
السابق الأبّ رفعت بدر يُقدِّم لوحة لكنيسة المغطس للبابا فرنسيس ويخبره عن معرض الأردن الوشيك في الفاتيكان
أدهم غرايبه*
لعلّها أوّل مرّة انتقد فيها المسيحيّين…
أحيانًا أشعر أنّهم بإنتظار أي معتوه طائفيّ يتحدّث بشكلٍ معادي لهم ليقولوا “أجت والله جابها”.
فتتعاظم لديهم فكرة الهجرة وترك البلاد الّتي هم مِلحُها وأساسُها.
لا يمنعني كوني “مسلمًا” أن أقول ان للطقوس و التّراتيل المسيحيّة جمالها وأنَّ للكنائس فنَّها البديع وسحرها الخاصّ، وتبدو أعياد المسيحيّين أكثر بهجة. وأجدُ أنَّ أوفى وأنبل أصدقائي من المسيحيّين حصرًا .
وأنَّ المسيحيّ الأردنيّ أكثر تمسُّكًا بتراثنا من المسلم الأردنيّ، وأستغربُ كيف لا يكون بابا اللّاتين وبابا الأرثوذكس مسيحيًّا مشرقيًّا إمّا من بيت لحم أو الكرك؛ فالمسيح ابن هذه الأرض؛ وقد تعمَّد بماء نهر الأردن. وكيف لا نستثمرُ “نحن” المسلمون من أهل الأردن وفلسطين وسوريا ولبنان تحديدًا في فكرة أنَّ المسيح ابن هذه الأرض و نوظِّفها لخدمتنا عالميًّا؟!
و لكن كلّ ما ورد لا يتعارض مع القول أنَّ بعض المسيحيّين لا يُدرك حقيقة أنَّ أغلب ضحايا تيّارات التعصُّب الإسلاميّة هم من المسلمين أنفسهم، أكثر من المسيحيّين!
وأنَّ الطّوائف الإسلاميّة من سُنّة وشيعة تُكفِّر بعضها؛ لا بل إنَّ أبناء الطّائفة الواحدة يُكفِّرون بعضهم كما يحدث بين السّلفيّين والصّوفيّة والأشاعرة وغيرهم.
كوطنيّ أردنيّ يؤسفني هجرة أي مسيحيّ عربيّ من أرضه.. يؤسفني أن أعدادهم في تناقص…
بحوزتي كلمة واحدة مختصرة أرجو أن تكون خفيفة لطيفة على قلوبكم، أقولها من باب المحبّة و بدوافع وطنيّة.. أنتم زينة البلاد وعبقها و جذوركم فيها أعمق من أنْ تقتلعها تيّارات مشبوهة ومموّلة ومُصنّعة من خارج المنطقة أصلًا، وإن كانت تجد في بعض أبناءها حطبًا لنيران التّفرقة..
من غير المقبول كُلّما دقّ كوز التعصُّب بجرّة التوحُّش أن يتمَّ الحديث عن الهجرة وترك بيوتنا وأراضينا…
أرجوكم.. لا تصلبوا المسيح مرّتين!
*أدهم غرايبه صحفيّ أردنيّ
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.
No comment yet, add your voice below!