Skip to content

لماذا يفكر المسيحيّون بالهجرة من الكرك؟

رابط المقال: https://milhilard.org/i13l
تاريخ النشر: أكتوبر 31, 2021 6:16 م
فارس السرياني

الاب فارس السرياني

رابط المقال: https://milhilard.org/i13l

دانية البطوش-المغطس

لا يكاد يخلو بيت من بيوت المسيحيين في الكرك إلا وفيه شخص يفكر بالهجرة وترك الكرك أو قد تركها بالفعل، بالرغم من أن وجود الأردني الكركي المسيحي هو وجود طبيعي وأصيل في الكرك، ليس على أساس الأقلية وامتيازاتها، إنما تحت مظلة المواطنة واستحقاقاتها.

وقال راعي كنيسة سيدة الوردية اللاتين في الكرك الأب فارس سرياني في حديثه “للمغطس”: نحن نتحدث عن هجرة عائلة بأكملها مكونة من خمس إلى ست أفراد، الدافع الأساسي والرئيسي لهذه الهجرة هو دافع إقتصادي، للبحث عن فرص عمل، مع كل أسف شُح الوظائف هو أهم دافع يجبر الشاب المسيحي اليوم أن يترك الكرك، والجدير بالذكر أن عائلته تنضم إليه وتنتقل إلى عمان بسبب الوظيفة هناك، اليوم هناك العديد من البيوت المسيحية خصوصاً في قصبة الكرك هي بيوت خالية أو أن أهلها قد هجروها أو أجروها لغيرهم من الناس، نحن نتحدث عن نزيف هجرة دامي المئات وربما الألاف من المسيحيين الذين رحلوا عن الكرك وسكنوا مناطق عمان، الزرقاء، الفحيص وغيرها والبعض يسكن في دول أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية أو استراليا وغيرها من الدول”.

ولفت السرياني إلى أن قضية توفير فرص العمل والوظائف وإقامة المشاريع التنموية والإقتصادية هي مسؤولية وقضية تقع في الدرجة الأولى على عاتق الدولة وعلى كاهل الحكومة، وأضاف أن الدولة بمؤسساتها وأفرادها وكوادرها ووزاراتها هي مَن تخطط وتسعى وتجلب استثمارات ووظائف وبالتالي تثبّت الشاب المسيحي وأيضا غير المسيحي في الكرك، والا سيضطر الشاب للهجرة لمكان يوفر له ما يسعى إليه.

وأشار السرياني “للمغطس” بأنه ربما يكون لهجرة الشاب المسيحي إيجابيات على المهاجر نفسه بحال توفر له ما يطمح إليه، بالمقابل قد يكون لهجرته أثر سلبي، وتابع:” كم من الأشخاص هاجروا إلى أمريكا وظنوا أنهم سيجدوا هنالك ينابيع تدر عليهم ذهب وأموال ولكنهم انصدموا بواقع أسوء من الواقع الذي كانوا يعيشون فيه فرجعوا بخفيّ حُنيّن.. أيضاً هذه الهجرة لها أثر سلبي على الواقع المحلي فهنالك استنزاف في الطاقات كذلك في الموارد البشرية”.

ومضى قائلاً :” بالنسبة لنا ككنيسة نحن لا نحب أن نرى أولادنا وفتياتنا تهاجر، ولكن ماذا يسعنا أن نفعل عندما تضيق بهم الحياة.. كما أن دور الكنيسة لا يقتصر فقط على الجانب الروحي والشأن الإيماني إنما أيضا هو دور تربوي أكاديمي ثقافي وأيضاً إداري وطبي وصحي، ولكن الكنيسة ليست دولة ولا تملك أجهزة دولة لا تملك وزارات ولا مؤسسات، بالطبع هي مؤسسة تمتلك موارد ولكن كيف لهذه الموارد أن تكفي كل هؤلاء الشباب المسيحيين! الكنيسة تبقى تخدم بكل ما أوتيت من طاقة ولكننا نعترف بمحدوديتنا، إننا نستطيع أن نقدم بعض الشيء ولا نستطيع أن نقدم كل شيء، ليس تقصيراً ولا إجحافاً ولا إهمالاً ولا توفيراً ولكن هذا هو الواقع!”

ويرجح السرياني أن هجرة المسيحيين تعود إلى أسباب أخرى منها هجرة الطلبة الذين التحقوا بجامعات في الخارج أو أكملوا دراستهم الجامعية أو الدراسات العليا وقرروا البقاء في تلك البلاد والإستقرار فيها.

وأشار إلى أن الهجرات الداخلية لكثير من العائلات المسيحية الكركية التي فضلت الإنتقال من الكرك إلى عمان حدثت نظراً لأن عمان كانت مُهيّئة بخدمات خصوصاً من الناحية الطبية والصحية بشكل أفضل، فبتالي كثير من العائلات نظراً لأوضاعها الصحية فضّلت الإنتقال والإستقرار في عمان لقربهم من أماكن الرعاية الصحية، فالكرك بسبب واقعها الجغرافي كانت تعتبر بعيدة بالنسبة إليهم عن أماكن الاستشفاء والتعافي الصحي الطبي خصوصاً لمن كان يملك تأمين صحي في مستشفيات كمستشفى الجامعة او المدينة الطبية.

وأضاف :”هناك عدد من المسيحيين الذين هاجروا إلى عمان بعد أن أنشؤوا لهم مصالح تجارية أو صروح طبية مثل مستشفى لوزميلا الذي تعود ملكيته إلى طبيبين من عائلة البقاعين والمسنات ، هناك أيضاً هجرة لأصحاب العقول الكركية اللامعة بعد أن وجدت في بلدان أخرى وسائل افضل لتطوير قدراتهم ووجدت من يستطيع استغلال هذه العقول في شتى المناحي والمجالات فقرروا الإنتقال والإستقرار في دول أخرى وفرت لهم فرص أفضل لنجاحهم، لربما هناك هجرات سببها الوضع غير المستقر في الشرق الأوسط والذي لم يؤثر على الأردن بشكل مباشر كما أثر على الدول المجاورة التي عانت من الصراع الدموي وشهدت الكثير من الهجرات للعائلات المسيحية منها، أيضا العامل الجغرافي للكرك فالكرك القصبة اليوم لم تعد تسمح بالمزيد من التمدد العمراني بالتالي المزيد من السكان فهذا ما دفع الكثير من العائلات للبحث عن أماكن خارج قصبة الكرك في مناطق مثل الثنية، أبوحمور، زحوم المنشية، الوسية وغيرها من المناطق”

وأنهى السرياني حديثه قائلاً: “الكرك كقصبة أصبحت بيئة طاردة لسكانها الكركيين الأصليين ليس فقط على صعيد المسييحين انما أيضا بالنسبة لكثير من العائلات الكركية المسلمة التي فضلت ترك الكرك والإنتقال للسكن في عمان “.

وهذا ما أكده علاء المساعدة وهو من مواليد الكرك وقد هاجر مع عائلته الى عمان قائلا: ” الكرك أصبحت طارده للسكان وخاصةً القصبه، وهنا أقصد السكان الأصليين والسبب هو الإهمال للمحافظة من قبل الجهات المختصة فمثلاً شوارع الكرك أصبحت بدون اهتمام”

 بينما البحث عن العمل – والكلام لا يزال على لسان المساعدة “وهنا سوف نتناول نوعين من الأشخاص، أولاً الذين لا يجدون فرص عمل في الكرك وثانياً الأشخاص الذين توفرت فرصة عمل لهم لكن فضّلوا الإنتقال لعمان ليطوروا من عملهم ويحصلوا على فرصة أفضل، وهذا ما حصل معي

“.كيف تأثر المسيحيون بتعديلات اللجنة الملكيّة للإصلاح

وأضاف في حديثه لـ “المغطس”: “جميع من رحل من الكرك سابقاً ينصح جميع الذين بقوا بالرحيل، كون عمان الآن مثل الكرك سابقاً مع العلم بأن الكرك كانت في إحدى المراحل تقدم خدمات وفيها فرص أفضل من عمان”.

واعتبر المساعدة أن طبيعة سكان الكرك قد تغيرت حيث كان الناس في السابق يعرفون بعضهم جيداً وجميعهم “أهل” أما الآن قد ازداد عدد سكانها واختلفت طبيعتهم، ووصف ذلك بأن الجدّ سابقاً هو من كان يجمع أبناءة بقربه في الكرك ويجمع العائله كونه قد عاش وتربى بها وبالتالي يُبقى ابنائه بقربه.

 وعن أثر ذلك على المجتمع، أضاف بالقول: “هجرة المسيحيين أثرت على طبيعة المجتمع في الأعياد سابقاً وخاصه عيد الميلاد كنا نشاهد أغلب بيوت الكرك تنصب  شجرة وتزين البيت وكان للعيد بهجه وكنا نسمع أجراس بابا نويل و زوامير السيارات تضج بها الكرك اما الآن فقل الموضوع كلياً “.

علاء المساعدة

أما بخصوص الكنيسه فختم المساعدة بقوله إن أغلب من بقوا بالكرك ولم يرحلوا هو بسبب وجود الكنائس وبسبب الطابع المقدس للكرك ولا يوجد تقصير من الكنيسه فهي لا تستطيع إجبار الناس على البقاء وهي تحاول دوماً إنعاش الرعاية المسيحيه والمجتمع  بكافه الوسائل والطرق الروحية و الإجتماعية.

يُذكر أن  الوجود المسيحي في الكرك هو وجود موغل في القدم وهو وجود أصيل ومتأصل، قبيلة الغساسنة وهي قبيلة عربية كانت تسكن اليمن جنوباً رحلت تقريباً مع القرن الثالث للميلاد واستوطنت بلاد الشام شمالاً، واستوطن بعض أفراد هذه القبيلة منطقة الكرك ومنها عشيرة العزيزات وهي العشيرة التي قابلتها الجيوش العربية الإسلامية في تلك الفترة في معركة مؤتة سنة 629، فهذا يدل على ان الوجود العربي المسيحي في الكرك بشكل خاص وفي بلاد الشام بشكل عام هو وجود اصيل منذ القدم .

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

Skip to content