بقلم داود كُتّاب
ولدَتْ والدتي فروسينا إبراهيم نشيوات في مدينة السّلط الأردنيّة . والآن أصبح اسم عائلة والدتي في كلّ الأخبار حيث تمّ اختيار جانيت نشيوات لتولّي منصب الجراحة العامّ في الولايات المتّحدة، بينما أختها د. جوليا أكاديميّة ناجحة وقد تمّ اختيار زوجها مايك والتز كمستشار الأمن القوميّ القادم في إدارة دونالد ترامب. جاكلين نشيوات ستاب مُصمِّمة أزياء كانت ملكة جمال نيويورك عام 2004 وملكة جمال فلوريدا أمريكا عام 2008.

هاجرَتْ نشيوات إلى الولايات المتّحدة في القرن العشرين. مثل جميع المهاجرين، كان التّعليم العالي أمرًا ضروريًّا ونتيجةً لذلك حقَّق العديد منهم نجاحًا في العمل المهنيّ من أطبّاء ومحاميّن ومهندسين وأكاديميّين. كان العمل الخاصّ أيضًا عامل جذبٍ كبيرٍ حيث حقَّق العديد من أبناء عائلة نشيوات السّلطيّة نجاحًا في أيّ عملٍ يستثمرون فيه.

لقد قامَتْ خالتي فريدة نشيوات وزوجها سليمان في عام 1970 بمساعدتنا على الهجرة إلى ولاية نيوجيرسي الأمريكيّة ضمن برنامج لمّ شمل العائلات.
كُلَّما سمعتُ اسم نشيوات، أتذكَّر عمّي يعقوب، الّذي كان بمثابة زعيم العشيرة.

ولكن على الرّغم من الصّبغة الذّكوريّة في عائلة نشيوات، فإنَّ النّساء هنَّ من تصدَّرنَّ عناوين الأخبار.

أتذكَّرُ عندما فازت جاكلين بمسابقة ملكة جمال فلوريدا، سألني كثيرون عن مدى قرب عائلتنا من هذه المرأة الجميلة ذات الأصول الأردنيّة. في البداية لم أكُنْ أساوي بين عائلة والدتي والسّياسة، وبالتّأكيد ليسَ في بلدهم الأصلي.

ولكن أمريكا، باعتبارها أرض الأحلام وفَّرَتْ أيضًا لعائلة نشيوات فرصةً للتفوُّق والدّخول في مجال السّياسة.

انضمَّ بعض أعضاء حمولة نشيوات بنشاطاتٍ في الحزب الدّيمقراطيّ لِما قدَّمه من دفاعٍ عن الحرّيّات الشّخصيّة ودعم الطّبقة المتوسّطة، وعرض شبكة أمان اجتماعيّ للمحتاجين. في الشّرق الأوسط، كان الرّئيسان كارتر وكلينتون الدّيمقراطيّان يعتبران من المؤيّدين لحقوق الفلسطينيّين والعرب.
ولكنَّ الحزب الجمهوريّ وتركيزه على القيم الأخلاقيّة المحافظة والاهتمام بالعائلة ومعارضته للإجهاض وزواج المثليّين هي الّتي جذبَتِ النشيوات الّذين شعروا بأنَّ برنامج الجمهوريّين الاجتماعيّ يعكس تربيتهم ويعكس الثّقافة المحافِظة الّتي نشأ فيها آباؤهم وأجدادهم في الأصل.

وفي حين أقام النشيوات في البداية على السّاحل الشّرقيّ لأمريكا في بوكيبسي ويونكرز بنيويورك ونيوجرسي وبنسلفانيا وفلوريدا، انتقل العديد منهم مع الوقت غربًا إلى لوس أنجلوس وبكرزفيلد بكاليفورنيا. وكان ما جذبهم إلى كاليفورنيا هو طقس الشّرق الأوسط وفرصة العمل الزّراعيّ الّتي تشبه مسقط رأسهم في السّلط. عندما أفكِّر في عائلة النشيوات أتذكَّر شجر الزّيتون وكروم العنب والهواء الطّلق في منطقة عين سعدى القريبة من السّلط. في سنوات طفولتنا نتذكَّر بحنينٍ كيف كُنّا نأتي من القدس ونقضي الصّيف في كروم خوالنا وننام في خيمةٍ ونستمتع بخبز الشّراك الرّقيق والطّعام الصحيّ الّذي كانَتْ تُعِدُّه خالتي المحبوبة جوليا.
إنَّ عائلة نشيوات يشعرون بالإحباط من الاهتمام الإعلاميّ بحادثٍ غريبٍ وقع عندما كانت جانيت في الثّالثة عشرة من عمرها. لقد أخبروني أنَّها كتبَتْ كِتابًا عن حياتها والقصّة لا تتعلّق بالحادث بل بكيفيّة تمكُّن هذه الطّفلة الصّغيرة جانيت من التّعامل مع الصّدمة والتغلُّب عليها ونجاحها في الدّراسة والعمل طبيبةً ومسؤولةً في المجال الطبيّ ولغاية ترشيحها لمنصب الجرّاح العامّ.

تُشجّع عائلة نشيوات المرشّحة لمنصب الجرّاح العامّ الجديد وصهرهم مستشار الأمن القوميّ وينتظرون تثبيت مجلس الشّيوخ الأمريكيّ لتلك المناصب، ويقول مروان نشيوات المُقيم في مدينة بيكبسي في ولاية نييورك لـ ملح الأرض إنَّه بمجرَّد تثبيت جانيت نشيوات بمنصب الجرّاح العامّ الجديد سيتمُّ إقامة حفلة كبيرة تشمل وجبة المنسف الأردنيّة. يؤكِّد عدد من كبار الحمولة الأمريكيّة من أصول بلد معروف بكرم ضيافته أنَّهم لن يقبلوا بأقلّ من احتفالٍ ضخمٍ يليق بهذا المنصب الكبير لأحّد أعضاء عائلة النشيوات.