Skip to content

لماذا تتجاهل الأردن الحلول السياحية رغم أنها في متناول اليد؟

رابط المقال: https://milhilard.org/ode1
تاريخ النشر: يونيو 14, 2022 9:18 ص
maghtas
رابط المقال: https://milhilard.org/ode1

   داود كُتًاب

من البديهي أن السياحة تعد المخزون الأهم في الأردن، ولكننا للأسف نتجاهل بعض أسهل الطرق للوصول إلى من يستطيع أن يلعب دوراً هاما في جذب السياحة وبأعداد كبيرة للأردن.

هناك على الأقل ثلاث فئات لها جذور قوية في الأردن، ولكن الحكومة ووزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة لا تهتم بما فيه الكفاية للاستفادة من العلاقات الموجودة في متناول اليد في الأردن.

الفئة الأولى والتي لا يبدي أحد اهتمام بها هم الأقباط. يوجد في مصر أكثر من عشر ملايين قبطي كما يوجد بين العاملين في الأردن من الوافدين المصريين حوالي 200 ألف مصري قبطي إضافة إلى وجود كنيسة قبطية ورعاة أقباط والعديد من الأقباط من المتزوجين أردنيات. المعروف عن الأقباط وبالذات أقباط الصعيد أنهم ملتزمون بالشأن الديني ويتشوقون لزيارة الأراضي المقدسة. كما هو معروف أيضا فأن غالبية الأقباط تمتنع طوعاً عن زيارة القدس والأراضي المحتلة بسبب الاحتلال، والأهم كاستجابة لبابا الأقباط والذي دعاهم لمقاطعة إسرائيل بسبب موقفها المتحيز مع الكنيسة الأثيوبية حيث تم تحويل دير السلطان في مجمع كنيسة القيامة للأحباش عام 1970 وترفض إسرائيل الوثائق الدامغة بحق الأقباط.

ورغم ضرورة دعم الموقف القبطي من أملاكهم إلا أنه ولغاية انتهاء الإشكالية فهناك فرصة ذهبية لجذب الحجاج المصريين الأقباط للأردن حيث موقع المغطس المقدس لهم وكنيسة نيبو المطلة على فلسطين مع الكنيسة ومع بعض النشطاء و مع المطارنة في مصر ويمكن أن يصل عشرات بل مئات الآلاف من الأقباط في زيارات حج للأردن.

هناك من يقول أن المصريين لا يصرفون ما فيه الكفاية ولا يقيمون في فنادق الخمسة نجوم وهذه حجة سخيفة لا تستحق الرد. فالحجاج بشكل عام لهم دخل محدود والكثير عنده الاستعداد لتوفير كل أموالهم قرشا بعد قرش لزيارة حج لمرة في الحياة للأراضي المقدسة. المطلوب هو توفير مساكن في فنادق 3 أو 4 نجوم ودعم الفنادق وحتى تسكينهم في المساكن في المدن الأردنية مثل مادبا والفحيص.

أما الفئة الثانية فهي المقدسيون، علما أن عدد سكان القدس يزيد عن 350 ألف ولا توجد أي عائلة في القدس دون أن يكون لها أقرباء في الأردن. ولكن عدد القادمين من القدس لأجل السياحة الداخلية ضئيل حيث يستطيع المقدسي (عكس باقي سكان الأراضي المحتلة) السفر عبر مطار اللد إلى تركيا وشرم الشيخ وغيرها بأسعار منافسة. ورغم أنه من الممكن إقناع المقدسيين من خلال أقاربهم ومن خلال العلاقة الأردنية- الفلسطينية المتينة، إلا أن هناك عقبات إدارية وبيروقراطية تحد من القدوم بسبب رسوم السفر والتي يمكن التغلب عليها لو كان هناك نية صادقة لحل الإشكال. كما من الممكن بقرار إداري السماح للمقدسيين القدوم للأردن بسياراتهم -الأمر المتوفر لسكان ال 48 ولكنه ممنوع للمقدسيين أصحاب السيارات ذات أرقام إسرائيلية صفراء مثل تلك لسكان الناصرة وأم الفحم وغيرها. فلماذا تضيع الأردن ملايين الدنانير من دخل السياحة الداخلية فقط  ويمكن استرجاعها إذا ما تم وضع إجراءات إدارية غير مضرة للأردن ولا لموضوع الوصاية الهاشمية ويمكن أن يتم ذلك بالتنسيق مع وزير القدس في السلطة الفلسطينية.

والنوع الثالث الذي من الممكن أن يدّر دخل سياحي كبير للأردن هو السياحة المسيحية. فكما أسلفنا هناك العديد من الأماكن الأثرية في الأردن تعود لفترة المسيح وبداية المسيحية في الشرق. الديوان الملكي والحكومة يولون اهتمامًا بالمغطس وهذا طبيعي ولكن هناك عشرات بل حوالي مئة موقع أثري في الأردن له ذكر مباشر في الكتاب المقدس. ومن الممكن على سبيل المثال الاستفادة من توفر المال لدى القطاع الخاص والذي يشمل العديد من رجال وسيدات أعمال أردنيين مسيحيين الذين على استعداد لتطوير تلك المواقع من مالهم الخاص مقابل إشارة رعاية لشركاتهم.

من ناحية اخرى ورغم الاهتمام الكبير لتحسين الحج المسيحي للأردن إلا أن التركيز على المؤمنين من الطوائف التاريخية مثل الأرثوذكس والكاثوليك مهم، إلا أنه لا توجد استراتيجية للتعامل وجذب السياحة المسيحية من أتباع الكنائس البروتستانتية والإنجيلية رغم أنها مهمة وقوية في دول أوروبا والأمريكيتين وأستراليا. وهناك كنائس وقادة مسيحيين أردنيين مقربون من تلك الكنائس البروتستانتية إلا أنه نادرًا ما تتم الاستفادة من هؤلاء القادة للمساعدة في جذب السياحة المسيحية من طوائفهم.

أن الأردن بلد غني في الأماكن السياحية، ولكنه لا يزال ضعيفًا في العمل على جذب السياح بأعداد مجدية، رغم أن هناك طاقات في الأردن ممن قد تلعب دورا مهما في المساعدة على جذب تلك السياحة إذا نجح أصحاب القرار بالتفكير خارج الصندوق.

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

Skip to content