Skip to content
Skip to content

كهنة مدينة الفحيص يقرعون ناقوس الخطر: هويّتنا ليسَتْ للبيع

تاريخ النشر: أغسطس 4, 2025 5:12 م
mahes1

ملح الأرض – ليث حبش

أطلق كهنة الكنائس الرسوليّة في مدينة الفحيص بيانًا وُصِفَ بأنَّه “صوتُ أمٍّ”، دقّ ناقوس الخطر حول التحدّيات الّتي تواجه المدينة على صعيد هويّتها وتركيبتها الاجتماعيّة، في ظلِّ ما وصفوه بتغوّل الاستثمارات التجاريّة الّتي لا تراعي خصوصيّة الفحيص الروحيّة والعشائريّة.

البيان الّذي حمل عنوان “الفحيص مدينة الروح والهويّة بين مطرقة التغيّر وسندان الأمانة”، دعا بوضوحٍ إلى وقفةٍ مسؤولةٍ لحماية “روح الفحيص” من مشاريع استثماريّةٍ وسياحيّةٍ قد تحمل في ظاهرها مظاهر حداثةٍ، لكنّها في جوهرها تهدِّدُ النّسيج الأخلاقيّ والاجتماعيّ المتماسك للمدينة.

وأكَّد البيان أنَّ “البارات والمرافق الترفيهيّة ذات الطّابع الاستهلاكيّ والغريزيّ لا تحمل للفحيص خيرًا ولا كرامةً”، مُشدِّدًا على أنَّ المدينة “ليسَتْ مُجرَّد حيّزٍ مدنيٍّ، بل تعبيرٌ حيٌّ عن الإنسان الأردنيّ المسيحيّ العشائريّ، المُتجذّر في أرضه والمحصَّن بقيمه”.

تصريح الأب بولص حداد: الهويّة ليسَتْ مشروعًا استهلاكيًّا

وفي هذا السّياق، قال الأب بولص حداد، أحد كهنة الفحيص، في تصريحٍ خاصٍّ لـ“ملح الأرض” “إنَّ غاية البيان الّذي أصدرناه هي الحفاظ على الوجه العشائريّ المعروف لبلدة الفحيص، ذلك الوجه الّذي يجمع النّاس بمحبّةٍ ووئامٍ، ويُعزِّزُ الرّوابط الاجتماعيّة الأصيلة بينهم نحن نرفض أيّ تدخُّلات خارجيّة، سواءً من مؤسَّساتٍ ربحيّةٍ أو جهاتٍ أخرى، من شأنها أنْ تمسُّ هذا النّسيج المُجتمعيّ المُتماسك”.

وأوضح أنَّ الفحيص “ليسَتْ بحاجةٍ إلى وجهٍ جديدٍ بقدر ما تحتاج إلى قلبٍ حيٍّ”، مُضيفًا أنَّ أيَّ تغييرٍ لا يستند إلى احترام الهويّة الثّقافيّة والعشائريّة والروحيّة هو “تفكيكٌ ناعمٌ يُفرِغُ الإنسان من جذوره”.

استثمارٌ أم اختراق؟

البيان الصّادر عن الكهنة لم يُهاجِمْ مبدأ الاستثمار بحدِّ ذاته، لكنَّه تساءل عن نوعيّته ومقاصده، مُعتبرًا أنَّ “الاستثمارات الّتي لا تحفظ كرامة الإنسان هي اختراقٌ ناعمٌ يُهدِّدُ الهويّة” وجاء في البيان”التحدّي اليوم ليس في أنْ نبني منشأةً أو نطلق مشروعًا، بل في أنْ نُبقي على روح الفحيص حيّةً، في زمنٍ يُطحنُ فيه الإنسان بين ماكينة السّوق وفكر العولمة العقيم”.

الكنيسة والعشيرة…جناحا الرّوح الواحدة

واعتبر البيان أنَّ العشيرة ليسَتْ نقضًا للحداثة، بل “حارسٌ للهويّة إذا ما تحرَّرَتْ من التعصُّب وتكاملَتْ مع الإيمان المسيحيّ العميق”
كما أشار إلى أنَّ الكنيسة والعشيرة هما “جناحان لروحٍ واحدةٍ”، وحثَّ على تحالُفِ شرفٍ بين جميع مكوِّنات المُجتمع الفحيصيّ – الكنسية، والعشائريّة، والثّقافيّة، والشّبابيّة، والمدنيّة – لحماية المدينة من الانزلاق إلى صورةٍ باهتةٍ لا تُشبهُها.

دعوةٌ لإحياء الضّمير الجمعي

في ختام البيان، دعا الكهنة إلى يقظةٍ جماعيّةٍ تنبعُ من عمق الضمير، لا من منافع فرديّة، وقالوا “فحِيصُنا اليوم تعبت من الخطابات الموسميّة الرنّانة، ومن مؤسّساتٍ تعمل بجسدٍ بلا قلبٍ، لسنا بصدد بناء مدينةٍٍ جديدةٍ، بل في مهمّةٍ إنقاذ المدينة من التحوُّل إلى صورةٍ باهتةٍ عن ذاتها”.

كما حملَتِ الرّسالة دعوةً واضحةً إلى المسؤولين والفاعلين في المدينة إلى إعادة التّفكير في أولويّاتهم “ما جدوى الانتصار السّياسيّ إذا تراخى نسيج المدينة؟ وما نفع الظفر بالمواقع إذا خسرنا القيم والأرواح الّتي نريدها للغد؟”

“مدينة الشّهادة… لا مُجرَّد مكانٍ”

وختم البيان بالتّأكيد على أنَّ الفحيص “ليسَتْ مكانًا بل شهادة”، شهادةُ شعبٍ حافظ على إيمانه، وتمسّك بأرضه، ورفض أنْ يُسلِّم تاريخه للمجهول.

رسالة كهنة الفحيص ليسَتْ فقط صوتًا رعويًّا، بل نداءٌ ثقافيٌّ ومُجتمعيٌّ عميقٌ، يسعى إلى إعادة الاعتبار لهويّة مدينةٍ تُعدُّ من أبرز النّماذج في التنوّع والانتماء في الأردن، ويضع أمام سُكّانها ومؤسَّساتها أسئلةً وجوديّةً تتطلَّبُ إجاباتٍ لا تحتمل التّأجيل.

فيما يلي نص البيان كما وصل لـ ملح الأرض

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment