Skip to content
Skip to content

ليس كلّ الإنجيليّين في أمريكا يدعمون دولة إسرائيل، هناك كثيرون ضدَّ احتلال الأرض وقتل الأبرياء

عدد القراءات: 716
تاريخ النشر: أغسطس 14, 2025 9:11 م
رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يلتقى مع قادة مسيحيين صهاينة

رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يلتقى مع قادة مسيحيين صهاينة

القس نور سهاونة

مضى أكثر من شهرين على انتهاء الحرب بين إيران من جهة وأمريكا وإسرائيل من جهةٍ أُخرى، وما زالت غزّة تموت وأطفالها يُقتلون كلّ يومٍ، ومازال نتنياهو وترامب يتكلّمان عن خطّة تهجير أهل غزّة إلى دولٍ أُخرى.

بحسب ما حدث ومازال يحدث في غزّة والضفّة الغربيّة وعالمنا العربي:

فلو كنت يهوديًّا لكان يجب أنْ أشعر بالاشمئزاز من نفسي ومن قادتي واختفيتُ وأخفيتُ هويّتي بالمجازر الّتي ترتكبها إسرائيل كلّ يومٍ في غزّة وفلسطين والاعتداءات المُتكرِّرة على سوريا ولبنان، أصبحت تقدِّم صورةً سيّئةً عن مواطنيها وعنها كدولةٍ، والّتي أصبحَتْ منبوذةً في كلّ العالم وأصبح المواطنون الإسرائيليّون مطاردين ومنبوذين من كلّ الشّعوب.

لقد أصبحت إسرائيل مطلوبةً في المحاكم الدوليّة، وقادتها تمَّ اعتبارهم كمجرمي حرب مطلوب القبض عليهم، وهذا أمر يجعل أيّ يهودي يشعر بالخزي من قادته وبلده، وكذلك يشعر بالاشمئزاز من نفسه لكونه شريكًا في المجازر الّتي تقتل الأطفال كلّ يومٍ، سواء بالقنص المباشر أو بالقصف والتجويع الممنهج.

إنَّ أعداد الشّهداء والجرحى من سُكّان غزّة تجاوزت نسبة الـ 10% من كامل عدد سُكّان غزّة، وهذه تُعتبر نسبةً عاليةً جدًّا. فلو طبّقنا هذه النّسبة على أمريكا لكان العدد حوالي 34 مليون مواطنٍ أمريكيّ.

إنَّ سياسة إسرائيل المُعتمدة من سنة 1948 وقبلها، تعتمد على التّطهير العرقيّ وارتكاب المذابح والإبادة الجماعيّة وسرقة الأراضي بواسطة المُستوطنين غير القانونيّين والمسلّحين  والمحميّين من قِبل الجيش والأمن الإسرائيليّ، كلّ هذا مخالف لكلّ القوانين الدوليّة والمعاهدات والأعراف وضدّ كلّ قيم الرّحمة والعدالة.

ولا ننسى تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو الأخيرة حول مُهمّته الروحيّة وهي (إسرائيل الكبرى) وهذا يشمل الاستيلاء على كامل الضفّة الغربيّة وغزّة ولبنان وسوريا وبلاد عربيّة أُخرى، أليس هذا إعلان حرب على هذه الدول العربيّة؟.

ولو كنت أمريكيًّا لشعرتُ بالحرج من بعض القادة السياسيّين والإنجيليّين وقدَّمتُ اعتذارًا للعالم كلّه. إنَّ الدّعم الأمريكيّ المُستمرّ لإسرائيل والخالي من أيّة مُحاسبيّةٍ، جعل أمريكا ليس فقط داعمةً لإسرائيل بل متواطئةً معها في جرائم الحرب والإبادة، بل مُحرّكةً لهذه الحرب ومُستغلَّةً لها لمصالحها الشخصيّة. ففي أكثر من مناسبةٍ اتفقت دول العالم على قرار إيقاف الحرب في غزّة، لكن كانت أمريكا تستخدم حقّ النّقض لإيقاف هذا القرار.

والدّليل على هذا التواطؤ تصريحات الرّئيس الأمريكيّ دونالد ترامب، بعد استلامه رئاسة أمريكا، حيث قال بصريح العبارة بأنَّه يُريد الاستيلاء على غزّة وأيضًا يُريد شراءها. والسؤال هو ممَّن يريد ترامب شراء غزّة؟ ولمن يدفع المال؟ وأيّ مال سيستخدم؟ وماذا سيفعل بسُكّان غزّة؟ هل سيطردهم منها؟ أليس هذا تطهيرًا عرقيًّا وحربَ إبادةٍ؟.

إنَّ ما يُثير حزننا كمسيحيّين في الشَّرق الأوسط هو أيضًا دعم الكثير من الإنجيليّين الأمريكيّين لإسرائيل، رغم مجازر الحرب الّتي ترتكبها كلّ يوم. هذا الدّعم المبنيّ على فهمهم الخاصّ لنبوءات الكتاب المُقدّس مُتناسين تعليم الرّبّ يسوع المسيح عن محبّة القريب والعدو ومبادئ الرّحمة والعدل. إنَّ هذا الدّعم لم يخدم ملكوت الرّبّ بل يعمل ضدّه، فهو يُقدّم صورةً مُشوّهةً عن تعليم الكتاب المُقدّس، ويبني حواجز بين المسيحيّين وسُكّان الشّرق الأوسط، بالإضافة إلى أنَّ هذا الفهم لهذه النبوءات يتضمَّن تطبيقاتٍ خاطئةً لكلمة الرّبّ. فليس من المعقول أنَّ تطبيق نبوءات الكتاب المُقدّس يعني تقديم دعمٍ غير محدودٍ وبلا محاسبيّةٍ لدولةٍ علمانيّةٍ مثل إسرائيل الّتي تحتلّ أراضي العرب وتقتل الأطفال وتمنع الماء والطعام والدّواء والكهرباء عن مليونيّ فلسطينيّ. إنَّ إسرائيل لا تقتل فقط المسلمين بل أيضًا المسيحيّين وتهدم كنائسهم وتهاجم بيوتهم في الضفّة الغربيّة أيضًا بواسطة المستوطنين المسلّحين.


هناك كثيرٌ من الإنجيليّين ضدّ احتلال الأرض وقتل النّاس الأبرياء باسم إله الكتاب المُقدّس


إنَّ الدّعم الإنجيليّ الأمريكيّ لدولة إسرائيل معروفٌ منذ سنين على مستوى الأفراد والقادة، هذا الدّعم تمثَّل في بداية سنة 2025 وخلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيليّ لأمريكا، حيث قبل لقائه مع ترامب، قام نتنياهو بعمل لقاءٍ مع أربعة عشر قائدًا إنجيليًّا أمريكيًّا، في حين أنّه لم يلتقِ برجال دين يهود. هذا الدّعم غير مقبول كتابيًّا ولا إنسانيًّا، بل هو دعمٌ سياسيٌّ لدولةٍ ترتكب جرائم حربٍ ومذابح في حقّ الفلسطينيّين. ولا بُدّ من الإشارة إلى أنَّ أعداد المسيحيّين في منطقة الشّرق الأوسط تتناقض بشكلٍ تدريجيٍّ خصوصًا في مهد المسيحيّة، فمن الأجدر أنْ ينصبَّ دعم الإنجيليّين الأمريكيّين على برامج روحيّةٍ وإنسانيّةٍ تهتمُّ بالإنسان، لا لدولةٍ تقتل وتسرق النّاس.

ولكن لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ ليس كلِّ الإنجيليّين في أمريكا يدعمون دولة إسرائيل، هناك كثيرين ضدّ احتلال الأرض وقتل النّاس الأبرياء باسم إله الكتاب المُقدّس.

ولو كنت أوروبيًّا لشعرت بالضعف والعجز أمام الهيمنة الأمريكيّة على قادتي.

فالقرار الأوروبيّ رهنٌ للسّيادة الأمريكيّة والمصالح الاقتصاديّة والتّجاذبات السّياسيّة. فبالرّغم من نزول الكثير من الأوروبيّين للشّوارع احتجاجًا على الحرب في غزّة، وقيام بعض الدّول بانتقاد إسرائيل علنًا ومُطالبة الاتحاد الأوروبيّ بمقاطعة إسرائيل، ورغم قرارات المحاكم الدّوليّة والّتي مقراتها في أوروبا، إلّا أنَّ هذه الصّحوة ما زالت خجولةً، بل وأقول إنَّها لتسكين غضب شعوبها لا لتغيير سياستها الدّاعمة لإسرائيل منذ أكثر من ثمانين سنةً.

لكنّني عربي لذلك …. لا أعرف كيف أشعر

فالأحداث سريعةٌ، والموازين مُتقلبةٌ، والوجوه تتغير، فمن كان بالأمس  إرهابيًّا أصبح اليوم مُحرّرًا، ومن كان رئيسا تمّ شنقه. وأمّا نحن، فدورنا هو الجلوس على المُدرّجات ننتظر التّعليمات، لأنّنا لا نعرف من نُشجِّع برشلونة أو ريال مدريد، نحن خاسرون في كلّ الأحوال. فرغم الطحن والعجن والخبز، ما زالت فلسطين مُحتلّةً وغزّة تحتضر، ومازال المسيحيّون الصهيونيّون منشغلين بلاهوتهم الخاصّ، والعرب المتصهينون منشغلين بحفلاتهم.

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment