السابق شارع جريس سماوي في الفحيص- صور
رابط المقال: https://milhilard.org/hx9a
تاريخ النشر: أغسطس 14, 2022 2:03 م
المتحدثون
رابط المقال: https://milhilard.org/hx9a
محمود الخطيب- ملح الأرض
لم يكن الحضور الغفير الذي ملأ جنبات منبر خالد منيزل في الفحيص، مساء السبت، لحضور حفل تأبين الشاعر ووزير الثقافة السابق جريس سماوي، الذي أقامته إدارة “مهرجان الفحيص” ضمن فعاليات دورته الـ30، إلا دلاله على الاثر الانساني والأدبي الذي تركه الشاعر الراحل كنقوش ابداعيه في ذاكرة المشهد الأردني.
الحفل الذي شمل أيضاً تأبين الراحل سليم سماوي شقيق جريس (توفيا العام الماضي تأثراً بمضاعفات جائحة كورونا)، كان دافئاً ومليئاً بالمشاعر الصادقة التي رواها جريس في كتاباته، متعلقاً بالوطن والأرض والحبيبة الغائبة.
جاء حفل التأبين مختلفاً عن السائد، فبدأ بعرض فيلم توثيقي عن جريس، الذي ظل حاضراً في ذاكرة المثقفين، تلاه موسيقى وغناء، حيث أبدعت الفنانة فوز شقير في ترجمة قصائد الراحل إلى حياة جديدة بمصاحبة عازف الساكسفون طوني بطرس.
تحدث في الحفل الذي أداره رفيق جريس، الكاتب والشاعر زهير أبو شايب، كل من وزيرة الثقافة هيفاء النجار، وصديقيه الشاعر المصري أحمد الشهاوي، والشاعر اللبناني شوقي بزيع، ورئيس بلدية الفحيص عمر عكروش، وعن اصدقاء الشاعر الوزير وجيه عزازية.
وقال الشاعر المصري أحمد الشهاوي لـ ملح الأرض “إن حضوره في تأبين سماوي، كان ضرورياً لقربه الانساني والابداعي منه، وأضاف: “عاش جريس سماوي الشاعر المُنصت إلى المعنى في جماله وتعدده على قلق كجده في الكلام المتنبي، الذي كان يعتبرهُ الأب “في القصائد والشعر”، حيث تواشج معه وتناص، كأنه يرتب شاهدة القبر، لتحمل ما جرد وكثف، ويكتب في دفتر الكون سيرته ومسيرته، حاساً بموته المُبكر المفاجىء على استحياء، مُتسائلاً : أقصير طريقنا أم يطول؟”.
من جهته، عبر الشاعر اللبناني شوقي بزيع لـ ملح الأرض أن علاقته بالراحل تأسست في “كنف زمن وردي قبل أن تتحول إلى صداقة عميقة واتفاق عفوي على اقتسام ما يتيسر لنا انتزاعه من غنائم الأرض، وإذا كل من جريس سماوي وحبيب الزيودي المتخرجين من الجامعة الأردنية معاً قد سطعا في سماء الثمانينات بوصفهما ثنائيا شديد التناغم، فقد ظهر التباين بين الطرفين حيث اختيار حبيب مقتفيا خطى عرار أن يقطع الطريق على الأعاصير ليسلبها محمولها من الفوضى والغناء الرعوي، فيما اختار جريس أن يموه اضطراب نفسه بهدوئه الظاهري وأن يشذب أعاصيره من الرعونة ثم يهدي ثلثها للشعر وثلثها الثاني للعشب وثلثلها الباقي إلى النساء”.
ولفت مدير “مهرجان الفحيص” أيمن سماوي في حديثه لـ ملح الأرض إلى أن خطوة القيام بتكريم الراحلان جريس سماوي وسليم سماوي، تأتي عرفاناً لما قدمه من اثر ادبي وانساني في الساحة الفنية والثقافية الأردنية، وقال: “حق الراحل كبير على اهالي مدينة الفحيص، ونسعى لأن نخلد ذكراه مدى العمر، حيث اطلقت بلدية الفحيص اسمه على احد شوارع المدينة”.
وقالت النجار خلال الحفل إن جريس سماوي كان يمثل المعرفة وكان شاعرا استثنائيا وعطوفا وفيلسوفا يمثل الإنسانية، مشيرة إلى أن استذكارنا للشاعر جريس سماوي يجب أن لا يمر بحفل بقدر ما يكون هناك دعوة حقيقية من الكتاب والمفكرين والشعراء لأن نعمل بكل جد من أجل قيم نماذج مثل الراحل سماوي ومن أجل هذا البلد.
وفي كلمة أصدقاء جريس، قال وزير النقل وجيه عزايزة “إننا في هذا اليوم لن نبكي وأن سالت الدموع لأنه مازال فينا حيث كان الفقيد رمزا للحب حيث كان العروبي الأردني الفلسطيني صاحب ثقافة واسعة”.
وقال رئيس بلدية الفحيص عمر عكروش “إننا نلتقي هذا المساء لنجسد معا روح المحبة والإخاء والوفاء الأردني الأصيل من مدرسة الهاشميين على مدى الأزمان والتاريخ، مسطرين اروع العبر والمعاني السامية ومستذكرين رحيل رمزا من رموز الوطن ومدينة الفحيص الشاعر جريس سماوي”.
واستذكر من جمهورية مصر الشقيقة الشاعر أحمد الشهاوي مناقب الفقيد وثقافته، مبينا أنه الشاعر المنصت إلى جماله، مشيراً إلى أنه تم نشر بعض مؤلفاته في مصر ليطلع المصريين على شعره.
ومن لبنان ألقى الشاعر شوقي بزيع قصيدة رثاء صور بها تشابه لبنان والأردن وعلاقتهم بالشاعر سماوي وما يملكه من رقة وادعة، مشيراً إلى أن بلدة الفحيص منحته كل ما يحتاجه من وداعة القلب ونقاء السريرة وكان مقره في الفحيص مكانا لكل مثقفي وضيوف الفحيص.
من جانبه قرأ الشاعر الأردني زهير أبو شايب قبل إدارته الأمسية كلمات شاعرية وقال؛ سلام عليك في مستقرك السماوي يا جريس الحبيب.. سلام على روحك الشفيفة المقطرة مثل حبات الندى.. التي لم تكد تلامسها الشمس حتى رحلت ولم تترك لنا سوى العطش.. سلام على الفحيص وترابها الدافئ الحنون الذي نبت فيها عاشقا.. ثم أبت إليه عاشقا أسرع مما حسبت”.
وأضاف: “ها أنت فينا ومعنا في هذه الأمسية التي يضيؤها قمر مكتمل يعيد تعريف الليل الذي غادرتنا فيه..لكنك لم تتركه خاليا منك.. ولن تدع عتمة فينا إلا وانكببت عليها بقلبك الذي لا يموت ابدا والذي لا ما زال يسطع عميقا عميقا مثل كوكب دريّ”.
وفي نهاية حفل التأبين، كرّم مدير المهرجان أيمن سماوي الضيوف المشاركين، وأوصاهم بأن تبقى ذكرى جريس حية في وجدانهم، أدباً وثقافة وانسانية.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.