
السابق المسيحيّون الفلسطينيّون في مؤتمرٍ أمريكيٍّ يدعون لإنهاء حرب غزّة وتحدّي الصهيونيّة المسيحيّة
ترجمةٌ غير رسميّة للبيان. النص الأصلي بالإنجليزي هنا
مُقدّمة
هذه الوثيقة هي إعلانٌ عامٌّ للمسيحيّين المُجتمعين في مؤتمر “الكنيسة على مفترق الطرق 2025” في غلين إلين، إلينوي. نسعى من خلالها إلى الاستجابة لدعوتين عامّتين من إخوتنا المسيحيّين في فلسطين والشّرق الأوسط: “رسالةٌ مفتوحةٌ من المسيحيّين الفلسطينيّين إلى قادة الكنائس الغربيّة وعلماء اللّاهوت” (أكتوبر 2023) و”دعوةٌ جماعيّةٌ إلى الكنيسة العالميّة من قادةٍ إنجيليّين في الشّرق الأوسط” (أغسطس 2024).
“كونوا سريعين في الاستماع، بطيئين في الكلام”. (يعقوب ١:١٩)
يُخبرنا إخوتنا المسيحيّون الفلسطينيّون أنَّهم مُدمَّرون بسبب العنف الشّديد الّذي مارسه الجيش الإسرائيليّ والمستوطنون الإسرائيليّون على شعبهم منذ هجوم حماس الظّالم في ٧ أكتوبر ٢٠٢٣. لقد قتل الجيش الإسرائيليّ أو شوَّه عشرات الآلاف من الأطفال والأبرياء؛ وسوّى مدنًا بأكملها بالأرض؛ ودمَّر مُستشفيات ومدارس وأماكن عبادة؛ وشرَّد ملايين النّاس؛ وحرم السُّكّان من الطّعام والماء.
يشعر إخوتنا بحزنٍ عميقٍ إزاء دعم المسيحيّين الغربيّين غير النّقدي لإسرائيل، وصمتهم تجاه معاناة الفلسطينيّين المُستمرّة. ويُعربون عن قلقهم من تجاهلنا لجذور هذه الحرب في الاحتلال العسكريّ الإسرائيليّ للأراضي الفلسطينيّة والتّطهير العرقيّ الّذي بدأ عام ١٩٤٨.
ويُعلنون التزامهم الرّاسخ بنهج يسوع في اللّاعنف. كما يقولون إنَّنا تبنّينا لاهوتًا آخر يُبرِّر العنف ويُعلّي من كرامة البعض على الآخرين. إنَّهم يشعرون بقلقٍ بالغٍ عندما تُستخدم أفكارٌ من التّاريخ التوراتيّ، مثل “الأرض الموعودة” و”الشّعب المُختار”، لتبرير إيذاء الفلسطينيّين.
يأسف إخوتنا لأنَّ ردّ فعلنا على هذه الحرب يُضعف شهادتنا لإنجيل يسوع، ويُمسُّ بوحدة جسده. ويُطالبون بوقفٍ فوريٍّ لإطلاق النّار، وإعادة جميع الأسرى الإسرائيليّين والفلسطينيّين، ودخول المساعدات إلى غزّة دون عوائق، ومحاسبة إسرائيل على أفعالها الظّالمة.
“نحزن مع الباكين” (رومية ١٢: ١٥)
نشعر بحزنٍ عميقٍ إزاء المعاناة الشّديدة الّتي يعيشها جيرانُنا الفلسطينيّون، لنفس السَّبب الّذي نشعر به بحزنٍ عميقٍ إزاء المُعاناة الشّديدة الّتي يعيشها جيرانُنا الإسرائيليّون الّذين قُتلوا أو اختُطفوا أو فُجعوا في ٧ أكتوبر: كلٌّ منهم خُلِق على صورة الله الثّمينة.
تُسفر الحرب في غزّة عن خسائر فادحةٍ في الأرواح، بما في ذلك عشرات الآلاف من الأطفال والأبرياء. لقد دُمِّرَتْ مُعظم البنية التحتيّة المدنيّة في غزّة، بما في ذلك جميع المُستشفيات والمدارس والطُّرق تقريبًا. هُجّر حوالي مليوني من جيراننا الفلسطينيّين من منازلهم وتعرَّضوا لجوعٍ حادّ. مات الكثيرون منهم جوعًا بالفعل. قُتل إخوتنا في الكنائس الّتي لجأوا إليها.
كلُّ واحدٍ من جيراننا الفلسطينيّين هو حامل صورة الله، ذو قيمةٍ ثمينةٍ (تكوين ١: ٢٧؛ متّى ٢٢: ٣٧-٤٠؛ رومية ١٣: ٩-١٠). إنّنا نشعر بالأسى لمعاناتهم الّتي لا تُوصف. إنَّنا نشعر بالأسى لتجاهل العديد من إخواننا المسيحيّين لمعاناتهم. إنّنا نشعر بالأسى لأنَّ حكومة الولايات المُتّحدة تموِّل هذه الحرب. إنّنا نشعر بالأسى لأنَّ الكثيرين منّا قد استشهدوا باسم الله، وآياتٍ من الكتاب المُقدّس، وحُججٍ لاهوتيّةٍ لتبرير وحشيّة إسرائيل. إنَّ دماء إخوتنا الفلسطينيّين تصرخ من الأرض كدماء هابيل (تكوين ٤: ١٠). على جميع أتباع المسيح أن يحزنوا على هذا الشرِّ الأخلاقيّ الخطير.
“إن اعترفنا بخطايانا، فالله أمينٌ وعادلٌ، يغفر لنا خطايانا ويطهِّرنا من كلِّ إثم.” (1 يوحنا 1: 9)
نعترف بأنَّ الكثيرين منّا استخدموا الكتاب المُقدّس بطرقٍ تُبرِّرُ القمع والتّطهير العرقيّ والإبادة الجماعيّة وغيرها من أشكال العُنف، مُتجاهلين تعاليم يسوع.
لقد برَّرنا الأقوياء وتخلَّينا عن دعوة المسيح للضُّعفاء. حوّلنا الكتاب المُقدّس إلى أداةٍ للقمع بدلًا من التَّحرير (متّى 18: 8؛ 22: 37-40؛ لوقا 4: 18-30).
لقد أصبحنا كنيسةً تُشيد بمشروعٍ سياسيّ، مُتجاهلةً أولئك الّذين حملوا أوّلًا التّقاليد المُقدّسة للمسيحيّة. نعترف بتقصيرنا في التَّكلُّم والعمل من أجل كرامة إخوتنا الفلسطينيّين. لقد تجاهلنا شهادتهم، وشوَّهنا تاريخهم، وأعطينا الأولويّة للأحجار القديمة على الأرواح المدفونة تحتها. اتّبعنا دروب روما بدلًا من درب الصَّليب. ندّعي اتّباع يسوع، لكنَّنا نتغاضى عن جسده المجروح أمامنا مباشرةً (لوقا 9: 23؛ متّى 25: 31-46). نتوب عن صمتنا، ولاهوتنا المؤذي، وتقصيرنا في تجسيد المسيح. نُقرّ بأنَّ التّوبة الحقيقيّة تتطلَّب تحوُّلَنا (يعقوب 1: 22).
يا رب، بكِّتنا وغيّرنا.
4. نحن مُدانون
“سمعتم أنّه قيل: أحبب قريبك وأبغض عدوك. أما أنا فأقول لكم: أحبوا أعداءكم… لتكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات.” (متى ٥: ٤٣-٤٥)
يدعونا إله الخليقة إلى إدراك صورة الله المُقدّسة في البشريّة جمعاء، بغضِّ النَّظر عن العِرق أو الدّين أو الجنسيّة (تكوين ١: ٢٦-٣١؛ ٩: ٦؛ أعمال الرسل ١٠: ٢٨؛ غلاطية ٣: ٢٨؛ كولوسي ٣: ١١). كأتباعٍ ليسوع، نتعهَّد بتبنّي أخلاقيّات محبّة القريب تجاه جميع النّاس، بمن فيهم مَن يُوصفون بـ”الأعداء”. نحن مُلزمون بإعادة توجيه إيماننا بعيدًا عن ثنائيّات “نحن” و”هم” المُتمثِّلة في السّياسة والكراهيّة، وإعادة تركيز إيماننا على دعوة المسيح إلى الرّحمة، والعدل للمظلومين، ومحبّة البشريّة جمعاء (متّى ٢٢: ٣٧-٤٠؛ ٢٣: ٢٣؛ ٢٥: ٣١-٤٦).
وبهذه الرّوح، نرفض رفضًا قاطعًا الكراهيّة ضدَّ المُسلمين، ومعاداة السّاميّة، والتعصُّب ضدَّ الفلسطينيّين، وكلّ أيديولوجيّة تمزج الإيمان بالعنف القوميّ (خروج ٢٠: ٧؛ فيلبي ٣: ٢٠؛ غلاطية ٣: ٢٨). يا ربّ، اجعل قناعاتنا تدفعنا نحو عملٍ مُتجذِّرٍ في المحبّة الرّاسخة.
٥. نحن ملتزمون بالعمل
“طوبى لصانعي السّلام، لأنَّهم أبناء الله يُدعون.” (متى ٥: ٩)
كأتباعٍ ليسوع، نؤمن أنَّ الله يدعونا ليس فقط للحزن على الظُّلم، بل لمواجهته أيضًا. بعد أنْ استمعنا إلى صرخات أخواتنا وإخواننا الفلسطينيّين المُلحّة، نُجدِّد التزامنا باتّباع يسوع الّذي يقترب من المُتألّمين (لوقا ٤: ١٨)، ويدعونا لمحبّة أعدائنا (متى ٥: ٤٤)، ويبارك صانعي السّلام (متى ٥: ٩).
نلتزم بما يلي:
هذه الالتزامات تُجسّد التّوبة عملًا من أجل شهادتنا لإنجيل السّلام.
دعوة
“لا تكتفوا بسماع الكلمة فتخدعوا أنفسكم. بل اعملوا بما تقوله.” (يعقوب ١: ٢٢)
ندعوكم، أيّها المسيحيّون في أمريكا وخارجها، لتوقيع هذا البيان معنا كإعلان ولاءٍ للمسيح المصلوب والقائم من بين الأموات، الّذي يدعونا إلى محبّة قريبنا، والسّعي إلى العدل، والسّير بتواضعٍ مع الله (ميخا ٦: ٨؛ متى ٢٣: ٢٣). التّوقيع يعني القول: لا يمكن للإنجيل أنْ يتعايش مع نزع الصّفة الإنسانيّة. لن نتجاهل بعد الآن صرخات إخوتنا الفلسطينيّين. لن نُبرِّر العنف بعد الآن بالكتاب المُقدّس (إشعياء ١:١٧؛ رومية ١٢:١٨؛ ١٣:١٠).
توقيع هذا الإعلان ليس النّهاية؛ بل هو البداية، خطوةٌ نحو الإصغاء العميق، وتذكُّر الإنجيل، والعيش بأمانةٍ أكبر. إنْ شعرتم بتحريك الرّوح القدس، ندعوكم للانضمام إلينا في السّعي لتحقيق العدالة والسّلام في فلسطين وإسرائيل.
دعونا نشارك في توبة الكنيسة وتجديدها.
دعونا نقف مع المُتألّمين.
دعونا نتَّبع المسيح على أكمل وجه.
قائمة الموقعين هنا
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.
No comment yet, add your voice below!