السابق كنيسة قلب يسوع الأقدس في تلاع العلي-عمان تصلي من أجل عطيّة السلام- صور وفيديو
رابط المقال: https://milhilard.org/rjui
تاريخ النشر: أكتوبر 9, 2024 10:55 ص
رابط المقال: https://milhilard.org/rjui
بقلم: سامي عوض*
مترجم عن Waging Non Violence موقع اللاعنف
أصبحَ السّابعُ من أكتوبر 2023، واحداً من الأيّامِ – مثلَ اغتيال كنيدي أو 11 سبتمبر – الّتي لن ينساها الكثير منّا أبداً. نحنُ نعرفُ أينَ وماذا كُنّا نفعلُ عندما سمعنا الأخبارَ. في صباحِ ذلكَ السّبت، كنتُ متوجِّهاً إلى السوقِ الأسبوعيّ المحليّ للخضرواتِ العضويّةِ في بيت لحم، عندما سمعْتُ أنَّ “حماس” اخترقَتِ الحاجزَ حولَ غزّة ودخلَتْ إسرائيل. عُدْتُ بسرعةٍ إلى المنزلِ، وفتحْتُ قناةَ الجزيرةِ، وبدأتُ في سماعِ تفاصيلِ ما كان يحدثُ. اتصلْتُ بابن عمّي في غزّة، حيثُ تعيشُ عائلةُ والدتي بالكاملِ، وتوسّلْتُ إليهِ أن يجدَ طريقةً للخروجِ. كنتُ أعلمُ أنَّ هذا سيكونُ كارثةً، ولكن بحلولِ ذلكَ الوقتِ كانَ الأوانُ قدْ فاتَ، كانَتِ الأسرةُ عالقةً.
في ذلكَ اليومِ وفي الأيّامِ الّتي تلتْهُ، وبدلاً من التّفكيرِ والتّحليلِ والتّساؤلِ بعمقٍ عن سببِ حدوثِ كلِّ هذا، سارعَتِ الحكومةُ الإسرائيليّةُ ــ الّتي وصفَها العديدُ من مواطنيها بالفعلِ بالفاشيّة ــ بتعزيزِ ما لم تنجَحْ بهِ لعقودٍ من الزمانِ، وهوَ: المزيدُ من الهيمنةِ، حشدُ الكثيرِ من القوّةِ العسكريّةِ، المزيدُ من الدّمارِ تجاهَ الفلسطينيّين، وبثِّ الرّعبِ بين سكَّانِها. وفي غيابِ الوقتِ الكافي للحزنِ على الإسرائيليينَ الّذينَ قُتلوا، أو محاولةِ التّفاوضِ على إطلاقِ سراحِ الرّهائنِ، صَعَّدَتْ قيادةُ إسرائيل من سياستِها، وشوَّهَتْ سمعةَ السكّانِ الفلسطينيّينَ بالكاملِ في غزّة، ووصفَتْهم بأنَّهم “حيوانات بشريّة”، بلْ وحتّى قارنَتِ الهجماتِ بالهولوكوست. واستشهدَتْ بـ “عماليق”، وهوَ إشارةٌ من الكتابِ المقدَّسِ إلى قِصّةِ الملكِ شاول الّذي أمرَ بإبادةِ كلِّ إنسانٍ وحيوانٍ من قبيلةِ عماليق.
إسرائيل لم تفاوِضْ حقّاً من أجلِ السلامِ، بلْ كانَتْ تُفاوضُ من أجلِ الأمنِ والهيمنةِ. سامي عوض
وكانَتِ الهجماتُ على غزّة مدفوعةً بالانتقامِ، الّذي كانَ يحرِّكُهُ شعورُ إسرائيل بالإهانةِ. لقدْ انهارَتْ في غضونِ ساعاتٍ الأيديولوجيّةُ التأسيسيّةُ لإسرائيل، المتمثّلَةُ في أنْ تكونَ وطناً آمناً ومضموناً للشعبِ اليهوديّ الّذي واجهَ قروناً من الاضطهادِ. لقدْ تبيَّنَ أنَّ اعتقادَ إسرائيل بأنَّ بناءَ الجيشِ الأقوى والأكثرَ تقدُّماً من النّاحيةِ التكنولوجيّةِ في المنطقةِ والسّيطرةِ على “الآخر” كوسيلةٍ لضمانِ الأمنِ ليسَ سوى واجهة.
نعم، قدْ تقولون: ماذا عن الماضي؟ ألمْ تكُنْ هناكَ عمليّةُ سلامٍ فشلَتْ أيضاً، ولم يكُنْ هناكَ خيارٌ آخر؟، عندما ننظرُ إلى الوراءِ، إلى عمليّةِ السّلامِ الّتي بدأتْ في تسعينيّاتِ القرنِ العشرين، واستمرَّتْ بالفشل، نرى أنَّ إسرائيلَ لم تكُنْ تفاوضُ حقّاً من أجلِ السّلامِ، بلْ كانَتْ تفاوضُ من أجلِ الأمنِ والهيمنةِ، من موقعِ الهيمنةِ. وكانَ كلُّ شيءٍ “مُعطى” للفلسطينيّين في تلكَ المفاوضاتِ، _حتّى إنشاءِ السّلطةِ الفلسطينيّة_، يهدفُ إلى الحفاظِ على تفوّقِ إسرائيل باسمِ تلبيةِ احتياجاتها الأمنيّةِ ظاهريّاً. واستمرَّتْ مصادرةُ الأراضي الفلسطينيّة لبناءِ المستوطناتِ غيرِ القانونيّةِ، وأصبحَتِ القيودُ المفروضةُ على حركةِ الفلسطينيّينَ أكثَر شدّةً، ناهيكَ عن الجدارِ العازلِ الّذي زعموا أنَّهم بنوه لأسبابٍ أمنيّةٍ، لكنَّهُ أصبحَ هيكلاً دائماً للانقسامِ والسّيطرةِ. وتقلَّصَتْ مسائلُ التحريرِ والحريّةِ والمساواةِ في الحقوقِ والعدالةِ والثّقةِ المتبادلةِ إلى مجرّدِ إيماءاتٍ رمزيّةٍ. إنَّ السّلامَ الحقيقيَّ لم يكُنْ الهدفَ أبداً.
إنّني لا أتحدَّثُ من موقعِ الحكمِ، بلْ مِنْ منطلقِ الرّغبةِ في فهمِ ما حدثَ، حتّى نتمكَّنَ من المُضيّ قدماً. وأتحدَّثُ بصفتي ناشِطاً كَرَّسَ حياتَهُ للسعيّ إلى تحقيقِ العدالةِ والسّلامِ لجميعِ النّاسِ في هذهِ الأرضِ. إنّي أتحدَّثُ كمُتألِّمٍ رأى كيفَ فشلْنا جميعاً في تحقيقِ هذهِ الأهدافِ، وسمحْنا لأحداثٍ مثلَ السابع من أكتوبر/تشرين الأول بالحدوثِ، وشهِدْنا الموتَ والدّمارَ المستمرَّ في غزّة والضفّةِ الغربيّة. إنني أتحدَّثُ بصفتي شخصاً زارَ معسكراتِ الموتِ في أوشفيتز وبيركيناو، وتعلَّمتُ وعرفتُ بعمقٍ معنى الإبادةِ الجماعيّةِ الّتي حدثَتْ في أوروبا وكيفَ خلقَتْ وعياً جماعيّاً بالخوفِ والصدمةِ بين اليهودِ، بناءً على قرونٍ سابقةٍ من التهميشِ والتمييزِ.
بصفتي ناشطاً سلمياً، فقدْ فهمْتُ منذُ فترةٍ طويلةٍ أنَّهُ في نظامِ الهيمنةِ المطلقةِ، فإنَّ الاستجابةَ لأيّ مقاومةٍ _وخاصّةً اللّاعنف_ هي القمع. وهذا ما شهدْناهُ خلالَ سنواتٍ عديدةٍ من مشاركتِنا في الأعمالِ اللّاعنفيّة. لقد شهدْنا جميعاً مسيرةَ العودةِ في غزّة عام 2018 حيثُ قُتِلَ المئاتُ من الفلسطينيّين وجُرِحَ الآلافُ في عملٍ سلميٍّ يطالبُ بحقِّ اللّاجئينَ في العودةِ إلى ديارِهم كما حددتْهُ الأممُ المتّحدةُ. إنَّ اللّاعنفَ يفضحُ أنظمةَ القمعِ وبالتّالي فهوَ يُشكِّلُ خطراً على هذهِ الأنظمةِ. لا أستطيعُ أن أحصي عددَ المرّاتِ الّتي جاءني فيها إسرائيليونَ أو أجانبَ يسألونني لماذا لا يستخدمُ الفلسطينيّونَ اللّاعنف؟ كنتُ دائماً أطلبُ منهم تعريفَ ما يقصدونَهُ باللّاعنفِ قبلَ أنْ أعطيَهم إجابتي. ونعم، كانَ الفرقُ صارخاً.
ضاعفَ الجيشُ الإسرائيليّ من قمعِ المقاومةِ اللّاعنفيّة. وتمَّ اعتقالُ العديدِ من النّاشطينَ الفلسطينيينَ اللّاعنفيينَ في الضفّةِ الغربيّةِ في وقتٍ مُبكّرٍ من أكتوبر ونوفمبر 2023.
في حينِ أنَّ الوضعَ في غزّة الآنَ هو محاولةُ البقاءِ على قيدِ الحياةِ في خضمِّ القصفِ والهجماتِ المستمرّةِ، فإنَّ وضعَ المقاومةِ اللّاعنفيّةِ في الضفّةِ الغربيّةِ على وجهِ الخصوصِ، أصبحَ أكثرَ خطورةً وفتكاً من أيّ وقتٍ مضى. بدافعِ الانتقامِ، والتجريدِ مِنَ الإنسانيّةِ والهيمنةِ، ضاعفَ الجيشُ الإسرائيليُّ من قمعِ المقاومةِ اللّاعنفيّةِ، حيثُ تمَّ اعتقالُ العديدِ من النّاشطينَ الفلسطينيّينَ اللّاعنفيّين في الضفّةِ الغربيّةِ في وقتٍ مُبكّرٍ من أكتوبر ونوفمبر 2023، منهم عهد التّميمي ووالدُها باسم، زعيمُ حركةِ اللّاعنف في فلسطين، الّذي أُطلِقَ سراحَهُ في يونيو 2024، بعدَ تعرّضِهِ للتّعذيبِ. يتمُّ استقبال أيّ عملٍ لاعنفيّ بعنفٍ غيرِ مسبوقٍ مِن قبلِ الجيشِ الإسرائيليّ، أو المستوطنين، الّذينَ تمَّ منحَهم المزيدَ مِنَ الأسلحةِ وحريّةً أكبرَ للانخراطِ في العنفِ ضدَّ الفلسطينيّينَ. كما تمَّ استهدافُ نشطاءَ التّضامنِ الدوليّ، حيثُ أُصيبَتِ النّاشطةُ التركيّةُ الأمريكيّةُ آيسنور إزجي إيجي برصاصةٍ في رأسِها مِن قِبَلِ قنّاصٍ إسرائيليّ الشهر الماضي.
على مدارِ العامِ الماضي، شعرْتُ باليأسِ في كثيرٍ من الأحيانِ، وسألْتُ مراراً وتكراراً “ماذا يمكنُنا أنْ نفعلَ؟”. إنَّ هذا السؤالَ يجولُ في ذهني وفي محادثاتي مع ناشطينَ فلسطينيّينَ وإسرائيليينَ آخرين. وحتّى على المستوى الدوليّ، ورغمَ الاحتجاجاتِ العالميّةِ والاعتصاماتِ والمظاهراتِ الّتي دعَتْ إلى وقفِ إطلاقِ النّارِ _على الأقل_ لوقفِ قتلِ الفلسطينيّينَ الأبرياء، فإنَّ زعماءَ العالمِ، وخاصّةً في الغربِ، لم يردّوا إلّا بتصريحاتٍ مفادُها أنَّ “لإسرائيل الحقَّ في الدفاعِ عن نفسِها”. ويعني هذا أنَّ إسرائيل محقّةٌ في استخدامِ العنفِ دائماً، وهمْ يؤيّدونَ ذلكَ وبالتّالي لن يُغيّروا سياستَهم. وقدْ تمَّ رفضُ العديدِ مِنَ الاحتجاجاتِ العالميّةِ اللّاعنفيّةِ باعتبارِها معاديةً لإسرائيل، أو معاديةً للساميّةِ، بلْ وحتّى قوبِلَتْ بالعنفِ مِنْ جانبِ قوّاتِ الشرطةِ الإسرائيليّةِ.
إنَّ الشعورَ باليأسِ أمرٌ طبيعيّ، ولكنَّ الاستسلامَ ليسَ خياراً. إنَّ التزامَنا باللّاعنفِ لابُدَّ وأنْ يكونَ أقوى مِن أيِّ وقتٍ مضى.
إنَّ الشعورَ باليأسِ أمرٌ طبيعيٌّ، ولكنَّ الاستسلامَ ليسَ خياراً. إنَّ التزامَنا باللّاعنفِ لابُدَّ وأنْ يكونَ أقوى من أيِّ وقتٍ مضى، ولن نتمكَّنَ مِن بناءِ مستقبلٍ أفضلٍ مِن خلالِ قتلِ بعضنا البعض، أو السيطرةِ على بعضِنا البعضِ، والمقاومةُ اللّاعنفيّةُ هي السّبيلُ إلى المضيّ قدمُاً. وقدْ أصبحَ هذا أكثرَ وضوحاً بالنّسبةِ لي مؤخّراً، عندما طُلبَ منّي تقديمَ تدريبٍ في المقاومةِ اللّاعنفيّةِ لمجموعةٍ مؤلّفةٍ من 25 شخصاً همْ مِنَ القادةِ الفلسطينيّينَ الشباب، رجالٌ ونساء في أوائلِ العشرينيّات مِنَ العمرِ. لقدْ جدّدَ انفتاحُهم على إمكاناتِ اللّاعنفِ في نفسي شعوراً بالأملِ لم أشعرْ بهِ منذُ فترة.
لم يعدْ مُمكِناً أنْ يكونَ اللّاعنفُ ردَ فعلٍ رجعيٍّ على العدوانِ، كما كانَ في كثيرٍ من الأحيانِ في الماضي _الاحتجاجُ على مصادرةِ الأراضي، أو بناءُ جزءٍ من الجدارِ العازلِ، أو هدمُ المنازلِ_، لذا يجبُ أنْ يصبحَ اللّاعنفُ حركةً واضحةً واستباقيّةً ذاتَ رؤيةٍ واستراتيجيّةٍ شاملةٍ، تعالجُ العقباتِ الحاليّةِ والمستقبليّةِ لتحقيقِ الحريّةِ والعدالةِ والسلامِ والمساواةِ على هذهِ الأرضِ. يجبُ أنْ تعالجَ أنظمةُ الهيمنةِ والسلطةِ، وليسَ فقطْ أفعالَها. لا ينبغي أن يُنظرَ إلى اللّاعنفِ باعتبارِهِ اختيارَ أولئكَ الضعفاءِ للغايةِ لاستخدامِ المقاومةِ المسلّحةِ، بلْ باعتبارِهِ اختيارَ الأقوياءِ والملتزمينَ والراغبينَ في المخاطرةِ بما هوَ مطلوبٌ من أجلِ التّحريرِ والحريّةِ.
حتّى لو كانَتِ الاحتجاجاتُ والمظاهراتُ مستحيلةً في هذا الوقتِ، فإنَّ تكتيكاتِ اللّاعنفِ وفيرةٌ. إنَّ الاستراتيجيّاتِ الأساسيّةَ المتمثلّةَ في عدمِ التّعاونِ والامتثالِ لابُدَّ وأنْ تصبحَ جزءاً أساسيّاً من المقاومةِ والمرونةِ، ليسَ فقطْ بالنّسبةِ للفلسطينيّينَ بلْ وأيضاً بالنّسبةِ للإسرائيليّينَ والمجتمعِ الدوليّ.
وبشكلٍ خاصٍّ، لابُدَّ وأنْ تنشأَ حركةٌ لاعنفيّةٌ على الجانبِ الإسرائيليّ، تتحدّى بشكلٍ مباشرٍ الإيديولوجيّاتِ الّتي تروِّجُ للخوفِ، والضحيّة، والحصريّةِ، والتفوّقِ، وتجريدِ الآخر من إنسانيّتِهِ. ولابُدَّ وأنْ نجتمعَ معاً لمعالجةِ الخوفِ والصدمةِ من خلالِ خلقِ مساحاتٍ من الثّقةِ المتبادلةِ والاحترامِ، وليسَ الانفصالُ والهيمنةُ والعسكرة. وإذا لم نعالِج الصدمةَ الجماعيّةَ لكلٍّ من الظالِمِ والمظلومِ، فلنْ نحققَ السّلامَ أبداً. إنَّ أولئكَ الّذينَ يتفاوضونَ من مكانِ الخوفِ (سواءٌ أكانَ حقيقيّاً أو متخيّلاً) سوفَ يسعونَ دائماً إلى السيطرةِ على الآخرِ. وعندما تتحدُ القوّةُ المطلقةُ مع الخوفِ المطلقِ، فإنَّ النتيجةَ هي الكارثةُ المطلقةُ، كما نحنُ اليوم.
إنَّ هذهِ الكارثةَ الّتي نعيشُها لا تؤثِّرُ فقطْ على السكّانِ الفلسطينيّينَ، الّذين يعانونَ أكثرَ مِنْ غيرِهِم، بلْ وأيضاً على السكّانِ الإسرائيليّين، الّذينَ سوفَ يدفعونَ ثمناً باهظاً في الأمدِ البعيدِ إذا استمرَّ هذا النظامُ من القوّةِ والخوفِ ــالمعروف أيضاً باسم الفاشيةــ في الهيمنةِ. وعلى الصعيدِ الدوليّ، لابُدَّ أن تنمو حركةُ المقاطعةِ وسحبِ الاستثماراتِ، وأنْ تصبحَ الحملاتُ الراميةُ إلى فرضِ العقوباتِ على أنظمةِ الفاشية قِيماً أساسيّةً. ولابُدَّ مِنْ دعمِ المرشّحينَ السياسيّينَ الّذين يفضحونَ الفاشيةَ. وهذهِ ليسَتْ قضيّةٌ بينَ المسلمينَ واليهودِ والمسيحيين، أو بينَ الشرقِ والغربِ، أو بين البيضِ والبُنيّين، كما يزعمُ بعضُ الساسةِ الغربيّين لإثارةِ الخوفِ في شعوبِهم. بلْ إنَّها قضيّةُ حقوقِ الإنسانِ والكرامةِ والعدالة.
نحتاجُ إلى زعامةٍ – وخاصّةً بين الفلسطينييّن- قادرةٍ على تحقيقِ الوحدةِ والرؤيةِ لشعبٍ منقسمٍ بسببِ نظامِ السيطرةِ الإسرائيليّ والصراعاتِ الداخليّة. سامي عوض
ولكلِّ هذا، نحتاجُ إلى زعامةٍ ــوخاصةً بينَ الفلسطينيّين- قادرةٍ على تحقيقِ الوحدةِ والرؤيةِ لشعبٍ منقسمٍ بسببِ نظامِ السيطرةِ الإسرائيليّ والصراعاتِ الداخلّيةِ. وفي حين نحتاجُ إلى التّضامنِ الدوليّ والإسرائيليّ، فإنَّ هذا لا يعني بالضرورةِ أنَّ إسرائيل قادرةٌ على إلحاقِ الضررِ بالمجتمعاتِ الّتي تعيشُ في حالةٍ من الفوضى.
إنَّ اللّاعنفَ يتطلَّبُ مستوىً عالٍ من الالتزامِ والانضباطِ، ولابدَّ وأنْ يتمَّ الانخراطُ فيهِ كاستراتيجيّةٍ طويلةِ الأمدِ، مع فهمِ أنَّ العديدَ مِنِ المعاركِ سوفَ تُربَحُ، والعديدُ مِنْها سوفَ تُخسَرُ. ولا ينبغي أنْ يُستخدمَ اللّاعنفُ لفضحِ الاحتلالِ فحسب، بلْ وأيضاً لبناءِ مجتمعاتٍ تلتزمُ بقيمِ الحياةِ اللّاعنفيّةِ. ولابُدَّ وأنْ يُشرَكَ المجتمعُ الدوليّ أيضاً في ممارسةِ الضغوطِ اللّازمةِ على جميعِ الأطرافِ للسماحِ بعمليّةِ سلامٍ جديدةٍ، لا تُحرِّكُها الهيمنةُ والخوفُ، بلْ عمليّةٌ تهدفُ إلى التحريرِ الجماعيّ والسّلامِ والعدالةِ والأمنِ للجميعِ. وفي نهايةِ المطافِ، فإنَّ أعظمَ أملٍ لديّ هوَ أنْ أصدِّقَ ما قالَهُ مارتن لوثر كينغ الابن ذاتَ يومٍ: “إنَّ قوسَ الكونِ الأخلاقيّ طويلٌ، لكنَّهُ ينحني نحوَ العدالةِ”.
******************************************
سامي عوض ناشطٌ فلسطينيّ في اللّاعنفِ ومديرٌ مشاركٌ للمركزِ الدوليّ للّاعنف. وهو مؤسسُ منظمةِ هولي لاند تراست حيثُ كانَ مديرها لمدّةِ 25 عاماً. حصلَ سامي على درجةِ الدكتوراه في اللّاهوت من معهد شيكاغو اللّاهوتي، ودرجةِ الماجستير في العلاقاتِ الدوليّةِ من الجامعةِ الأمريكيّةِ في واشنطن العاصمة، ودرجةِ البكالوريوس في العلومِ السياسيّة من جامعةِ كانساس.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.