السابق انزعوا السلاح من وسائل التواصل.. واروُوا قصصًا مليئة بالرّجاء
رابط المقال: https://milhilard.org/ct01
تاريخ النشر: يناير 27, 2025 3:18 م
المؤتمر الصحفي في المغطس Press conference in the Baptismal site
رابط المقال: https://milhilard.org/ct01
داود كُتّاب
المغطس – عبّر علماء لاهوتيّون عرب وأجانب عن خطورة الصّهيونيّة المسيحيّة وضرورة توسيع الوعي العالميّ حول الضرر الشديد الّذي يُشكِّلُه تحريف الكتاب المُقدَّس لخدمة الاستعمار والاحتلال.
وقال القسّ الدّكتور متري الرّاهب في مؤتمرٍ صحفيٍّ عُقد في موقع المغطس على الضّفّة الشّرقيّة لنهر الأردنّ يوم السبت: “إنَّ الصّهيونيّة المسيحيّة ليسَتْ مُقتصِرة على طائفةٍ مُعيّنةٍ مثل الإنجيليّين أو منطقةٍ مُعيّنةٍ مثل الولايات المتّحدة بل تكمنُ خطورتها في أنّها مدعومة من العديد من الطّوائف وفي غالبية دول العالم”. كما أكَّد أنَّ أهمّيّة المؤتمر هي الرّعاية الهاشميّة والتّركيز على تأثير الصّهيونيّة المسيحيّة على مسيحيّي الشّرق الأوسط.
في الفيديو التّالي كلمة الدّكتور متري الرّاهب.
وشارك في المؤتمر مجموعة من الخبراء والأكاديميّين والقيادات الدّينية العالميّة من 17 دولة من المختصّين في علوم الدّين والتّاريخ والآثار والأنثروبولوجيا ذات العلاقة بالصّهيونيّة المسيحيّة ورؤساء كنائس القدس والأردنّ، وكان المؤتمر الّذي عُقِدَ برعاية سمو الأمير غازي بن محمد كبيرُ مستشاري جلالة الملك للشّؤون الدّينيّة والثّقافيّة والمبعوث الشّخصيّ لجلالته، قد بدأت فعاليّاته في موقع المغطس يوم الخميس تحت عنوان “المسيحيّة الصّهيونيّة وأثرها على المسيحيّين في الشّرق الأوسط”
وقد تمَّ اختيار لجنة من المشاركين تضمُّ رئيس جامعة دار الكلمة في بيت لحم الدّكتور متري الرّاهب، ومدير عام مؤسّسة آل البيت الملكيّة للفكر الإسلاميّ الدّكتور طارق الجوهري، ومدير الصّندوق الهاشميّ لإعمار المسجد الأقصى المُبارك وقُبّة الصّخرة المشرّفة الدّكتور وصفي كيلاني، والمُطران السّابق للكنيسة الإنجيليّة اللّوثريّة في القدس والأردنّ الدّكتور مُنيب يونان، وأستاذ التّاريخ في جامعة شمال تكساس وقسيس في الكنيسة الإنجيليّة الأميركيّة الدّكتور روبرت سميث.
وقال الدكتور جاك سارة رئيس كلية بيت لحم للكتاب المقدس التي كانت أول من انتقد الصهيونية المسيحية في مؤتمراتهم ”المسيح عند نقطة التفتيش“ قال للمؤتمرين أنه ليس من السهل أن تكون فلسطينيًا إنجيليًا. ”لقد شُوه مصطلح الإنجيليين بسبب ارتباط الإنجيليين بمجرمي الحرب الإسرائيليين“. ووصف الصهيونية المسيحية بأنها ”لاهوت بديل هرطوقي استبدل يسوع بإسرائيل.
ومع ذلك، أصرّ على أنه ”لا يخجل من كونه فلسطينياً، حتى عندما يقال لي في وجهي أن شعبي عقبة في طريق خطة الله، وأن علينا أن نترك وطننا لإفساح المجال لليهود“.
ورغم إحباطه، إلا أن القس سارة، وهو راعي في كنيسة اللاتحاد المسيحي في الأرض المقدسة، دعا المؤتمرين إلى ”الحوار والمواجهة والتغيير وإعادة تعاليم السيد المسيح عن السلام والمحبة والمصالحة“. ودعا القس سارة إلى استعادة المعنى الحقيقي للإنجيلي الذي يشير إلى الشخص الذي يحمل بشرى الإنجيل السارة إلى العالم.
قال المطران اللّوثري المتقاعد، منيب يونان، عضو اللّجنة التّحضيريّة للمؤتمر لـ ملح الأرض أنَّه هذه أوّل مرّة نتكلَّمُ كمسيحيّين بصورةٍ موحّدةٍ وواضحة في رفض المحاولات لتسييس الكتاب المُقدَّس لخدمة مصالح سياسيّة واقتصاديّة مُعتبرًا أنَّ الصّهيونيّة المسيحيّة هي عبارة عن “هرطقة” وأنَّ من يستخدم الكتاب المُقدَّس لتبرير الاحتلال و العنف ضدّ المدنيّين هم “خوارج” عن الإيمان المسيحيّ داعيًا كنائس الغرب اتخاذ موقفٍ واضحٍ ضدَّ تلك التّعاليم الضالّة.
تحدَّث أحّد المتحدّثين للمشاركين في المؤتمر عن رحلته من كونه مسيحيًّا صهيونيًّا إلى اعتناق إيمان قائم على العدالة، مُنتقدًا صعود القوميّة المسيحيّة البيضاء وعلاقاتها بالصّهيونيّة المسيحيّة. يصف القسّ الدّكتور ميغيل أ. دي لا توري، أستاذ الأخلاقيّات الاجتماعيّة والدّراسات اللّاتينيّة في كلّيّة إيليف للّاهوت في دنفر الأمريكيّة، كيف أنَّ إيمانه المُبكِّر لقّنه معتقدات تُبرِّر القمع تحت ستار النّبوءة التّوراتيّة، مُشيرًا إلى أنَّه ”لا شيء أخطر على السّلام والعدالة من مؤمن يحمل الكتاب المُقدّس مُقتنعًا بأنَّه مُكلّف بتنفيذ إرادة الله“. يشدّد دي لا توري على ضرورة أنْ يواجه الحُلفاء التواطؤ في أنظمة القمع، ويدعو إلى استهداف ”الوسط المُتحرِّك“ في الجهود المبذولة لتحدّي المُعتقدات الرّاسخة بعمق وتعزيز التّضامن مع المجتمعات المهمَّشة. وقدَّم دي لا توري نصيحة لإخوته المسيحيّين في الشّرق الأوسط. ”بينما تفكِّرون في الاستراتيجيّات التّحرريّة، أرجو أنْ تتذكّروا أنَّه عند التّعامُل مع الصّهاينة المسيحيّين الأمريكيّين، فإنَّكم تتعاملون مع معتقدات لاهوتيّة راسخة، ومواقف يصعب تغييرها – ولكن ليسَ من المُستحيل تغيّيرها. اطلبوا منّا نحن الحلفاء ألّا نتحدَّث نيابةً عنكم، بل أنْ نتحدَّث عن تواطؤنا مع اضطهادكم“.
وفي لقاءٍ خاصٍّ مع ملح الأرض قال الأرشديكون فائق حداد راعي كنيسة الفادي الأسقفيّة في عمّان أنَّ المؤتمر يُعتبر: “خطوةٌ مهمّةٌ في تسليط الضوء على تأثيرات الصّهيونيّة المسيحيّة على مسيحيّي الشّرق الأوسط، ويهدف إلى وضع استراتيجيّات لمواجهة هذه التّأثيرات وتعزيز الوعي حولها.”
وصف المطران يونان المؤتمر انه “متميز” من ناحية الترتيب والبرنامج والحضور. “أن ما قام به سمو الأمير غازي وفريقه أعطى جدية ومصداقية للعمل المشترك والضروري ولا سيما في هذا الوقت بالذات وسيساعد على تغيير في الراي العام المسيحي خاصة في ظل حكومة ترامب والتي تشمل اكبر عدد من المسيحيين الصهاينة في المراكز العليا”.
وكان بطريرك القدس وسائر أعمال فلسطين والأردنّ ثيوفيلوس الثّالث، قد أكَّد في الجلسة الإفتتاحيّة للمؤتمر، أنّ شرعنة الصّهيونيّة المسيحيّة للإبادة الجماعيّة وتأيّيدها للاحتلال والعنف، ليسَتْ جزءًا من المسيحيّة الحقيقيّة، مؤكِّدًا أنَّ المسيح لم يدعُ أبدًا إلى العنف.
واصطحب سمو الأمير غازي، المشاركين بالمؤتمر في جولةٍ للتّعريف بمسار الحجّ المسيحيّ في المغطس، وتسليط الضوء على أهمّيّة الموقع بالنّسبة للمسيحيّة، وجهود جلالة الملك عبدالله الثّاني في حماية المواقع المسيحيّة والمجتمع المسيحيّ في الأرض المُقدّسة. كما تمَّ اصطحاب المشاركين إلى مدينة البتراء الأثريّة وزيارة الكنائس الّتي تمَّ اكتشافها مؤخّرًا في المدينة الورديّة.
وركّز المؤتمر على فهم الصّهيونيّة المسيحيّة تاريخيًّا والصّهيونيّة المسيحيّة والاستعمار والإبادة الجماعيّة، والصّهيونيّة المسيحيّة وعلم الآثار الاستيطانيّ، والتّهديد للقدس، والصّهيونيّة المسيحيّة العالميّة في الولايات المتّحدة ومنطقة الشّمال وأوروبا الغربيّة وكندا والهند واليابان، والدّراسات الناشئة حولها، والاستراتيجيّات لمواجهتها.
وقالت لجنة المؤتمر إنَّ انعقاد المؤتمر يأتي في وقت يشهد فيه العالم تغييرات ومواقف سياسيّة تميل إلى اليمين المتعصِّب والفكر الاستعماريّ، إضافةً للأهمّيّة الّتي يكتسبها بمشاركة علماء بارزين ساهموا بشكلٍ كبيرٍ في فهم ومناهضة المسيحيّة الصّهيونيّة في إطار كنسيّ ودوليّ شامل.
وأكَّدت اللّجنة أهمّيّة الإنصات إلى المسيحيّين في الشّرق الأوسط، وعدم الاكتفاء بمناقشة ونقل أخبارهم عن بعد.
وقد تمَّ التّركيز في المؤتمر على الأمور التّالية كما عَلِمَتْ ملح الأرض من بعض المشاركين:
- ضرورة التّصدّي لمحاولات استغلال الدّين لتبرير الاحتلال والسّياسات العدوانيّة.
- تعزيز الوعي لدى المجتمعات المسيحيّة بأصولهم وتاريخهم العريق في المنطقة.
- بناء تحالُفات إقليميّة ودوليّة لمواجهة خطاب الكراهيّة والانقسام.
كما وتمَّ تحديد أولويّات المرحلة القادمة:
- التّركيز على الحوار المسيحيّ الدّاخليّ لإعادة التّأكيد على القيم المُشتركة الّتي تجمع مسيحيّي الشّرق بعيدًا عن التّأثيرات الخارجيّة.
- تنظيم حملات توعية لتعريف المجتمعات المحلّيّة والدّوليّة بحقيقة المسيحيّة الصّهيونيّة وتأثيراتها السّلبيّة.
- دعم المبادرات الّتي تهدف إلى تعزيز التّعاون بين الطّوائف الدّينيّة المختلفة في مواجهة التحدّيات المُشتركة، بما في ذلك تهديدات التطرُّف السّياسيّ والدّينيّ.
وفي ردِّه على سؤال ملح الأرض قال الدّكتور روبرت سميث من جامعة نورث تكساس أنَّه على الرغم من أنَّ الإدارة الأمريكيّة الحاليّة تشمل أكبر عدد من الصّهاينة المسيحيّين إلّا أنَّ الفرق الوحيد بين الإدارة الحاليّة والإدارات السّابقة أنَّ الآن تمَّ رفع الغطاء عن المسيحيّين الصّهاينة في حين أنَّه في السّابق كانوا صهاينة ولكن بصورةٍ خفيّةٍ.
و قال الدّكتور متري الرّاهب ردًّا على سؤالٍ آخرٍ لـ ملح الأرض حول اعتراض البعض لضمّ كلمتيّ المسيحيّة والصّهيونيّة: “إنَّ الصّهيونيّة والمسيحيّة نقيضان” ولكنَّه أوضح أنَّ التّسمية الدّارجة هي الصّهيونيّة المسيحيّة والّتي تمَّ تعريفها بدقّة خلال المؤتمر.
تفاصيل أكثر في الفيديو التّالي:
وسلَّط المؤتمر، بحسب اللّجنة، الضوء على الكيفيّة الّتي توفِّر من خلالها الصّهيونيّة المسيحيّة الإطار الأيديولوجيّ، أو القوّة النّاعمة الّتي تسهل احتلال واستعمار المستوطنين اليهود للأراضي الفلسطينيّة، بدعمٍ غربيٍّ للقوّة المُحتلّة، وبما يتيح المجال للتّطهير العرقيّ والإبادة الجماعيّة ويجعل من الإسلاموفوبيا والعنصريّة ضدَّ العرب الفلسطينيّين جزءًا لا يتجزّأ من الصّهيونيّة المسيحيّة، الّتي غالبًا ما تعامل معاناة المسيحيّين تحت الاحتلال على أنَّها أضرار جانبيّة.
شاهد فيديو المؤتمر الصّحفيّ الكامل ابتداءً بقراءة البيان الصّحفيّ من قبل الدّكتور وصفي الكيلاني المدير التّنفيذيّ للصّندوق الهاشميّ لإعمار المسجد الأقصى المُبارك وقبّة الصّخرة المُشرفة:
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.
No comment yet, add your voice below!