السابق “ملح الأرض” يطلق مسابقة ” أجمل زينة بيض”
رابط المقال: https://milhilard.org/xyjz
تاريخ النشر: أبريل 17, 2022 1:46 م
رابط المقال: https://milhilard.org/xyjz
بقلم: بطرس منصور
تتميز الأعياد بأنها ذكرى لأحداث دراما نعيدها كل عام لكي تنطبع في الوجدان وتقرّبنا من الله. فالميلاد يحكي قصة ولادة طفل من عذراء في بلد غريب وظهور ملائكي دراماتيكي لافت لرعاة يبشرون بمولده. إضافة لمسيرة دراماتيكية لمجوس من المشرق حتى وصلوا لبيت لحم بعد تعريج على أورشليم. أما الفصح فلا يقلّ قصصًا دراماتيكية تصل ذروتها الأولى في صلب المسيح وذروة ثانية عند قيامته. ويتم إعادة هذه الأحداث بشكل درامي- وإن كان رمزيًا- في احتفالات الكنائس. فتسير المسيرات الضخمة في أحد الشعانين التي يحمل الأولاد فيها سعف النخيل والشموع والورود. أما في خميس الأسرار فتقوم بعض الكنائس بإجراء غسيل فعلي للقدمين، مثلما فعل يسوع نفسه مع تلاميذه. أما في الجمعة العظيمة فتقوم بعض الكنائس بتمثيل جناز المسيح فيطوفون أرجاء الكنائس أو الساحات وقد حملوا “نعش” تمثيلي ليسوع. ومثله في سبت النور وفيضه في كنيسة القيامة ونقل النور للمدن والقرى المختلفة. ومثله أيضا “الهجمة” في صباح أحد القيامة إذ يقرع أحدهم باب الكنيسة فيفتح آخر له الباب بعد الاستفسار عن هويته والتأكد أنه ملك المجد.
بعض الكنائس تتحفظ من هذه الدراما لا تقوم بتمثيلها فتفتقد للأحاسيس الجياشة التي ترافقها. لذا تسعى هذه الكنائس التعويض عن ذلك بأن تثير الأحاسيس عند المصلّين بالترانيم الشجية وأحيانا بلقطات فيديو لأفلام موت المسيح أو بالعظات المؤثرة. بالمجمل- يبدو أن كل الكنائس تبحث عن الدراما وتحاول إثارة عواطف المصلين وهؤلاء يتفاعلون بدرجات متفاوتة. هل أصبح معيار النجاح هو في من استطاع إثارة مشاعر المؤمنين أكثر؟
والمشاعر طبعا هامة للغاية في كينونة الإنسان، فمن الممكن أن تتحول لفعل وقرار عند المؤمنين. لكن الأمر طبعا لا يقتصر على إثارة عواطف، فأحيانا كثيرة تقف ترسبات أو مفاهيم أو عثرات أو خطية لا يمكن الاستغناء عنها، حائلا أمام تغيير وقبول عند الإنسان الذي تأثر من تمثيل المشهد الدرامي.
إذا تخطى المرء هذه المعوقات ، فقد يتأثر مثلا من ترنيمة “وا حبيبي” بصوت فيروز ويدرك مجدداً أن ألم المسيح كان عظيما فيقوده ذلك إلى تكريس أكبر واتساع المحبة لله. لقد عرف سابقا عن آلام المسيح، لكن سماع الترنيمة بصوت ملائكي ومرافقة موسيقية عذبة تقيم هذه المعرفة من سباتها وتحوّلها- ولو وقتيًا- إلى اقتراب من الله.
لكني أتساءل ودون أن اتعمق بعلاقة المشاعر بالعقل والإرادة، ماذا يضمن دوام هذه المشاعر المتأثرة من دراما الصليب مثلا؟
أعتقد أننا لا نستطيع تجاوز الفكر والمعرفة في الطريق من المشاعر الجياشة إلى التكريس القلبي. أن التأثر الذي يقود لرغبة بالدراسة والمعرفة هو أفضل. انه إنه يرسخ الحقائق التاريخية واللاهوتية التي ما وراء الدراما بجوهرها ومعناها الأصلي. إنه يوصل صاحبه لقناعة راسخة بالصليب والقيامة مثلا -ومن هناك تصبح الطريق للتكريس القلبي أقصر وأقل وعورة.
كل عام وانتم بخير.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.