ملح الأرض – ليث حبش

في لقاءٍ خاصٍّ لـ “ملح الأرض“، أكَّدَتْ الأستاذة مها خوري، رئيسة جمعيّة الشبّان المسيحيّة في القدس وهي أوّل امرأة تُنتخب في هذا المنصب في تاريخ المؤسَّسة، أنَّ الجمعيّة ليسَتْ مُجرَّد منظّمة مجتمع مدنيّ، بل هي جمعيّة محلّيّة غير ربحيّة تهدف إلى بناء الإنسان وتعزيز المجتمعات عبر برامج تنمويّة شاملة.

وذكرَتْ خوري أنَّ الجمعيّة تسعى لتحسين الأفراد على الصّعيدين الشّخصيّ والمُجتمعيّ من خلال تطوير مهاراتهم روحيًّا، عقليًّا، وبدنيًّا، وتستند في عملها إلى قيم الاحترام، الأمان، الكرامة، العدالة، والمسؤوليّة.

سيرة رئيسة مجلس الإدارة الجديدة

‎تتمتّع الأستاذة خوري بخبرةٍ واسعةٍ في العمل المجتمعيّ، حيثُ بدأت حياتها المهنيّة في الخطوط الجوّيّة الفرنسيّة قبل أن تنتقل للعمل في جمعيّة الشبّان المسيحيّة كسكرتيرة عامّة لمدّة عامين ثمَّ عملت في عدّة مؤسَّسات منها مؤسَّسة “سنبلة” الّتي تهدف إلى الحفاظ على التُّراث الفلسطينيّ وهي عضو في مجلس إدارة الجمعيّة منذ عام 2008، وتمَّ انتخابها مؤخّرًا لرئاسة المجلس لمدّة أربع سنوات.

دور المرأة في قيادة الجمعيّة

أشارَتْ خوري في حديثٍ لـ “ملح الأرض“، إلى الدّور المُهم الّذي تلعبه المرأة داخل الجمعيّة، موضِّحةً أنَّ النّساء يترأسن ثلاث من برامج الجمعيّة الرّئيسيّة وأكَّدتْ أنَّ الجمعيّة تعتبر دور المرأة في القيادة خطوة هامّة، خاصّةً في ظلّ الظّروف السّياسيّة الّتي تشهدها المنطقة وتعمل النّساء في الجمعيّة في مناصب قياديّة عدّة، بما في ذلك رئيسة مجلس الإدارة الّتي تمَّ انتخابها مؤخّرًا بعد سنوات من العمل المُجتمعيّ.

‎‎خمسة برامج رئيسيّة لخدمة المُجتمع الفلسطينيّ

‎تدير الجمعيّة خمسة برامج رئيسيّة تُساهم في خدمة مُختلف القطاعات المجتمعيّة في فلسطين، حيث تشمل هذه البرامج:

‎برنامج التّدريب المهنيّ – أريحا تأسَّس عام 1951 في مُخيّم عقبة جبر للّاجئين ويهدف إلى تمكين الشّباب الفلسطينيّ، بما فيهم ذوو الإعاقة والصّعوبات التّعليميّة، لتعزيز فرصهم في سوق العمل. يشمل البرنامج تدريب الشّباب في مجالات متنوّعة مثل ميكانيكا السّيّارات، الدّهان، والأنظمة الكهربائيّة، مع تقديم دبلوم مهنيّ بعد عامين من الدّراسة.

برنامج التّأهيل – بيت ساحور تأسَّس في 1989 ويهتم بتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة والنّاجين من العنف السّياسيّ يوفِّر البرنامج خدمات التّأهيل النّفسيّ والمهنيّ لدمج هؤلاء الأفراد في المجتمع وسوق العمل.

 ‎برنامج تنمية المرأة بدأ عام 1993 ويهدف إلى تعزيز دور المرأة الفلسطينيّة في مختلف المجالات الاقتصاديّة والسّياسيّة والثّقافيّة يُقدِّم البرنامج مِنحًا ماليّة ودورات تدريبيّة لتمكين النّساء من إطلاق مشاريعهنَّ الخاصّة، بالإضافة إلى تقديم الدّعم في الزّراعة واستصلاح الأراضي.

‎برنامج المناصرة أُطلق في 2003 بالتّعاون مع مؤسَّسات دوليّة لتمكين الشّباب في قضايا العدالة والسّلام، من خلال حملات تهدف إلى حماية الأراضي الفلسطينيّة، مثل حملة زراعة أشجار الزّيتون الّتي زرعَتْ 47,000 شجرة زيتون في 2023.

‎مركز التّطوير المهنيّ – القدس تأسَّس في 2020 لتزويد الشّباب الفلسطينيّ بمهارات مهنيّة تُناسب احتياجات سوق العمل في القدس. ويعتمد المركز على التّوجيه الوظيفيّ وتقييم المهارات، بدعم من جهات دوليّة مثل ” GIZ ” والحكومة النّرويجيّة.

‎الرّياضة في صميم الأنشطة

‎على الرّغم من تنوُّع برامج الجمعيّة، تبقى الرّياضة جزءًا أساسيًّا من أنشطتها، حيثُ قالت خوري “السّباحة وكرة السّلّة وكرة القدم كانَتْ ولا تزال من أبرز الرّياضات الّتي توفِّرُها الجمعيّة” وعلى الرّغم من التحدّيات الّتي واجهتها الجمعيّة في ظلِّ تنافس الأندية الرّياضيّة الأخرى، لا يزال الإقبال على الأنشطة الرياضيّة مُستمرًّا ومع ذلك، تواجه الجمعيّة صعوبة في التوسُّع بسبب محدوديّة المساحة المُتاحة.

‎‎الخطّة المستقبليّة للجمعيّة

‎وحسب خوري، تسعى الجمعيّة إلى تنفيذ خططها المُستقبليّة وفقًا لرؤية طويلة الأمد، مع التّركيز على تعزيز الشّفافيّة وتحسين النّظام الماليّ والإداريّ وأضافَتْ خوري أنَّ من بين الأهداف المستقبليّة تعزيز برامج التّدريب وتوسيع نطاقها لتشمل فئات أكبر من المجتمع الفلسطينيّ.

‎ختاماً، تؤكِّد خوري أنَّ جمعيّة الشبّان المسيحيّة في القدس ستستمرُّ في جهودها لتنمية وتمكين الأفراد والمُجتمعات الفلسطينيّة عبر برامجها المتنوِّعة، بهدف تحقيق تنميةٍ مُستدامةٍ وعدالةٍ اجتماعيّةٍ.

تعتبر جمعية الشبان المسيحية القدس جزءًا حيويًّا نابضًا وأساسيًّا من الكيان الاجتماعي الفلسطيني ورائدة بين المنظمات غير الحكومية الفلسطينية التي تقوم على خدمة الوطن والمواطنين. وكونها جزءًا من التحالف العالمي لجمعيات الشبان المسيحية، تلتزم الجمعيّة رؤية فريدة للمجتمع الفلسطيني مستندة على القيم العالمية للكرامة الإنسانية والسلام والعدالة.

وقد تأسست الجمعيّة في عام 1949 في خيمة في مخيم عقبة جبر للاجئين بالقرب من أريحا، بجهود فريق من خمسة شبان ملتزمين، ممّن كرسوا أنفسهم لخدمة وتلبية الاحتياجات العاجلة والملحة لآلاف الفلسطينيين الذين تمّ ترحيلهم عن أوطانهم أثر أحداث حرب 1948.

كونها جمعية مسيحية مسكونية تعمل على توفير فرص متكافئة للجميع، تعمل جمعية الشبان المسيحية القدس على تسيير مجموعة متنوعة من البرامج والأنشطة التي تنسجم مع رؤيتها الشمولية لتنمية الشباب والتي تلبي احتياجات المجتمع الفلسطيني.