Skip to content

مسيحيونَ فلسطينيون نازحون يحتفلون بعيدِ الميلادِ بين أطلال كفر برعم

تاريخ النشر: ديسمبر 29, 2025 1:40 م
كفربرعم افضل

داود كتاب- ملح الأرض

في يوم السبت 13 كانون الأول/ديسمبر 2025، نظّم شباب قرية كَفْرِ بَرْعَمَ الفلسطينية النازحة سوقًا لعيد الميلادِ وحفلًا لإضاءة شجرة الميلادِ فوق أنقاض قريتهم المدمّرة في شمال إِسْرائيلَ. وشهدت الفعالية مشاركة واسعة من أبناء الجيل الأول والثاني والثالث من سكان القرية، في تأكيد متجدّد على تمسّكهم بأرض الأجدادِ والتزامهم الثابت بحقِّ العودةِ.

وتجمّع مئات من أهالي القرية وأحفادهم بين بقايا المنازل الحجرية التي كانت تشكّل يومًا ما واحدة من أبرز القرى المسيحية في الجليل. وأقيم الاحتفال في الموقع الذي هدمت فيه القوات الإسرائيلية القرية عام 1953، وتخللته عروض موسيقية وفنية وقراءات شعرية وأنشطة مخصصة للأطفال. ويعد هذا أول احتفال بعيد الميلادِ في كَفْرِ بَرْعَمَ منذ عامين، بعد توقف الفعاليات بسبب الحربين في غزة ولبنان.

وعلى مدى نحو عقدين، يقود شباب كَفْرِ بَرْعَمَ جهودًا متواصلة للحفاظ على حضور حي في القرية، من خلال تنظيم مخيمات صيفية واحتفالات سنوية بعيد الميلادِ وإحياء ذكرى النَّكْبَةِ، بهدف تعزيز ارتباط الأجيال الشابة بقريتهم، وإبقاء مطلب العدالةِ والعودةِ حاضرًا في الوعي الجماعي.

وتقع قرية كَفْرِ بَرْعَمَ على بُعد نحو أربعة كيلومترات من الحدود اللبنانية، وكانت تاريخيًا القرية الفلسطينية الوحيدة ذات الغالبية المارونية المسيحية. وقد نُزح سكانها قسرًا عام 1948، خلال الأشهر الأولى من الحرب العربية–الإسرائيلية، بعد أن أمرتهم السلطات العسكرية الإسرائيلية بالمغادرة المؤقتة بذريعة «أسباب أمنية»، مع وعد بالسماح لهم بالعودة خلال أسابيع، وهو وعد لم يُنفّذ حتى اليوم.

وفي عام 1951، أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية حكمًا يعترف بحق أهالي كَفْر بَرْعَمَ في العودةِ إلى قريتهم، إلا أن الدولة امتنعت عن تنفيذ القرار. وفي 16 و17 أيلول/سبتمبر 1953، قصفت القوات الجوية الإسرائيلية القرية، ما أدى إلى تدمير جميع مبانيها باستثناء الكنيسة والمدرسة. ونفذت عملية التدمير أمام أعين السكان، الذين أُجبروا على مشاهدتها من تلة تبعد نحو كيلومترين عن القرية.

ومنذ ذلك الحين، يعيش أهالي كَفْرِ بَرْعَمَ كنازحين داخليين، حيث استقر كثير منهم في بلدات مجاورة مثل قرية الجش، فيما هاجر آخرون إلى الخارج. وعلى الرغم من كونهم مواطنين إسرائيليين، فإنهم ما زالوا محرومين من العودةِ الدائمة إلى قريتهم، ولا يُسمح لهم بدخولها إلا في مناسبات محدودة كالأعياد الدينية والفعاليات التذكارية.

واليوم، ما تزال كنيسة كَفْرِ بَرْعَمَ ومقبرتُها تشكّلان مركزًا للتجمع والصلاة وإحياء الذاكرة الجماعية. وفي كل عيد ميلادٍ، تتحول إضاءة شجرة الميلاد وسط الأنقاض إلى رمز للصمود، وإعلان بأن النزوح لم يمحُ الذاكرة ولا الهوية، ولم يُسقط المطالبة بـ العدالةِ.

وبالنسبة لأهالي كَفْرِ بَرْعَمَ، لا يقتصر عيد الميلادِ على كونه مناسبة دينية، بل يجسّد فعل مقاومة سلمية، ورسالة مفادها أن الوعد الذي قُطع لآبائهم وأجدادهم عام 1948 ما زال قائمًا، وأن حق العودةِ ليس صفحة من الماضي، بل حق حي تتناقله الأجيال الجديدة.

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment