Skip to content

الم يحن وقت توحيد الأعياد؟

رابط المقال: https://milhilard.org/ci5j
بطرس الموحد
رابط المقال: https://milhilard.org/ci5j

بقلم: بطرس منصور- الناصرة

ترعرعت في عائلة جناحها الأول من طرف والدي غربي التقويم وتحديدًا من الروم الملكيين الكاثوليك و جناحه الآخر من طرف والدتي شرقي التقويم وتحديدًا رومي ارثوذكسي. لذا حظينا في عائلتنا بموعدين بدل واحد لعيدي الميلاد والفصح. طبعا التقويم الغربي يسبق الشرقي، لذا اعتبرنا قضاء العيد عند اهل والدتي بمثابة زيادة الخير و بونوس لطيف او ربما موعد ب ( كما هو حال امتحانات الجامعات التي يُمنح فيها الطالب فرصة أخرى ليجرب حظه وليرفع علاماته فيها).

وبعدما تزوجت من فتاة من عائلة ارثوذكسية استمرت هذه الازدواجية.

استرعى انتباهي البوست اللاذع ولكنه الصادق لحد الألم الذي كتبه الدكتور عزمي حكيم  من الناصرة الذي لطالما أصاب كبد الحقيقة في ملاحظاته الاجتماعية بنظرته الثاقبة. قال الدكتور عزمي على صفحته على الفيسبوك قبل عدّة أيام:

“الله يكون بعون المسلمين علينا… لقد  خربطنا حياتهن: شي يبشر واشي  بشعنن واشي بجنّز واشي بقوّم… هم  مش عارفين على مين يعيدوا”…

لكن نظرتي المرحة للازدواجية والتداخل بين أعياد الشرقيين والغربيين (مثل عيد البشارة الشرقي الذي صادف نفس يوم الجمعة العظيمة الغربي هذا العام) تبدلت مع السنين.

إني أرى اليوم فيها إشارة لتشبث المسيحيين في ديارنا بالهامشي بدل الجوهري ولشرذمتنا وتشتتنا.

لقد نعمنا لعدة سنوات من اتفاق على توحيد الاحتفال بالأعياد في الأراضي المقدسة بين الطوائف المختلفة. فاجمعت الطوائف ان يعيّد كل المسيحيين عيد الميلاد في الموعد الغربي الثابت وهو 25 من كانون اول، اما الفصح ففي موعده المتغيّر بحسب التقويم الشرقي (اليولياني). ولكن الاتفاق لم يبق على حاله وعادت كل كنيسة بحسب الترتيب الفئوي البائد.  لن أخوض هنا بالسؤال من الذي اخلّ بالتفاهم، فهناك ادعاءات متناقضة شائكة بهذا الأمر.

” يطلب الرب من تلاميذه أن يتوحدوا “كما انك انت فيّ وانا فيك”

لا يسع المؤمن المسيحي إلا أن يتساءل لماذا أهملنا طلب الرب ساعات قبل صلبه حين صلى للآب ” ليكون الجميع واحدا، كما انك انت ايها الاب في وانا فيك، ليكونوا هم ايضا واحدا فينا، ليؤمن العالم انك ارسلتني״ (يوحنا 17: 21). بكلمات أخرى يطلب الرب من تلاميذه أن يتوحدوا “كما انك انت فيّ وانا فيك”. أي يطلب وحدة بين المؤمنين مثل وحدة أقنوم الآب والابن!! قد يقول قائل إن الوحدة بين المؤمنين ليست بأن يعيّدوا بنفس التاريخ. ردّي هو أنه إذا لم نعرف ان نقوم بالسهل وهو إحياء الذكرى والتعييد بنفس التاريخ، فكيف ندّعي وحدة أوسع في أمور أخرى. أعتقد أن التعييد المتخالف هو إشارة لعدم الوحدة والشرخ المستمر ومخالفة طلب الرب المباشر.

إننا نحتفل في عيد الفصح بأكبر وأعظم حدث في تاريخ البشرية. ففيه نتذكر كيف تجسد الله بابنه يسوع وسار للصليب ليموت هناك ويقوم في اليوم الثالث ليفدي البشرية من الخطية.

“لماذا يمكن تطبيق الوحدة في الأعياد في الأردن، بينما نفشل بذلك في الأراضي المقدسة.” بطرس منصور/الناصرة

الا يتقزم موضوع الموعد “الصحيح” لحدوث الصلب والقيامة أمام هذا الحدث الجبار؟ الا يمكن التنازل والاتفاق على أحد التقويمين في سبيل التعييد المشترك بين كل المسيحيين؟

لقد وصلت نسبة المسيحيين جميعًا في البلاد الى 1.5% أي أنه من كل 66 شخص في البلاد تجد واحدًا فقط هو مسيحي عربي. أن تقسيمنا لمن يعيّد بحسب الغربي والمعيّدين بحسب الشرقي يزيدنا تشرذمًا وتمزقًا. مع اضمحلال اعداد المسيحيين في بلادنا يزيدنا هذا التقسيم عزلة وبشعور الغربة، اذ تشعر بالعيد بشكل اقل.

لماذا يمكن تطبيق الوحدة في الأعياد في الأردن بينما نفشل بذلك في الأراضي المقدسة. لربما يكون السبب الأماكن المقدسة مثل كنيسة المهد وكنيسة القيامة وارتباط موعد العيد بالطائفة في العالم ككل ولكني اعتقد ان هذا ليس سببًا لهذا التمزيق.

لقد قررت كنيستي ( الكنيسة المعمدانية المحلية في الناصرة) قبل عشرين عامًا أنها ستقوم باتباع الموعد الغربي لتعيّد عيد الميلاد والموعد الشرقي لعيد الفصح دون علاقة بما تتبعه الكنيسة المعمدانية في الخارج (وهي كنيسة غربية) وتستمر بهذا النهج لحد اليوم. رغم أنها كنيسة صغيرة وتأثيرها محدود لكنها شهادة لما يتوجب ان تفعله كل الكنائس لكي نرضي قلب الرب ونعطي اعيادنا قيمتها ولكي نقرّب المسيحيين بأن يعيّدوا معًا عالاقل.

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

Skip to content