السابق نعم، دفاعًا عن “بيت اللقاء”
رابط المقال: https://milhilard.org/did2
عدد القراءات: 490
تاريخ النشر: مارس 3, 2022 7:25 ص
رابط المقال: https://milhilard.org/did2
القس أليكس عوض
الملخص
ازدهرت الصهيونية المسيحية في العالم بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967 وخاصة بين الإنجيليّين في أوروبا والولايات المتحدة. يسلط هذا المقال الضوء على أثر الصهيونية المسيحية على الكنيسة والمجتمع في الولايات المتحدة وكيف أثرت الصهيونية المسيحية على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. كما يتضمن المقال قائمة بالعوامل التي تفسر الظروف الدينية والسياسية التي أدت إلى المواجهة بين الإنجيليّين الفلسطينيين وإخوانهم وأخواتهم الذين ينسبون لاهوتيًا وسياسيًا إلى الصهيونية المسيحية. كما أن المقال هو نقد للمسيحيين الصهاينة الذين يقفون إلى جانب دولة إسرائيل ضد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. يبدأ المؤلف بإعطاء سرد شخصي لمواجهة الكاتب الشخصية مع الصهيونية المسيحية ثم ينتقل للمشاركة حول مواجهة زملائه في كلية بيت لحم للكتاب المقدس وفي كلية الناصرة الإنجيليّة وأساليبهم في الرد على مزاعم الصهيونية المسيحية. وينتهي المقال بدعوة المسيحيين في جميع أنحاء العالم إلى أن يكونوا حذرين من الآثار الضارة للصهيونية المسيحية.
مقدمة
خلال العقدين الماضيين، اشتدَّت المواجهات بين عدد من القادة في الكنائس الإنجيليّة الفلسطينية والصهيونية المسيحية . وما زالت هذه المواجهات مستمرة لعدة أسباب. سأقدِّم للقارئ في هذا المقال، بعض هذه الأسباب، وسأوضِّح الدوافع التي شجعت فلسطينيين إنجيليّين، للرَّد على ادعاءات وتعاليم الصهيونية المسيحية. وأريد قبل عرض هذه الأسباب، أن أقدم للقارئ بعض المراحل من حياتي الشخصية التي أدَّت إلى مواجهتي مع المسيحية الصهيونية.
وُلِدت في مدينة القدس، وترعرعت في أحضان الكنائس الإنجيليّة التبشيرية المحافظة، كالكنائس المعمدانية والخمسينية. وكنت ومازالت نشيطا في التردد على الكنيسة، وعلى قراءة الكتاب المقدس والخدمة. وكان نشاطي الروحي ملحوظًا من كل مَنْ كان يعرفني. فقد تعلّمت في الكنيسة الإنجيليّة عن محبة الله وخلاصه لي وللعالم اجمع. وتعلَّمت من كلمات الرَّب يسوع المدوَّنة في الإنجيل، عن مبادئ محبة القريب والعدو، ونشر السلام والعدل والخير للجميع. كان نشاطي الروحي هو شغلي الشاغل، وعندما تخرجت من المدرسة الثانوية، قررت الالتحاق بكليَّة للكتاب المقدس في سويسرا، من أجل الاستعداد لخدمة المسيح في الكنيسة في فلسطين. وخلال دراستي اللاهوتية في أوروبا، سرعان ما لاحظت أن زملائي الطلاب والطالبات والمعلِّمين، كانوا يعتقدون أن أرض فلسطين هي ارض موعودة من الله للشعب اليهودي. ولفت انتباهي أيضا، اعتقاد هؤلاء الزملاء ومعلميهم، أن على المؤمنين بالمسيح، أن يساهموا في تحقيق النبوءات التي تتعلق بمجيء المسيح الثاني، من خلال دعم دولة إسرائيل.
اندلعت خلال العام الثاني من دراستي في الكليِّة حرب عام 1967 بين إسرائيل والعرب، والتي دُعِيَت بحرب الأيام الستة. اندهشنا عندما سمعنا أخبار انتصار إسرائيل على مصر والأردن وسوريا. وزادت دهشتي عندما علمت أنَّ الطلبة في كليَّتي استقبلوا هذه الأخبار بفرح وهتاف، بينما كنت أنا وطالب آخر من سوريا في وضع صعب، بسبب مخاوفنا على أهالينا وأحباءنا وكنائسنا ومؤسساتنا وبلادنا، والتي أضحت الآن تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي. وكان هذا الحَدَث وردود الفعل التي لاحظتها، بداية مواجهتي مع ما يسمى اليوم بالمسيحية الصهيونية.
وعندما أنهيت الدراسة في أوروبا، وشرعت بالعودة إلى وطني المحتل، رفضت السلطات الإسرائيلية حقي بالرجوع إلى بيت لحم، حيث كانت تسكن عائلتي في تلك الفترة. وخلال عدة أشهر بعد هذا الرفض، شعرت إنني رجل بلا وطن، فالسُّلطات السويسرية طلبت مني مغادرة أراضيها، والسلطات الإسرائيلية منعتني من الدخول إلى وطني. ولكن الرب تدخَّل بطرق معجزيه، وفتح لي الباب للسفر إلى الولايات المتحدة، لكي التحق بجامعة University Lee في ولاية تنسي، وهذه جامعة تابعة لكنيسة إنجيليّة هي كنيسة الله (Church of God). وسرعان ما أدركت في الولايات المتحدة، تفشي مبادئ الصهيونية في معظم الكنائس الإنجيليّة وعدد لا بأس به من الكنائس غير الإنجيليّة.
وبدأت خلال دراستي في الكليات والجامعات الأمريكية، اكتشف نظريات في الفكر اللاهوتي التدبيري والنظريات الأخرى التي تتعلق بالألفية، وما يربط هذه النظريات بعلم ما سيحدث “في نهاية الأيام”. وأدركت أن هذه التعاليم هي من أركان الصهيونية المسيحية.
وقد تسرَّبت هذه التعاليم إلى معظم المعاهد والكنائس الإنجيليّة في الغرب. ومع الوقت، لم تعد هذه المبادئ محصورة داخل بيوت العبادة أو قاعات المحاضرات في الكليات والجامعات، بل أصبحت قوة سياسية هائلة، وخصوصًا في الولايات المتحدة. وكان من أكبر إنجازاتها المساهمة في تنصيب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
عندما كنت حديثًا في الإيمان، كانت كنائسنا الإنجيليّة تُتَّهم بالصَّهينة، وكنت أرفض هذا الاتّهام وأُدافع بشدة عن نزاهة كنيستي الإنجيليّة. ولكن بعد دراستي اللاهوتية في أوروبا وأمريكا، أدركت أن هذه الاتهامات كانت ومازالت صحيحة ومؤلمة لحد كبير. أدركت أيضًا أنَّ العربَ والفلسطينيين لم يخسروا التوازن العسكري فحسب، بل خسروا أيضًا قلوب الإنجيليّين في الغرب، والذين تبنوا المعتقدات الصهيونية الآتية، وتمسكوا بها:
أولاً: أن دولة إسرائيل المعاصرة هي امتداد لإسرائيل الكتاب المقدس.
ثانيًا: أن مواعيد الله في العهد القديم بشأن الأرض، أي أرض فلسطين، تتحقّق اليوم في دولة إسرائيل.
ثالثًا: لقد تدخَّل الله في حرب عام 1948 وحرب عام 1967 لصالح دولة إسرائيل بطرق عجائبية.
رابعًا: إن الأمة التي تقدّم الدعم لإسرائيل ستنعم ببركات الله، أما اللَّعنة والعقاب فستكون من نصيب الدول والأمم التي تقاوم دولة إسرائيل.
خامسًا: أن الدَّعم الصّهيوني المسيحي لدولة إسرائيل، يجب ألا يعتمد على إيمان الشعب اليهودي بالمسيح، ويجب ألا يتأثر بمسلك الشعب الإسرائيلي الأخلاقي، أو بأسلوب معاملته للشعب الفلسطيني.
سادسًا: سيؤمن عدد كبير من اليهود بالمسيح عند مجيء المسيح الثاني، ولكن عددًا كبيرًا من اليهود سيُقتلون خلال الضيقة العظيمة.
سابعًا: الفلسطينيون العرب والمسلمون عامة هم معضلة أساسية في طريق تحقيق النبوءات، بسبب تـَمسُّكهم في حق الفلسطينيين في البقاء على أرض الموعد (فلسطين).
لا بد للقارئ أن يدرك أثر هذه المبادئ على الإنسان الإنجيليّ الفلسطيني. فإنْ قَبِلَ هذه المعتقدات، يصبح هو نفسه من أتباع الفكر الصهيوني المسيحي، وعليه أن يتقبَّل ظُلم إسرائيل بحق شعبه وأراضيه، لأنه يعتبر كل ما تفعله به إسرائيل تحقيقًا للنبوءات إضافة لانعزاله عن شعبه وحالة الاغتراب التي يعيشها فتقود لفشل الخدمة. وعند رفض الإنجيليّ الفلسطيني هذه التعاليم، سرعان ما يدرك أنه على خلاف مع ما تؤمن به طائفته، وخصوصًا إنْ كان مركز هذه الطائفة في أوروبا أو الولايات المتحدة. إضافة إل ذلك، إنَّ رفض الإنجيليّ الفلسطيني هذه المبادئ، يمكن أن يدفعه باتجاه آخر، وهو إدراكه أن كنيسته الأم مصابة بمرض لاهوتي خطير، وعليه أن يكشف عن هذا الوباء، وأن يقدم لأخوته وأخواته في الكنائس الإنجيليّة التطعيم المناسب، الذي لا نحصل عليه إلا من خلال دراسة جدية لكلمة الله. وهذا فعلا ما حدث لي، ولعدد من زملائي في كلية بيت لحم للكتاب المقدس وفرعها في الجليل (كلية الناصرة الإنجيليّة). فعندما انفتحت عيوننا على الصهيونية المسيحية، شرعنا في الصلاة ودراسة كلمة الله، لكي نعرف كيف نعطي جوابًا لمن يريد معرفة الحقيقة عن هذا الموضوع. وكان لمواجهاتنا مع الصهيونية المسيحية عدة أسباب أهمها:
أولًا: العامل السياسي
كانت الأحداث التي تحدث يوميًا على الأرض في الضفة الغربية وغزة قد أضافت إلى التوتر. وكان ذلك واضحًا من خلال ما تفعله السلطات الإسرائيلية في الضفة الغربية، من مصادرة أراضي فلسطينية وبناء المستوطنات عليها، وهدم بيوت الفلسطينيين، وبناء جدار الفصل العازل، وإذلال الشباب والشابات في كل مدن الضفة والقدس الشرقية وقطاع غزة، وزجهّم في السجون، وفرض الحصار الجائر على مليوني نسمة في القطاع. كل هذا إضافة إلى اجتياح المدن الفلسطينية، وقتل الآلاف في الضفة الغربية وفي غزة. فكان علينا كفلسطينيين أنْ نفسِّر ما كان يدور حولنا، من ظلم وقتل ونهب في ضوء كلمة الله. وبينما كان شعبنا يُسحق تحت قوة الاحتلال، كان إخواننا المسيحيون الصهاينة في طليعة الأشخاص المؤيِّدين للظالمين. واكتشفنا خلال اجتماعاتنا أن بعضًا من إخوتنا وأخواتنا اليهود المسيحيين ، الذين كنا نجتمع ونعبد الرَّب معهم، والذين كانوا قد انخرطوا في جيش الاحتلال، اعترفوا أنهم دخلوا مدينة بيت لحم على متن دبابات إسرائيلية ليشاركوا في إخماد انتفاضة شعبنا ضد الاحتلال.
ثانيًا: العامل الأدبي/ الأخلاقي
إن المبدأ الأساسي في اللاهوت المسيحي هو أن الله محبة. فقد علّمنا قادتنا الروحيون ومبشرونا أن الله يحب الشعب الفلسطيني. ولكن يا للأسف، تقول تعاليمهم الصهيونية المتعلقة بنهاية الأيام، إن تدميرنا ومعاناتنا وموتنا هو من تدبير الله. ولقد وجد الإنجيليّ الفلسطيني نفسه في صراع داخلي مع مفهومه لشخصية الله. هل إلهنا إله صالح يحبنا، أم أنه إله عنصري، لا يلمسه ألمنا وضياعنا وحزننا ودمارنا؟
ثالثًا: العامل السياحي
كثر الاحتكاك بين المسيحيين الصهاينة والإنجيليّين الفلسطينيين، بسبب تكاثر قدوم أعداد السياح الإنجيليّين إلى الأراضي المقدسة. وكان عددٌ وفيرٌ منهم، يطلب مقابلة قادة الكنائس الإنجيليّة الفلسطينيين. وأراد العديد منهم معرفة المنظور الإنجيليّ الفلسطيني، وكيف يفسر الإنجيليّون الكتاب المقدَّس، فيما يخص وعود الله للشعب اليهودي بخصوص الأرض، وإعادة بناء الهيكل والنبوءات الأخرى. فوجدنا أنفسنا في وضع لا مفر منه، وهو الرَّد على تساؤلات هؤلاء الضيوف، الذين كانوا يتوافدون على كنائسنا وكليّتنا من كل مكان.
رابعًا: ازدياد عدد الموالين للصهيونية المسيحية
هذا حدث في الوقت الذي زادت فيه أعداد المسيحيين الإنجيليّين حول العالم، الذين تبنّوا الفكر الصهيوني، وخصوصًا بعد حرب حزيران عام 1967. فقد انتعشت الدعوة الصهيونية المسيحية في الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وهولندا والبرازيل وجنوب إفريقيا وكوريا الجنوبية. وحيثما ازداد عدد الإنجيليّين في العالم، ازداد أيضا عدد الموالين للصهيونية المسيحية. وعندما زارنا بعضٌ منهم في فلسطين، سرعان ما كنا نلاحظ صهينتهم. أما بعض الصهاينة المسيحيين، فقد اظهروا العداء المكشوف للإخوة والأخوات الفلسطينيين. فعلى سبيل المثال، عندما طلب الدكتور بشاره عوض، المدير السابق لكلية بيت لحم للكتاب المقدس، في اجتماع صلاة مشترك، الدعاء من أجل الرئيس ياسر عرفات، هاجمه أحد القادة الصهاينة، وكاد يؤذيه جسديا، لولا تدخل الأخوة فورًا، وسحب الأخ المهاجم. وفي احتفال للكنائس الإنجيليّة في بيت لحم، طلبت سيده أمريكية مخاطَبة الجمهور، وعندما سُمح لها، وقفت أمام الفلسطينيين وقالت، “إن الرب أعطى أرض فلسطين لليهود، وإن على المسيحيين الفلسطينيين أن يرحلوا إلى الأردن. ولكن إن رفضوا، سيسكب عليهم الرب نفس اللّعنات التي سيسكبها على المسلمين الساكنين في فلسطين”.
خامسًا: ازدياد عدد الإخوة والأخوات اليهود المتنصرين
كان لابد للإنجيليّين الفلسطينيين واليهود المسيحيين أن يتقابلوا عاجلًا أم آجلًا. وقد حدث كثيرٌ من هذه اللقاءات بواسطة مؤسسة ”المصالحة“ التي أشرف عليها الدكتور سليم منيّر. وكان على الفلسطينيين الإنجيليّين مشاركة منظورهم اللاهوتي، ليس مجرد مع المسيحيين من كل أنحاء العالم فحسب، بل أيضا مع إخوتهم وأخواتهم من اليهود المسيحيين الساكنين في إسرائيل وبعضهم حتى في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. ومع أن هذه اللقاءات كانت في أغلبها روحية وودية ومؤثرة، إلاَّ أنها كشفت الـهُوَّة اللاهوتية والسياسية بين الطرفين.
سادسًا: العامل التفسيري
كشفت لنا دراساتنا لكلمة الله، ضحالة الموقف الصهيوني المسيحي. فتوصلنا إلى استنتاج مفاده أن العهد الجديد، يحتوي على أقوى رد وتوبيخ للصهيونية المسيحية.
سابعًا: القادة الجدد
ظهرت نخبة من القادة الإنجيليّين الفلسطينيين في الضفة وفي إسرائيل، التي شعرت بدعوة من الله لتكريس النفس للصلاة والدراسة وتأليف الكتب، للتعبير عن نتائج دراساتهم الجدية لكلمة الله. فقد قام كل من الدكتور سليم منير ، و القس الدكتور حنا كتناشو ، و القس الدكتور منذر إسحاق ، والدكتورة رلى منصور ، والقس عازر عجاج، والمعلمة شرين هلال، والمعلمة شاديه قبطي، وآخرون، بحمل ما اكتشفوه من كلمة الله إلى أنحاء العالم، وإلى جميع قوافل السياح والطلبة القادمين من حول العالم من أجل الاستماع إليهم.
وقد هيأَت كلية بيت لحم للكتاب المقدس، وأختها كلية الناصرة الإنجيليّة، المنبر المناسب لنشر المنظور الفلسطيني الإنجيليّ، والرد على ادعاءات الصهيونية المسيحية.
ثامنًا: الإلهام والتشجيع من الطوائف والهيئات الأخرى
وجد القادة الإنجيليّون الفلسطينيون المحافظون إلهامًا وتشجيعًا إضافيين، من أنشطة ومحاضرات وكتابات القادة المسيحيين الفلسطينيين من التقاليد المسيحية الأخرى. مثل القس الدكتور الاسقفي نعيم عتيق ، ومركز السبيل في القدس، ومطران الروم الأرثوذكس عطا الله حنا، والبطريرك الفخري للاتين مشيل صباح، والمطران السابق للروم الملكيين الكاثوليك الياس شقور ، والمطران اللوثري السابق منيب يونان ، والقس الدكتور متري راهب وهو لوثري أيضًا . واستمر هؤلاء القادة الفلسطينيون في الدفاع عن الكنيسة في مواجهة تعاليم الصهيونية المسيحية. وقد أيدت كلية بيت لحم للكتاب المقدس وثيقة كايروس فلسطين تأييدًا كاملًا.
تاسعًا: التضامن الدولي
لم يرفع كل من جاء لزيارة المسيحيين الإنجيليّين الفلسطينيين من بلدان أخرى، لافتات الصهيونية المسيحية. فقد جاء البعض للتضامن معنا وتشجيعنا في مواجهتها. ومن بين هؤلاء بعض الخبراء في الصهيونية المسيحية، مثل الدكتور كولين تشابمان ، والدكتور غاري بيرج ، والقس الدكتور دونالد واغنر ، والقس الدكتور ستيفن سايزر ، والدكتور مارك برافرمان ، وغيرهم من الأكاديميين. وقد ساعدنا هؤلاء العلماء من خلال كتاباتهم القيّمة، على فهم تاريخ تطور الحركة الصهيونية المسيحية.
وعقدت كلية بيت لحم للكتاب المقدس في عام 2010 مؤتمرًا دوليًا تحت عنوان”المسيح أمام الحاجز“ ، فتوافد مسيحيون من طوائف مختلفة، ومن أكثر من 20 دولة إلى بيت لحم. وكان الهدف الأساسي للمؤتمر، جذب عدد كبير من هؤلاء القادة الإنجيليّين إلى بيت لحم، ليشاهدوا الوضع القائم من احتلال وظلم ومصادرة أراضٍ، ثم فتح الكتاب المقدس والتساؤل عما تقوله كلمة الله عن كل ما شاهدوه.
أثار مؤتمر”المسيح أمام الحاجز“ غضب بعض المسؤولين الإسرائيليين، واخذوا يستجوبون القائمين على المؤتمر ويطالبونهم بتفسير ما يقومون به، وبدأت بعض الصحف الإسرائيلية تهاجم المؤتمر والقائمين عليه. ولكن أكثر ما أزعجنا هو ردّ فعل الأخوة والأخوات اليهود المسيحيين. وكتب واحد من زعمائهم رسالة وبعثها إلى كافة المجموعات اليهودية المسيحية (المسيانية) في إسرائيل، مُتّهمًا المؤتمر والقائمين عليه بالعداء للشعب اليهودي، وعدد من الاتهامات الأخرى. وقد طلبت إدارة المؤتمر مني (كاتب هذا المقال) أن أرد على الرسالة والاتهامات التي تحتويها. وعرضت على الطرفين في إجابتي على الرسالة، ثلاث نقاط. وقلت إنـَّهما إذا اتَّبعا هذه النقاط، سيكون بإمكاننا أن نحافظ على وحدتنا في جسد المسيح. وهذا مختصر ما كتبت:
أولًا: علينا أن ندرك أن إيماننا المشترك بالمسيح هو ما يجمعنا ويوحدنا.
ثانيًا: يجب أن ندرك أن لكل جانب وجهات نظر لاهوتية وسياسية مختلفة عن تلك التي يلتزم بها الطرف الآخر، وهي اختلافات لا يمكن التوفيق بينها.
ثالثًا: علينا أن ندرك وجود الاختلافات ولكن ألا نسمح لها أن تعطّل شركتنا في جسد المسيح. وعلينا ألا نسمح باختلافاتنا اللاهوتية والسياسية، أن تعطل محبتنا وشركتنا في جسد المسيح الواحد.
وقد كان للرسالة أثر إيجابي على بعض الأخوة والأخوات، ولكن العديد من المجموعات المسيانية قررت عدم التعامل معنا.
عقدت كلية بيت لحم للكتاب المقدس مؤتمر المسيح أمام الحاجز مرة كل سنتين. ولكن ما بين هذه المؤتمرات، استمر قادة الكلية في بيت لحم والناصرة، في تحدي الصهيونية المسيحية في فلسطين وإسرائيل وحول العالم. ومع أنَّ كُلًا من القادة كان يعمل ويكتب ويدافع عن الحق مستقلا عن الأخوة والأخوات الآخرين، إلاّ أنَّنا وجدنا أننا اتفقنا على المبادئ الآتية:
1.يعلِّمنا العهد الجديد أننا جميعنا أبناء الله بالإيمان بيسوع المسيح، ولا يميِّز الله شعبًا على شعب آخر (غلاطية 3: 26-29؛ يوحنا 1: 11-13؛ بطرس الأولى 8:2-12).
2. يعلِّمنا العهد الجديد أن ملكوت الله لا يتكون من مناطق جغرافية، بل هو حكم الله وسيادته على نفوسنا وقلوبنا. وكما قال يسوع:” ملكوت الله في داخلكم“ (لوقا 17: 20-21؛ يوحنا 4: 19-23).
3.الكنيسة هي جسدُ المسيح، والمؤمنون هم هيكل الروح القُدُس على الأرض (لوقا 21: 5-6؛ 1 كورنثوس 6: 19-20). فالعهد الجديد لا يشير إلى أهمية الهيكل، ولا يطالب بإعادة بنائه، أو عودة الذبائح الحيوانية، لأن المسيح صار الذبيحة الكفارية من أجلنا (عبرانيين 10: 11-12؛ 9: 13-14) وهو رئيس كهنتنا الأبدي (رؤيا 1: 5-6) ونحن ننتظر أورشليم السماوية لا أرضية.
4. نحن لا نعلّم لاهوت الاستبدال . مازال الله يحب الشعب اليهودي كما يحب باقي (رومية 11: 28-32) الشعوب، وندعو الشعب اليهودي إلى قبول الرَّب يسوع ربًا ومخلصًا. أمَّا عودة اليهود إلى المسيح في الأيام الأخيرة وخلاصهم وقبولهم، فهذا الأمر يتحقّق روحيًا وليس سياسيًا. فخلاص إسرائيل لا يعتمد على قوة دولة إسرائيل العسكرية وتمكنها من قهر الشعب الفلسطيني وسلب أراضيه (أفسس 2: 8-9؛ رومية 3: 24).
5. يعتمد السلام الحقيقي بين الشعب الفلسطيني والشعب الإسرائيلي، على تركيز أسس العدل والسلام، وعدم استخدام العنف في إخضاع طرف للطرف الآخر. فالإنجيليّون الفلسطينيون لا يطالبون بإزالة دولة إسرائيل، أو طرد اليهود من فلسطين، بل يطلبون السلام والعدل والأمان لكل من يسكن بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن.
إن مواجهة عملاق الصهيونية المسيحية لم ولن تكون سهلة. لقد قرر الإنجيليّون الفلسطينيون قبول التحدّي، والانضمام إلى إخوة وأخوات في وطنهم وحول العالم، من الذين يقفون مع الحق والعدل. أذا تُركت الصهيونية المسيحية دون تصدّي، فسوف تستمر في إلحاق الضرر، ليس بالفلسطينيين والكنيسة في فلسطين فحسب، بل بالكنيسة ورسالة المسيح في جميع أنحاء العالم أيضًا.
مراجع الفصل:
[1]الصهيونية: حسب موسوعة بريتانيكا “الحركة القومية اليهودية التي كان هدفها إنشاء دولة قومية يهودية في فلسطين ودعمها.” وتشير الصهيونية المسيحية: إلى المسيحيين الذين يؤيدون خلق واستدامة وطن يهودي في فلسطين (وكل ما ينطوي عليه) من منطلق الاعتقاد بأن مثل هذا الحدث يحقّق نبؤات الكتاب المقدس.
[1] لاهوت التدابير: الاعتقاد بأن الله قسم تاريخ البشرية بأكمله إلى سبع فترات من الزمن (التدابير الزمنية) وسيأتي المسيح مرة أخرى، إما قبل أو في نهاية الفترة الأخيرة.
[1]الحكم الألفي هو الموقف العقائدي الذي يتعامل مع الألف سنة سواء أكانت رمزية أم حرفية.
[1]https://www.researchgate.net/publication/341376155_From_King_Cyrus_to_Queen_Esther_Christian_Zionists’_discursive_construction_of_Donald_Trump_as_God’s_instrument.
[1]John Hagee, In Defense of Israel (USA: Frontline, 2007), 196-198.
[1]David Brog, Standing with Israel: Why Christians Support the Jewish State (USA: Charisma House, 2006), 61
[1]Brog, 123-130.
[1]Hagee, 115-120.
[1]Brog, 227-230.
[1]كولين تشابمان، القدس لمن؟ (دار النشر الأسقفية، 2013) ص. 141.
[1]Gerald McDermott, The New Christian Zionism: Fresh Perspectives on Israel & The Land (Downers Grove: IVP Academic, 2016), 293-301.
[1]اليهود الذين يؤمنون بيسوع المسيح.
[1]Alex Awad, Palestinian Memories: The Story of a Palestinian Mother and Her People (Bethlehem: Bethlehem Bible College, 2008), Chapter 10: A Biblical Alternative to Christian Zionism, 243-268.
[1]مصالحة هي منظمة دينية تقوم بتدريس وتدريب وتسهيل المصالحة بشكل رئيسي بين الإسرائيليين والفلسطينيين من خلفيات عرقية ودينية متنوعة، ومجموعات دولية، على أساس المبادئ الكتابية للمصالحة. للمزيد راجع: www.musalaha.org.
[1]Munayer wrote: Through My Enemy’s Eyes and Journey Through the Storm.
[1]Among the books Katanacho authored are: (1) The Land of Christ: A Palestinian Cry; it is in both Arabic and English; (2) Reading the Gospel of John through Palestinian Eyes (Both Arabic and English); (3) Studying Romans 9-11 in the Palestinian Context (Arabic Only).
[1]Isaac wrote: 1. The Other Side of The Wall 2. From Land to Lands, from Eden to the Renewed Earth: A Christ-Centered Biblical Theology of the Promised Land.
[1]Mansour wrote: Theology of Reconciliation in the Context of Church Relations.
[1]Ateek wrote: 1. Justice and Only Justice: A Palestinian Theology of Liberation. 2. A Palestinian Theology of Liberation: The Bible, Justice, and the Palestine-Israel Conflict. 3. A Palestinian Christian Cry for Reconciliation.
[1]Chacour wrote: 1. Blood Brothers: The Dramatic Story of a Palestinian Christian Working for Peace in Israel. 2. We Belong to the Land: The Story of a Palestinian Israeli Who Lives for Peace and Reconciliation
[1]Younan wrote: 1. Witnessing for Peace. 2. Our Shared Witness: A Voice for Justice and Reconciliation
[1]Among the books Raheb wrote: 1. Faith in the Face of Empire: The Bible Through Palestinian Eyes. 2. Palestinian Identity in Relation to Time and Space.
[1]To download the English or Arabic Version of Kairos Palestine, go to: www.kairospalestine.ps.
[1]Chapman wrote: 1. Whose Promised Land: The Continuing Crises Over Israel and Palestine. 2. For whom does Jerusalem Belong? Jerusalem and the Arab Israeli Conflict. القدس لمن؟ القدس والصراع العربي الإسرائيلي
[1]Among the books Burge wrote are: 1. WHOSE LAND? WHOSE PROMISE. 2. Jesus and the Land: The New Testament Challenge to “Holy Land” Theology.
[1] Wagner wrote: 1. “Anxious for Armageddon” (critical history and theology of Chr. Zionism)—1995. 2. “Dying in the Land of Promise: Palestine and Palestinian Christianity from Pentecost-2000″—2004. 3. Zionism and the Quest for Justice in the Holy Land” co-edited with Walt Davis; Book for the study guide: “Zionism Unsettled” (2014).
[1]Among the books that Sizer wrote are: 1. Christian Zionism: Roadmap to Armageddon? 2. Zion’s Christian Soldiers? The Bible, Israel, and the Church.
[1]Braverman wrote: 1. A Wall in Jerusalem: Hope, Healing, and the Struggle for Justice in Israel and Palestine. 2. Fatal Embrace: Christians, Jews, and the Search for Peace in the Holy Land. 3. Prophetic Voices on Middle East Peace.
[1]Christ at The Checkpoint – YouTube – www.youtube.com › ChristatTheCheckpoint.
[1]https://www.jpost.com/opinion/op-ed-contributors.
[1] الاستبدالي Supersession: أو Replacement هو الاعتقاد بأن الكنيسة حلت محل بني إسرائيل أو اليهود كشعب الله المختار. يقول لاهوتيو الاستبدال إنه منذ أن صلب اليهود يسوع ورفضوا اتباعه، رفضهم الله ولم يعد يتعامل بطريقة خاصة مع الشعب اليهودي
أليكس عوض
من مواليد القدس. تخرج من مدرسة سان جورج فيها وتابع دراسته للقب الأول وشهادتين للقب الثاني في امريكا. خدم كمرسل من الكنيسة المنهجية (الميثودستية) المتحدة في القدس في رعاية الكنيسة المعمدانية وكمحاضر وعميد طلبة في كلية بيت لحم ومديرًا لجمعية الراعي في بيت لحم حيث تقاعد عام 2016. وقد منحته كلية بيت لحم للكتاب المقدس دكتوراة فخرية . ألف القس عوض كتابين باللغة الانجليزية هما من خلال عيون الضحية والذكريات الفلسطينية وكلاهما يكشفان ظروف الحياة تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي. كتب القس أليكس عوض الكثير من المقالات التي تنادي بالعدالة للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء. القس عوض عضو في لجنة (United Methodists for Kairos Response) UKMR وفي التحالف المسيحي الفلسطيني من أجل السلام (PCAP).
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.