Skip to content

نقاش صريح حول قانون العائلة المسيحي الذي طال انتظاره

رابط المقال: https://milhilard.org/1ajj
عدد القراءات: 1974
تاريخ النشر: مارس 12, 2024 9:05 ص
chriswithevent
رابط المقال: https://milhilard.org/1ajj

الصحفية ندين النمري- خاص ب ملح الأرض

حضرت يوم الاحد لقاء اتسم بالمكاشفة والمصارحة امتد لأكثر من ثلاثة ساعات ونصف جمع رأس الكنيسة الارثوذكسية في الأردن المطران خريستوفورس عطالله مع أبناء الرعية للخوض في تفاصيل قانون العائلة المسيحي الجديد (الأحوال الشخصية للمسيحيين).

مع الاسئلة والاستفسارات المتتالية من الرعية فإن اللقاء لم يتجاوز المدة المحددة له فحسب بل تجاوزت كذلك القاعة التي أقيم فيها اللقاء طاقتها الاستيعابية، في وقت أكد به  المطران خريستوفورس أن لقاءات أخرى ستتم خلال الفترة المقبلة في كافة أنحاء المملكة لشرح القانون الجديد الذي دخل حيز التنفيذ الشهر الحالي.

وإن كان أكثر الموضوعات إثارة للنقاش مسالة الإرث والانقسام بين الرعية تجاه هذا الموضوع لكن الحديث تضمن كذلك الكثير من الجوانب الخاصة بالقانون والتي تشكل تحولا إصلاحيًا حقيقيًا ووثبة باتجاه المساواة.

 بداية تحدث المطران خريستوفورس عن أبرز النصوص التي تضمنها القانون الذي جاء ليحل محل قانون العائلة البيزنطي المعمول به منذ أكثر من ١٤٠٠ عام.

جاء القانون الجديد ليحدد مددًا زمنية لإجراءات التقاضي، فعلى سبيل المثال السقف الزمني الأعلى لقضايا النفقة يجب أن لا يتجاوز ٦ أشهر، كما تضمن القانون توحيدًا للرسوم ما بين محكمة البداية والاستئناف، خصوصا أن إرتفاع كلف الإستئناف كانت تدفع بالكثيرين للاحجام عن ذلك.

أما الجانب الاخر فهو استحداث “بيت العائلة” وتثبيته في نصوص القانون، بحيث تكون مسؤولية “بيت العائلة” توفير  خدمات الوساطة والإصلاح قبل نقل الحالة إلى القضاء الكنسي، وحددت له مدة زمنية بنحو ٤ شهور قابلة للتجديد مرة واحدة.

ولا تنحصر خدمات بيت العائلة في الوساطة والإصلاح بل تمد لتوفير خدمات الدعم والصحة النفسية والإرشاد على يد أصحاب الاختصاص.

وفيما يتعلق بحقوق الزوجين، أحرز القانون تقدمًا في مجال المساواة بين الرجل والمرأة حيث أصبحت المرأة العاملة أو التي لديها دخل مكلفة بالانفاق على أبناءنا كما الزوج تماما، وهو بند ينسجم مع ما نص عليه القانون لجهة المساواة في الميراث بين الذكر والأنثى.

كما وأن القانون حدد سن الحضانة للأم لأطفالها بعد الطلاق بسن ١٨ كما تحتفظ الأم حضانتها لأطفالها حتى بعد زواجها من شخص آخر.

وجاء هذا النص جاء حماية لمصلحة الطفل ومصلحة العائلة، إذ تنحصر حالة سحب حضانة الطفل من الأم بوجود تعارض مع مصلحة الطفل الفضلى أو التوافق بين الوالدين على إعطاء الحضانة للأب.

ومن الجوانب التي تناولها القانون لجهة توفير الحماية للمرأة هي إعطاء السلطة للمحكمة الكنسية بتقديم التعويض للزوجة أو الزوج في حال وجدت المحكمة أن الطرف المتضرر يستحق التعويض حتى وإن لم  يطلب هذا الطرف التعويض، ليكون بذلك هذا الأمر ضمن صلاحيات المحكمة.

وإن كانت جميع الموضوعات أعلاه دخلت حيز التنفيذ، لكن يبدو أن الطريق نحو المساواة في الإرث يبقى طريقا طويلا. 

ورغم أن الجو العام داخل اللقاء، والذي عقد في القاعة الرئيسية للنادي الارثوذكسي في عبدون، كان منحازًا بشكل واضح للمساواة في الميراث، لكن المطران تحدث وبكل صراحة عن اتجاه معاكس داخل المجتمع المسيحي الأردني رافض وبشدة لمسألة المساواة في الإرث بين الجنسين.

المطران خريستوفورس أكد في أكثر من مرة خلال اللقاء قناعته التامة بضرورة السير قدما في المساواة في الميراث كما وأكد عدم وجود أي ممانعة من الجهات الرسمية لذلك باعتبار أن مسالة الميراث هي مسألة تخص المكون المسيحي وهي مسالة محسومة بموجب المادة ١٠٩ من الدستور لكن العائق أمام ذلك هو الانقسام ومعارضة البعض من المسيحيين لأسباب وقناعات ترفض المساواة بين الذكر والأنثى في الميراث.

وأمام هذه المعارضة والتي يبدو أن لها جذورا قوية في مناطق محددة فإن حلولا يتم تداولها حاليا ومن بينها تعديل المادة ٤ من قانون الطوائف المسيحية للعام ٢٠١٤ لتصبح “يطبق قانون الإرث المسيحي على كافة المسيحيين وعلى من يرغب بغير ذلك أن يلقي بافادة أمام المحكمة الكنسية” وكذلك إلغاء المادة ١٠ من ذات القانون.

هذا الاقتراح الذي وجد به الغالبية حلا وسطا ما بين المؤيدين والمعارضين وخطوة نحو الأمام قد يصطدم بمعضلة قانونية تتعلق بالحكم بالمال ما بعد الوفاة، كما قد يقود مجددا لحالة من اختلال العدالة.

بالمحصلة فإن أكثر ما تردد على لسان الحضور وتحديدًا من الآباء والأمهات الذين لم ينجبوا سوى اناثًا متى سيطبق قانون العائلة المسيحي في الميراث؟ متى سنضمن حقوق بناتنا؟ وهل سنبقى أحياء حتى يأتي اليوم الذي نشعر به بالطمأنينة أن احدًا لن يزاحم زوجاتنا وبناتنا على بيوتنا؟

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

Skip to content