Skip to content

هيثم داوود… من الهجرة إلى ريادة الأعمال وعودة إلى الجذور في الأردن

تاريخ النشر: مارس 30, 2025 2:45 م
WhatsApp Image 2025-03-22 at 3.56.08 PM

ملح الأرض – ليث حبش

يُعدُّ هيثم داوود واحدًا من أبرز روّاد الأعمال في قطاع المطاعم، حيث استطاع بناء علامة تجاريّة ناجحة في الولايات المتّحدة قبل أنْ يعود إلى الأردن لإعادة إطلاق “بافلو وينغز آند رينغز” وتأسيس مشروعه الجديد “تشيكستر”.

 في هذا اللّقاء الحصريّ مع مجلّة “ملح الأرض”، يتحدَّث ديفد عن رحلته من الهجرة إلى النّجاح، ورؤيته لمستقبل الأعمال في الأردن، وأهمّيّة دعم التّعليم وتمكين الشباب.

من الرّياضيّات إلى المطاعم.. رحلة شغف وريادة أعمال

قبل أكثر من خمسة عقود، غادر داوود الأردن برفقة عائلته عندما كان طفلًا في الخامسة أو السادسة من عمره، واستقرّ في الولايات المتّحدة حيث نشأ وتلقّى تعليمه وعلى الرّغم من حصوله على شهادة في الرّياضيّات، إلّا أنَّ شغفه الحقيقيّ كان مرتبطًا بعالم الطّهي والمطاعم، وهو ما نشأ عليه منذ الصِّغر عندما افتتح والداه مطعم “جولد ستار تشيلي” في سينسيناتي.

موضِّحًا هيثم داوود “كنتُ أساعد والديّ في المطعم، لم أبدأ بالطّهي، بل كنتُ أقوم بالتّنظيف الدّقيق، حتّى كبرتُ وأصبحتُ قادرًا على العمل مع الطعام” وبعد تخرُّجِه، خاض تجربةً في مجال أنظمة الصّوت للسيّارات، لكنّه سُرعان ما عاد إلى قطاع المطاعم، فامتلك مطعم بيتزا ثمَّ أصبح شريكًا في امتياز “بافلو وينغز آند رينغز” عام 1995. وفي عام 2005، اتّخذ مع شريكه نادر مساعدة خطوةً جريئةً بشراء العلامة التّجاريّة، ليصبحا أصحاب حقوق الامتياز.

العودة إلى الأردن وإطلاق مشاريع جديدة 

بعد مسيرةٍ ناجحةٍ في الولايات المتّحدة، قرَّر داوود قبل 15 عامًا العودة إلى الأردن مع زوجته لورنا، رغبةً في تربية أطفاله في وطنه الأمّ، حيث أعاد إطلاق “بافلو وينغز آند رينغز” في عمّان ومع ظهور جائحة كورونا، جاء مشروعه الجديد “تشيكستر”، وهو مطعم يجمع بين عشقه للدّجاج والبيتزا، ليستهدف سوق المطاعم السّريعة.

“الأردن كان الخيار الأمثل لتنشئة أطفالي في بيئةٍ تحمل قيمًا عائليّةً قويّةً”، يقول داوود، مؤكِّدًا أنَّ قراره لم يكُنْ اقتصاديًّا بقدر ما كان شخصيًّا وثقافيًّا، واليوم يُدير أبناء داوود أعمال العائلة بعد أنْ أكملوا دراستهم الجامعيّة في الولايات المتّحدة.

دعم التّعليم…استثمار في المستقبل

إيمانًا منه بأنَّ التّعليم هو مفتاح النّجاح، حَرَصَ داوود على تبنّي سياسة دعم موظّفيه الشّباب من خلال تقديم منح دراسيّة تصلُ إلى 600 دينار أردنيّ لكلّ فصل دراسيّ للطّلّاب الّذين يعملون في مطاعمه: “أرى أنَّ مسؤوليّة روّاد الأعمال لا تقتصر على تقديم الخدمات، بل تشمل تمكين الأفراد الّذين يساهمون في نجاح هذه الأعمال”.

ويضيف التّعليم ليس مُجرّد عمل خيريّ، بل استثمار في بناء قِوى عاملة مؤهَّلة قادرة على دفع عجلة التّنمية في الأردن، هذه الفلسفة تعود جذورها إلى القيم الّتي نشأ عليها، حيث تأثّر بوالدته الّتي كانت تساهم في تعليم النّساء في الفحيص، إلى جانب ثقافة العطاء الّتي لمسها خلال حياته في الولايات المتّحدة.

التحدّيات والفرص في الأردن

بالرُّغم من نجاحاته في الأردن، واجه داوود تحدّيات مختلفة عند العودة، أبرزها افتقاده للّغة العربيّة قراءةً وكتابةً، حيث نشأ في بيئةٍ أمريكيّةٍ لم يكُنْ تعلُّم العربيّة فيها متاحًا بسهولة، لكنَّه تجاوز ذلك بالتّأقلم والاعتماد على فريق عمل قويّ.

أمّا على مستوى الاقتصاد، فيرى أنَّ الأردن يواجه تحدّيات هيكليّة مثل ارتفاع الدّين العام والبطالة، لكنَّه يُشيد بصمود السّوق الأردنيّ وقدرته على التّأقلم مع الظُّروف، لا سيّما مع ازدهار قطاعات التكنولوجيا والسّياحة وريادة الأعمال، “الأردنيّون بطبيعتهم قادرون على التَّكيُّف،وإذا استطاع رواد الأعمال الاستفادة من الفرص المُتاحة، فإنَّ المستقبل يحمل الكثير من الإمكانيّات”.

التّوازن بين الثّقافات في بيئة الأعمال

بعد خبرته الطّويلة في الولايات المتّحدة، يرى داوود أنَّ هناك فروقًا واضحةً بين بيئات العمل في الشّرق والغرب، في الغرب هناك تركيزٌ كبيرٌ على الكفاءة والتّنظيم والتّطوير المهنيّ، بينما في الشّرق، الولاء والعلاقات الاجتماعيّة تلعبان دورًا محوريًّا.

ويؤكِّد أنَّ الجمع بين الجانبين يمكن أنْ يُحدِثَ فرقًا إيجابيًّا في قطاع الأعمال الأردنيّ، التّركيز على التّدريب المهنيّ، وتعزيز الابتكار، مع الحفاظ على روح الفريق والتّضامن المجتمعيّ، هو المفتاح لتطوير بيئة أعمال تنافسيّة ومُستدامة. 

التعايش في الأردن…أكثر من مُجرّد مفهوم

كمسيحيّ أردنيّ، يرى داوود أنَّ: “الأردن يتميَّز بوحدة وطنيّة قويّة تتجاوز مفهوم “التّعايش” هذا البلد لم يكُنْ يومًا بحاجةٍ إلى تعلُّم كيف يعيش أبناؤه معًا، فنحن متلاحمون بالفطرة، والتنوُّع الدّينيّ جزءٌ من نسيجنا الاجتماعيّ”، مُشيرًا إلى أنَّ قيم الاحترام والكرم الوطنيّ تجعل الأردن نموذجًا فريدًا في المنطقة.

نصيحة للمُغتربين…هل العودة خيار صائب؟

بالنّسبة لأولئك الّذين يفكِّرون في الهجرة أو العودة، يؤكِّدُ داوود أنَّ القرار يعتمد على الأهداف الشّخصيّة والمهنيّة، الأردن يوفِّر بيئة مناسبة للعائلات، وهو مكانٌ يمكن أنْ يزدهر فيه روّاد الأعمال إذا امتلكوا الرّؤية والإصرار، يقول أمّا بالنّسبة للمُغتربين الّذين يخطِّطون للعودة، فينصحهم بالتّأقلم مع تحدّيات السّوق، والاستفادة من الفرص المُتاحة، والأهم من ذلك، الإيمان بقدرتهم على النّجاح.

ختامًا، يواصل هيثم داوود رحلته في عالم ريادة الأعمال، جامعًا بين خبرته العالميّة ورغبته في تعزيز النّمو الاقتصاديّ في الأردن، وبينما يواصل توسيع أعماله تبقى رؤيته واضحة الاستثمار في الإنسان هو أساس أيّ نجاح مُستدام.

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment

Skip to content