
السابق ِسِلَّم الزمن… والوضع الراهن في كنيسة القيامة!
اشارت الاحصائيات في الولايات المتحدة ان الفئة السكانية ذات نسبة التطعيم الادنى ضدّ فيروس الكورونا هي الانجيليين البيض. ودون اجراء فحص دقيق لكن الانطباع هو وجود توجه مشابه في بلادنا بين بعض المؤمنين المسيحيين أكثر منها عند باقي المسيحيين.
ما هي اسباب هذا المنحى؟ هل هناك أي تبرير له؟ هل هو مؤسس على مبادئ الايمان المسيحي؟
انوه اننا لا نتحدث هنا عن الامتناع عن التطعيم بسبب الكسل او بسبب عدم وجود محطات للتطعيم بقرب التجمّعات السكنية وانما عن الامتناع لأسباب توحي انها ضميرية او بسبب عدم الاكتراث الذي يحمل في طياته عدم الموافقة على اتخاذ التطعيم.
هذا المنحى يتغذى من عدة عناصر مرتبطة ببعضها البعض وقبيل التطرق لها اشير ان بعض المؤمنين المسيحيين العرب يعتبرون ما يقوله قادة دينيين في الغرب او أطباء او صحفيين مصدر الهام ويتبنون ما يقولونه دون فحص او على الأقل دون ملاءمته لظروف بلادنا وثقافتنا وهذا ما حدث مع التطعيم ايضًا وهكذا يسلّمون ارادتهم ومواقفهم لمواقف آخرين.
ان جهل الكثيرين بآلية اتخاذ القرارات في الحكومات وشكوكهم بنوايا رجال الحكومة تجعلهم يتبنون نظريات المؤامرة ويفشلون في التمييز بينها وبين الحقيقة المدعومة بأفضل الحقائق. لا ادّعى ان رجال الحكومة واصحاب القرار ابرياء حتمًا من اي اجندات مخفية لكن في حالة الجائحة الحالية يختلف الامر .
فبعد ان ضرب الفيروس كل العالم (وبالأخص الدول المتطورة مثل امريكا وبريطانيا وايطاليا قبل النامية/الفقيرة)، تجندت حكومات العالم بمواردها المالية والبشرية لتقوم افضل العقول والمختصين بالبحث العلمي في مسعى لاكتشاف التطعيم اللازم ولوقف درء الجائحة التي حصدت ارواح مئات آلاف البشر دون تمييز. وقد تعاضد من هم بالعادة اعداء مثل امريكا وروسيا والصين وانجلترا واسرائيل للوصول للمطعوم المأمول، وفعلًا نجحوا بذلك. كل هذا يُسقِط الادعاء بالمؤامرة سقوطًا مدوّيًا.
للأسف ينظر بعض المؤمنين المسيحيين وبضمنهم الانجيليين للعلم نظرة شك او استهتار. يعتقد هؤلاء ان العلم يناقض الايمان لسوء استخدامه احيانًا او لأن بعض الاكتشافات العلمية تتناقض ظاهريا مع الانجيل. فمن هنا ينظرون له بشك. ان سخرية الامر ان نفس المتشككين يُسَخّرون التطور العلمي الذي يحضر للعالم التلفونات الذكية والطائرات النفاثة والمركبات الكهربائية المتطورة لمصالحهم ويتمتعون بها.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.