Skip to content

 شيرين، شيرين- ان فجر الاحد آتٍ!

رابط المقال: https://milhilard.org/iiw7
تاريخ النشر: مايو 14, 2022 11:51 ص
WhatsApp-Image-2022-05-13-at-4.14.42-PM
رابط المقال: https://milhilard.org/iiw7

بقلم: صفاء خوري- فلسطين

اثار اغتيال الصحفية الفلسطينية غليان في قلب كل فلسطيني في كل أماكن تواجه. فشيرين أبو عاقلة وجه معروف ومألوف ومحبوب طلّت لسنين طويلة بكل هدوء ورزانة من خلال التلفاز في كل بيت لتنقل من موقع الحدث ما يجري في الأراضي المحتلة دون وجل.

ولم تخفف مسيرة الجنازة ودفن الميتة وجع الجماهير نظرًا لتدنيس الشرطة لموكب الجناز وهجومهم الارعن الوحشي على الشباب الذين حملوا النعش.

لقد أرادوا بقتلها ان يوئدوا صوتها الذي نقل كالمرآة الرذائل التي يقترفها احتلالهم البغيض لشعبنا. لكن النتيجة كانت مغايرة وانقلب السحر على الساحر.

ويمكن للمراقب رصد عدة نتائج ايجابية لهذا الحدث الجلل:

  1. أعاد قتل شيرين لكل فلسطيني ركد شعوره وانتماءه لشعبه الحيوية والنضارة. أعاد مقتلها لكل فلسطيني شعور العزّة عن طريق شعور بالغضب على المحتل القاتل والحب لشيرين التي تمثل فلسطين الجميلة. وما الجنازة المهيبة في القدس لهذا الشابة التي تنتمي للطائفة المسيحية قليلة العدد، الا تعبير عن زخم الحب لها ولفلسطين ومدى القهر الذي شعره ملايين الفلسطينيين.

كان زعماء الصهيونية يعوّلون على نسيان الأجيال القادمة لفلسطين وبهذا يُحكِمون قبضتهم على الشعب وينسونه تاريخه وانتماءه. لقد فجّر مقتل شيرين حب دفين عميق لفلسطين.

كيف سيتم التعبير عن هذا الحب واستغلاله لتقدم القضية؟

2-انتمت شيرين أبو عاقلة لعائلة مسيحية مقدسية/ تلحمية رغم انها لم تبرز يومًا ديانتها او تلوّح بها. غطّت شيرين احداث الأقصى او فعاليات شهر رمضان كابنة لهذا الشعب بكل احترام ومهنية، دون وضع ديانتها الشخصية كمانع او كاعتبار امام فلسطينيتها وحبها الشديد لشعبنا.

بعد اغتيالها ومعرفة الجماهير لديانتها، خرج علينا بعض المتطرفين المسلمين من أصحاب العقول المظلمة والقلوب السوداء بفتاوى وشروحات بأن الترحّم عليها ممنوع رغم فضلها في نصرة القضية الفلسطينية.

ولقد اثارت هذه الفتاوى استهجان كل العناصر المتنورة في شعبنا نظرًا للصدمة من هول المصاب وعدم الحساسية في اطلاقها بهذا الوقت او حتى طرحها من الأساس.

لقد ساهم مقتل شيرين في اصطفاف القوى المتنورة من جهة والقوى الغيبية من جهة أخرى في عملية فرز واضحة. ورأينا مشاهد بديعة من صلوات مسلمين ومسيحيين جنبًا الى جنب باحترام الواحد للآخر، بكل تسامح وقبول دون مساومة في الدين.

3-لفترة طويلة همد (ولولا قليل لخمد) التعاطف العالمي مع الفلسطينيين ومرد ذلك هو الانقسام الفلسطيني- الفلسطيني بين غزة والضفة وتعاون السلطة الفلسطينية مع قوات الاحتلال والعمليات الفلسطينية الدموية ضد إسرائيل. لقد اكد الدعم الجماهيري الجارف في الرأي العام العالمي بعد اغتيال شيرين ان هناك طريقًا آخر. انه طريق اللاعنف بواسطة المظاهرات التي تفضح المحتل في كل بقاع الأرض او حتى إقامة الصلوات راحة لذكرها او وقفات احتجاجية.

رأى العالم الوجه الجميل- المسيحي والإسلامي- للشعب الفلسطيني من خلال الجناز والمسيرة المهيبة شبابًا وشابات مقابل همجية الشرطة التي لم يتورع افرادها ان يرفسوا كالبغال وينهالوا بالهراوات على شباب الشهامة الاشاوس الذين حملوا نعش شيرين. بهذا ضربوا عرض الحائط بابسط قواعد الإنسانية التي يفهمها كل مشاهد عالمي المتمثلة في “اكرام الانسان دفنه”. رأى العالم على شاشات التلفزيون ذلك الوجه الحقيقي لما يطلق على نفسه لقب” اكثر الجيوش في العالم اخلاقا”.

4- صادف ان سار موكب جنازة شيرين يوم الجمعة في شوارع القدس عشرات الأمتار فقط من “طريق الآلام” بينما نكّل جنود الرومان (آسف- قصدت الإسرائيليين) بالمشيّعين.

نكّسوا الرؤوس حزنًا واضطرب القلب غمًّا اثر هذا الغبن. لربما نسى كثيرون اننا اهل قيامة وان فجر الاحد قادم وسيتخلص الفلسطينيون من نير الاحتلال- الى غير رجعة.

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

Skip to content