Skip to content
Skip to content

خليل هلسة.. حين يكتُب ليكشِفَ “ما وراء القناع”

عدد القراءات: 617
تاريخ النشر: أكتوبر 23, 2025 10:06 ص
DSC00157

ليّلى قرقور

في مساءٍ عمّانيّ، أطلَّ خليل هلسة على خشبة مسرح شمس لا ككاتبٍ يحتفل بباكورة أعماله فحسب، بل كروحٍ تبحث عن صداها في الآخرين. هُناك، حيثُ اجتمعت العائلة والأصدقاء مع المثقفين وهواة القراءة من الأردن والعالم العربيّ، وقّع هلسة كتابه الأوّل “ما وراء القناع” الصّادر عن دار “الآن ناشرون وموزعون”، في عملٍ يُبحِرُ عميقًا في الذَّات الإنسانيّة، محاولًا أنْ يُحرِّرها من الزّيف والتّمويه، وأنْ يُعيدها إلى وجهها الأوّل الصّادق.

يكتبُ هلسة كتابه بلغةٍ وجدانيّةٍ تجمع بين الفلسفة والعلاج النفسيّ، بين التأمُّل والعاطفة. ويضع القارئ أمام مرآة ذاته، ويسأله بجرأةٍ: من أنتَ حين لا يراك أحد؟ هل أنتَ غير مرئيٍّ؟ غير محبوب؟، كلُّ فصلٍ من فصوله الثّمانية هو رحلةٌ في تفكيك قناعٍٍ ما، هو دعوةٌ ليدع القارئ قلبه يُفتَح كيفما كانتْ حالته، مرتبكًا مُنهكًا خامًا ولكنّه صادق، في توقٍ للحقيقة، وصولًا إلى تلكَ اللّحظة الّتي يسقطُ فيها كلُّ شيءٍ، ويولد الإنسان من جديدٍ، ليكونَ في بداية القيامة.
ينسج الكاتب أفكاره من تجربته في العلاج السُّلوكيّ، فيُقدِّم قِصصًا ومواقف حقيقيّةٍ عاشها أو لمسها، ليترجمها إلى دروسٍ في فهم النَّفس ومواجهة الخوف والاغتراب. هو لا يوجِّه القارئ ولا يعظه، بل يفتح أمامه الأبواب بلطفٍ، ويترك له حُرّيّة السَّير نحو ذاته.
خليل هلسة لا يكتب من برجٍٍ فلسفيٍّ معزولٍ، بل من عمق الحياة اليوميّة، من معاناة الإنسان الّذي يختنق تحت ثقل التَّوقُّعات والأدوار، لذلك يبدو كتابه أشبه بصديقٍ ناضج: يستمع، يواسي، ويضيء الطريق دون أن يفرض اتجاهًا واحدًا.

وفي حفل التَّوقيع الّذي أدار فقراته النّاشط فراس العبوشي، شاركَ فيها يوئيل معايعة ود.فادي مقدادي ود.باسم الزعبي، مُبدين إعجابهم بالملامح الفنيّة والفكريّة للكتاب، ثمَّ توالَتِ الشّهادات الّتي احتفت بهذا العمل الإنسانيّ. تحدّث الدُّكتور حيدر هلسة عن قدرة الكاتب على “تفكيك الأقنعة الّتي تحجُب وجوهنا الحقيقيّة”، فيما رأتِ الإعلاميّة منى الشوابكة فيه: “شابًّا طموحًا يُعبّر عن حقيقتنا المُخبّأة خلف الزَّيف والخوف”. كما أشادَتْ الوزيرة العراقيّة دكتورة باسكال وردة بنباهت الكاتب واجتهاده، أيضًا نقيبة الإعلاميين اللّبنانيين ريندالا جبور شاركتْ بكلماتٍ جميلةٍ عن قدرة المؤلِّف التركيز على الجوهر الإنسانيّ.

خليل في كلمته الختاميّة قال أنَّ “سعي الإنسان لتحقيق ذاته هو الهاجس الّذي رافقني دومًا”، مؤكّدًا أنَّ هذا الكتاب ليسَ إجاباتٍ جاهزةً، بل مُحاولةٌ لإشعال شمعةٍ في رحلة البحث الطّويلة عن الذّات.

“ما وراء القناع” ليس مُجرَّد عنوانٍ، بل دعوةٌ للجرأة، لمصالحة النّفس، وللسير نحو الحقيقة مهما كان الطَّريق وعرًا. إنَّه العمل الّذي يُعلِن ولادة كاتبٍ جديدٍ في المشهد الأردنيّ، يحمل قلمه كما يحمل طبيبٌ سمّاعته، يُصغي إلى أنين الإنسان خلف القناع، ويدعوه أنْ يتنفَّس أخيرًا على حقيقته.

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment