
السابق NEXTGEN Palestine Opens Third Food Kitchen in Gaza
داود كُتّاب – ملح الأرض
قال النّائب السّابق عودة قواس في حديثٍ خاصٍّ مع ملح الأرض أنَّ التّعليم في القدس يواجه أزمتين مُتلازمتين؛ تربويّةً وماديّةً.
الأولى تتمثَّل في محاولات الاحتلال فرض مناهجَ خاليةٍ من السّرديّة الفلسطينيّة، حيثُ تقوم السُّلطات الإسرائيليّة بتوزيع الكُتب مجّانًا وتشنُّ حملات تفتيشٍ مفاجئةٍ في المدارس، وحتّى تفتيش شنطات الطُّلّاب. كُّل ذلك في محاولةٍ لفرض السّرديّة الإسرائيليّة ما يضع الإدارات والمُعلّمين تحت ضغطٍ دائمٍ ويختصر الرَّدَّ بقيام المُعلّمين شفهيًّا بالرَّدِّ على نصوص الكُتب المفروضة من الاحتلال.
أمّا الأزمة الثّانية فهي ماليّةٌ، إذ تُعاني المدارس من عجزٍ مُزمنٍ نتيجة ضعف قدرة الأهالي على دفع الأقساط، إضافةً إلى القوانين الصّارمة الّتي تُحدِّد نسب الدّعم وفق أعداد الطّلبة ومعايير تسجيل المُعلّمين. وأشار قواس إلى أنَّ مدرسة مار متري تعتمد بدرجةٍ كبيرةٍ على تمويل البطريركيّة لتغطية الرّواتب والمصاريف الشهريّة، والّتي تصل إلى مئات آلاف الشواكل.
وأوضح قواس أنَّ عددًا من المدارس تحاول الالتفاف على فرض منهاج “البجروت” الإسرائيليّ عبر إدخال مناهج دوليّةٍ: مثل IGCSE وIB حفاظًا على جودة التّعليم واستقلاليّته، مؤكِّدًا أنَّ معركة المناهج في القدس ما تزال تُمثّل خطرًا على الهويّة الوطنيّة الفلسطينيّة وتهدِّدُ مُستقبل الأجيال القادمة.
وأضاف قواس أنَّ هذه التحدّيات لا تنفصل عن الواقع السّياسيّ الّذي تعيشه القدس، حيث تُستخدم السّياسات التّعليميّة كأداةٍ للضَّغط على الفلسطينيّين ووسيلةٍ لتفريغ المدينة من بُعدِها الوطنيّ والثّقافيّ. ولفتَ إلى أنَّ المدارس المسيحيّة، رغم محدوديّة إمكاناتها، ما زالت تلعب دورًا محوريًّا في الحفاظ على النّسيج الاجتماعيّ والهويّة المقدسيّة، من خلال التَّركيز على القيم الإنسانيّة والوطنيّة في آنٍ واحد.
وبيّن أنَّ التَّعليم في القدس ليس مُجرَّد قضيّةٍ أكاديميّةٍ أو ماليّةٍ، بل معركةٌ يوميّةٌ للدِّفاع عن الوجود الفلسطينيّ داخل المدينة، مُعتبرًا أنَّ صمود المؤسَّسات التّعليميّة يتطلَّبُ دعمًا سياسيًّا وماليًّا من مُختلف الأطراف الفلسطينيّة والعربيّة والدوليّة.
وأشار قواس أيضًا إلى أنَّ هناك جهودًا مُستمرّة لتطوير البنية التّحتيّة للمدارس، مثل مشاريع ترميم الصُّفوف والفصول الدراسيّة، وتأمين تجهيزاتٍ حديثةٍ للمعامل والمكتبات، بهدف تحسين بيئة التّعلُّم وجعلها أكثر جاذبيّةً للطُّلّاب. وأكَّد أنَّ هذه المُبادرات لا تقتصر على الجانب الماديّ، بل تشمل تطوير القدرات الأكاديميّة للمُعلّمين ورفع كفاءتهم من خلال برامج تدريبيّةٍ داخليّةٍ وخارجيّةٍ، لضمان تقديم تعليمٍ مُواكبٍ للمعايير العالميّة دون التّنازل عن الهويّة الوطنيّة.
كما تناول قواس قضيّة التّصاريح للمُعلّمين القادمين من الضفّة الغربيّة، موضِّحًا أنَّ الاحتلال يفرض قيودًا مُشدَّدةً عليهم، ما يؤدي أحيانًا إلى تعطيل العمليّة التّعليميّة وحرمان الطُّلّاب من الاستفادة الكاملة من خبرات مُعلّميهم. وأضاف أنَّ هذه القيود تتطلَّبُ تدخُّلاتٍ قانونيّةً وإداريّةً دائمةً من قبل إدارة المدارس لحماية حقوق المُعلّمين وضمان سير الدّراسة بشكلٍ طبيعيٍّ.
وأكَّد قواس في ختام حديثه الحصري ل ملح الأرض أنَّ المدارس المسيحيّة في القدس، وعلى رأسها مدرسة مار متري في البلدة القديمة، أصبحَتْ نموذجًا للصّمود والتّكيُّف، حيثُ تمكَّنتْ من تجاوز العديد من العقبات التّعليميّة والماليّة والإداريّة، مُحافظةً بذلك على استمراريّة التّعليم وتعزيز روح الانتماء والهويّة الوطنيّة لدى الأجيال الجديدة.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.
No comment yet, add your voice below!