Skip to content

مشروعية التبني كما جاءت في الكتاب المقدس

رابط المقال: https://milhilard.org/3787
عدد القراءات: 683
134995777
رابط المقال: https://milhilard.org/3787

نسرين حواتمة- خدمة سندك لرعاية الأيتام في الأردن والشرق الأوسط

التبني ليس مفهوماً جديداً في المجتمعات المسيحية، بل هو جزء من الإيمان والتعاليم المسيحية التي ترتكز على الحب والرحمة. إن مشروعية التبني ليست تطبيق لأفكار غربية أو استيراد لتعاليم أجنبية، بل هي جزء من جوهر الإيمان المسيحي وتعاليمه.

كما تبنانا الآب السماوي ونسبنا إلى نفسه هكذا وضع على عاتق الكنيسة أن تتبي، لذلك يطالب المسيحيون بفتح باب التبني، الذي له شرعيته في نصوص القوانين الكنسية، ووجد له بند خاص في كل القانون الكنسي في الطوائف المسيحية منذ زمن ولم يتم استحداثه في القريب العاجل ولكيلا يكون لبس على القارئ فيما يتعلق بالمطالبة في تشريعه فإن ما تسعى له الكنيسة اليوم في الأردن هو لإقرار القانون دستوريا ليعود بالفائدة لمصلحة الطفل الفضلى ممن حرمتهم الحياة من أن يتمتعوا بالوجود الشرعي ضمن عائلة بيولوجية.

إن موضوع التبني له أسس راسخة في تعاليم الكتاب المقدس، حيث يعلمنا السيد المسيح نفسه بأننا أولاد الله بالنعمة والتبني. كما يقول الكتاب المقدس: “وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ.” (يو 1: 12)..

أن التبني ليس مجرد عمل إنساني، بل هو مشروع إلهي يجسد الرحمة والرعاية التي يُظهرها الله تجاه أبنائه، فهو “الصَّانِعُ حَقَّ الْيَتِيمِ.” (تثنية 10: 18)، وهو “مُعِينَ الْيَتِيمِ.” (مز 10: 14).

وفي هذا السياق، فإن دور الكنيسة يكمن في تعزيز قيم التبني والرعاية، فيجب ألا ننزع آيات الكتاب المقدّس من سياقها ومعناها وجوهر الكتاب، على سبيل المثال، فيما يتعلق بالآية في مزمور 127: 3 “ُوَذَا الْبَنُونَ مِيرَاثٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ، ثَمَرَةُ الْبَطْنِ أُجْرَةٌ.”، حيث السياق هنا يشير إلى تعداد بركات الرب وليس لنزع مفهوم التبني

وإذا كانت العبرة بتعاليم الكتاب المقدس في عهديه القديم والجديد، فإننا نجد فيه أمثلة عديدة على التبني، حيث تبنى يوسف النجار السيد المسيح ورعاه وعلمه وكان أباً له، واستر الملكة تبناها ابن عمها ورعاها بحنان ومحبة وأحسن تربيتها.

فالكتاب المقدّس قدّم نموذجاّ للتبني ووصية تطبيقها لن يمس بوحدة الأسرة المسيحية التقليدية المستمدة جذورها أولاّ من موروث الدين المسيحي ومن ثم الموروث المجتمعي حيث تعلو فيه التعاليم السماوية على القوانين والعادات والتقاليد البشرية.

وبالرغم من ذلك فإن تحديات التبني لا تخلو من صعوبات، ولكن إيماننا هو الذي يدفعنا لتقديم المزيد من المحبة والرعاية لهؤلاء الأطفال الذين يحتاجون إلى دفء العائلة وحنانها. فلنعمل بحسب القدرة التي أعطانا الله، ولنكن أصحاب عطاء ورحمة.

أما فيما يتعلق بمن ينادون بالاكتفاء بالاحتضان دون التبني فإن التبني لا يمنع الاحتضان، ولكنه هو باب البركة الأوسع والأشمل للطفل الذي حرم من أن يكون له عائلة بيولوجية وهو لا يد له فيما جاء عليه.

  كما أن هناك بعض الاختلافات في المنهج والفلسفة بين التبني في المسيحية وقانون الاحتضان، لكنه لا يمنع من أن تتعاون المؤسسات – المسيحية والقانونية – في سبيل تحقيق الرعاية الشاملة لهؤلاء الأطفال وتوفير البيئة الأمثل لنموهم وتطورهم.

إن مفهوم التبني في المسيحية يعتبر الحب والمحبة والرعاية الإلهية هي العوامل الأساسية التي تدفع لاتخاذ قرار التبني، وليس العوامل العرقية أو القبلية. فالتبني يعبر عن التضامن الإنساني والمحبة الإلهية دون النظر إلى أصول الطفل، بل إلى الحاجة الإنسانية العامة.

ناهيك عما يمتاز به الطفل المتبنى من تمتع بكافة حقوق الطفل البيولوجي المولود من الأب والأم المتبنين ولا خلاف بينهما بشيء، مما يعزز من الأمان في حياته وبالتالي انعكاس هذه الصحة النفسية لبناء جيل من الشباب الناهض والمثمر.

بالنهاية يجدر الذكر في هذا المقام، أننا كمسيحيين أردنيين لنا الحق بمقتضى المادة (109) من الدستور الأردني فقرة (1). إلى أن مجالس الطوائف الدينية تطبق الأصول والأحكام المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية. وبالتالي كمسيحيين لنا حق بشؤوننا التبني.

فالتبني في المسيحية يركز على مبدأ الحب الإلهي والرعاية الإنسانية دون أي تمييز عرقي أو قبلي، وبالتالي، فإنه لا يتعارض مع حفظ الأنساب والأعراق، بل يؤكد على القيم الإنسانية العالية التي تجمع جميع أفراد المجتمع سواء بغض النظر عن الذين. ومن خلال النماذج التي وردت في الكتاب المقدس والتعاليم السماوية فيما يخص التبني في الكتاب المقدّس، يتضح أن التبني مشروعيته ليس بفكر غربي دخيل ولا تعاليم مستوردة إنما هو أصيل في صلب أيماننا المسيحي وفي قلب أبونا السماوي وفتح باب التبني هو حق مسيحي في صلب الإيمان وتعاليمه، وهو حق مسيحي يجب أن يُحترم ويُعزز.

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

Skip to content