
السابق تعليم الدّين المسيحيّ في المدارس الحكوميّة: غيابُ الإرادة أم نقصُ الموارد؟
بقلم داود كُتّاب– ملح الأرض
علَّق هاغوب جيرنازيان، المؤسِّس المُشارك لحركة “أنقذوا الحيّ الأرمنيّ”، على قرار الجمعيّة العامّة للبطريركيّة الأرمنيّة الصّادر في نهاية سبتمبر/أيلول 2025، واصفًا إيّاه بأنّه “خطوةٌ إيجابيّةٌ” نحو الحفاظ على “حديقة الأبقار”. وكان قرار الجمعيّة العامّة للبطريركيّة الأرمنية الصّادر في نهاية سبتمبر/أيلول 2025، قد أعلن أنَّ عقد إيجار جزءٍ كبيرٍ من الحي الأرمنيّ في القدس لعام 2021 “غير قانونيّ، وغير قانونيّ، وباطل”.
كان من المُقرَّر أنْ ينقل عقد الإيجار، الّذي وقّعه البطريرك نورهان مانوغيان مع مُستثمرٍ إسرائيليٍّ، 123,785 قدمًا مُربّعًا من أراضي الكنيسة لمدّة 98 عامًا لبناء فندقٍ فاخرٍ. وقد رفض قرار الجمعيّة العامّة رسميًّا عقد الإيجار الأصلي وأيّ تسوية وساطة، وعيّن لجنةً لمواصلة السّعي لإلغاء العقد.
التحدّيات القانونيّة والضّريبيّة المُستمرّة
في الوقت نفسه، تواجه البطريركيّة أيضًا إجراءاتٍ قانونيّةً مُتجدِّدةً بشأن دين ضريبة الأرنونا المزعومة، وهي ضريبة الأملاك البلديّة في القدس. ورغم أنَّ الكنائس كانَتْ مُعفاة تقليديًّا من هذه الضّريبة في ظلِّ الوضع الرّاهن القائم منذ فترةٍ طويلةٍ، فقد طالبَتْ بلديّة القُدس بدفع ملايين الدّولارات من الضّرائب المُتأخِّرة. ومن المُقرَّر عقد جلسة استماع في 29 سبتمبر/أيلول 2025، بعد إلغاء جلسةٍ سابقةٍ في فبراير/شباط.
دعمٌ من القادة المسيحيّين
أصدر القادة المسيحيّون في القدس بيانًا موحَّدًا يدعم البطريركيّة الأرمنيّة. ووصفوا ضريبة البلديّة بأنّها “مشكوكٌ فيها قانونيًّا وغير مقبولةٍ أخلاقيًّا”، مؤكِّدين أنَّ الكنائس كانَتْ تُعفى تقليديًّا من ضرائب الأرنونا. وحثّ القادة السُّلطات الإسرائيليّة، بما في ذلك وزير الدّاخليّة موشيه أربيل وتساحي هنغبي، على التدخُّل وتعليق الإجراءات القانونيّة وضمان حلِّ النّزاع عبر القنوات الحكوميّة المُختصّة.
واستشهد البيان بآية عاموس 5:24، ودعا إلى العدالة وحماية حقوق البطريركيّة الأرمنيّة وجميع الطّوائف المسيحيّة في الأرض المُقدّسة. وسلَّط قادة الكنائس الضّوء على الضُّغوط الماليّة الأوسع الّتي تواجهها المؤسَّسات المسيحيّة في القدس، وشدَّدوا على أهمّيّة المُعاملة المُنصفة والحفاظ على الحقوق التّاريخيّة.
“أنقذوا الحيّ الأرمنيّ” يواصلون النِّضال
وقال دجينازيان لـ ملح الأرض : “المعركة لم تنتهِ بعد. ستستمرُّ جهودنا القانونيّة والدّعوية حتّى يتمَّ الاعتراف بحقوق الجالية الأرمنيّة في القدس والحفاظ عليها بالكامل”. أصرّ جرنازيان على أنَّ الهجمات وحملات التَّشهير قد زادَتْ من تضامن الحركة. وصرَّح قائلًا: “إنّها حملة تشهيرٍ، وما زلنا نجهل من يقف وراءها. لكنَّها حملةٌ مموّلةٌ، كما يتضح من جميع الصّفحات. هدفهم الرّئيسيّ هو زرع الشّكّ فينا وفي موقفنا داخل المُجتمع”. إلّا أنَّه أشار إلى أنَّ الحملة كان لها أثرٌ عكسيٌّ. “أصبح المُجتمع أكثر توحُّدًا حول النِّضال والقضيّة. لقد فشلوا في خلق معارضةٍ داخل المُجتمع ونشروا الأكاذيب ضدّنا”.
الاستراتيجيّة القانونيّة وإجراءات المحكمة
فيما يتعلَّق بالمعركة القانونيّة الجارية، يؤكّد جرنازيان على أهمّيّة استراتيجيّتهم القانونيّة. ويوضِّح: “نعرض وثائق وقفيّة تاريخيّة من القرن السّادس عشر”. تنصُّ هذه الوثائق بوضوحٍ على أنَّ الأرض هي أمانةٌ تابعةٌ للطّائفة المسيحيّة الأرمنيّة في القدس. والبطريرك هو الوصيّ على العقار، دون أنْ يكون له الحقّ في بيع الأرض المودعة فيه. تُعدُّ هذه الحُجّة محوريّةً في الدّعوى القضائيّة الّتي رفعها أكثر من 400 أرمنيٍّ لاستعادة السَّيطرة على العقار التّاريخيّ.
كما يُسلّط جيرنازيان الضوء على أهمّيّة حُكم محكمةٍ إسرائيليّةٍ أكّد ملكيّة الجالية الأرمنيّة للأرض. “في ديسمبر 2023، أقرَّتْ محكمة الصّلح بأنَّ الأرض مملوكةٌ للجانب الأرمنيّ، وبما أنَّ الجانب الأرمنيّ يتعرّض للهجوم، فإنَّ أفعاله هي دفاعٌ عن النّفس”. يُعدّ هذا الحكم تطوُّرًا هامًّا في الإجراءات القانونيّة الجارية.
جلسة المحكمة القادمة
يتطلَّع جرنازيان إلى جلسة محكمةٍ مُقرَّرةٍ في نهاية أكتوبر. ويوضِّح قائلًا: “هذه ليسَتْ سِوى الجلسة الأولى. تستغرق المحاكم الإسرائيليّة وقتًا لاتّخاذ القرارات. لكنّنا واثقون ومُستعدّون للجلسة بفريقنا القانونيّ المحلّيّ والدُّوليّ”.
تُواصل حركة “أنقذوا الحيّ الأرمنيّ” جهودها الدَّؤوبة لحماية الحيّ الأرمنيّ في البلدة القديمة بالقدس. وتهدف الحركة، من خلال الإجراءات القانونيّة، والتّعبئة المُجتمعيّة، والمُناصرة الدُّوليّة، إلى الحفاظ على التُّراث الثّقافيّ والتّاريخيّ للجالية الأرمنيّة في القدس.
النِّضال القانونيّ وإجراءات المحكمة
يتمثَّل جوهر الحملة في جهدٍ قانونيٍّ للطَّعن في عقد إيجار ما يُسمّى “حديقة الأبقار” لعام ٢٠٢١، وهو جزءٌ من الحيّ الأرمنيّ بمساحة ١٢٣,٧٨٥ قدمًا مُربّعًا، لرجل أعمالٍ إسرائيليٍّ لمدّة ٩٨ عامًا لبناء فندقٍ فاخرٍ. ورغم الطّلبات المُتكرِّرة، لم يُنشر العقد ولا الدعاوى القضائيّة ذات الصِّلة، ممّا يُثير تساؤلاتٍ حول الشّفافيّة والمُساءلة.
وأوضح جرنازيان: “وقَّعَتِ البطريركيّة هذا العقد دون استشارة الجمعيّة العامّة”. وتحتفظ الطّائفة بالعقد الّذي يمتدُّ ٩٨ عامًا بعد أنْ تمَّ الكشف عنه لمحامي الطّائفة من خلال دعوى البطريركيّة المرفوعة في ديسمبر ٢٠٢٣. وللأسف، فإنَّ المُلحق “أ” من العقد ليس في أيدي الطّائفة ولا… البطريركيّة؛ حدائق زانا وحدها هي الّتي تحتفظ بالخريطة المزعومة.
وقد اعترفَتِ المحاكم الإسرائيليّة بالفعل بحقّ الجالية الأرمنيّة في الأرض، على الرّغم من أنَّ إنفاذ القانون قد واجه تحدّياتٍ بسبب محاولات ترهيب أفرادها. ووفقًا لتقريرٍ صادرٍ عن صحيفة “أرمينيا ويكلي”، انعقدَتِ الهيئة العامّة للبطريركيّة في أواخر سبتمبر/أيلول وأصدرَتْ موقفًا واضحًا:
اهتمامٌ دوليٌّ وإقليميٌّ
جذب عقد الإيجار اهتمامًا عالميًّا، بما في ذلك اعتراضاتٌ قويّةٌ من السُّلطة الفلسطينيّة وبيانٌ مُشتركٌ من ملك الأردن والرّئيس الفلسطينيّ محمود عباس، اللَّذين علّقا الاعتراف بالبطريرك نورهان مانوجيان احتجاجًا على القرار. في غضون ذلك، أعلن ٢٠ أكاديميًّا وقانونيًّا إسرائيليًّا بارزًا علنًا دعمهم للجالية الأرمنيّة، رافضين عقد الإيجار.
التطلُّع إلى المستقبل
يعزِّز قرار الجمعيّة العامّة الموقف القانونيّ للجالية، لكنَّ نتيجة كلٍّ من النِّزاع الضّريبيّ وقضيّة الإلغاء ضدّ المُستثمر الإسرائيليّ ستحدِّد ما إذا كانَتْ هذه الأراضي التّاريخيّة ستبقى في أيدي الأرمن. أكَّد جيرنازيان أنَّ الحملة لا تزال تُركِّز على القنوات القانونيّة والدّعوة المُجتمعيّة، حيث تُمثِّل جلسة المحكمة القادمة الخطوة التّالية في عمليّةٍ مُطوَّلةٍ.
يقول جيرنازيان: “نُقدِّر بشدّةٍ دعم الأكاديميّين الإسرائيليّين وشخصيّاتٍ بارزةٍ في المجتمع الإسرائيليّ”. “موقفهم حاسمٌ بالنّسبة لنا، ويُعزِّز قضيّتنا العادلة المُتمثِّلة في حماية مُستقبل الأقلّيات في القدس، وخاصّةً الأقلّيّات المسيحيّة في البلدة القديمة”.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.
No comment yet, add your voice below!