابا الفاتيكان في العقد الماضي.

وأخيرا لا يسعنا الا ان نؤكد اننا نفخر بأن المسيح اختار منطقتنا ليحيا ويبشر ويتألم ويموت ويقوم بها. فهو قد ولد في بيت لحم وفرّ في طفولته المبكرة من بطش هيرودس الى مصر وترعرع في الناصرة وجال الجليل وطبريا، وتعمّد في نهر الأردن وزار صور في لبنان وبانياس في الجولان السوري، سار في درب الالام ومات وقام وصعد للسماء في القدس. ولكم جميعا سلام المسيح.

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

Skip to content