Skip to content

خطأ المؤسّسات والجمعيّات الاعتماد الكُلّيّ على النّشر فقط على موقع فيسبوك

تاريخ النشر: مارس 11, 2025 9:56 م
291459

داود كُتّاب*

وفَّرَتْ منصّات التّواصل الاجتماعيّ فرصةً فريدةً للمؤسَّسات والجمعيّات والشّركات لنشر معلومات عن نفسها ونشاطاتها تشمل صور وغيرها من الأمور التّوثيقيّة. وتُوفِّر هذه المنصّات فرصةً ثمينةً لتوثيق أحداث مُهمّة ترغب تلك المؤسّسات أنْ تعلنها للجمهور العام.

ولكن النّشر عبر السوشل ميديا لا يكفي لوصول الهدف في النّشر الّتي ترغبه تلك المؤسّسات، حيث لا يتعدّى قُرّاء تلك البوستات عدد قليل جدًّا من المُتابعين بصورة مباشرة. فخوارزميّات مواقع التّواصل العالميّة لا تُوفِّر للجميع أنْ تصلهم تلك البوستات وأنْ تكون المادّة المنشورة في قمّة المواد المُتوفِّرة حتّى لأصدقاء تلك المؤسَّسة.

نوجِّه في كثير من الأحيان سؤالًا لمدير مؤسَّسة أو جمعيّة لمعرفة تفاصيل نشاط أو خبر مُهمّ لهم ودائمًا يأتيك الجواب “ليش ما شفتو صفحتنا على الفيسبوك؟” حيثُ يَعتقد المسؤول في تلك المؤسّسة أنَّه بمُجرَّد أنْ قامتِ المؤسّسة بالنّشر على منصَّتهم فإنَّ الجميع سيشاهد تلك المادّة. فالشخص العادي عندما يُراجع هاتفه الخلوي يرى فقط ما تريده الشّركات العملاقة (فيسبوك وغيرها) وليسَ بالضّرورة ما ترغب أنتَ كمشترك رؤيته ممّا يعني أنَّه عليك يوميًّا الولوج إلى عددٍ كبيرٍ من الصفحات الّتي تهمّك للوصول إلى المعلومة. في مجال الصّحافة هناك مقولة push and pull أي أنَّ على المُرسِل الدّفع بصفحته لك لا الاعتماد للجهة المُبتغاة أنْ تأتي لموقعك وتسحب المادّة الخاصّة بك.

ماذا تعني كلّ هذه المُقدِّمة؟

تعني أنَّ أي مُدير أو مديرة مؤسَّسة أو مسؤول علاقات عامّة عليهم العمل أكثر بكثير من اعتبار أنَّ النّشر على صفحة المؤسَّسة الخاصّة كافي. قد يكون كافي للتّوثيق وأنْ يكون مرجعيّة، ولكنَّه لا يكفي للوصول للجهات والأشخاص الّتي ترغب أنْ تصلهم. قد يكون ضروريّ في أبسط الحالات أنْ تضع mention إذا أردتَ أنْ تصل إلى شخص ما أو أن تضع followers إذا أردتَ أن تصل إلى كلّ مُتابعيك، ولكن حتّى هذه الأمور لا تساعدك بالوصول إلى الجمهور العام وإلى من ليس ضمن دائرتكم المُصغّرة من أصدقاء ومتابعين. كما يمكنك الدفع للشّركات العملاقة مُقابل أنْ تروِّج خبرًا أو منشورًا ما وفي هذه الحالة يمكن أنْ يتمَّ تخصيص منطقة مُعيّنة أو أشخاص من جندر أو عمر أو مستوى اقتصاديّ مُعيّن لضمان وصول المادّة لهم.

ولكن هناك طرق أقل تكلفة من أنْ تقوم بدفع كلّ مرّة للشّركة لتروِّج خبرك. فحتّى تصل إلى نطاق أوسع من الضروري أنْ يتمَّ الاتصال مع مواقع إخباريّة من صُحف ورقيّة والكترونيّة، وإذاعات وحتّى محطّات تلفزيونيّة. هذا يعني أنّه من الضروري أنْ تقوم كلَّ مؤسَّسة أو جمعيّة بإصدار بيان صحفيّ توزِّعه بالتّزامن أو حتّى قبل النّشر على الفيسبوك. وفي حال النّشر في أيّ وسيلة إعلام أو أيّ موقع الكترونيّ ممكن أخذ الرّابط من تلكَ المؤسَّسة الإعلاميّة ونشره على موقع المؤسَّسة للتّواصل الاجتماعيّ. خوارزميّات السوشل ميديا تهتمّ أكثر وعطاء أهمّيّة أكثر بالمنشور في وسيلة إعلام أكثر من لو كان بوست عادي لنفس المؤسَّسة علمًا أنَّ النّشر في وسائل إعلام بحد ذاته يضمن انتشار أوسع.

طبعًا هذا يتطلَّب أنْ تكون لكلّ مؤسّسة قائمة إيميلات لمواقع ومنصّات إخباريّة يتمّ بكبسة زر إرسال البيان الصّحفيّ مع الصّور لهم لكي يتمّ توسيع رقعة النّشر. أكيد لو تمَّ المُتابعة بالهاتف مع مُراسل أو مُحرّر ستكون النتيجة أفضل في عدد المنصّات الّتي تنشر بيانكم الصّحفيّ.

من ناحية مضمون ما يتمّ نشره على المواقع الخاصّة بالمؤسّسات نلاحظ أنَّ صيغة غالبيّة البوستات للمؤسَّسات مرموقة حول نشاط ما منشور على موقعها غير جذّابة للقارئ. فعلى سبيل المثال هناك عادة عند قيام شخص غير ملم بالأصول الصّحفيّة أنْ يصيغ المادّة من خلال ترتيب زمنيّ لحدث مُعيَّن. فمثلًا يكون العنوان عام جدًّا: مؤسّسة كذا وكذا تقيم احتفال أو نشاط برعاية فلان الفلاني بدون إعلام القارئ طبيعة النّشاط وأهم ما جاء فيه. كما تتشكَّل غالبًا الفقرة الأولى بسرد التّرتيب الزمنيّ: بدء المؤتمر بالسّلام الملكيّ ودعاء وكلمة راعي النّشاط ومدير العام للمؤسّسة وغيرها من الأمور البروتوكوليّة بدون أنْ يتمَّ التّركيز على أهم ما جاء في المؤتمر أو النّشاط. في حين لو كان النّشر من خلال بيان صحفيّ مُصاغ بشكل مهنيّ إخباريّ فإنَّ العنوان والمُقدّمة ستركِّز على أهم ما جرى أو ما قيل وليس التّرتيب الزمنيّ للحدث ممّا سيجعل النّص أكثر فائدة للقارئ وأكيد يساعد في نشره في وسائل الإعلام المُختلفة.

كتابة بيان صحفيّ ليس صعب ويفضّل أنْ يقوم بذلك شخص له مهارات إعلاميّة ولو بسيطة أو التّعاون مع مؤسَّسة إعلاميّة أو مركز خدمات إعلاميّ. النتائج ستكون أقوى بكثير من النّشر فقط على موقع المؤسَّسة الخاصّ وبنصّ غير جذّاب للجمهور العام.

على أيّ حال من الضروري جدًّا حتّى ولو لم يتمّْ النّشر في أيّ موقع إخباريّ أنْ يكون النّشر على الموقع الالكترونيّ الخاصّ بالمؤسَّسة مُصاغ بصورة صحفيّة يشمل الإجابة على الأسئلة المعروفة “من أين متى كيف ولماذا” وأنْ يكون العنوان جذّاب وأنْ تكون مُقدّمة الخبر ذات طابع مشوِّق يحتوي على معلومات مفيدة.

ورغم أنَّ معظم وسائل الإعلام تهتم بالقيمة الإخباريّة لأيّ بيان صحفيّ يصلها أكثر من إذا كان نفس البيان منشور على موقع المؤسَّسة إلّا أنَّ بعض وسائل الإعلام ترفض نشر خبر قديم ومنشور أصلًا في موقع التّواصل. إذًا من الأفضل أنْ يتمّ توزيع الخبر بالتّزامن أو قبل النّشر في موقع المؤسّسة على السوشل ميديا ومن ثمَّ يمكن النّشر في اليوم التّالي على موقع المؤسَّسة إمّا من خلال نشر رابط أو نشر البيان الصّحفيّ نفسه.

طبعًا قد يتمّ أحيانًا تقصير المادّة المنشورة خاصّةً لدى الصُّحف محدودة المساحة وفي بعض المواقع الإخباريّة القويّة وقد لا يتمّ نشر صورة أو صورة واحدة فقط في حين صفحة المؤسّسة على موقعها ممكن أن تنشر الخبر بتفاصيل مع العديد من الصور، ولكن التريُّث قليلًا قد يكون أكثر فائدة كما وأنَّ الانتظار ولو لساعات قد يوفّر مصداقيّة أكثر، حيث تستطيع المؤسّسة إعادة نشر الخبر نقلًا عن موقع إخباريّ معروف وبذلك يُشكّل زيادة مصداقيّة للخبر من أنْ يتمَّ النّشر فقط على موقع التّواصل التّابع لنفس المؤسّسة، خاصّةً وأنَّ الخبر المنشور على منصّة مؤسّسة إعلاميّة يتمّ مراجعته من قبل مُحرّر إخباريّ ومُدقّق لغويّ وغيره ممّا يوفِّر مادّة أقوى من تلك المنشورة فقط على الموقع وبصياغة مسؤول علاقات عامّة للمؤسّسة فقط.

لقد أصبح النّشر الصحفيّ والتّواصل مع المُجتمع الواسع ضرورة هامّة للكثير من المؤسَّسات، كما له فائدة مع المموّلين والّذين يفضِّلون معرفة أنَّ المؤسَّسة ونشاطاتها لهم متابعين في المجتمع الواسع. فيما يعتبر النّشر على فيسبوك وغيره لا يوفِّر تلك المصداقيّة ويعكس إلى الاعتماديّة أكثر من اللّزوم على الموقع الخاصّ لكلّ مؤسّسة ويُقلّل من الاهتمام بالوصول إلى جمهور أوسع في حين أنَّ ذلك ممكن ولا يتطلَّب الكثير.

  • الكاتب مُدير عام شبكة الإعلام المُجتمعي (راديو البلد وعمّان نت) وناشر موقع ملح الأرض

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment

Skip to content