Skip to content

قانون الأحوال الشخصية للاردنيين المسيحيين: بين قناعات المجتمع واعرافه وتقاليده

رابط المقال: https://milhilard.org/wfx6
سلاسطة2
رابط المقال: https://milhilard.org/wfx6

بقلم المحامي احسان سلايطة

بدأ سريان تطبيق أحكام  “قانون العائله المسيحيه لطائفه الروم الأرذوكس” إعتبارا من تاريخ ٢٠٢٤/٣/١ مواكبا بذلك تطورات ومستجدات الحياة,فهو قانون وضعي عصري وريث قانون العائله البيزنطي المطبق على مسيحيي الأردن منذ ما يزيد عن ٨٠٠ عام. يتكون القانون بالمجمل على (٢٦٥) مادة موزعة على أربعة أبواب ,يعالج من خلاله مسائل (الأحوال الشخصية والتبني وأحكامه وقانون الوصايا والمواريث وأخيرا التركات والتخارج والوقف ) ،

وحسن ما فعل المشرع الكنسي باستحداث العديد من التعديلات الجوهرية بأحكام الإرث والوصايا والتبني وتأهيل المقبلين على الزواج وتحسين ظروف الاسره المسيحيه للازواج والأطفال وغيره ,بالمجمل جاء القانون بصيغة حضارية عصرية .

مع الأخذ بعين الإعتبار قرار غبطه بطريرك الروم الأرذوكس بتأجيل تنفيذ أحكام الباب الثالث من ذات القانون المتعلق ب(الوصايا والمواريث) و(التبني) لأهميته ومساسه المباشر بحياة الاسرة المسيحيه بالاردن والتي تستوجب خطوة دستورية تشريعية لاحقة بعرضه على مجلس الأمه لمناقشته والسير باجراءات إقراره دستوريا  مصادقة جلالة الملك عليه ونشره بالجريدة الرسمية .

من جانب آخر ,, توجد تشريعات وطنية نافذة ومتوافق عليها وتنسجم مع عاداتنا واعرافنا فأحكام “الإحتضان” مثلا تعتبر نقله نوعيه في التطّور التشريعي الاردني حيث نص على أحكام حضانة الأطفال بعد انفصال الأبوين أو موتهما أو انقطاع صلة القرابة لأي طفل (يتيم) مع أقاربه بعيداً عن مبدأ (التبني)  بموجب قانون الحضانة الجديد لسنه ٢٠٢١ في الأردن وهو ثمرة تعديل مواد قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم ١٥/لسنة ٢٠١٩ وتغني نصوصه إلى لجوء المشرع الكنسي -مع الاحترام- لمبدأ التبني أسبابه الموجبة بنص القانون .

رأي اخر: “مشروعية التبني كما جاءت في الكتاب المقدس” اكبس هنا

فضرورة الحفاظ على الأنساب والأعراق وعدم التحايل على قناعات نسب أفراد الأسر المسيحية مطلب شعبي لا يقتصر فقط على فئة مجتمع بعينها, فجميع مكونات المجتمع الأردني تنتمي أعرق القبائل والعشائر العربية المشرقية , وهو ما يمّز المسيحي الأردني بأنه يجمع بين طيفين عروبة الأصل وبداوه الحال ونرفض إستيراد أفكار المجتمع الغربي الأمر الذي سيساهم بتغيير التركيبة الديمغرافية السكانية للأسر المسيحية الأردنية على مدى بعيد , فحجه التعديل بتشريع مفهوم التبني هو : “لإنقاذ العائلات المسيحية المحرومة من الأطفال بتبني الأيتام من دور الرعاية !!! ” لا تستقيم بوجود قانون وطني عصري رائع بكل المقاييس يسمح بالاحتضان إسوتاً بالأحوال الشخصية لإخواننا المسلمين من أبناء الوطن ,فنحن وهم جزء مكّمل بعضنا البعض بتشكيل مجتمع عربي شرقي متجانس.

حيث أن التوافق على هذه الأحكام من أبناء الطوائف المسيحية في البلاد سيشكل سابقة خطيرة على التركيبة الاجتماعية ووحدة بناء الاسرة المسيحية التقليدية المستمدة من موروث اجتماعي ثقافي ديني لن نُفَرّط به ,الكتاب المقدس يخاطبنا بالحفاظ على زرعنا ونزلنا {مزمور ٣:١٢٧} : ” هوذا البنون ميراث من عند الرب ثمرة البطن اجرة ” وقوامها الرجال بتحّمُل المسؤولية فهم رأس الأسرة وليس من دون المرأة ولا المرأة من دون الرجل في الرب” .

تغيير قناعات المجتمع واعرافه وتقاليده من أصعب التحديات التي يواجهها أي مشّرع إذا ما تعرض القانون لامور يمس وجوده وكيانه بما يتعلق بأحواله الشخصية الأمر الذي يستوجب سحب القانون وتعديل نصوصه والتوافق عليها بالأطر الدستورية .

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

Skip to content