
السابق مطران الأردن إياد طوال: لديَّ الشجاعة وأصلّي نعمة من الرّبّ أنْ أقوم بما هو للمصلحة العامّة
نصراوين: بقيتُ متمسكًا بمبادئي حتى النهاية، ولم أخسر نفسي
ملح الأرض- ليث حبش
ضمن الجوائز التي أعلنت عنها رابطة الكتّاب الأردنيين في مؤتمرها الصحفي، برزت “جائزة المناضل القومي والتقدمي القاضي مجلي نصراوين في الدراسات الفكرية القومية العربية”، التي جاءت تكريماً لمسيرته النضالية والفكرية الطويلة. وتُعد هذه الجائزة واحدة من أبرز الجوائز التي تعكس روح الالتزام القومي في فكر الرابطة، وتبلغ قيمتها ألف دينار أردني، بتمويل كريم من زوجته السيدة ألس عماري.
في مقابلة حصرية مع السيدة ألس عماري، زوجة المناضل القاضي مجلي نصراوين، لـ”ملح الأرض“، تحدثت عن أهمية هذه الجائزة، وعن زوجها الذي كان مثالاً في العزيمة والإصرار على المبادئ القومية، وكذلك عن ذكرياتها معه في مختلف محطات حياته النضالية. السيدة ألس عماري التي حازت على درجة الماجستير في الإدارة من بريطانيا، عملت سابقاً مساعد مدير في البنك المركزي الأردني، وما زالت محاضرة بارزة في مجال الإدارة والبنوك.
نشأة فكرة الجائزة
تبدأ عماري حديثها موضحةً أن فكرة إطلاق الجائزة باسم المرحوم القاضي المناضل نصراوين كانت نتاجاً لإدراك الأهمية التاريخية والثقافية والسياسية لشخصيته، حيث كان من الضروري تكريم هذا الشخص الذي ترك أثراً كبيراً في العمل الوطني والقومي. وقالت “الفكرة كانت تهدف إلى تخليد جهود الشخوص التي ساهمت في بناء الفكر العربي، وكان القاضي نصراوين من أبرز هؤلاء الشخوص”.
الرسالة من الجائزة
وأضافت ألس عماري أن الهدف الأساسي من الجائزة هو تنشيط الدراسات الفكرية والثقافية التي تسهم في نشر الوعي القومي العربي وتعزيز الروح الوطنية لدى الأجيال الجديدة، وأوضحت “نرغب من خلال هذه الجائزة إيصال رسالة واضحة للشباب، خاصة في ظل العصر الحالي الذي يشهد تحديات ثقافية واجتماعية، حيث نرى أن كثيراً من الشباب قد تغيرت توجهاتهم”.
محطات من حياة نصراوين
عادت السيدة ألس عماري لتستعرض أبرز محطات حياة زوجها، القاضي والمناضل نصراوين، والتي شكلت مرحلة فارقة في التاريخ العربي، من بداية دراسته في مدرسة الكاثوليك في سماكية، إلى انتقاله لمدرسة الكرك الثانوية عام 1947 وكان في الصف الثالث الابتدائي، ثم انخراطه في العمل السياسي منذ سن مبكرة.
انضم نصراوين إلى حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1953 وكان حينها في الرابعة عشرة من عمره، ليبدأ بذلك مرحلة من النضال السياسي الذي لم ينقطع طيلة حياته كما شارك في العديد من التظاهرات التي شهدتها المنطقة آنذاك، لدعم نضالات الشعب العربي في مصر والمغرب والجزائر والعراق، ليؤكد على التزامه بالقضايا القومية.
تجربته في السجون
تتحدث السيدة ألس لـ “ملح الأرض“عن معاناته في السجون السورية التي امتدت لمدة 22 عاماً بعد الانقلاب الذي قاده حافظ الأسد، وبقي هو ورفاقه في سجن المزة العسكري دون محاكمة أو تهمة واضحة هذا السجن الذي كان يمثل أقسى مرحلة في حياته، حيث عاش فيه حتى عام 1993، ثم خرج ليكمل مسيرته الوطنية بعد عودته إلى الأردن وقد أشار نصراوين في العديد من اللقاءات أنه كان يعيش في السجن في ظروف قاسية، لكنه تمسك بمبادئه وبفكرته القومية ولم يساوم على قناعاته.
النشاطات الوطنية بعد العودة
بعد عودته إلى الأردن، شارك نصراوين في العديد من الأنشطة الوطنية، وأصبح رئيساً لمنتدى الفكرة الاشتراكية، ثم عضوًا في جمعية الصداقة الأردنية الفنزويلية، بالإضافة إلى دوره البارز في تجمّع القُوى القومية وكان دائماً في مقدمة المدافعين عن القضية الفلسطينية وعن حقوق الشعب السوري في مواجهة التدخلات الأجنبية. كما أسس تجمع “إعلاميون ومثقفون أردنيون من أجل سوريا” لتسليط الضوء على محنة الشعب السوري.
مرضه ووفاته
أشارت السيدة ألس عماري إلى أن زوجها ظل متمسكاً بمواقفه حتى في أوقات مرضه فقد أصيب بفيروس كورونا في آخر فترة من حياته، ورغم معاناته، استمر في متابعة الأحداث والمشاركة في الأنشطة الوطنية وفي الأيام الأخيرة قبل وفاته، رفع يده ليؤكد للجميع على التزامه بمبادئه، قائلاً: “بقيت متمسكاً بمبادئي حتى النهاية“.
توفي القاضي المناضل نصراوين في 6 مارس 2023، وهو في العناية المركزة، حيث سطّر بيديه آخر لحظات من مسيرته النضالية.
تكريم الجائزة
وأخيراً، اختتمت زوجة نصراوين ألس عماري حديثها بالتأكيد على أن إطلاق الجائزة التي تحمل اسم القاضي نصراوين، وتكريم شخصيته، هو جزء من الوفاء له ولتاريخ طويل من الكفاح الذي بذله طوال حياته، مشيرة إلى أن الجائزة ستكون موعداً سنوياً لتخليد أفكار هذا الرجل الذي كان مثالاً في العزيمة والصمود.
الكتب التي تحكي سيرته
أصدر كتابه الأول بعنوان “مذكرات مجلي نصراوين: 22 سنة في السجون السورية” (2022)، والآخر أصدرته زوجته السيدة ألس عماري بعنوان “مجلي نصراوين في الفكر الوطني والقومي العربي: دراسات وأوراق” (2024)، الذي ساهمت في تحضيره ونشره وفاءً لتاريخه.
من خلال هذه التفاصيل، سيتم نقل جوانب عديدة من حياة المناضل نصراوين، ليس فقط كمحطات تاريخية، بل كدروس عملية في الوفاء والإصرار على المبادئ.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.
No comment yet, add your voice below!