السابق الكاردينال بيتسابالا يترأس قداس الإلهي في بلدة الزبابدة الفلسطينية
رابط المقال: https://milhilard.org/e5kq
عدد القراءات: 578
تاريخ النشر: يناير 11, 2024 7:40 ص
الأرشمندريت د. بسام شحاتيت النائب الأسقفي العام للروم الكاثوليك- الأردن
رابط المقال: https://milhilard.org/e5kq
بقلم: الأرشمندريت د. بسام شحاتيت
النائب الأسقفي العام للروم الكاثوليك- الأردن
في بداية السنة الجديدة من المهم أن يختلى الإنسان مع نفسه ويتأمل بالماضي ويقيمه، ويُسجل في دفتر مذكراته الأهداف التي يريد أن يُحققها. حاول أن تحدد المهمات الصغيرة التي يمكن أن تُنجزها بسرعة، والأهداف الكبيرة التي تبغي الوصول إليها على المدى البعيد والتي تحتاج إلى جهد وتعب. إذا لم تفعل ذلك إلى الآن أنصحك أيها القارئ العزيز بأن تقوم بهذه الخلوة مع الذات والدخول الى الحديقة السرية في قلبك، والوقوف أمام المرآة ورؤية الجمال في داخلك والأخطاء وما يشوه الصورة الجميلة التي فيك. هذا اللقاء مع الذات، مهمّ جدًا من أجل الحصول على حياة صحية خالية من الأمراض والعقد، فيها مصالحة مع نفسك، شفاء من الألم في القلب، والتآم لجروح الروح، للوصول إلى تناغم، ونضوج وسلام وفهم أعمق للنفس.
وطئت أقدامنا على عتبة السنة الجديدة بفرح وحذر، كالطفل الذي يحبو ويبدأ بالمشي ويتعلم الخطوات. ننطلق ونسير نحو المستقبل. هناك بعض النقاط التي تمنح الأمل والسعادة والثقة بالله والنظرة الإيجابية، وتساعد على تحديد الاتجاه والطريقة لعَيْش حياة حلوة ننعم بها بالسكينة والسلام. وقد اختبرتها في حياتي وشاركتها مع الآخرين الذين بادلوني خبراتهم الغنية ورسائل المعايدة التي تتمنى الخير والسلام.
أود أن أسلط الضوء على عشرة نقاط تساعد على إيجاد طريق يؤدي إلى الحياة الفضلى، والعيش بجمال الروح وفيض الحب الصادر من القلب ونبع الحكمة الـمُشرق من العقل، تتلخص بما يلي:
1) سنة المعونة الإلهية: كل إنسان يبدأ سنة جديدة من حياته بمعونة الله، يسير به القطار من المحطة التي وصل إليها. ينطلق بشغفٍ في سنة 2024 التي أطلت علينا بنورها وأشرقت شمسها. تذكر حادثة حجر المعونة الذي أَخَذَه صَمُوئِيلُ وَنَصَبَهُ بَيْنَ الْمِصْفَاةِ وَالسِّنِّ، وَقَالَ: “إِلَى هُنَا أَعَانَنَا الرَّبُّ” (1 صَمُوئِيلُ 7: 12). ونحن نقول إلى هنا أَعَانَنَا الله في العام المنصرم وسيعيننا في هذه السنة أيضًا.
2) سنة النجاح والفرح: تحقيق الحلم والهدف من خلال العمل بتواضع وأمانة على مثال يوسف الصديق: “وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يُوسُفَ فَكَانَ رَجُلًا نَاجِحًا” (تكوين 39: 2). الكثيرون لديهم أحلام فقط، لكن بعضهم يحولونها إلى خطة تبقى محبوسة في الفكر وتنتهي هناك، وعدد قليل منهم يتميز بتطبيقها إلى عمل على أرض الواقع مما يؤدي إلى النجاح. أتمنى لك في هذه السنة أن تنجح وتثمر كزيتونة خضراء مزروعة على مجاري المياه.
3) سنة القناعة والامتنان: كُنْ قنوعاً وشاكراً بما لديك وما تملك، للأسف لا نشعر بقيمة النعمة التي لدينا إلا عندما نفقدها. إذا تعرضتَ لحادث وتعطل أي جزء من الجسم ستشعر بقيمته. هناك من يُعاني من مشاكل باليد أو الرجل أو العين، ولا يستطيع التقاط الأشياء أو المشي أو الرؤية، عندما ترى معاناة غيرك من الأمراض، أشكر الله على نعمة الصحة التي تتمتع بها. مع إشراقه شمس الصباح، عدِّد بركات ونِعَم الله عليك، وقدم له الشكر والامتنان بدل التذمر والنكران وكُنْ إيجابيًا.
4) سنة الجود والكرم: يجود الله على البشر بمحبته، ولا يَسُدُّ الجوع والاحتياج، فقط بل يفيض من خيراته ونِّعْمَه علينا بغزارة. الآية التالية تعبر عن الإحسان والعطاء الغير محدودة من الله الكريم والمعطي: “كَلَّلْتَ السَّنَةَ بِجُودِكَ، وَآثارُكَ تَقْطُرُ دَسَمًا. تَقْطُرُ مَرَاعِي الْبَرِّيَّةِ، وَتَتَنَطَّقُ الآكَامُ بِالْبَهْجَةِ” (مزمور ٥٦: ١١- ١٢).
5) سنة البركة والنعمة: يبارك الله الجهد الذي تقوم به أكثر مما تتوقع وفوق كل ما تنتظر، وعندما تخطو خطوة نحوه، هو يساعدك على إكمال الطريق ويقود سفينة حياتك إلى بر الأمان وميناء الخلاص. يذكر الكتاب المقدس البركة في عدة أماكن منها: “وَزَرَعَ إِسْحَاقُ فِي تِلْكَ الأَرْضِ فَأَصَابَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ مِئَةَ ضِعْفٍ، وَبَارَكَهُ الرَّبُّ” (تكوين 26: 12).
6) سنة التعويضات والوفاء: إذا تعرضت لخيبة أمل، خسارة في العمل، نكران الجميل في العلاقات الاجتماعية، فهناك رجاء بالله لا يخيب. هو قادرٌ على التعويض بما لم يستطع البشر على الإيفاء به. لا تخاف واطمئن بالله العادل الذي يعوضك عن كل أيام الجفاف والسنوات العِجَافٌ: “وَأُعَوِّضُ لَكُمْ عَنِ السِّنِينَ الَّتِي أَكَلَهَا الْجَرَادُ” (يوئيل 2: 25).
7) سنة العناية الإلهية والفرح: الثقة بأن كل شيء سيكون على ما يرام، لأن الراعي الصالح يقودك إلى مراعٍ خصيبة خضراء، لا تقلق ولا تضطرب لأن هناك من يسهر عليك وعلى راحتك. الذي يتكل على الله ويؤمن به لا ُيخزى إلى الأبد (رو 10: 11): “عَيْنَا الرَّبِّ إِلهِكَ عَلَيْهَا دَائِمًا مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ إِلَى آخِرِهَا” (تثنية ١١: ١٢). ومن أجل ذلك الدعوة لك اليوم إلى أن تلمس الفرح الحقيقي بالله في حياتك. هذه السعادة الداخلية الروحية، لا يستطيع أحد أن ينتزعها منك: “فَلاَ تَكُونُ إِلاَّ فَرِحًا” (تثنية ١٦: ١٥).
8) سنة الرحمة والحنان: رحمة الله الواسعة ترافقك في كل لحظة من لحظات حياتك، وحنانه الفيَّاض ونعمه الكثيرة الوافرة تغمرك، وحبه وحضوره يملأ قلبك:”إنما خير ورحمة يتبعانني كل أيام حياتي، وأسكن في بيت الرب إلى مدى الأيام” (مزمور ٢٤: ٦).
9) سنة التجديد والتغير: الآن هو الوقت للتجديد، فلا تؤجل ولا تتردد، لا تستسلم وترجع إلى الوراء بالرغم من كثرة الصعوبات وشدة العواصف، شق طريقك في الصخر، حتى لو كنت في القفر والصحراء سوف تتحول وتفيض ينابيع ماء عذب. الدعوة موجه لك في هذه اللحظة الحاضرة، اليوم هو الوقت المناسب للتغيير نحو الأفضل وعدم الكسل والمماطلة وهناك أمثلة تعبر عن ذلك بشكل جميل: “هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا!” (رؤ 21: 5)؛ “هأَنَذَا صَانِعٌ أَمْرًا جَدِيدًا. الآنَ يَنْبُتُ. أَلاَ تَعْرِفُونَهُ؟ أَجْعَلُ فِي الْبَرِّيَّةِ طَرِيقًا، فِي الْقَفْرِ أَنْهَارًا” (إشعياء 43: 19)”؛ “إِنَّهُ الآنَ قَدْ أَرْحَبَ لَنَا الرَّبُّ وَأَثْمَرْنَا فِي الأَرْضِ”.
10) سنة الأبواب المفتوحة: لا تخف من الأشخاص السلبيين وابتعد عنهم وأحط نفسك بالأصدقاء الإيجابين، ولا تسمح لأي أنسان أن يتسبب بتعاستك، ويحكم عليك بالفشل ويغلق الأبواب في وجهك. شَرَعَ أبواب قلبك عَلَى مِصْرَاعَيْهِ لله لتشرق شمس محبته وروحه القدوس في داخلك: “هَنَذَا قَدْ جَعَلْتُ أَمَامَكَ بَابًا مَفْتُوحًا وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُغْلِقَهُ” (رؤيا 3: 8)؛ “يَفْتَحُ وَلاَ أَحَدٌ يُغْلِقُ، وَيُغْلِقُ وَلاَ أَحَدٌ يَفْتَحُ” (رؤيا 3: 7). في هذه السنة أطلب من الله أن يفتح لك جميع الأبواب المغلقة ويحررك من القيود التي تكبل يديك وقلبك، ويبعد عنك الأشخاص السلبيين.
أطلب من الله تعالى أن ينعم عليك في هذا العام بالبركات والانتصارات والمعونات الإلهية. أن يساعدك على انجاز المهمات الصغيرة وللأهداف الكبيرة، وأن يَعمَّ السّلام العالم. نصيحتي هي أن تعَيْش حياتك بإيجابية وتكوُّن سعيدًا.
عمان، 2024
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.