
السابق صور أعمال التّرميم في كنيسة دير القديس جيورجيوس مأدبا
ملح الأرض – ليث حبش
في يوم المرأة العالميّ، تتجدّد الدّعوات لتعزيز دور النّساء في مختلف المجالات، ولا سيّما في مجال الإعلام بكافّة أشكاله، حيثُ أثبتَتِ الصحفيّات أنهنَّ قوَةٌ مؤثّرةٌ في صناعة الرّأي العام وإحداث التّغيّير. فلم تعُدِ المرأة الإعلاميّة مُجرَّد ناقلةٍ للأخبار، بل أصبحَتْ قائدةً للحوار المُجتمعيّ، مُدافعةً عن الحقوق، وكاتبةً للقصص الّتي تعكس قضايا المُجتمع بعمق ومهنيّة في عالمٍ يشهد تحوّلاتٍ مُتسارعة، حيث تُسلِّط هذه المناسبة الضوء على إنجازات الصحفيّات العربيّات، والتحدّيات الّتي واجهنها، وكيف نجحن في فرض وجودهنَّ في بيئةٍ إعلاميّةٍ كانَتْ في الماضي تقتصر على الرّجال.
رُلى السماعين: الصّحافة أداة لبناء السّلام وتعزيز الحوار المُجتمعيّ
في حديثٍ خاصٍّ لـ “ملح الأرض“، أكَّدَتِ الصحفيّة والكاتبة رُلى السماعين، المُتخصّصة في شؤون الحوارات والسِّلم المُجتمعيّ، أنَّ الإعلاميّة اليوم باتَتْ قوّةً مؤثِّرًة في تشكيل الرّأي العام وصناعة التّغيّير، مُتجاوزةً التحدّيات الّتي كانَتْ تُعيق حضورها في الماضي.
وقالَتِ السماعين “لم يعُدْ دور الإعلاميّة مُقتصرًا على نقل الأخبار، بل أصبحَتْ تقود حملات توعويّة وتُشارك في صناعة القرار الإعلاميّ، مُستخدمةً المنصّات الرّقميّة لنقل الحقيقة بمهنيّة ووضوح، ولقد انعكس هذا التطوّر على جودة المُحتوى الإعلاميّ، حيث أضافَتِ المرأة بُعدًا إنسانيًّا وتحليليًّا أعمق للقصص الخبريّة، ممّا عزّز دور الإعلام كأداة للتّغيّير الإيجابيّ في المُجتمع.
وحول أبرز التحدّيات الّتي تواجه الصحفيّة في الشّرق الأوسط، أشارَتِ السماعين إلى أنَّ الصحفيّات يُواجهن صعوبات سواء في الميدان أو داخل المؤسَّسات الإعلاميّة. وأوضحَتْ قائلةً لـ “ملح الأرض “في الميدان، تواجه الإعلاميّة مخاطر أمنيّة مُضاعفة، خاصّةً في مناطق النّزاع، حيث تتعرَّض لتهديدات مُباشرة تشمل التحرُّش والاستهداف العنيف، كما أنَّ الفُرص المُتاحة لها لتغطية الأحداث الكُبرى لا تزال أقل مقارنةً بالصحفيّين الرّجال، بسبب بعض الأفكار النّمطيّة الّتي تُشكّك في قدرتها على التّعامل مع الظّروف الصّعبة إضافةً إلى ذلك، تواجه الصحفيّة ضغوطًا اجتماعيّّة عند تناول القضايا الحسّاسة، ممّا يفرض عليها تحدّيًا مُضاعفًا لإثبات مهنيّتها وجدارتها.
أمّا عن مسيرتها الصحفيّة، فقد أكَّدَتِ السماعين أنَّ تميزها في مجال الحوارات الدّينيّة والسّلم المُجتمعيّ لم يكُنْ وليد الصّدفة، بل جاء نتيجةً سنوات من العمل الجاد، والالتزام بالمهنيّة، والسّعي المُستمرّ لإيصال الحقيقة بموضوعيّة وأضافَتْ “منذ بداياتي، اخترتُ التّركيز على بناء جسور التّفاهم بين أطياف المُجتمع، إيمانًا منّي بأنَّ الصّحافة هي الأداة الأقوى لترسيخ ثقافة السّلام وكان تكريمي كـ ’صانعة سلام‘ عام 2023 تتويجًا لهذا المسار. كما أنَّ مؤلّفاتي، الّتي تتناول قضايا السِّلم الاجتماعيّ والتّعايُش، تُمثِّل قناعاتي العميقة بمحوريّة الحوار والتّسامح في بناء المُجتمعات.
وختامًا، شدَّدَتِ السماعين على أنَّ الصحفيّة ليسَتْ في منافسة مع الرّجل، بل هي شريكٌ أساسيٌّ في بناء الأوطان، سواء داخل الأسرة أو في سوق العمل، مؤكِّدةً أنَّ الكلمة الصّادقة قادرة على تغيّير الواقع وبناء مُستقبل أكثر إشراقًا.
نادين النمري: الصّحافة أداةٌ للتّغيّيرِ والدّفاع عن الحقوق
في حديثٍ خاصٍّ مع “ملح الأرض” قالَتِ الصّحفيّة نادين النمري، المُتخصِّصة في الصّحافة الحقوقيّة، إنَّ العمل الصّحفيّ ليسَ مُجرَّد نقلٍ للأخبار، بل هو أداةٌ قويّةٌ للتّأثير وإحداث التّغيّير في المٌجتمع، خاصّةً عند تناول قضايا حقوق الإنسان، المرأة، الطفل، وكبار السّنّ، مبيّنةً أنَّ العمل الصّحفيّ أقرب إلى السّهل المُمتنع، فهو ليسَ مُجرَّد كتابةٍ، بل يتطلَّبُ قدرةً على إقناع الجمهور بأهمّيّة القضايا المطروحة، وهو تحدٍّ مُضاعف عندما تكون الصحفيّة امرأة تعمل على مواضيع قد تواجه رفضًا مُجتمعيًّا، مثل العنف الأسريّ، الحقوق القانونيّة للمرأة، وتمكين الفئات المُستضعفة.
وأشارَتِ النمري، الّتي تمتدُّ خبرتها الصّحفيّة لأكثر من 19 عامًا، إلى أنَّ الصّحافة الحقوقيّة لا تكتفي بطرح القضايا، بل تسعى لتحقيق نتائج ملموسة من خلال الضّغط الإعلاميّ والتّعاون مع مؤسَّسات المُجتمع المدنيّ. وأضافت: “من أبرز الإنجازات الّتي شاركتُ بها تعديل المادّة 62 (ج) من قانون العقوبات، والّتي منحَتِ الأمَّ الحقَّ في إعطاء الموافقة على الإجراءات الطبّيّة لأطفالها، إلى جانب تسليط الضوء على قضايا مثل الحقّ في النّسب للأطفال فاقدي السّند الأسريّ، وإلغاء المادّة 308 الّتي كانَتْ تعفي المُغتصِب من العُقوبة في حال زواجه من الضّحيّة، هذه التّغيّيرات لم تكُنْ لتتحقّق لولا الشّراكة بين الإعلام ومُنظّمات المُجتمع المدنيّ”.
وترى النمري أنَّ الصّحافة الحقوقيّة تكتسب أهمّيّتها من قدرتها على تغيّير السّياسات والقوانين، فضلًا عن رفع وعي المجتمع تجاه قضايا تمسّ حياته اليوميّة وأوضحَتْ قائلةً لـ ملح الأرض: “عندما نُسلِّط الضوء على قضايا مثل إجازة الأمومة أو مشاركة المرأة الاقتصاديّة، فإنَّنا لا نطرحها كعناوين صحفيّة فقط، بل نُحاول كسب تأيّيد الجمهور لإحداث تغيّير حقيقيّ دور الصحفيّ ليس مُجرَّد نقل المعلومة، بل خلق نقاشٍ مجتمعيٍّ فاعلٍ يؤدّي إلى تحسين القوانين والمُمارسات الّتي تؤثِّر على حياة الأفراد والمُجتمع بأسره.
ليندا المعايعة: المرأة الصّحفيّة تكسر الحواجز وتفرض وجودها في الإعلام
في حديثها لـ “ملح الأرض“، شدَّدَتِ الصحفيّة ليندا المعايعة، رئيسةُ تحرير موقع قناة رؤيا الإخباريّ، على أنَّ المرأة الأردنيّة أثبتَتْ قدرتها على العمل في مختلف مجالات الصّحافة، بما في ذلك تغطية القضايا الجنائيّة والأمنيّة، الّتي كانَتْ تُعتبر حكرًا على الرّجال. وقالَتْ “بدأتُ مسيرتي الصحفيّة منذ أكثر من 25 عامًا، حيث عملتُ في الصُّحف اليوميّة مثل الأسواق والعرب اليوم قبل أنْ أتخصّص في تغطية المحاكم النّظاميّة، ومحكمة أمن الدّولة، ومُتابعة قضايا الجريمة والإرهاب لم يكُنْ الطّريق سهلًا، فقد كان هناك اعتقادٌ سائدٌ بأنَّ الصحفيّة لا تستطيع التّعامل مع بيئة العمل في هذه المجالات، سواء بسبب ساعات العمل الطّويلة أو التّواصل المُستمرّ مع الأجهزة الأمنيّة، لكنّني استطعتُ إثبات العكس”.
وأشارَتِ المعايعة إلى أنَّ الصّحافة لم تعُد مهنةً طاردةً للنّساء كما كان يُعتقد سابقًا، بل أصبحَتِ الصّحفيّات ينافِسن بقوّةٍ ويحققن إنجازاتٍ ملموسةً، ليس فقط في العمل الميداني، بل أيضًا في المناصب القياديّة داخل المؤسَّسات الإعلاميّة. وتُضيف: “اليوم، نجد زميلاتنا في مواقع صُنع القرار، مثل رئاسة التّحرير، كما أنَّ المرأة الصّحفيّة باتَتْ تقدم محتوى مهنيّا متميّزًا عبر الصّحافة الرّقميّة ووسائل التّواصل الاجتماعيّ هذا التطوّر جاء بفضل اجتهاد الصّحفيّات وتطوير مهاراتهنَّ عبر ورشات العمل والتّمكين المهنيّ والاقتصاديّ، ما عزَّزَ حضورهنَّ في الإعلام المحلّيّ والدّوليّ.
وتؤكِّد المعايعة أنَّ المُجتمع الأردنيّ أصبح أكثر دعمًا للمرأة الصّحفيّة، حيث تزايدتْ أعداد الخرّيجات من كلّيّات الصّحافة والإعلام، وبرزتْ أسماء صحفيّات أردنيّات في القنوات التّلفزيونيّة والصُّحف العالميّة. وتُضيف في حديثها لـ ملح الأرض اليوم، الصّحفيّة الأردنيّة ليسَتْ فقط في الميدان، بل أصبحَتْ صانعة محتوى مؤثِّر، تُقدم تقارير وتحليلات بعيدة عن النمطيّة، وتتناول قضايا المُجتمع بموضوعيّة ومهنيّة عالية، المرأة في الإعلام لم تعُدْ مُجرَّد عنصر مُكمِّل، بل أصبحَتْ ركيزةً أساسيّةً تُساهم في تطوير المشهد الصحفيّ وتعكس صورةً مُتجدّدةً لدور المرأة في صناعة الإعلام.
سمر حدادين: الصّحافة مسؤوليّة تتطلَّبُ المثابرة، ودعم القيادات يصنع الفرق
أكَّدَتِ الصّحفيّة سمر حدادين، مديرة المندوبين الصّحفيّين في جريدة “الرّأي” في حديثٍ خاصٍّ لـ “ملح الأرض“، أنَّ مسيرتها المهنيّة لم تكُنْ خاليةً من التحدّيات، خاصّةً في بداياتها عندما واجهت صعوبات كونها امرأة تعمل في مجال الصّحافة، ومع ذلك استطاعَتْ تجاوز العقبات من خلال المُثابرة والإيمان بأهمّيّة دورها في نقل الحقيقة. وقالت حدادين “العمل في الصّحافة ليسَ سهلًا، وخاصّةً للنّساء، لكنَّ الإصرار وتطوير المهارات كانا مُفتاحي للنّجاح، ولحسن الحظّ تلقّيتُ دعمًا كبيرًا من رئيس تحرير جريدة ‘الرأي’ خالد شقران، الّذي منحني الفرصة والثّقة لإثبات نفسي في هذا المجال.
إلى جانب عملها الصحفيّ، تُدير حدادين مشروع “النّساء في الأخبار”، وهو مبادرة تهدف إلى دعم وتدريب الإعلاميّين، مع تركيز خاصٍّ على تمكين النّساء العاملات في الصّحافة، وأوضحَتْ قائلةً: “الصّحافة ليسَتْ مُجرَّد مهنةٍ، بل مسؤوليّة أيضًا، وتطوير العاملين في هذا المجال أمر أساسيّ لضمان تقديم مُحتوى مؤثِّر ومهنيّ من خلال هذا المشروع، نساعد الصّحفيّات والإعلاميّين على تطوير مهاراتهم، وتعزيز حضور المرأة في الإعلام، وتشجيعها على تولّي مناصب قياديّة.
وترى حدادين أنَّ تعزيز دور المرأة في الإعلام لا يعتمد فقط على الفرص المُتاحة، بل يتطلَّب أيضًا بيئةً داعمةً تُحفِّزُ الصّحفيّات على الاستمرار والتطوّر. وأضافَتْ عندما تحصل المرأة على الدّعم المُناسب، فإنَّها تستطيع أنْ تُحقِّق إنجازات كبيرة في المجال الإعلاميّ، من المهم أنْ نعمل على إزالة العقبات المُجتمعيّة والمهنيّة الّتي تحدُّ من مشاركة النّساء في الصّحافة، لأنَّ وجود أصوات نسائيّة قويّة في الإعلام يُساهم في تقديم صورةٍ أكثر شمولًا وتنوُّعًا للقضايا الّتي تؤثِّر على المجتمع ككلّ.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.
No comment yet, add your voice below!