Skip to content
Skip to content

مَن الذي يمنح الشرعيَّة للكنيسة؟

تاريخ النشر: أكتوبر 27, 2025 2:02 م
يزن ملكونيان

يزن ملكونيان

يزن ملكونيان*

تطلُّ علينا بين الحين والآخر شخصيَّاتٌ تستقوي على الكنيسة الإنجيليَّة من جهة شرعيَّتها الروحيَّة ومسألة الاعتراف بها. وتُنْعَت الكنيسة الإنجيليَّة بأنَّها بدعة مهرطقة فقط لأنَّها مخالفةٌ لبعض أنظمة الطوائف التي تنتمي إليها تلك الشخصيَّات. ومع تصاعُد وتيرة الأمور في الآونة الأخيرة، خاصة بعدما وصف أحد رجال الدين القساوسة بأنهم أدوات بيد الشيطان لتحقيق مقاصده على الأرض، ونعت زواج الإنجيليين بأنه زنى وزواج غير شرعي، ومواصلة التطاوُل على الكنيسة الإنجيليَّة، استدعى الأمر أن أتابعَ مشوار الكتابة لإيضاح بعض التجاوُزات الصادرة عن أولئك.

بصفتي مسيحيًّا ألتزم حضور اجتماعات الكنيسة الإنجيليَّة بانتظام، أجد من الواجب عليَّ أن أجيب عن تساؤل يخطرُ في بال كثيرين: مَن الذي يمنح الشرعيَّة الروحيَّة للكنيسة؟

وتكمنُ الإجابة في اتِّجاهات عدَّة؛ فهناك بُعدٌ مرتبطٌ بالشرعيَّة الروحيَّة، وبُعدٌ آخر بالشرعيَّة القانونيَّة. وفي هذا المقال سأستفيض في الإجابة عن البُعد اللاهوتيِّ للشرعيَّة الروحيَّة، ثمَّ سأتناول بإيجاز الشرعيَّة القانونيَّة. لكنْ قبل كلِّ شيء؛ وكي يكونَ حديثُنا مسيحيًّا عقلانيًّا ومنطقيًّا، من المهمِّ انطلاق الحوار من أساس مُشترك، بمعنى أن تكون هناك أداةُ قياسٍ مُتَّفقٌ عليها. والقول الفصل ليس فكرًا أرضيًّا، أو شخصيًّا أو كنسيًّا أو عقائديًّا، بل هو فكر السيِّد المسيح نفسه.

يُخبرنا البشير متَّى في الأصحاح 16 في حديث السيِّد المسيح إلى تلاميذه بالآتي:

13 وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى نَوَاحي قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ قِائِلًا: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟»  14 فَقَالُوا: «قَوْمٌ: يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ، وَآخَرُونَ: إِيلِيَّا، وَآخَرُونَ: إِرْمِيَا أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاء».  15 قَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟»  16 فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!».  17 فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.  18 وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا.  19 وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاوَاتِ».  20 حِينَئِذٍ أَوْصَى تَلامِيذهُ أَنْ لا يَقُولُوا لأَحَدٍ إِنَّهُ يَسُوعُ الْمَسِيح.

هناك أبعاد عدَّة لهذا النصِّ المقدَّس والذي يوضحُ لنا، على لسان السيِّد المسيح، هُوِيَّة مؤسِّس الكنيسة والذي يمنحها الشرعيَّة الروحيَّة. وهذه الأبعاد على النحو التالي:

الأوَّل، إعلان الآب السماويّ، والثاني طبيعة هذا الإعلان ومحتواه، والثالث نتيجةُ هذا الإعلان. وهذه النقاط الثلاث كفيلة بإيضاح آليَّة مَنْح الشرعيَّة الروحيَّة لأيَّة كنيسة.

أوَّلًا، عندما سأل السيِّد المسيح تلاميذه عمَّن يظنُّ الناس فيه، كانت إجابة التلاميذ: يوحنَّا المعمدان أو إيليَّا أو إرميا. لكنْ ما كان لأيِّ إنسان أن يُدركَ طبيعة السيِّد المسيح لولا إعلانُ الآب السماويِّ عن طبيعة ابنه. وأهمُّ ما جاءَ في هذا الإعلان أنَّه لم يكنْ باكتشافِ أحدِ التلاميذ، ولا بسبب فطنة بطرس الرسول، بل بإعلانٍ من الآب السماوي. وهذا ما أكَّده القدِّيس جيروم، أحد آباء الكنيسة عندما قال: “ما لم يستطع اللحم والدم أن يعلنه، تعلنُه نعمة الروح القدس”. لذلك فمنبع الشرعيَّة هو الآب السماويُّ الذي يعلن الحقَّ في قلوب شعبه.

ثانيًا، من جهة طبيعة هذا الإعلان ومحتواه، فتؤكِّد كلمة الله أنَّه لا يمكن أن تحسبَ أيَّة كنيسة نفسها كنيسةً ما لم تعترف بطبيعة المسيح: “أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيّ”. وقد كُشفَ هذا الإعلان لبطرسَ، ولم يَكتشفه بنفسه. لذلك تفقدُ أيَّة كنيسةٍ شرعيَّتها إذا أنكرَتْ لاهوت المسيح وطبيعته. وغالبًا ما يكون الإنكار في صورةِ انتقاصِ طبيعة المسيح، مثل مساواته بأيٍّ من البشر، للحصول على منافعَ دنيويَّة. وتكسِبُ الكنيسة شرعيَّتها متى امتلكت هذا الإعلان في قلوب شعبها وعلى ألسنتهم.

ثالثًا، وهو الأهمّ، هو كلام السيِّد المسيح نفسه إذ قال: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. وهكذا أُسِّست الكنيسة وتأيَّدتْ بقوَّة الروح القدس في يوم الخمسين.  من المهمِّ التشديد هنا على أنَّ الكنيسة لم تُبنَ على شخصِ بطرس، بل على إيمانه واعترافه بطبيعة المسيح، ويأتي هذا التأكيد على لسان القدِّيس أمبروسيوس، أحد آباء الكنيسة، والذي قال: “صخرتك هي الإيمان الذي هو أساس الكنيسة، فإنْ كنتَ صخرةً تكون كنيسة، وإن كنتَ في الكنيسة، فأبواب الجحيم لن تقدرَ عليك”. وفي الإطار نفسه، شدَّد القدِّيس يوحنَّا ذهبيُّ الفم على أنَّ الكنيسة بُنيت على اعتراف بطرس بطبيعة المسيح حيث قال: “إنَّه على هذا الإيمان وعلى هذا الاعتراف أبني كنيستي”.

بكلماتٍ أُخرى، يُلاحَظ أنَّ السيِّد المسيح- صاحب الشرعيَّة الأعلى والمانح الوحيد للشرعيَّة الروحيَّة- أعطى الشرعيَّة للكنيسة عندما تُبنى على الاعتراف بطبيعة المسيح المعلَنة من الآب السماويّ. وعلى هذا الأساس بُنيت الكنيسة، واكتسبَتْ شرعيَّتها من السيِّد المسيح.

وهنا يقول معترِضٌ إنَّ المسيحَ استأمنَ الرسل على مفاتيح الملكوت، فما يربطونه على الأرض يكون مربوطًا بالسماء، وما يحلُّونه على الأرض يكون محلولًا في السماء. وهذا دليلٌ على أنَّ للرُّسل أحقيَّة مَنْح الشرعيَّة من عدمها لأيِّ جسمٍ يدَّعي أنَّه كنيسة.

وقبل الردِّ على هذا الادِّعاء، من المهمِّ أوَّلًا إدراك السياق الذي تحدَّث فيه السيِّد المسيح. بدأ المسيح يُعلن عن جسمٍ جديدٍ سيَضمُّ الشعب الحقيقيَّ لله، وهو الكنيسة في الأصحاحات 16-18 من بشارة متَّى، واستشعرَ المسيحُ الخطرَ الذي سيُهدِّد الكنيسة، أي الخطيَّة. لذلك منح التلاميذَ السلطان. والسؤال هنا: ما السلطانُ الذي أعطاه الربُّ للتلاميذ في الأصحاح 16، ومن ثَمَّ للكنيسة في الأصحاح 18؟ نقرأ عن هذا السلطان في ضَوء ما ورد في إنجيل يوحنَّا 20: 23 “مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ”. بمعنى أنَّ هذا السلطان أُعطِيَ للتَّلاميذ في غفران خطايا الناس أو إمساكها. وحتَّى لا يُفهم أنَّ السلطان أُعطيَ للتَّلاميذ منفردين، بل مجتمعين، تبيَّن لاحقًا في الأصحاح 18 أنَّ الربَّ أعطى هذا السلطان للكنيسة مجتمعةً في الآيات متَّى 18: 15-17.  ومن ثَمَّ مُنحت الكنيسة الحقَّ بأن تُعلن غفران السماء للتائب، ودينونة السماء جرَّاء عدم توبة الخاطئ. وحين تقول الكنيسة إنَّ الإنسان غير التائب مربوطٌ في خطيَّته فكأنَّها تُعلن دينونته. وعندما تعلن أنَّ شخصًا ما تائبٌ، فكأنَّه حُلَّ من خطيَّته. وهذا ما قاله القدِّيس جيروم، أحد آباء الكنيسة، ليؤكِّد أنَّ السُّلطان الممنوحَ مرتبطٌ بالغفران، وليس بالشرعيَّة الروحيَّة حينما قال: “الأساقفة والكهنة الذين لا يفهمون هذا الأمر (فيحكمون بلا تمييز) يأخذون لأنفسهم نوعًا من كبرياء الفرِّيسيِّين حتَّى يظنُّون أنَّهم يقدرون أن يدينوا الأبرياء ويغفروا للمجرمين. لكنَّ الله لا ينظر إلى حكم الكهنة، بل إلى حياة الأشخاص المدانين”. بمعنى أنَّ آباء الكنيسة فهموا أنَّ السلطان الممنوح للكنيسة هو سلطانٌ أُعطي لها لتحافظَ على عفَّتها وطهارتها وقداستها من الخطيَّة، وليس لتعزيز هَوَس السلطة لدى بعض قادتها.

ولتأكيد فكرة أنَّ الشرعيَّة لا تُمنح بواسطة التلاميذ، لم تنتشر البشارة والكنائس في العالم فقط بواسطة الرسل، بل إنَّ الربَّ يسوع ظهر لتلاميذ كثيرين وأعلن لهم عن ذاته. مثلًا، كان بولس الرسول- الذي كان يُدعى شاول- مضطهدًا للكنيسة، لكنْ سُرَّ الله أن يعلنَ نفسه له، فصار شاول أعظمَ مُرسلٍ في المسيحيَّة. فبعد أن ظهر له السيِّد المسيح في طريق دمشق عندما كان متَّجهًا لاضطهاد المؤمنين، قال له: “أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدهُ”، فشعرَ شاولَ بتأنيب الضمير، وأسرَ الربُّ قلبه، واستجاب لدعوة يسوع المسيح. وهكذا آمن في ذلك اليوم أحد أهمِّ رُسل العهد الجديد. وقبل أن يتَّجه في إرساليَّته، لازمَ التلاميذَ كي يتيقَّنوا من مدى دقَّة محتوى إيمانه. وقدَّم لنا آنذاك رُسل المسيح مثالًا يُحتذى، فلم يتملَّكهم هَوَس السُّلطة للسيطرة على بولس والتحكُّم فيه، بل كان مقياسهم الأساسيُّ هو مدى مُطابقة تعاليم بولس وفكره مع تعاليم المسيح وفكره؛ فالمعيار هو تعاليم المسيح، وليس قناعات الرسل. وحالما تيقَّنوا من محتوى إيمان بولس، فعلوا له أمرَين: أوَّلًا، عندما شعروا بتهديدٍ على حياته باركوه وأرسلوه ولم يضهدوه؛ وثانيًا، لم يكن دافعهم الأكبر السيطرة عليه إداريًّا، بل أطلقوه ليكونَ رسولَ كلِّ الأمم (أعمال الرسل 9). وفي الوقت نفسه، قدَّمَ بولس نظامًا مختلفًا في الخدمة عن أنموذج رسل المسيح في أورشليم. لكنْ لأنَّ محتوى الإيمان مطابقٌ لتعاليم المسيح، باركوه وأرسلوه ولم يرغبوا في السيطرة عليه.

مُلخَّص القول: مَن يُشكِّك في شرعيَّة الكنيسة الإنجيليَّة اليوم يقف أمام عائقٍ لاهوتيٍّ جاثم أمامه. فإنْ كانت الكنيسة تجتمع دوريًّا، وتعترف بطبيعة المسيح، وتمارس الفرائض الربَّانيَّة “المعمودية والعشاء الربَّانيّ” (أعمال الرسل 2: 42)، وتُقدِّم تعليم الكتاب المقدَّس بصورةٍ صحيحة لرعيَّتها، وإيمانها مُطابق لتعاليم الكتاب المقدَّس والمسلَّم مرَّةً للقدِّيسين (يهوذا 1: 3) – فإنَّها تنالُ شرعيَّتها من المسيح وتعاليمه، وليس من أيَّة قياداتٍ دينيَّةٍ أرضيَّة. كما أنَّ ثمرَ تعليمها ينعكسُ في حياة تلاميذها. هذه هي الكنيسة الحقيقيَّة والتي تنال شرعيَّتها من الثالوث الأقدس بنفسه.

ويعني هذا عدم أحقِّيَّة أيَّة طائفةٍ أن تقرِّرَ شرعيَّةَ طائفةٍ أُخرى؛ لأنَّ كلَّ طائفةٍ هي المسؤولة روحيًّا عن إيمان الكنائس التابعة لها ومعتقداتها، وليس لأيَّة طائفةٍ أُخرى الحقُّ في ذلك. ولو مُنِحَتْ أيَّة طائفة صلاحيَّة تقرير شرعيَّة الطوائف الأُخرى، لأدَّى ذلك غالبًا إلى أزمةٍ طائفيَّةٍ غير مسبوقةٍ في الأردنّ.

ونأتي الآن إلى الجانب الآخر من الشرعيَّة، وهو الشرعيَّة القانونيَّة. ونجد أنَّ الكتاب المقدَّس يُقدِّم بوضوح علاقة المواطن المسيحيِّ والمؤسَّسات المسيحيَّة بالدولة. وسبق أن كتبتُ باستفاضةٍ عن العلاقة السليمة ما بين المؤمن بالمسيح والدولة. وأعود وأكرِّر أنَّ رسالة الإنجيل تؤكِّد أنَّ مسؤوليَّة رجال الدِّين هي الخضوع للدَّولة وليس أخذ المناصب السياسية في الدَّولة. لذلك عندما تُؤسَّس كنائسُ في أيِّ وطن، فإنَّ الشرعيَّة القانونيَّة لممارسة حقِّ العبادة والاجتماع دوريًّا، وإجراء مراسيم الزواج والجنائز وكافَّة الأمور القانونية، تُمنح من الدولة، لا سيَّما إذا كانت دولةً ذات دستورٍ ديمقراطي يحترم التعدُّديَّة، ولها سيادة على قراراتها فيما يتعلَّق بشؤونها الداخليَّة ومواطنيها.

من هنا، فإنَّ لأيِّ تشكيكٍ في شرعيَّة الكنيسة الإنجيليَّة الأردنيَّة، ممثَّلة بطوائفها الخمس، هو محاولة لسلب حقٍّ للمسيح؛ إذ إنَّه المانح الوحيد للشرعيَّة الروحيَّة للكنيسة، وهو أيضًا محاولة للانتقاص من سيادة الدولة التي منحت الشرعية للكنائس الإنجيليَّة المسجَّلة في وزاراتها، والموافَق على أنظمتها الداخليَّة من الأجهزة المعنيَّة في ممارسة حقوقها في العبادة، وعقد مراسيم الزواج والجنائز وغيرها. هذا فضلًا عن أنَّ للكنيسة الإنجيليَّة الأردنيَّة إيمانٌ مشتركٌ مع ما يقارب 650 مليون إنجيليٍّ حول العالم، والتشكيك في هُوِيَّتها المسيحيَّة والإيمانيَّة يضعُ المشكِّكين في مأزق عسير.

حمى الله الأردن، وحمى قيادته الهاشميَّة التي حمت الدستور منذ إطلاقه حتَّى يومنا هذا، لنكونَ دولةً ديمقراطيَّةً تُقدِّم أنموذجًا في كيفيَّة مَنْح كلِّ ذي حقٍّ حقَّه. ونحن إذ نقفُ اليوم على أعتاب المئويَّة الثانية لتأسيس دولتنا الغالية، نجدِّد العهد بالولاء والانتماء، وننبذ كلَّ صوتٍ نشازٍ يُشكِّك في هُوِيَّتنا الوطنيَّة؛ فنحن جُبلنا من تراب هذا الوطن، وسنعود يومًا ما لنكونَ ترابَ هذا الوطن.

  • مواطن اردني وخادم في الكنيسة المعمدانية- الرابية

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment