Skip to content

صحفي أم خادم للمسيح أم إنسان؟

رابط المقال: https://milhilard.org/yvct
عدد القراءات: 862
تاريخ النشر: سبتمبر 12, 2024 6:39 م
القس نور سهاونة راعي كنيسة الإتحاد المسيحي الإنجيلية في المفرق، الأردن

القس نور سهاونة راعي كنيسة الإتحاد المسيحي الإنجيلية في المفرق، الأردن

رابط المقال: https://milhilard.org/yvct

القس نور سهاونة

ما أجمل أن تجتمع هذه الرسائل  الثلاثة في شخص واحد. فالصحفي هو صوت الحق البشري  و صوت من لا صوت له. و خادم المسيح هو صوت الحق الإلهي الذي يقود العالم لمعرفة الله و نوال الحياة الأبدية. والإنسان هو من خلقه الله على صورته و مثاله في الجنة ليعمل و يثمر لا ليقتل و يهدم.

الصحفي يتحرى الدقة لأن كثيرين سيصدقون كلامه و يتخذون قرارات مهمة في حياتهم بسبب كلامه، لذلك على الصحفي أن يتعامل مع الحقائق دون تعميم و لا يستطيع ان يحكم على أو يدين دوافع من يكتب عنهم لأن هذا في علم الله.

خادم المسيح الصحفي عليه أن يتبع كلام المسيح عندما يتكلم عن أخيه علناً و بالاسم  خصوصا خدام المسيح ، و أن يتذكر داود عندما ضربه قلبه على قطعه طرف جبة شاول ،و أن يتبع قول الرب يسوع المسيح في انجيل متى اصحاح 18: 15-20:

15  «وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَاذْهَبْ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَحْدَكُمَا. إِنْ سَمِعَ مِنْكَ فَقَدْ رَبِحْتَ أَخَاكَ.16  وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ فَخُذْ مَعَكَ أَيْضاً وَاحِداً أَوِ اثْنَيْنِ لِكَيْ تَقُومَ كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ.17  وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ فَقُلْ لِلْكَنِيسَةِ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْكَنِيسَةِ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ كَالْوَثَنِيِّ وَالْعَشَّارِ.18  اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطاً فِي السَّمَاءِ وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاءِ.19  وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضاً: إِنِ اتَّفَقَ اثْنَانِ مِنْكُمْ عَلَى الأَرْضِ فِي أَيِّ شَيْءٍ يَطْلُبَانِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُمَا مِنْ قِبَلِ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ20  لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسَطِهِمْ».”.

خادم المسيح الصحفي و الإنسان هو الذي يقف مع جميع الناس و لا ينحاز دائماً لفئة محددة  لئلا يصبح بعلمه او غير علمه أداة بيد الآخرين. خادم المسيح الإنسان لا يشّهر بإخوته  و يكفرهم علناً فهذا ليس بناء بل هدم  . الخطوة الأولى كخادم للمسيح هي بينك و بينهم و هناك خطوات أخرى تحتاج فيها معونة الآخرين و كل هذا ضمن البيت الداخلي.

“الصحفي يناقش الفكر ولا يغتال الشخصية ويمنح من تكلم عنهم فرصة للرد ويجب ان يسألهم أولا بينه وبينهم للتأكد من صحة تحليلة للموضوع وثم يمنحهم الحق للرد.” القس نور سهاونة

الصحفي يناقش الفكر و لا يغتال الشخصية و  يمنح من تكلم عنهم فرصة للرد و يجب أن يسألهم أولا بينه و بينهم ليتأكد من صحة تحليله للموضوع و من ثم يمنحهم الحق للرد تحت مظلة لها مرجعية و تكون محكومة بقوانين متفق عليها. ففي الأردن مثلا، و بحسب قانون الجرائم الإلكترونية فالتشهير واغتيال الشخصية  جريمة عقوبتها السجن والغرامة المالية.

الإنسان يبني ولا يهدم، فالتشهير يهدم أولا شخصية من قام بالتشهير و ثانيتاً من شهر بهم و من حولهم و من ثم تتسع الدائرة . فالهدم سريع و سهل و لكن البناء يحتاج لوقت و جهد و موارد، فقد نحتاج لمائة انسان لإخراج حجر رماه شخص واحد في بئر عميقة.

لذلك ، يبقى السؤال المهم : من المستفيد من التشهير و اغتيال الشخصية و التكفير و التجريح؟.

القراء و المستمعين يتأثرون لوقت و يتفاعلون  و  من ثم يجدون أمراً  آخر على وسائل التواصل الاجتماعي، و معظمهم اكتفى بالاستماع دون قراءة و دراسة و تحليل المكتوب.  فالأصوات كثيرة والقضايا متعددة. المهم و بعد أن ينصرف كل واحد لشأنه الخاص أن لا أخسر كصحفي إنسانيتي  و تأثيري و مصداقيتي  كخادم للمسيح و لا أخسر شركتي مع جسد المسيح.

عد إلى رسالتك التي بدأتها كخادم للمسيح و هي تقديم المسيح  لجميع الناس، هذه الرسالة التي أثرت الشكوك حولها و حول شخصك عندما بدأت تطعن بجسد المسيح و تنحاز لفئة محددة ضد الكل و تدخلت في أمور سياسية و حركات و تنظيمات معينة لتثبت خطأ المعتقد الديني لأصحابها. كصحفي ناقش الفكر و لا تغتال الشخصية، تحدث عن الفعل و لا تغتال الفاعل.

“، فهل تكفرهم  لأنهم اشتركوا و مارسوا مواطنتهم بالاشتراك مع مواطنين من مختلف الخلفيات دون المساس بكلمة الرب” القس نور سهاونة

فمثلا لا تقبل أنت أن تكون الحروب الصليبية والاستعمار البريطاني و الفرنسي و الألماني و الإيطالي دليل على خطأ الإيمان المسيحي لأن من قام بهذه الأمور مسيحيين. و من الناحية الأخرى  فالمسيحيين في الشرق هم  عرب و أقباط و سريان وأرمن و آشوريين و كلدان و غيرهم ،  و لهم انتماءات وطنية و قومية  و فكرية و سياسية كباقي المسلمين العرب و الدروز و اليزيديين و الأكراد و غيرهم  ، فهل تكفرهم  لأنهم اشتركوا و مارسوا مواطنتهم بالاشتراك مع مواطنين من مختلف الخلفيات دون المساس بكلمة الرب و إساءة استخدامها لأنفسهم . و ربما تعلم أن المسيحيين العرب كانوا من رواد النهضة العربية، أو من مؤسسي القومية العربية، ومن قادة الفصائل الوطنية الفلسطينية، ومن قادة الأحزاب السياسية في الأردن ومصر ولبنان وسورية.. ومن شاركوا في الكفاح ضد الاستعمار وضد الاحتلال الصهيوني، ومن أثروا الثقافة العربية بالفكر التنويري التقدمي والعروبي، وأغناها بالأدب، والشعر، والرواية، والمسرح، والسينما، والغناء، والتمثيل، والرسم وحتى الرياضة والأزياء .

“أخي، أرى أنك و من بعد خدمة المسيح لسنين طويلة، أنك قد تعبت و أصبت بالإحباط و تحتاج إلى استراحة المحارب الروحي”. القس نور سهاونة

كصحفي ناقش الفكر و لا تسيء لصاحب الفكر لأن صاحب الفكر يستطيع أن يستخدم نفس الأسلوب معك .

كخادم للمسيح قدم المسيح الذي يخلّص العالم كله من خطاياهم فيطرحون عنهم كل فكر ليس من الله.

وكانسان ابني الشخصية من خلال الفكر المستنير والحديث المشترك وتقديم حلولاّ بدلا من الهدم فقط.

أخي، أرى أنك و من بعد خدمة المسيح لسنين طويلة، أنك قد تعبت و أصبت بالإحباط و تحتاج إلى استراحة المحارب الروحي، و أرى أنك أصبحت مثل إيليا الذي ظن أنه الوحيد الذي يخدم الله ، فهناك ليس فقط سبعة آلاف  بل كثيرين جدا يخدمون المسيح في  الميدان و في ظروف صعبة وتحديات سياسية و اجتماعية و مالية و اضطهاد و تعيير و ليس من وراء  المايكروفون من بعد و في استوديو مريح .

أخي ، أحببتك كثيرا و ما زلت و أحببت شجاعتك الملهمة  لأستمر بما أفعله في خدمة المسيح و أحترم ذكائك الذي تعلمت منه كيفية تقديم رسالة الخلاص ، أرجوك باسم المسيح أن لا تهدم ما بنيته بيدك كصحفي و كخادم للمسيح و كإنسان.

اخوك من جرحته  و جرحت جسد المسيح عندما جرحته.

القس نور سهاونة راعي كنيسة الإتحاد المسيحي في المفرق

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

Skip to content