
السابق دعوة للمؤسسات الدينية وقياداتها لتبني مشروعا للإفصاح عن مواردها وأصولها المالية
كتب- حازم عكروش
-النسور: طلب من محكمة التمييز تفسير قانون النفع العامّ للسّماح للحكومة التصرُّف بالأراضي كما تُريد ممّا أفقدَ أهالي الفحيص الحقَّ باللُّجوء للقضاء لاستعادة أراضيهم.
قانون النفع العامّ يفرض على الحكومة إعادة ما تمَّ استملاكه للنفع العامّ إلى أصحابه بعد انتهاء العمل به
-هيئة مكافحة الفساد: حفظت شكوى أهالي الفحيص حول فساد بيع الشّركة الّذي أكَّدته اللَّجنة الملكيّة لتقييم التخاصية.
-الرزاز عندما تولّى رئاسة الوزراء لم يتّخذ أيّ قرار بخصوص ذلك رغم أنَّه رأس لجنة التخاصية في وقت سابق. وأكَّد أنَّ هنالك شبهة فساد في بيع مصنع الإسمنت
-نائب رئيس الوزراء العناني اقترح قانون الإعسار في حكومة الملقي وبعد إقرار القانون جاء رئيسًا لمجلس إدارة. الافارج وحول القضيّة لمحكمة الإعسار وبعد أنْ كسب القضيّة قدَّمَ استقالته ببيان منشور.
عمّان – الفحيص
عانت الفحيص على مدار ستين عامًا ونيّفٍ آلام وأمراض التلوّث البيئيّ النّاتج عن صناعة الإسمنت عندما كانَتْ شركةً وطنيّةً تملكها الحكومة.
وقدَّم الأهالي شهداء من العاملين في المصنع على مذبح هذه الصناعة، تجاوز عددهم خمسة عاملين و ساهمَتْ في بناء الأردن على الصَّعيد المعماريّ والتّنمية الوطنيّة. كما ساهمَتْ في تشغيل الأيدي العاملة المحلّيّة في ظروفٍ لم تراعِ سلامة العامين العامّة وسلامة البيئة الّتي كانَتْ سببًا في تفشي الأمراض المختلفة، خاصّةً التنفسيّة منها.
لا أريد هنا أنْ أتطرّق لنضالات أهالي الفحيص ومؤسَّساتها عبر السّنوات للحدِّ من التلوّث البيئيّ والخيارات الّتي كانَتْ مطروحةً من قبل لافارج وتمَّ رفضها من قبل المُجتمع المحلّيّ، وعلى رأسها محاولاتُ استخدام الفحم الحجريّ والبتروليّ من أجل تخفيض كلفة الإنتاج، والّتي لو تمَّ تمريرها لأحدثَتْ تلوّثًا بيئيًّا كارثيًّا دون أنْ تلتفتِ الشّركة والحكومات إلى صحة النّاس ومصلحتهم. وقد كان لوقفة الأهالي ودعمهم لمؤسَّسات الفحيص وجمعيّات البيئة الأثر الكبير في وقف هذه الكوارث.
وفي السّنوات الأخيرة جاءَتْ فكرة الخصخصة الّتي غزَتِ الأردن وأصبحَتِ الشِّعار الوحيد للحكومات لبيع الشّركات الوطنيّة بأبخس الأثمان استجابةً لوصفات البنك وصندوق النَّقد الدوليين.
وبدأتْ عمليّة المؤامرة عندما باعتِ الحكومة آنذاك حصَّتها في شركة مصانع الإسمنت الأردنيّة الفحيص والطفيلة بمبلغ ٩٠ مليون دينارٍ فقط ثمنًا للمصنعين في حين صرَّح رئيس مجلس الإدارة آنذاك الدُّكتور عبد الإله الخطيب بأنَّ كلفة إنشاء المصنع الواحد 300 مليون دينارٍ دون أن يتطرَّق إلى ثمن الأراضي المُستملكة للنفع العامِّ آنذاك والبالغ مساحتها 1800دنم لتصل إلى 200 دنم بعد أنْ اشترتِ الشَّركة الباقي، علمًا أنَّ من باعوها في الفترة الأخيرة كان بسبب الأضرار الّتي لحقتْ ببيوتهم جرّاء التفجيرات والأغبرة وحجم الوقود المُستخدم في الحرق.
وعندما استحوذت لافارج على أسهم الحكومة ضمن عمليّة الخصخصة سيئة الذِّكر، بدأتْ تُحقِّقُ أرباحًا طائلةً خاصّةً وأنَّها حازَتْ على امتياز العمل في صناعة الإسمنت لأكثر من عامٍ، وبدأتْ برفع أسعار الإسمنت وتسريح العاملين سواء بالتهديد أو الإغراء على مسمعِ ومرأى الحكومات دون أنْ يرفَّ لها جفنٌ.
وبعد سنواتٍ من تحقيق الأرباح والنَّهب بدأتْ لافارج تتحدَّثُ عن أنَّها مُتعثِّرةٌ وتبحث عن طُرقٍ لتعويض خسائرها ممّا دفعها للإعلان عن أنَّها تُريد المُتاجرة والسمسرة على الأراضي لتعويض خسائرها، وقرَّرَتْ تأسيس شركةٍ عقاريّةٍ ضاربةً عرض الحائط بكلِّ الاعتراضات والمُطالبات من أهالي الفحيص لمراعاة مصلحة المدينة ومستقبلها، علمًا أنَّ الأراضي لم تكُنْ ضمن صفقة بيع المصنع كما أشار الدُّكتور عمر الرزاز بمحاضرةٍ له في نادي الفحيص الأرثوذكسيّ، وأكَّد ذلك مُدير المصنع آنذاك المُهندس ماهر حجازين في تصريحٍ له عبر الصّحافة الأردنيّة.
لابدَّ من الإشارة هنا إلى أنَّ لجنة تقييم التخاصية الّتي شكَّلها الملك عبدالله برئاسة الدُّكتور عمر الرزاز أكَّدَتْ أنَّ هُنالك شبهةَ فسادٍ في بيع شركة مصانع الإسمنت لشركة “لافارج” وأنَّ اللّجنة لم تجدْ ورقةً تُثبتُ أنَّ بيعها تمَّ ضمن عطاءٍ.
اقرأ أيضًا: النّائب رائد سميرات يعيد المطالبة بحقوق الفحيص وماحص من شركة لافارج و جواد عناني يرد
وعندما بدأ أهالي الفحيص التحرُّك لوقف تصرُّف الشركة بأراضي المصنع خاصّةً الّتي استملكَتْ للنفع العامّ بدأتْ قضيّة التّآمر بأبهى صورها كما يلي:
-طلب رئيس الوزراء آنذاك الدُّكتور عبدالله النسور من محكمة التمييز تفسير قانون النفع العامّ الّذي كان يستند عليه أهالي الفحيص لاسترجاع أراضيهم الّتي استملكها المصنع للنفع العام، وجاء قرار التّفسير الّذي أصبح لاحقًا مُتقدِّمًا على القانون الأصلي بأنَّ أيَّ استملاكٍ للنفع العام. وتصرَّفَتْ به الحكومة سواءً بالبيع أو التأجير أو ….. يُعتبر نفعًا عامًّا ممّا أفقد أهالي الفحيص حقوقهم من الأراضي المُستملكة.
-تقدَّم أهالي الفحيص ومؤسَّساتها، بحضور عددٍ من النوّاب في حينه وهم الدُّكتور فوزي الطعيمة والمهندس جمال قموه والصحفي نبيل غيشان، بشكوى لهيئة مكافحة الفساد تُطالِبُ بالتَّحقيق في قضيّة بيع أراضي الإسمنت مُستندةً بذلك لتقرير لجنة تقييم التخاصية إلّا أنَّ الهيئة حفظَتِ القضيّة ولم تردّْ على المُطالبة حتّى بورقةٍ مكتوبةٍ!!!!!!.
بعدها برزت في الواجهة قضيّة الإعسار الّتي تمَّ وضع قانون لها من مجلس الوزراء عندما كان نائب رئيس الوزراء للشّؤون الاقتصاديّة جواد العناني في حكومة الملقي الثّانية عام ٢٠١٧.
قرَّر مجلس الوزراء في جلسته الّتي عقدها أمس الاثنين، برئاسة رئيس الوزراء الدُّكتور هاني الملقي، الموافقة على مشروع قانون الإعسار لسنة 2018 وإرساله لمجلس النوّاب بصفة الاستعجال.
بعد إقرار قانون الإعسار عيَّن العناني رئيسًا لمجلس إدارة الإسمنت لافارج ٢٠١٩ واستقال في العام 2020.
وقال في بيانٍ له :”قدّمتُ استقالتي من رئاسة مجلس إدارة شركة مصانع الإسمنت الأردنيّة ‘لافارج’. الشّركة فازتْ بقرار المحكمة القاضي بالدُّخول تحت قانون الإعسار والأنظمة الصّادرة بموجبه، وتمَّ تعيين مدير للإعسار. كما أنَّ الشّركة وصلَتْ إلى وضعٍ يمكِّنُها من إعادة هيكلة نفسها ماديًّا وإداريًّا، وتقديم مُنتجٍ أردنيٍّ استراتيجيٍّ بمستوى عالٍ من الجودة. أدعو مسؤولي الشّركة إلى الحفاظ على الصّناعة الوطنيّة المُتميّزة، وأتمنّى لهم تجاوز الصِّعاب الماليّة عبر قانون الإعسار الّذي يُطبَّقُ للمرّة الأولى على شركةٍ أردنيّةٍ”.
يعني جاء لتنفيذ أهدافها واستقال! انظروا الفهلوة والشطارة والحرص على مصالح الشركة والاستثمار الفاشل، علمًا أنَّه كان وبحسب قانون الإعسار يجب أنْ يتمَّ محاسبة من تسبَّبوا في خسائر الشّركة وإيقافهم عن العمل لحين صدور قرارٍ قضائيٍّ.
ونلاحظ هنا أنَّ الشركة لم تحافظْ على الاستثمار كما دعاها العناني بل تحوَّلت إلى سمسار أراضي هدفه الاستفادة من ثمنها على حساب الفحيص والأردن بعد أنْ حقَّقَتْ ملايين الدنانير من الأرباح بسبب استغلال العمّال ورفع أسعار الإسمنت..
كانَتِ الحقوق العماليّة، يقول نقيب العاملين في البناء، محمود الحياري، من بين المطالبات الّتي قدَّمتها النّقابة لوكيل الإعسار، وكانت الّنقابة أيضًا من بين الجهات الّتي استأنفَتْ قرار الإعسار. كما قدَّمَتْ قبلها إنذارًا عدليًّا للشّركة سببه مخالفتها اتفاقيّاتٍ عُمّاليّةً سابقةً، في ما يتعلَّق بالتّأمين الصحّيّ للعاملين، وأيضًا للمُتقاعدين حيث كان منح تأمينٍ صحيٍّ لمن لم تقلْ مدّة خدمته في الشركة عن 10 سنواتٍ، جزءًا من اتفاقيّات تسريحهم.
لقد أعادَتِ الشركة تعريف العائلة، وحصرَتِ التّأمين الصحّيّ بزوجةٍ واحدةٍ، وألغتْ تأمين البنات والأبناء ممَّن تزيد أعمارهم عن 18 سنة، إلّا في حالة كانوا طلّابًا، ووضعَتْ في هذه الحالة سقفًا للعمر هو 23 سنة. كما حدَّدَتْ سقفًا لزيارات الأطباء هي 12 مرّة في السّنة، وحدَّدَتْ سقفًا للمُعالجة هو 10 آلاف دينار لكلِّ حالة دخول للمستشفى، بسقف 100 ألف دينار سنويًّا. لكنَّها ذكرت بأنَّه سيكون هناك لجنة تدرس الحالات الّتي «تستدعي» تجاوز السّقف، ترفع توصيتها إلى الرئيس التنفيذيّ للشّركة. وكلُّ هذه تعديلاتٌ جديدةٌ بحسب الحياري، وهي مخالفةٌ لنظام الخدمات الطبيّة للمُستخدمين، ولبنود الاتفاقيّات العمّاليّة الّتي سُرِّحَ بموجبها العُمّال. كما أنَّ التّأمين الصحّيّ في النهاية لم يكن مجانيًّا، فقد دفع العُمّال ثمنه أثناء سنين الخدمة، وما بعدها. يقول الحياري إنَّ العامل على رأس عمله يدفع نسبة 4.5% من راتبه للتأمين الصحّيّ، يُخصَّص منها 2.5% لتأمين ما بعد التّقاعد، وهي نسبة يستمرُّ بدفعها بعد التّقاعد من راتب الضمان الاجتماعيّ.
وأشير هنا إلى أنَّ الحكومة حلَّتْ نقابة العاملين في البناء ودمجتها مع نقابةٍ أخرى لديها اليد الطولى عليها، وبالتالي تمّ منع عُمّال الإسمنت من المُطالبة بحقوقهم.
أخيرًا كلُّ من يقرأ تسلسل هذا المؤامرة يتأكَّد أنَّ الحكومات المُتعاقبة قد فقدَتْ عقلها الاستراتيجيّ وفرَّطَتْ بمستقبل وأصول الفحيص والمنطقة، بما فيها أراضي الطفيلة المقام عليها مصنع الإرشاديّة تحت شعاراتٍ برّاقةٍ مثل الحفاظ على الاستثمار، رغم أنَّ ذلك يُعتبر تفريطًا واستسلامًا ورعبًا من الشركات الأجنبيّة خاصّةً وأنَّ الكلَّ يعلم أنَّه كان هنالك تدخُّلاتٌ ولقاءاتٌ مع الحكومة الفرنسيّة على أعلى المُستويات لتسهيل أمور شركة لافارج .
أخيرًا لابدَّ من التّأكيد إلى أنَّ ما أوصلنا إلى هذا الواقع المُتردّي وتسبَّبَ في خسارتنا لحقوقنا ومستقبل مدينتنا هو سوء إدارة الملفِّ وطغيان الخلافات الشّخصيّة والمصلحيّة والولاءات الزّائفة للمسؤولين الحكوميين وخلق تبريرات بأنَّ هذه القضيّة قانونيّة وغياب الفهم السّياسيّ لها بأنَّ الحكومات هي المسؤولة وهى من فرضَتْ القوانين وفسَّرتها وطوَّعتها لخدمة لافارج على حساب الفحيص والمنطقة والمجمع المحلّيّ.
عذرًا على الإطالة لكن هذا غيضٌ من فيضٍ.
مرفق سند تسجيل استملاك الأراضي للنفع العامّ للأمانة ومن حصل على هذه المستندات المرحوم راضي زيادات من خلال دائرة المكتبة الوطنيّة.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.
No comment yet, add your voice below!