Skip to content
Skip to content

كيف يرى الإنجيليّون البابا الأمريكيّ الأوّل

تاريخ النشر: مايو 10, 2025 10:03 م
صورة عن المقال الاصلي

صورة عن المقال الاصلي

مترجم عن مجلّة Christianity Today
اميلي بيلز وفرانك لاكوميني

رغم أنَّ ليو الرابع عشر ينحدر من شيكاغو لكن اختياره للبابويّة يعكس تحوّل المسيحيّة إلى الجنوب العالميّ.
البابا ليو الرابع عشر المُنتخب حديثًا روبرت بريفوست يُخاطب الجمهور في ساحة مار بطرس في الثّامن من آيار 2025 في الفاتيكان.

بابا من شيكاغو لكنّه يحمل جنسيّة من بيرو؟

بحسب أحّد الأساتذة فيها، كان الطاقم التدريسيّ في كلّيّة اللّاهوت نورثرن في إحدى ضواحي شيكاغو مُتحمِّسون في المُطالبة أنْ يُعتبر ليو أنَّه من شيكاغو. وقال إنجيليّون من أصول لاتينيّة للمسيحيّة اليوم أنَّهم سُعداء أنَّ البابا ليو الرّابع عشر قدَّم جزءًا من خطابه البابويّ الأوّل باللّغة الإسبانيّة. أمّا في فيلادلفيا، فلقد أشار القائد الإنجيليّ شين كليبورن إلى أنَّ البابا درس في جامعة فيلادلفيا من هنا فإنَّ لديه جذور في فيلادلفيا أيضًا. أمّا في بيرو فإنَّ الرّئيس احتفل في ليو وكأنّه أحّد مواطني الدّولة.

وكان الإنجيليّون من كلّ أرجاء الأمريكيّتين فضوليين بما يختصُّ بالبابا الجديد، إضافة لفخرهم بمنطقتهم.

ورغم أنَّهم لا يعتبرونه قائد كنيستهم، لكنَّ الكثير من الإنجيليّين ينتظرون لرؤية أي تأثير سيكون لرئيس الكنيسة الكاثوليكيّة على الحوار الدّينيّ، السّياسة العالميّة وفهم العالم للتّعليم المسيحيّ.

وُلِدَ البابا ليو البالغ من العمر 69 عامًا، والّذي عُرِفَ سابقًا بروبرت بريفوست، في شيكاغو ولكنَّه قضى أغلب حياته في سنين بلوغه كراهب أغسطينيّ خارج الولايات المُتّحدة الأمريكيّة. فلقد كان مُرسلًا في بيرو وبعدها ترقّى إلى مناصب هامّة في الفاتيكان.

كثيرون يحتفلون بليو كأوّل بابا من الولايات المُتّحدة الأمريكيّة، ولكن ربّما من المنطقيّ أكثر التّشديد على تجربته في أمريكا اللّاتينيّة، حسب ما يقول ديفيد كيرك باتريك وهو مؤرِّخ للشؤون الدّينيّة من جامعة جيمس ماديسون والّذي تخصَّص في أبحاثه عن الإنجيليّة الأمريكيّة اللّاتينيّة.

“رغم أنَّ لبريفوست جذور في الولايات المُتّحدة، لكن من عدسة مُختلفة فإنَّه يمكن النّظر إلى انتخابه كاستمراريّة – كبابا آخر من الجنوب العالميّ يخلف فرنسيس”، بحسب ما يقول كيرك باتريك. ” بعيدًا عن بابويّة تضع في المركز الولايات المُتّحدة أو هؤلاء الّذين في مواقع السُّلطة، فإنّي أتوقّع منه أن يستمرّ في التّشديد الّذي وضعه فرنسيس على المقهورين والمهمّشين في العالم”.

بينما انتشرت الأخبار عن ترقية البابا ليو الرابع عشر يوم الخميس وعرف العالم أكثر عن حياته وخدمته، فلقد تشجع كثير من الإنجيليّين.

“إنّي أقدّر حقيقة أنَّ لدينا الآن بابا مُطَّلع على الوقائع المسيحيّة اللّاتينيّة الأمريكيّة ووقائع المهاجرين”، يقول غبرائيل سالغيرو، رئيس ائتلاف الإنجيليّين لاتينيّ القوميّة الّذي مركزه في الولايات المُتّحدة. “لديه تاريخ من مناصرة المهاجرين ومناصرة العائلة ومناصرة الفقراء، وكلُّها أمور مُشتركة مع مُجتمعنا الإنجيليّ”.

وأضاف سالغيرو أنَّ الاسم ليو الرابع عشر يُشير إلى أنَّ ليو سيتبع مثال ليو الثالث عشر، الّذي عُرِفَ بمناصرته للعُمّال الفقراء، في خضمِّ هبّة الثّورة الصّناعيّة. وكان ليو الثالث عشر قد قدَّم الاعتماد للجامعة الكاثوليكيّة في أمريكا.

“إنّنا نعيش في أوقات مُثيرة جدًّا للاهتمام”، يُضيف سالغيرو.” نحتاج قادةً دينيّين يفهمون ارتباط الأمور ببعض في العالم”.

وكان فرنسيس المُتوفّي في 21 نيسان (إبريل) أوّل بابا غير أوروبيّ مُنذ أكثر من ألف عام. واختار فرنسيس بريفوست، وهو الرّاهب الأغسطينيّ، كمستشار له في تعيّينات المطارنة عام 2023.

“إنَّ هذا التّعيين يتوافق مع ما فعله البابا فرنسيس: تعيّين مُطران من ضواحي كنيسة في الضاحية -مثل بيرو- إلى قلب الفاتيكان”، يقول المؤرِّخ خوان فونسيكا ، وهو محاضرٌ في جامعة باسيفيكو في ليما في بيرو.

قبل ترقية بريفوست للفاتيكان، “لم يكُنْ جزءًا من أصحاب المناصب الرّفيعة في الكنيسة الكاثوليكيّة”، يقول فويسيكا. ”إنَّ هؤلاء عادةً يكونون من مواطني بيرو من النُّخبة بيرو الّذين يخدمون في الكراسي الرّسوليّة المرموقة مثل ليما أو أريكويبا”.

وفي بيرو حيث أصبح بريفوست مواطنًا مُتجنِّسًا، هو عمل أيضًا في الهوامش.

حين حضر بريفوست للمرّة الأولى إلى بيرو في 1985، خدم لفترةٍ وجيزةٍ في تشولوكاناس، وهي مدينةٌ صحراويّةٌ فيها فقط أكثر بقليل من 40 ألف إنسان بقرب الحدود مع أكوادور. وتركها عام 1986 لكي يٌكمِّلَ أطروحة الدّكتوراة في الكلّيّة البابويّة لتوماس الأكويني في روما. وبين 1988 و1999 استلم عدّة مناصب في الأبرشيّة الشّماليّة في تروجيلو. وفي عام 1999 عاد إلى موطنه في شيكاغو، ولم يعد إلى أميركا اللّاتينيّة إلّا في 2014.

في ذلك العام تمَّ تعيينه كقيّم رسوليّ لأبرشيّة تشيكلايو وهي مدينة ساحليّة من 600 ألف مواطن في شمال بيرو، وفي 2015 تمَّ تعيينه مُطرانًا لها من قبل البابا فرنسيس. وفي خطابه الافتتاحيّ كبابا أمام الجمهور الّذي تجمّع في ساحة بطرس الرّسول، تكلَّم البابا ليو باللُّغة الإسبانيّة وأرسل تحيّاته إلى “أبرشيّته المحبوبة في تشيكلايو”.

”كان لديه توجهًا رعويًّا مُتجذِّرًا بعلاقةٍ عميقةٍ مع المُستبعدين” يقول رونالدو بيريز فيلا وهو نائب رئيس الجمعيّة الإنجيليّة “باز ايسبيرانزا (السّلام والرّجاء) في بيرو. إنَّ القادة – إنْ كانوا كهنة كاثوليك أو قسوس إنجيليّين- والّذين يخدمون في الهوامش سيقومون غالبًا بشجب الظُّلم لأنَّهم يرونه بأُمِّ أعينهم، فإنَّهم يشهدون ألم النّاس”.

كان بريفوست عضوًا في اللّجنة الأسقفيّة للعمل الاجتماعيّ، وهي ذراع مطارنة بيرو لمناصرة حقوق الإنسان، والمُتجذِّرة في التّعليم الكاثوليكيّ الاجتماعيّ.

لقد اتخذ موقفًا حرجًا وصعبًا لأجل حقوق الإنسان حين عارض العفو عن القائد من بيرو البيرتو فوجيموري، الّذي انتُخِبَ في 1992، وافتعل انقلابًا ذاتيًّا في السّنة الّتي تلتها ليبقى في الحكم حتّى عام 2000.

بعد أن اعتُقِلَ في تشيلي عام 2005 وتمَّ تسليمه إلى بيرو، تمَّ الحكم عليه بالسجن لـ 25 عامًا. وقرَّر رئيسٌ لاحقٌ أن يعفو عنه عام 2018، رغم أنَّ المحكمة العُليا قلبَتِ الحكم في العام الّذي يليه.

ويستذكر بيريز أنَّ من أصبح بابا الآن طلب أن يعتذر فوجيموري من الشّعب البيرواني.

”في أمريكا اللّاتينيّة يتمُّ كثيرًا الدّوس على حقوق الإنسان وللكنيسة هناك المسؤوليّة أن تتخذ خدمة نبويّة- خدمة تصرخ في وجه جرائم من هم في السُّلطة” يقول بيريز. “يتوجَّب عليهم تحدّي الخطيّة المُمنهجة ونهج الإفلات من العقاب وإساءة استخدام السُّلطة”.

إنَّ انتخاب ليو يُشكِّل مقولةً هامّةً عن التّغييرات المُستمرّة في المسيحيّة العالميّة، كما تقول جينا زورلو، وهي مُحاضِرة زائرة في موضوع المسيحيّة في العالم في كلّيّة اللّاهوت في هارفارد.

في 1900 عاش 73% من الكاثوليك في أوروبا وأمريكا الشّماليّة. أمّا اليوم فتقلَّصَتِ النّسبة إلى 25%; أمّا الباقي فيسكن في الجنوب العالميّ.

قالَتْ زورلو في هذا السّياق، أنَّها كانت تتوقَّع أنْ يقود شخص من الجنوب العالميّ الكنيسة الكاثوليكيّة. رغم أنَّ أغلب المُراقبين لم يتوقَّعوا أنْ يكون البابا شخصًا لديه ارتباطات أمريكيّة أيضًا، لكن يمكن اعتبار المسيحيّة الأمريكيّة بأنّها عالميّة في أساسها كما تقول زورلو. ينبع ذلك من العدد الكبير من المهاجرين المسيحيّين في الولايات المُتّحدة وعدد المسيحيّين الّذين يُسافرون للخارج إمّا للعمل أو الدّراسة إو للإرساليّات المسيحيّة.

يتكلَّم ليو الإنجليزيّة، الإسبانيّة، الإيطاليّة، الفرنسيّة والبرتغاليّة.

يصف ليو نفسه بشكلٍ مُتكرّر أنَّه مُرسَل. “إنّني مُرسَل; فلقد تمَّ إرسالي”، كما قال لكاثوليك في تشيكلايو في 2003 حين تمَّ انتدابه للفاتيكان.

لقد كرَّر استخدام ذلك التّعريف لهويّته في إحدى المقابلات الصّحفيّة القليلة الّتي قام بها قبل أن يُصبح بابا، في مقابلة له مع فاتيكان نيوز في 2023:”ما زلتُ أعتبرُ نفسي مُرسَلًا”.

وقال ليو في خطابه البابويّ الأوّل، إنَّ الكنيسة الكاثوليكيّة يتوجَّب أن تكون “كنيسة إرساليّة”.

وتحدَّث قادة سياسيّون في كِلا الدّولتين يوم الخميس كم هو مُشرِّفٌ أنْ يُعيَّن شخصٌ من دولتهم كبابا. وكتبتْ رئيسة بيرو دينا بولورتي على وسائل التّواصل الاجتماعيّ إنَّ انتخاب بريفوست “يملأ أُمّتنا بالفخر والرّجاء” وأضافَتْ أنَّه “خدم شعبنا بمحبّة وتكريس”.

وقال الرّئيس الأمريكيّ دونالد ترامب أنَّه “شرفٌ كبيرٌ” أن يكون البابا من الولايات المُتّحدة.

لليو تاريخ من انتقاد سياسات ترامب حول المهاجرين، لكن رغم ذلك فلقد رحَّب بعض الإنجيليّين المؤيّدين لترامب بانتخابه بابا. وقال صموئيل رودريغز رئيس مؤتمر القيادة القوميّ اللّاتينيّ المسيحيّ إنَّ انتخاب ليو ” هو لحظة فارقة”، وأنَّه ”يُذكِّرنا أنَّ الإيمان هو لكلِّ النّاس في كلِّ الأماكن وأنَّ الإنجيل هو دعوةٌ للجميع”.

وشدَّد البابا الجديد على أهمّيّة تلك الدّعوة. في إحدى المُقابلات ووصفها أنَّها أوّل مُهمّة للقائد المسيحيّ.

“إنّنا ننشغل كثيرًا بتدريس العقيدة”، كما قال. “إنّنا نخاطر بأنْ ننسى أنَّ مهمّتنا الأولى هي أنْ نُعلِّم ماذا يعني أنْ تعرف يسوع المسيح وأنْ نشهد عن قربنا للرّبّ”. أنَّ هذا يأتي أوّلًا: أنْ نشارك عن جمال الإيمان وجمال وفرح معرفة المسيح. أنَّ هذا يعني أنّنا نحياه بأنفسنا ونشارك بهذا الاختبار”.

أنَّ تلك الرّغبة بمشاركة الإنجيل تتناغم مع بعض الإنجيليّين الأمريكان.

“ما تزال لدينا خلافات مع روما” يقول ماثيو بيتس، وهو محاضر للعهد الجديد في كلية اللاهوت نورثرن في ضواحي شيكاغو وهو ممن كتب عن إيجاد الكاثوليك والبروتستانت لأرضية لاهوتية المشتركة. “لكننا نعتبر ذلك أمرًا هامًا لأجل مستقبل الكنيسة ككل – وهو ان ننظر للكاثوليك كإخوة واخوات لنا في المسيح، حتى لو لم نرَ ليو كرئيس لنا”

يعمل الكاثوليك والإنجيليّون معًا منذ الآن على المشاغل الاجتماعيّة مثل الاهتمام بالمهاجرين واللّاجئين. ويقول ماثيو سورينس، وهو نائب رئيس قسم المُناصِرة والسّياسة في جمعيّة “وورلد ريليف” إنّها إرث قديم وثابت في الكنيسة الكاثوليكيّة.

“كمسيحيّين إنجيليّين فلدينا طبعًا بعض الاختلافات اللّاهوتيّة، لكن اهتمامنا المُتجذِّر كتابيًّا في رعاية المهاجرين هي نقطة مُشتركة ونحنُ حريصون على استمرار الشّراكة مع إخوتنا وإخواتنا الكاثوليك في الوقت مع بدأ ليو الرابع عشر لفترة بابويّته”، حسبما قال.

ويرى معظم المراقبين أن ليو سيستمر في الاتجاه الّذي وضعه فرنسيس ويتكلَّمون عن اتباع ليو لنموذج فرنسيس.

يرفض شين كليبورن من الجمعيّة المسيحيّة “ريد ليتر” الفكرة بلطف.

“كان فرنسيس راديكاليًّا بسبب يسوع. هو لم يختلقْ فكرة غسل الأرجل، رغم أنَّه قام بها لرجال في السجن“، يقول كليبورن.”للبابا ليو نفس النموذج. رجاؤنا هو أن يكون البابا سهمًا موجهًا صوب يسوع…يسوع هو الشّفاء لأمور كثيرة قد تمَّ تشويهها في داخل المسيحيّة”.

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment