
السابق أنوفيا… منصّةٌ إعلاميّةٌ مُتخصِّصةُ في السّياحة والثّقافة لتعزيز مكانة الأردن عالميًّا
ملح الأرض- ليث حبش
يشهد الشارع المسيحي في الأردن نقاشًا حول مقترح توحيد العطلة الأسبوعية في المدارس المسيحية لتصبح يومي الجمعة والسبت بدلاً من الجمعة والأحد المعمول بها حاليًا، وذلك تماشيًا مع العطلة الرسمية المعتمدة في المملكة ولكن لا يزال هناك أغلبية كبيرة تعارض اي تغيير.
فمن ناحيةٍ، يتمسّك معارضو المقترح بقدسية يوم الأحد باعتباره يوم العبادة الرئيسي للمسيحيين، محذّرين من أن استبداله قد ينعكس سلبًا على المشاركة في القٌدّاس والأنشطة الكنسية، ويضعف الخصوصية الثقافية والدينية التي تميز المجتمع المسيحي.
فيما يرى مؤيدو هذا التغيير أن له فوائد اجتماعية وأسرية عديدة، أبرزها تعزيز الروابط العائلية وتسهيل التفاعل بين الأبناء وأولياء الأمور العاملين، خصوصًا الأمهات اللواتي يجدن صعوبة في تأمين رعاية أبنائهن يوم الأحد. كما اعتبروا أن الخطوة ستساعد في تنظيم الأنشطة الأسرية والروحية بشكل أفضل.
وبين هذه الآراء المتباينة، يظل جوهر النقاش متمحورًا حول الموازنة بين متطلبات الحياة الاجتماعية الحديثة والحفاظ على التقاليد الدينية الراسخة التي تُشكّل جزءًا من هوية ورسالة المدارس المسيحيّة في الأردن.
استطلاع “ملح الأرض”: رفض واسع للمقترح
أظهر استطلاع رأي إلكتروني غير علمي أجرته مجلة ملح الأرض حول مقترح توحيد العطلة الأسبوعية في المدارس المسيحية لتصبح يومي الجمعة والسبت، رفضًا كبيرًا للفكرة من المشاركين. وبحسب نتائج الاستطلاع، الذي نُشر عبر صفحة المجلّة وصفحة “العشائر المسيحية” على منصة فيسبوك، وشارك فيه 594 شخصًا، فإن 71% من المُستجيبين أعربوا عن معارضتهم الشديدة للفكرة، مؤكدين أن الإبقاء على عطلة الأحد “مسألة هوية ومرجعية دينية لا يُمكن التنازل عنها”. في المقابل، أيّد 25% المُقترح، معتبرين أن التغيير قد يُسهم في مواءمة جداول العطلة مع موظفي القطاعين العام والخاص، بينما قال 1% إنهم بلا رأي.
وعلى صفحة “العشائر المسيحية“، جاءت النتائج مشابهة؛ إذ عارض 72% التوجه، فيما أيّده 32% مع وجود بعض التحفظات، وقال 1% إنهم بلا رأي.
وأعربت الإعلامية لينا مشربش، رئيسة رابطة مسيحيي المشرق في الأردن، في تصريح لـ ملح الأرض عن مخاوفها من أن يؤدي تغيير يوم العطلة إلى التأثير على الخصوصية الدينية والثقافية للمسيحيين، مشيرة إلى أن يوم الأحد هو يوم العبادة الرئيسي، وحضور القداس جزء من حياة الطلاب المسيحيين وقالت: “أتمنى ألا نخسر هذا التقليد، وألا تكون هذه المطالبات كلام حق يراد به باطل”.
عدد من المشاركين شدّدوا عبر التعليقات على أن الأحد يُمثّل رمزًا مسيحيًا عالميًا مرتبطًا بالقُدّاس والالتزام الديني، معتبرين أن استبدال العطلة قد يُضعف حضور الشباب للكنيسة، خصوصًا أن التزامات العمل أو الدراسة قد تحُول دون مشاركتهم في القداس إذا لم يكن الأحد يوم عطلة رسمية.
آخرون أشاروا إلى أن القرار – إن نُفّذ – سيؤدي إلى تراجع أعداد المصلين يوم الأحد، وهو ما وصفوه بـ”الخطر على الروحانية المجتمعية وعلى دور الكنيسة كملتقى للأجيال”.
في المقابل، يرى بعض المؤيدين أن توحيد العطلة يحقق انسجامًا مع باقي مؤسسات الدولة ويخفف الأعباء عن الأهالي الموظفين، بينما اعتبر المعارضون أن الحفاظ على خصوصية العطلة المسيحية “واجب كنسي ومجتمعي لا يقبل المساومة”.
الأرشمندريت بسام شحاتيت: العطلة فرصة للحوار الأسري
صرّح الأرشمندريت بسام شحاتيت لـ ملح الأرض أن العطلة الأسبوعية ليست مجرد استراحة، بل هي وقت مُخصص للراحة وتنفيذ احتياجات الأسرة، وفرصة للحوار والتواصل بين الأبناء والوالدين وأوضح أن توحيد العطلة لتصبح يومي الجمعة والسبت قد يسهم في تحسين هذا التواصل، خاصة بين الأبناء وأولياء الأمور العاملين، مشددًا على أن التجربة العملية وحدها ستكشف عن مزايا القرار وعيوبه.
عماد معايعة: توافق عطلة الأهل والأبناء يعزز الروابط العائلية
من جهته، أكد رئيس مجمع الكنائس الإنجيلي الأردني عماد معايعة في تصريح خاص لـ ملح الأرض دعمه لمقترح توحيد العطلة الأسبوعية، معتبرًا أن توافق أيام الإجازة المدرسية مع عطلة الأهل الرسمية يسهم في تقوية الروابط الأسرية ويمنح العائلات وقتًا أطول لمتابعة دراسة الأبناء أو ممارسة أنشطة اجتماعية وروحية.
وحذّر معايعة من أن بقاء الأحد كعطلة منفردة قد يحوّله إلى “يوم بلا رعاية”، حيث يعمل الأهل بينما يكون الأبناء في إجازة، ما يخلق فجوة في التواصل العائلي. وأشار إلى أن التجربة نجحت بالفعل في بعض المدارس مثل “ويتمن أكاديمي”، مؤكدًا أن تغيير يوم العطلة لا يمس الهوية المسيحية، لأن هذه الهوية تُبنى على القيم والسلوكيات المستمدة من الكتاب المقدس، لا على يوم الإجازة.
لينا مشربش: قدسية الأحد يجب أن تبقى حاضرة ولكن توحيد العطلة قد يكون مفيد للعائلات العاملة
وفي المقابل، أقرت لينا مشربش في حديثها لـ ملح الأرض بأن توحيد العطلة ليومي الجمعة والسبت قد يكون مفيدًا للأمهات العاملات، ويسهم في تنظيم أنشطة العائلات المسيحية وتعزيز التفاعل الاجتماعي داخل المجتمع وأضافت أن هوية المدارس المسيحية ستظل واضحة إذا تمسكت بالتوعية الدينية والأنشطة الروحية، لافتة إلى أن تعديل موعد الإجازة قد يلقى قبولًا لدى بعض الأسر، خاصة لتفادي تزامن الامتحانات مع مواسم الأعياد المسيحية.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.
No comment yet, add your voice below!