Skip to content

في سجن إهمال الكنيسة

رابط المقال: https://milhilard.org/1s5w
تاريخ النشر: فبراير 8, 2022 12:12 م
church negligence
رابط المقال: https://milhilard.org/1s5w

بقلم: رعد الصّناع*

  سامي يبلغ من العمر 24 عامًا وكان يتسم بسمات عديدة وصفات حميدة فقد كان مجتهداً في عمله، خلاقاً، مثابراً بالرغم من إعاقته الجسدية والتي تكمن في إعاقته الحركية.  لقد داس بقدميه أشواك التحديات والصعوبات فأصبح ذو شأن عظيم في مجتمعه. لقد كان سامي يحب الرب يسوع المسيح من كل قلبه وكان مواظباً على قراءة كلمة الرب ولكنه صُدم بواقع مر كان بمثابة مسمار دق في قلبه فجرح خلجات نفسه ألا وهو: إهمال الكنيسة له. لقد حاول مراراً كثيرةً أن يصل إلى الكنيسة ولكن بلا جدوى إذ لم يجد من يعينه ويسانده في ذلك.

  هذا هو حال المسيحيين من ذوي الاحتياجات الخاصة فهم يواجهون مصاعب شتى وعقبات عدة في الكنيسة.

فالعقبة الأولى هي انعدام الافتقاد الرعوي لهم. إن الافتقاد الرعوي يلعب دوراً كبيراً في حياة المسيحي المؤمن بشكل عام وفي حياة ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل خاص. لأنه بالافتقاد يشعر الشخص الذي يعاني من صعوبات جسدية يشعر بمحبة الكنيسة له وبأن وجوده مهم وله تأثير في حياة الكنيسة. لكن يا للأسف، فإنه يوجد تقصير كبير من معظم الرعاة في افتقاد مثل هؤلاء بحجة المشغوليات الرعوية والحياتية. لذلك يجب على الرعاة أن يقتدوا بالسيد المسيح له كل المجد الذي كان عوناً لكل إنسان ومفتقداً ومسددًا لاحتياجاتهم.

  ليس من الضروري أن يكون الافتقاد لتقديم المعونة المادية. ولكن يجب أن يكون هدف الافتقاد هدفًا روحيًا فإن المسيحيين من ذوي الاحتياجات الخاصة بحاجة إلى من يرعاهم روحياً بالإضافة إلى المواساة والدعم النفسي لكي يحتملوا صليبهم بفرح ورضى. فالصليب الذي يحملونه على عاتقهم هو صليب ثقيل وصعب ولا يشعر به إلا صاحبه، لذلك فإن الافتقاد سيغيّر كثيرًا في حياتهم.

  أما العقبة الثانية والتي أريد بها أن أختم مقالي فهي: أن الكنيسة لا توفر الدعم اللازم لمثل هؤلاء لكي يستثمروا طاقاتهم في خدمة الرب. فإنه ويا يا للأسف لا زالت نظرة مجتمعنا إلى ذوي الاحتياجات الخاصة نظرة دونية تحمل في طياتها الشفقة التي لا تطعم خبزاً وأنهم أقل من غيرهم. وهذه النظرة تسربت إلى الكنيسة مما أدى إلى أن تكون نظرة بعض الرعاة لهم نظرة دونية. إن ذوي الاحتياجات الخاصة بحاجة إلى من يحتويهم وإلى من يستثمر مواهبهم وطاقاتهم في سبيل خدمة الرب. فالروح القدس أعطى لكل واحد من خلال سر الميرون المقدس مواهب عديدة بحسب ما يوافق كل إنسان والروح القدس لم يميّز بين فلان وفلان. بالتالي يجب على الكنيسة فتح باب الخدمة أمامهم. إضافة إلى ذلك، فإن ذوي الاحتياجات الخاصة يحرمون من تلقي المعرفة اللاهوتية بحجة إعاقتهم. أعرف شخصاً أراد دراسة اللاهوت في إحدى الجامعات في لبنان لكن فوجئ برفض الجامعة له لأنه كفيف. أليست هذه بحد ذاتها عدم احتواء وقبول للآخر؟

  إن من حق كل إنسان مسيحي يعاني من مشاكل في جسده أن يجد في الكنيسة من يحتويه ويتبنى قدراته وإبداعاته، لأن عند مثل هؤلاء طاقات وعطاء لا ينضب. إن في جعبتي كثير لأكتبه ولكن أكتفي بالحديث عن هاتين العقبتين. في ختام هذا المقال فإني أطلب من الكنيسة أن تنظر إلى هذا الموضوع بجدية لإيجاد حلول فعالة لحل تلك المشكلات لأن الكنيسة هي فلك نوح وهدفها خلاص كل إنسان.

  • رعد الصناع مواطن اردني كفيف ويعمل على انهاء اطروحة الدكتورة في الجامعة الاردنية بعنوان “أساليب تدريس اللغة الانجليزية”

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

Skip to content