Skip to content
Skip to content

لماذا تتجاهل وورلد فيجن أطفال غزّة؟

تاريخ النشر: أغسطس 23, 2025 2:56 م
الحليي مع اطفال غزة قبل الاعتقال

الحليي مع اطفال غزة قبل الاعتقال


بقلم: داود كُتّاب

يصعب فهم غياب مُنظّمة وورلد فيجن، إحدى أبرز الجمعيّات الخيريّة المسيحيّة، عن قطاع غزّة، بينما تدّعي دعم الأطفال الأكثر ضعفًا حول العالم. فقد أسَّس بوب بيرس المُنظّمة بعد أنْ واجه طفلًا مهجورًا واختار ألّا يغضَّ الطّرف عنه. واليوم، وورلد فيجن تعمل في أكثر من 100 دولة، وتعلن بفخرٍ: “حتّى في الأماكن الّتي يصعب فيها أنْ يكون الطفل طفلًا، الله موجود – ويجب أنْ نكون هناك أيضًا.” لكنَّ الأطفال في غزّة، المحاصرة ظروفهم الإنسانيّة، لا يرون المنظّمة، ويبدو أنَّ وعدها بالوجود معهم لمْ يشملهم.

كانت وورلد فيجن حاضرة في غزّة وما زالَتْ مُسجلّة رسميًّا للعمل في الأراضي الفلسطينيّة، لكنَّ غيابها يعود إلى قرارٍ أحاديٍّ اتُّخذ قبل عشر سنواتٍ، بعد أنْ حاولَتْ إسرائيل، في إطار ضغوطها على المُساعدات الإنسانيّة، اختلاق اتّهاماتٍ زائفةٍ بحقِّ المُنظّمة ومديرها في غزّة، محمّد الحلبي، بادّعاء تحويل 50 مليون دولار من المُساعدات إلى حركة حماس.

ورغم أنَّ وورلد فيجن استعانَتْ بخبراء وتدقيقاتٍ دوليّةٍ ثلاث مرّاتٍ لتفنيد هذه الادّعاءات، وحصلَتْ على براءةٍ كاملةٍ، استمرَّ الحلبي في السّجن، مُتمسِّكًا ببراءته، رغم عرضه التّنازل عن تهمةٍ بسيطةٍ للإفراج عنه. وعلى مدى سبع سنواتٍ، ظلَّ الحلبي يواجه مُحاكماتٍ مطوّلةً ومُعقَّدةً، بينما استمرَّ القضاء الإسرائيليّ في إجراءاتٍ طويلةٍ، وابتكر الادّعاء قصصًا زائفةً بلا أيِّ دليلٍ.

يسار الحلبي في المحكمة الإسرائيلية  قبل احداث غزة واليمين بعد اطلاق سراحة عام 2025
على اليسار الحلبي في المحكمة الإسرائيليّة قبل أحداث غزّة، واليمين بعد إطلاق سراحه عام 2025

أفرج عنه أخيرًا بعد تبادل الأسرى في أكتوبر، ليعود إلى عائلته الّتي عانَتْ من نقص الغذاء وارتفاع الأسعار بسبب الحصار، لتتضاعف معاناتهم بعد سنوات السِّجن. لكن، ومع كلِّ ذلك، لم تستعدْ وورلد فيجن مكان الحلبي، ولم تدفع له مُستحقّاته، ولم تمنحه أيّ تعويضٍ عن سنوات الغياب، رغم إعلانها دعمها لبراءته.

منظّمات حقوق الإنسان الدّوليّة، بما فيها العفو الدّوليّة والأمم المُتّحدة، دافعَتْ عن الحلبي، مُشيرةً إلى أنَّ احتجازه ومحاكمته الطّويلة كانَتْ “محاكمةً كافكائيّةً ومخالفةً صارخةً للعدالة.” ولا يزال الحلبي وعائلته يعانون من آثار السِّجن، بما في ذلك سوء التّغذية، في ظلِّ الظّروف الاقتصاديّة الصَّعبة في غزّة.

يمكن فهم حذر وورلد فيجن من مواجهة إسرائيل مباشرةً، لكن ذلك لا يُبرّر ترك الأطفال الفلسطينيّين دون دعمٍ. فسمعة الحلبي نظيفةٌ؛ فقد اعتبرَتِ الأمم المُتّحدة في 2014 أنَّه أحد “أبطال الإنسانيّة”، ومنحته وورلد فيجن لقب “إنسان العام” تقديرًا لجهوده في خدمة غزّة تحت ظروفٍ قاسيةٍ.

تاريخ المُنظّمة يضعها أمام مسؤوليّةٍ أخلاقيّةٍ واضحةٍ. بوب بيرس لم يغضَّ الطّرف عن الأطفال المُحتاجين، والسّؤال الآن: هل سيجد أندرو مورلي، الرّئيس التّنفيذيّ للمُنظّمة، وحلفاؤه، الجرأة للعودة إلى غزّة، وإعادة الحلبي إلى عمله، ودعم المُجتمع الأكثر هشاشةً في العالم؟.

أطفال غزذة في انتظار هذا القرار، والتّاريخ سيحكم على ما إذا كانَتْ وورلد فيجن ستقفُ إلى جانبهم أم ستغضُّ الطَّرف.

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment