Skip to content
Skip to content

رجالُ دينٍ مسيحيّون: البابا فرنسيس كان صوتًا للمظلومين وخادمًا للإنسانيّة جمعاء

تاريخ النشر: أبريل 22, 2025 12:40 م
WhatsApp Image 2025-04-22 at 12.25.46 PM

ملح الأرض – ليث حبش

في لحظةٍ صادمةٍ للعالم أجمع، ودّعَتِ الإنسانيّة واحدًا من أبرز رموزها الرّوحيّين، قداسة البابا فرنسيس، الّذي فارق الحياة بعد مسيرةٍ حافلةٍ بالتّضحية من أجل الفقراء، والدّفاع عن المظلومين، والدّعوة إلى السّلام في زمنٍ تُمزِّقُه الحروب والنّزاعات. ومع هذا الرّحيل، تتعالى أصوات الحزن في فلسطين والقدس وسائر أنحاء العالم، حيث ترك البابا إرثًا من المحبّة والعدالة سيبقى حيًّا في ضمير الشّعوب.

وفي هذا السّياق، عبّر عددٌ من رجال الدّين المسيحيّ عن حزنهم العميق، مُشيدين بمواقف البابا الإنسانيّة، وخاصّةً تجاه القضيّة الفلسطينيّة ومعاناة سُكّان قطاع غزّة

نعش البابا فرنسيس

المُطران عطاالله حنا: “كان رافضًا لكلِّ أشكال الظلم… وصلاته عند الجدار ستبقى محفورة في ذاكرتنا”

في مقابلةٍ خاصّةٍ مع “ملح الأرض“، وصف سيادة المطران عطاالله حنّا، رئيس أساقفة سبسطية للرّوم الأرثوذكس، رحيل البابا فرنسيس بـ”الخسارة العظيمة للإنسانيّة”، مؤكِّدًا أنَّه كان “داعيةً للسّلام والمحبّة والرّحمة، ورافضًا لكلِّ مظاهر الكراهية والعنصريّة والاستبداد والقمع”.

وأضاف المطران حنّا أنَّ “البابا كان صديقًا حقيقيًّا لفلسطين، وقد جسّد هذه الصّداقة خلال زيارته للأرض المُقدّسة، حين أتى حاجًا ومُصلّيًّا، ورفع صوته عاليًا من أجل العدالة والحرّيّة للشّعب الفلسطينيّ”.

وتوقَّف المُطران عند لحظة لا تُنسى من تلكَ الزّيارة، حين وقف البابا أمام جدار الفصل العنصريّ وصلّى قائلًا “السّلام يحتاج إلى جسور لا إلى جدران” واعتبر المُطران تلك الوقفة “لحظة رمزيّة قويّة تؤكِّد موقفه الثّابت من الاحتلال ومن معاناة الشّعب الفلسطينيّ”.

وفي إشارةٍ إلى مواقفه الأخيرة، قال المطران حنّا لـ ملح الأرض “في كلماته قبل الرّحيل، دعا إلى وقف حرب الإبادة في غزّة، وكانت تلك الكلمات بمثابة وصيّته الإنسانيّة، ونحن في فلسطين سنبقى نذكره بكلِّ حُبٍّ وتقدير، ونستذكر مواقفه الشجاعة والمُشرِّفة”.

بابا فرنسيس عند جدار الفصل العنصريّ

المُطران وليم الشوملي: “وصيّة البابا الأخيرة كانت وقف الحرب في غزّة… والوصايا لا تُنسى”

ومن جانبه، أكَّد سيادة المُطران وليم الشوملي، النّائب البطريركيّ للّاتين في القدس، في حديثٍ خاصٍّ لـ”ملح الأرض“، أنَّ البابا فرنسيس “سيُذكر في التّاريخ كبابا الفقراء والمُهمَّشين”، مستذكرًا أحّد أبرز مواقفه حين “اصطحب عشر عائلات مُهاجرة غير مسيحيّة من سوريا إلى روما ليعيشوا بكرامة، في مشهدٍ إنسانيّ عابر للأديان والجغرافيا”.

وشدَّد الشّوملي على أنَّ البابا كان يُتابع أوضاع غزّة يوميًّا، وقال: “كان يتّصل بكاهن رعيّة غزّة باستمرار، ليطمئنَّ على أحوال النّاس هُناك، وفي يومه الأخير وجّه رسالةً بمناسبة عيد القيامة، دعا فيها بوضوح إلى وقف الحرب في غزّة”.

وأضاف “هذه الكلمات لم تكُنْ مُجرّد دعاء، بل كانت وصيّة من رجل لا يُهادن ولا يُحابي، رجلٌ نذرَ حياته للدّفاع عن كرامة الإنسان والوصايا لا تُهمل، خصوصًا إن خرجت من قلبٍ مليء بالمحبّة”.

وختم الشّوملي حديثه بالدُّعاء بأنْ “يمنح الله العالم بابا جديدًا يسير على درب السّلام، ويواصل حمل رسالة العدالة الّتي حملها البابا فرنسيس بكلّ أمانة”.

الأبّ الأرشمندريت د. بسّام شحاتيت: “كان صوتًا للمظلومين، وخادمًا للإنسانيّة جمعاء”

أمّا الأبّ الأرشمندريت بسّام شحاتيت، فقد عبّر عن حزنه العميق لوفاة البابا في حديثه لـ “ملح الأرض“، واصفًا إيّاه بـ”الخادم المُتواضع والقدّيس الإنسانيّ” وأشار إلى أنَّ البابا “ولد باسم خورخي ماريو بيرجوليو عام 1936، وكان أوّل بابا من الرّهبنة اليسوعيّة ومن أمريكا الجنوبيّة، وتحديدًا من الأرجنتين”.

وأضاف الأبّ شحاتيت “تحلّى البابا بفضائل التّواضع والبساطة، حيث اختار الإقامة في بيت القدّيس مرتا بدلًا من القصر الرّسوليّ، إيمانًا منه بقيم الزُّهد والخدمة”.

وأكَّد أنَّ البابا فرنسيس “كرّس حياته للدّفاع عن العدالة، وكان صوتًا للفقراء والمُهمَّشين، ودعا إلى هدم جدران الكراهيّة وبناء جسور المحبّة” واستشهد بأحّد أقواله الخالدة: “الرّحمة هي مفتاح قلب الله، ويجب أن تكون مفتاح قلوبنا أيضًا”.

وختم برسالة تعزية مؤثِّرة “نتقدّم بأحرِّ التّعازي إلى مجمع الكرادلة والكرسيّ الرّسوليّ، بوفاة قداسة البابا فرنسيس، فقيد الكنيسة والعالم أجمع”.

الصّورة في كنيسة بيت القدّيسة مرثا في الفاتيكان، بعد إنهاء دراسة الدّكتوراة لبسّام شحاتيت يتاريخ 28/ 9/ 2013، حيث قدَّم له نسخةً من أطروحة الدّكتوراة.

اقرأ أيضًا: البابا فرنسيس: رحل الجسد، لكن الروح التي أنعشت قلوب الملايين، ستبقى حيّة بيننا


إرثٌ لا يُنسى… وبابا للضمير الإنسانيّ

رحل البابا فرنسيس، لكنَّه لم يرحَلْ من الذّاكرة فقد استطاع أنْ يجعل من موقعه الرّوحيّ منبرًا عالميًّا للدّفاع عن الكرامة الإنسانيّة، وأنْ يكون صوتًا مُناصرًا لفلسطين في المحافل الدوليّة، داعيًا إلى الحرّيّة والعدالة والسّلام.

كان بابا من نوعٍ مختلفٍ، لا تُختصر حبريّته بالألقاب والطقوس، بل بالأفعال والمواقف الّتي لامسَتْ قلوب البُسطاء والمظلومين والمقهورين ومع كلّ دمعة تودّعه اليوم، تُضاء في المُقابِل شمعة أمل، بأنَّ ما زرعه من قيمٍ وإنسانيّة سيستمرُّ، وأنَّ البابا الجديد سيكملُ الطريق، حاملاً ذات الرّسالة، وذات النّور.

رحم الله البابا فرنسيس، وجعل ذكراه منارةً لكلِّ من يسعى إلى سلامٍ حقيقيّ، قائم على العدل والمحبّة والرّحمة.

مراسم جنّاز الباب فرنسيس يوم الثلاثاء

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment