Skip to content
Skip to content

ضرورةُ تفعيل جهاز التّفتيش في المحكمة الكنسيّة اللّاتينيّة

تاريخ النشر: أغسطس 27, 2025 2:46 م
يعقوب الفار+lp;lm

بقلم المحامي يعقوب الفار*

أخذ الدُّستور الأردنيّ، ومنذ نشأت الدّولة الأردنيّة بما جاء في العهدة العمريّة من حيث منح الخصوصيّة للطّوائف المسيحيّة والاستقلال في إدارة شؤونها وخاصّةً في القضاء الكنسيّ على أبناء الطّائفة في مسائل الأحوال الشخصيّة. حيثُ جسَّدَتِ المادّة ۱۰۹ من الدُّستور هذا المبدأ بمنح كلِّ طائفةٍ مسيحيّةٍ مُعترفٍ بها حقّ تشكيل مجلس طائفة أي محكمةٌ خاصّةٌ بها تُعنى بمسائل الأحوال الشخصيّة لأبناء تلك الطائفة.

وقد حظيت جميع الطّوائف المسيحيّة برعايةٍ خاصّةٍ من الدّولة امتثالًا لمبدأ استقلال الطّوائف في إدارة شؤونها وإقامة الشّعائر الدّينيّة وإنشاء دور العبادة والمدارس.

وقد لاقى ذلك استحسانًا لدى أبناء الطّوائف المسيحيّة وحافظوا على هذا الاستقلال وطالبوا بالمزيد من الاستقلال مثل الآن من تشريعٍ خاصٍّ بأبناء الطّوائف المسيحيّة يتعلَّق بالميراث وتوزيع الإرث وتحديد الورثة وأنصبتهم الشّرعيّة بعيدًا عن تطبيق أحكام الشّريعة الإسلاميّة عليهم في مسألة الميراث وما زال هذا الجدل حول هذه المطالبة قائمًا.

وقد عملَتْ هذه المحاكم في ظلِّ تشريعاتها الخاصّة والتّشريعات الوطنيّة الخاصّة بالطّوائف المسيحيّة في حلِّ النّزاعات المُتعلّقة بمسائل الأحوال الشخصيّة لأبناء كلّ طائفة وقد استجابَتْ طائفة الرّوم الأرثوذكس المطالبة أبناء الطّائفة في إصلاح الجهاز القضائيّ لديها وتطوير التّشريعات الخاصّة بمسائل الأحوال الشّخصيّة المطبّقة لدى المحاكم الكنسيّة الأرثوذكسيّة حيث صدر قانون العائلة المسيحيّة البطريركيّة الرّوم الأرثوذكس المقدسيّة، وكذلك قانون أصول التّقاضي وإجراءاته أمام المحاكم الكنسيّة وكذلك في إصلاح الجهاز القضائيّ الكنسيّ بتعيين قُضاةٍ مدنيّين جنبًا إلى جنبٍ مع القُضاة الكهنة وهم على درجةٍ من الكفاءة والخبرة في إدارة المحاكم والجلسات وإصدار القرارات، وكذلك استجاب غبطة البطريرك يوسف عبسي بطريرك انطاكية وسائر المشرق للرّوم الملكيّين الكاثوليك لنداء أبناء الطّائفة بتعيين رئيس للمحكمة الكنسيّة للرّوم الكاثوليك في الأردن وهو على درجةٍ علميّةٍ عاليةٍ في القانون الكنسيّ وذو خبرةٍ طويلةٍ في إدارة القضاء الكنسيّ وهو الأب الدُّكتور جهاد الشويحات، وكذلك الحال في المحكمة الكنسيّة الإنجيليّة الأسقفيّة العربيّة.

إلّا أنَّ الانتقاد الّذي يوجَّه من بعض المحامين في الأردن في الأونة الأخيرة للمحاكم الكنسيّة لا يشمل جميع المحاكم وإنّما فقط يتناول المحكمة الكنسيّة اللّاتينيّة البدائيّة بتشكيلها الحاليّ. حيث واجه المحامين المُترافعين أمام هذه المحكمة تعطيلًا لسير مرفق القضاء وإغلاقًا لأبواب المحكمة وتأخيرًا في إصدار القرارات المُستعجلة، الأمر الّذي يعدُّ خرقًا جوهريًّا لحسن سير العدالة.


إنّنا نتوجَّه إلى غبطة الكاردينال بيير باتيستا بطريرك الكنيسة اللّاتينيّة في القدس باعتباره رئيسًا للمحكمة الكنسيّة البدائيّة بتفعيل جهاز التّفتيش القضائيّ من أجل إيجاد مرجعيّةٍ قانونيّةٍ للشكاوي


إنّنا نتوجَّه إلى غبطة الكاردينال بيير باتيستا بطريرك الكنيسة اللّاتينيّة في القدس باعتباره رئيسًا للمحكمة الكنسيّة البدائيّة بتفعيل جهاز التّفتيش القضائيّ من أجل إيجاد مرجعيّةٍ قانونيّةٍ يتمُّ اللُّجوء إليها عند الشكوى من انحراف المحكمة أو أحد قضاتها عن المسار القانونيّ في تحقيق العدالة.

حيث أنَّ مجموعة الحقِّ القانونيّ وهي التّشريعات النّاظمة لعمل المحاكم الكنسيّة اللّاتينيّة والإرادة الرسوليّة للحبر الأعظم الرَّبّ يسوع الدّيان الوديع تسمحان بوجود جهاز تفتيشٍ قويٍّ يقوم بعمله في تلقّي الشّكاوي ومعالجتها، على أنْ يكون جهاز التّفتيش هذا مؤلّف من قضاة كنسيين مؤهَّلين وعلى درجةٍ عاليةٍ من العلم والكفاءة.

لقد جاءت أحكام الدُّستور الأردنيّ وقانون الطّوائف المسيحيّة رقم ۲۸ لسنة ٢٠١٤ لتنظِّم عمل القضاء الكنسيّ ضمن ضوابط وشروط يجب المحافظة عليها ومراقبة استمرار توفرها لضمان تحقيق العدالة بين أفراد الطّوائف، وقد راعَتِ الدّولة التطوّر الاجتماعيّ الحاصل واستجابت لطلب تلك الطّوائف بإصدار قانون الطّوائف المسيحيّة رقم ۲۸ لسنة ۲۰۱٤ ليحلَّ محلَّ قانون الطّوائف غير المُسلمة رقم ٢ لسنة ۱۹۳۰، الّذي أصبح عاجزًا عن تلبية حاجات المُجتمع المسيحيّ في مسائل الأحوال الشّخصيّة، ومنحَتِ الدّولة في هذا القانون لكلِّ طائفةٍ حقَّ تطبيق قوانينها الخاصّة على مسائل الأحوال الشّخصيّة بإستثناء مسألة الميراث الّتي ورد عليها النصّ صراحةً في المادّة ۱۰۸٦ من القانون المدنيّ من أنَّ تعيين الورثة وتحديد أنصبتهم الشّرعية في الإرث وانتقال التّركة يخضع لأحكام الشّريعة الإسلاميّة وهذا يُطبَّق على الأردنيين بغضِّ النَّظر عن انتمائهم الدّينيّ أو إيمانهم.

إنَّ تطبيق هذه التّشريعات بما يُحقِّق الأهداف الّتي صدرَتْ من أجلها هو من واجبات الرّئاسة لكلِّ طائفة الّتي تنسب تعيين القضاة وتراقب حسن سير عملهم.

*المحامي يعقوب الفار خرّيج كلّيّة الحقوق في جامعة دمشق سنة ١٩٧٣، وانتسب إلى نقابة المحامين منذ التخرُّج وما زال. مُهتمٌّ في قضايا شؤون الأسرة الأردنيّة وحقوق المرأة. محكم في القضايا التجاريّة ومُستشارٌ قانونيٌّ للعديد من الشّركات التجاريّة والمؤسَّسات الفرديّة

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment