
السابق النور المقدّس يدخل الأردن- صور
ألفرد عصفور
نحتفل بعيد القيامة المجيدة. وفي كلِّ عامٍ على مدى السّنوات كان هناك تساؤلٌ مشروعٌ لدى المؤمنين، كيف نُحيي ذكرى الصلب والموت والدفن يوم الجمعة ونحتفل بالقيامة يوم الأحد، وبعد ذلك نعلن في قانون الإيمان “وقام في اليوم الثالث”.
فالمدّة من غروب يوم الجمعة حيث كان الصّلب والدّفن قبل الفصح اليهوديّ، بحسب التّقليد السّائد، إلى فجر الأحّد حيث كانَتِ القيامة المجيدة، ليست ثلاثة أيّام وثلاث ليال كما قال. ففي أيّ يوم وقع الصلب والموت والدفن؟.
الإنجيل المُقدَّس لا يوضِّح الأمر بشكلٍ مباشرٍ ولا يُفصِّلُه. لكن الإنجيل يتحدَّث بلسان يسوع عن ثلاثة أيام وثلاث ليال، والتقليد يجعلها يوم وليلتين فكيف نوفق بينهما وماذا نتبع؟.
البحث الدّقيق في النصّ الإنجيليّ لا يعطينا جوابًا شافيًا، وعلماء الكتاب المُقدّس لم يحسموا الأمر بشكلٍ جذريٍّ، فكان هناك مدرستان ونظريّتان، ويمكن أن نطلق على الأولى اسم نظريّة قيامة السبت وعلى الثّانية اسم نظريّة قيامة الأحّد. وأصحاب كلّ نظريّة يدعمونها بالنصّ الإنجيليّ وبالتفسير المستند إلى علم الكتاب.
فهل مكث يسوع في جوف الأرض فعليًّا ثلاثة أيّام وثلاث ليال كما قال؟ أم هل يمكن أن تكون المدّة ما بين غروب الجمعة وفجر الأحد ثلاثة أيّام كاملة؟
لقد أوضح يسوع أنَّ الآية الّتي سيعطيها للنّاس هي آية يونان النبي. ” فكما بقي يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال فكذلك يبقى ابن الإنسان في جوف الأرض ثلاثة أيّام وثلاث ليال” (متى 12/40). وفي العهد القديم، في سفر يونان النبي “فأعد الرَّبُّ حوتًا عظيمًا لابتلاع يونان فكان يونان في جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال” (يونان 2/1). وعندما يتمثّل يسوع حال يونان فيقول إنّه سيبقى في القبر ثلاثة أيّام وثلاث ليال فهو يعرف ما يقول، لأنّه يعلم أنَّ الليل اثنتي عشرة ساعة وكذلك النهار، فهو القائل “أليست ساعات النهار اثنتي عشرة ساعة”؟ (كما في يوحنا 11/9) لذلك فعندما قال إنَّ البقاء في القبر سيكون ثلاثة أيّام وثلاث ليال فهو يعرف أنها اثنتين وسبعين ساعة وليست نصفها أو أنقص منها أو أكثر. فقد كان يُعلِّمُ تلاميذه ويقول لهم “إنَّ ابن الإنسان سيسلم إلى أيدي الناس، فيقتلونه وبعد قتله بثلاثة أيام يقوم” (مرقس 9/31). وفي الرسالة الأولى إلى أهل قورنثوس يقول الرسول بولس: “وإنه قبر وقام في اليوم الثالث”. أي أنَّ موت يسوع وقيامته كانت كما جاء في الكتب وليست مضادة لها.
السائد عند النّاس أنَّ الصلب كان يوم الجمعة والموت والدفن أيضًا وأنَّ القيامة كانت صباح الأحد. لكن هذه الفترة لا تعادل ثلاثة أيام وثلاث ليال، والإنجيل وإن قال مباشرةً وصراحةً أنَّ القبر كان فارغًا صباح الأحد فإنّه لم يقل مباشرة وصراحة أن الصلب والموت والدفن كان يوم الجمعة. ومن هنا تبدأ مجادلة أصحاب قيامة السبت. واستنادًا إلى نص الإنجيل يجب أن تكون الفترة في جوف الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال حسبما قال يسوع.
ومن هنا يتمسك أصحاب قيامة السبت بالقول أنَّ القيامة كانت في ذلك اليوم لأنَّ الصلب والموت والدفن كان يوم الأربعاء وليس الجمعة، وذلك استنادًا إلى التقليد اليهوديّ في تعيين يوم الاحتفال بعشيّة الفصح ويوم عيد الفصح، فهم يقولون بأنَّ يوم الأربعاء هو المرجح لأنَّ الإنجيل يقدم صفة لليوم الذي تم فيه الصلب والموت والدفن وتلك الصفة هي أن ذلك اليوم كان يوم التهيئة وبعض الترجمات تسميه يوم الاستعداد، وهي صفة مثبتة في الأناجيل الأربعة: “وفي الغد أي بعد يوم التهيئة للسبت” (متى 27/62)، “وكان المساء قد اقبل ولما كان ذلك اليوم يوم التهيئة، أي الذي قبل السبت” (مرقس 15/42)، “وكان اليوم يوم التهيئة وقد بدأت أضواء السبت” (لوقا 23/54)، “وكان ذلك اليوم يوم تهيئة الفصح” (يوحنا 19/14)، وهذه الآية مكررة في يوحنا 19/31 وفيها إشارة إلى أن ذلك السبت كان يوما مُكرَّمًا، ويفسر أصحاب قيامة السبت أن عبارة “يوم مكرم” تعني يوم عيد، أي أن اليوم التالي للتهيئة كان عيدا، والعيد بحسب التقليد اليهودي ثابت في الرزنامة ومتغير في الأيام، وعشية الفصح اليهودي ثابتة في الرابع عشر من نيسان (أبيب) العبري وقد يأتي في أي يوم من أيام الأسبوع وليس بالضرورة أن يكون ذلك السبت هو السبت الأسبوعي العادي ولكن يطلق على كل عيد صفة السبت “شبات” بالعبرية.
وبحسب الإنجيل أيضًا، يرى أصحاب قيامة السبت أنَّ الآية التي تشير إلى طلب اليهود وضع حجر كبير على باب القبر أشارت إلى أن الدفن كان يوم التهيئة أي اليوم السابق للفصح، إذ يشير الإنجيل إلى أن ذلك الطلب كان غداة يوم التهيئة (متى 27/62). أي أن يسوع مات على الصليب ودفن قبيل غروب ذلك اليوم. فمكث يسوع في القبر من غروب يوم الأربعاء إلى غروب السبت وهي ثلاثة أيام وثلاث ليال كما قال.
وبحسب أصحاب قيامة السبت يمكن إعادة ترتيب الأحداث كما يلي:
دخل يسوع أورشليم ظافرًا يوم الأحد، وطرد الباعة والصيارفة من الهيكل يوم الاثنين، وكان العشاء الأخير مع تلاميذه مساء الثلاثاء. وفي اللّيل خانه يهوذا وسلَّمه اليهود إلى الرومان. وبدأت مسيرة الآلام من صباح الأربعاء بعد المحاكمة، وعند منتصف الأربعاء الّذي كان يوم التهيئة بحسب الإنجيل سُمِّرَ يسوع على الصليب ومات مُعلّقًا عليه عند نحو الساعة الثالثة ودُفِنَ قبيل الغروب في القبر الّذي أعدّه يوسف الرامي.
استنادًا إلى ذلك التحليل تكون القيامة حدثت عند غروب شمس يوم السبت أي بعد ثلاثة أيّام وثلاث ليال على الدفن كما قال يسوع بنفسه. وما يقوله الإنجيل عن كون القبر كان فارغًا في صباح يوم الأحد لا ينفي أنَّ القيامة كانت قد حدثت بالفعل قبل ذلك. فالنص الإنجيليّ لا يتحدَّث عن قيامة يسوع فجر الأحّد وإنّما يتحدَّث عن زيارة المريمات إلى القبر لتطييب جسد يسوع. فالمريمات اشترين الطيب والبخور بحسب الإنجيل بعد يوم العيد، فالعيد كان الخميس واشترين الطيب والبخور “لمّا انقضى السبت” أي لما انتهى العيد، وفي يوم السبت الأسبوعيّ لم يفعلن شيئًا بحسب الناموس وبكَّرْنَ فجر الأحد فوجدن الحجر قد تدحرج وبشرهن الملاك بالقيامة. ويستند أصحاب قيامة السبت إلى آيات الإنجيل التي تشير إلى زيارة القبر فجر الأحد، ففي متى نقرأ: “ولما انقضى السبت وطلع فجر يوم الأحد جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى تنظران القبر” (متى 28/1)، وفي مرقس نقرأ: “ولما انقضى السبت اشترت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة طيبا ليأتين به فيطيبنه” (مرقس 16/1) وفي الآية التالية يقول “وعند فجر الأحد جئن إلى القبر وقد طلعت الشمس” (مرقس 16/2) فيجعل مرقس فترة زمنية بين الشراء والزيارة إليها يستند أصحاب قيامة السبت على التفريق بين سبت العيد والسبت الأسبوعي أي أنهن اشترين البخور والطيب ومكثن في البيوت يحضرنه إلى انقضاء السبت الأسبوعي وذهبن فجر الأحد إلى القبر.. وفي لوقا نقرأ “وعند فجر يوم الأحد جئن إلى القبر وهن يحملن الطيب الذي أعددنه” (لوقا 24/1)، وفي يوحنا نقرأ “وفي يوم الأحد جاءت مريم المجدلية إلى القبر عند الفجر” (يوحنا 20/1).
كلّ هذه الآيات تشير إلى أنَّ وصول المريمات إلى القبر كان فجر الأحد وكانت القيامة قد تمت قبل بدء يوم الأحد إذ كان اليوم بحسب الناموس اليهودي يبدأ بشروق الشمس وينتهي بالمغيب. وبحسب أصحاب قيامة السبت فإنَّ الإنجيل لا يقول مباشرةً وصراحةً أن يسوع قام من القبر يوم الأحد، ومع أنَّ الآية 9 من مرقس 16 تقول “وقام يسوع فجر الأحد” فهؤلاء لم يفسروها بأنّها القيامة ذاتها وإنّما قصد بها القول أنّه قام بالظهور لمريم المجدلية. والقبر فجر الأحد كان فارغًا. فهل جاءت النسوة إلى القبر للاحتفال أم أنهن جئن في أوّل فرصة أمكنهن ذلك لتطييب جسد يسوع؟ فعندما وصلت النسوة كان يسوع قائمًا من القبر والقبر أضحى فارغًا وملاك الرب هناك قال لهن “إنه ليس ههنا فقد قام كما قال” (متى 28/6) ويرى أصحاب قيامة السبت أنَّ كلام الملاك للنسوة في الأصل اليوناني “بعبارة “قد قام” كانت فعلا تامًّا أي في حالة present perfect بما يعني أن يسوع لم يقم في يوم الزيارة وإنما في يوم الزيارة كان في حالة قيامة.
ولكن في مقابل هذه الأطروحة المفصلة التي يقدمها أنصار قيامة السبت توجد أطروحة مضادة لأنصار قيامة الأحد لا تقل عنها منطقًا ولا تفصيلًا.
أنصار قيامة الأحد يستندون إلى الشائع بين الناس بأن الجزء من اليوم هو يوم. وهم يفسرون الأيام الثلاثة على أنها ثلاث مراحل موزعة على ليل ونهار وليل ثم القيامة. والقيامة حدثت بالنسبة لأصحاب قيامة الأحد في اليوم الثالث وليس بعد اليوم الثالث. ويستند هؤلاء إلى آيات الإنجيل. وهي آيات تثبت أن الموت سيكون في ليلة الفصح اليهودي. فقد قال يسوع لتلاميذه بعد دخوله أورشليم “تعلمون أن الفصح يقع بعد يومين، فابن الإنسان يسلم ليصلب” (متى 26/2). أي أن الصلب وبالتالي الوفاة والدفن ستكون يوم فصح اليهود وهو يوم التهيئة للعيد.
هل كشف القبر الفارغ قبل شروق يوم الأحد أم بعد الشروق؟ فاليوم بحسب الناموس اليهودي يبدأ بالشروق. وكل الآيات التي تتحدث عن زيارة المريمات إلى القبر تشير إلى أن الزيارة تمت في الصباح وقد بزغ الفجر أو طلعت الشمس، وهذا ظاهريًّا يؤيد أصحاب قيامة السبت لكن أصحاب قيامة الأحد لديهم مجادلة رائعة بهذا الخصوص. فإذا أخذنا بقيامة السبت والأيام الثلاثة والليالي الثلاث حرفيًّا فإنَّ يسوع قام من القبر عند غروب يوم السبت الذي يسبق يوم الأحد. وهذا معناه أن الحجر الكبير تدحرج عند حوالي الساعة الثالثة من بعد ظهر السبت. فهل لم يشهد ذلك الحدث أحد؟ ولا حتى الحراس الذين وضعهم بيلاطس؟ والإنجيل يقول انه عند دحرجة الحجر “كان منظره (ملاك الرب) كالبرق ولباسه أبيض كالثلج، فارتعد الحرس خوفا منه وصاروا كالأموات” (متى 28/3 و4) فهل اخفى الحرس الأمر طوال الليل؟.
كما يجادل أصحاب قيامة الأحد باستخدام آية أخرى من الإنجيل بحسب لوقا إذ قال يسوع “ها إني اطرد الشياطين واجري الشفاء اليوم وغدا، وفي اليوم الثالث ينتهي امري” لوقا 13/32، وفي ترجمة أخرى “وفي اليوم الثالث أكمّل”. وتفسير عبارة ينتهي أمري لا تعني انتهاء رسالة يسوع بل تعني ساعة اكتمال الفداء بالقيامة. كما يتمسك أصحاب قيامة الأحد بالآية في إنجيل مرقس 16/9 التي تقول “قام يسوع فجر الأحد فتراءى أولا لمريم المجدلية” ويرون أن هذا النص لا يدع مجالا لأي تشكك في أن القيامة كانت يوم الأحد. غير أن أصحاب قيامة السبت كما سبق يرون أن النص لا يعني القيامة
الفعلية يوم الأحد وإنما يشير إلى حالة قيامة كانت قد حدثت قبل ذلك.
أصحاب قيامة الأحد يستندون أيضًا إلى الآية 32 من لوقا 13 الّتي يقول فيها يسوع وفي اليوم الثالث. أي أنَّه لم يقل بعد اليوم الثالث وإنما في اليوم الثالث عينه أي يوم الأحد وإلّا صار المكوث في القبر أربعة أيام وليس ثلاثة. كذلك يعتمدون الآية 21 من متى 16 “وبدأ يسوع يظهر لتلاميذه أنَّه يجب عليه أن يذهب إلى أورشليم ويعاني آلامًا شديدة من الشيوخ وعظماء الكهنة والكتبة ويقتل ويقوم في اليوم الثالث” وكذلك الآية 22 من لوقا 9 ” ويجب على ابن الإنسان أن يعاني آلامًا شديدة وأن يرذله الشيوخ وعظماء الكهنة والكتبة وأن يقتل ويقوم في اليوم الثالث”. ومع أنَّ مرقس يقول في الآية 31 فصل 8 “أن ابن الإنسان يجب عليه أن يعاني آلامًا شديدة وأن يرذله الشيوخ وعظماء الكهنة والكتبة وأن يقتل وأن يقوم بعد اليوم الثالث” فإن أصحاب قيامة الأحد يصرون على أنه لا داعي لأن يبقى يسوع في القبر ثلاثة أيام وثلاث ليال كاملة مكتفين بأن الجزء من اليوم يعني يومًا. وعليه فسيرة الموت والقيامة كانت أيام الجمعة والسبت والأحد في أي وقت منهم وليس بالضرورة إتمام اليوم كله فلكيًّا.
أصحاب قيامة الأحد يعتمدون حجة إضافيّة تبدو معقولة أيضًا ومنطقيّة وهي حجة تلميذيّ عمواس. يرى هؤلاء أن ظهور يسوع لتلميذيّ عمواس يثبت أنَّ القيامة كانت يوم الأحد وليس قبل ذلك. تفاصيل قصة تلميذي عمواس معروفة للجميع، وبحسب إنجيل لوقا فقد التقى التلميذان يسوع في الطريق وأخذا يحدثانه عما وقع في أورشليم وكيف أنه كان ذلك هو اليوم الثالث منذ وقعت تلك الأحداث. وفي الآية 21 من لوقا 24 “وكنا نحن نرجو أنه هو الذي سيفتدي إسرائيل ومع ذلك كله فهذا هو اليوم الثالث مذ جرت تلك الأمور”. الثالث” لوقا (24/46). وبهذا حسب أصحاب قيامة الأحد يكون يوم الأحد ثالث ثلاثة أيام شهدت عمل الفداء، ويكون اليوم الثاني هو يوم السبت واليوم الأول هو الجمعة، وتلك الأمور شرحت في الآية التي سبقت هذه الآية. أي أنه في يوم الأحد كان قد مر ثلاثة أيام على الصلب والموت والدفن. وفي وصايا يسوع الأخيرة لتلاميذه بحسب إنجيل لوقا قال لهم “كتب أن المسيح يتألم ويقوم من بين الأموات في اليوم الثالث”.
يتفق أصحاب قيامة السبت وأصحاب قيامة الأحد في مسألتين اثنتين، الأولى أن الصلب والموت والدفن كان في يوم يوصف بأنه يوم التهيئة، أي عشية الفصح قبيل يوم العيد. والثانية أنه في يوم الأحد كانت القيامة قد حدثت والفداء قد تم. لكن الخلاف الذي تسبب في تباين وجهتي النظر هو تحديد يوم التهيئة في تلك السنة التي شهدت عمل الفداء: هل كان يوم الأربعاء أم كان يوم الجمعة. والخلاف ناجم عن تحديد السنة ومضاهاتها بالجداول الفلكية التي تحدد رزنامة تلك السنة.
لا يشك أحد في أن يسوع صلب ومات وقبر في اليوم الذي سبق عيد الفصح اليهودي، أي عشية الفصح وكان ذلك بحسب الرزنامة اليهودية الرابع عشر من أبيب نيسان. ولتحديد ما هو ذلك اليوم بالنسبة لأيام الأسبوع يتعين معرفة في أي سنة عبرية تم ذلك وما يقابلها من السنوات الميلادية.
كان الشائع أن يسوع ولد في السنة الميلادية الأولى. واعتمادا على هذا يكون عمل الفداء تم في العام 33 للميلاد. لكن العلماء أثبتوا في وقت لاحق أن عمل الفداء تم في إحدى السنوات ما بين عامي 27 و33 للميلاد. ويعتقد علماء كثيرون أن الميلاد كان قد حدث قبل العام الميلادي الأول بحسب التقويم لأنهم اكتشفوا وقوع خطأ في تحديد السنة الأولى من التقويم المسيحي. وبناء عليه يكون عمل الفداء قد تم في العام الميلادي الثلاثين بحسب الرزنامة الحالية وتلك السنة توافق السنة 3790 عبرية. فإن ثبت هذا الأمر فإن يوم التهيئة للفصح في تلك السنة وقد كان في 14 نيسان عبري يوافق يوم الأربعاء الثالث من نيسان بحسب التقويم المسيحي. وبحساب ثلاثة أيام كاملة تكون القيامة يوم السبت.
أما في حال ثبوت أن عمل الفداء كان في العام 33 للميلاد فإن يوم التهيئة في تلك السنة وهو 14 نيسان العبري يوافق يوم الجمعة الأول من نيسان بحسب التقويم المسيحي.
أخيرًا هل يمكن إيجاد إثبات تاريخي وبرهان أكيد بتحديد اليوم والسنة والوقت بدقة لمعرفة ما إذا كانت القيامة يوم الأحد عند الفجر أم كانت قبيل غروب يوم السبت؟ الجواب أنه لا يوجد إثبات مثل هذا ولكن لا يوجد أيضا أي نفي لإمكانية حدوث القيامة يوم الأحد أو فجر الأحد. فهل هذا الأمر بتلك الأهمية لكي يتشكل بناء عليه إيماننا بالفداء والقيامة؟ لو أن الأمر بتلك الأهمية التي يترتب عليها الإيمان لكان الإنجيل كتبها بصراحة ووضوح. فالإيمان بالفداء والقيامة نعمة إلهية لا يحتاج فيها المسيحي إلى برهان مادي. وسواء كان الموت يوم الأربعاء أم يوم الجمعة، وسواء كانت القيامة يوم الأحد أم يوم السبت فالمهم أن يكون الإيمان بالفداء والقيامة راسخا فينا لكي نسعد مع السيد المسيح في قوله “طوبى لمن يؤمنون ولم يروا” (يوحنا 20/29).
ملاحظة: (جميع الآيات الإنجيلية الواردة في البحث مقتبسة من طبعة الكتاب المقدس من منشورات دار المشرق في بيروت في العام 1989)، وتحويلات الميلادي والعبري مأخوذة من هذا الموقع: https://www.hebcal.com/
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.
No comment yet, add your voice below!