
السابق مراد الزير لـ”ملح الأرض”: دراستي جاءت استجابةً لنداءٍ بحثيٍّ هدفه توثيق الدور الفكري والثقافي للمسيحيين في القدس، في إطارٍ وطنيٍّ شاملٍ

بقلم داود كُتّاب، ملح الأرض
غزّة – نوفمبر 2025
في قلب الدّمار الّذي حلَّ في غزّة، حيث حلَّتِ الخيام والأكواخ مكان الأحياء والمدارس والحدائق، أصبح الحصول على وجبةٍ ساخنةٍ أكثرَ من مجرّد حاجةٍ غذائيّةٍ — إنَّها رمزٌ للحُبِّ والكرامة والإيمان.
في أوائل الشَّهر، قدَّمَتْ مُنظّمة NEXTGEN في فلسطين، بالشّراكة مع البعثة المسيحيّة في غزّة، ومؤسَّسة الأرض المُقدّسة المسيحيّة، خدمات المشرق، 6000 وجبةً ساخنةً للعائلات النّازحة. جلبَتِ الوجبات، الّتي تمَّ توزيعها في جميع أنحاء شمال غزّة، لحظةً من الكرامة والرّاحة للعائلات الّتي تُكافِحُ من أجل إعادة بناء حياتها وسط صعوباتٍ لا هوادة فيها.
لم يكن هذا الجهد مُتعلِّقًا بتقديم الطّعام فحسب، بل في تجسيد محبّة المسيح وتعبيرٍ ملموسٍ يدلُّ على التّضامن والرَّحمة.

صرَّحَ فارس أبو فرحة، مسؤول خدمة الجيل التّالي، لـ ملح الأرض أنَّ البعثة تحمل معنى روحيًّا عميقًا. وسط الدّمار واليأس، يرى أبو فرحة دعوة الكنيسة بوضوح. “وسط أنقاض غزّة، تُدعى الكنيسة للوقوف إلى جانب المظلومين والمهمّشين. كلُّ وجبةٍ تُقدّم في غزّة تتجاوز مُجرَّد الطعام، إنّها رسالةٌ منّا جميعًا بأنَّ محبّة المسيح لا تزال حاضرةً، حتّى في أحلك البقاع. من خلال التّعاطُف والشّراكة، نُذكّر الشَّعب الفلسطينيّ في غزّة بأنَّ الله لم ينسهم، ولن ينساهم أبدًا”.
بالنّسبة للمُنظِّمين، لم يكُن الهدف مجرَّد تقديم الطّعام، بل كان حضورًا ملموسًا — تعبيرًا عن التّضامن والرَّحمة الّتي تحملها المسيحيّة في قلبها.
«انضممنا لهذا المشروع لأنَّنا نؤمن أنَّ محبّة المسيح يجب أنْ تتجسّد بشكلٍ واضحٍ»، قال مات نانس، المدير التنفيذيّ لمؤسَّسة الأرض المُقدّسة المسيحيّة. «قد تبدو الوجبة السّاخنة بسيطةً، لكنَّها للعائلات الّتي فقدتْ كلّ شيء، علامة على أنَّهم مرئيّون، مذكورون، وليسوا وحدهم.»

في المخيمات والخيام المؤقّتة في شمال غزّة، استقبلَتِ العائلات هذه الوجبات بامتنانٍ وفرحٍ. بالنّسبة للكثيرين، كانَتْ أوّل وجبةٍ ساخنةٍ يتناولونها منذ أيّام.
«نتقدَّم بأعمق الشُّكر للكنيسة المعمدانيّة، ولمؤسَّسة الأرض المُقدّسة، وNEXTGEN في فلسطين على الإغاثة العاجلة والفوريّة لعائلاتنا المهجرة العائدة من المخيّمات الجنوبيّة»، قال عبد الله، أحد قادة المخيّمات. «وجباتكم الساخنة لأطفالنا ونسائنا جلبت الرّاحة والكرامة في ظلِّ هذه الظّروف القاسية جدًّا في غزّة. نقدّم لكم جزيل شكرنا وامتناننا.»
من خلال شراكات كهذه، يجد المؤمنون في المنطقة طرقًا جديدةً لتجسيد إيمانهم — ليسَ بالكلام فقط، بل بالأعمال والرّحمة الحقيقيّة. الوجبات السّاخنة تُمثِّل لفتةً صغيرةً أمام حجم المعاناة الكبير، لكنَّها تحمل رسالةً قويّةً للعائلات الفلسطينيّة: الأمل لا يزال موجودًا، حتّى بين الأنقاض.


تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.
No comment yet, add your voice below!