Skip to content
Skip to content

حالات تسمُّم ووفيّات يبدو بسبب “الكحول المغشوش” والأمن يعتقل مسؤولين في المصنع

تاريخ النشر: يونيو 30, 2025 2:36 م
686019af945af

الأمن العام: ارتفاع عدد الوفيّات بتسمُّم الكحول الميثيلي إلى تسع وفيّات والإصابات إلى 17 إصابة جميعها قيد العلاج وما زال التّحقيق جارٍ في القضيّة

ملح الأرض- ليث حبش

توفّي 9 أشخاص وأُصيب 17 آخرون في حالات التّسمُّم “بالكحول المغشوش بمادة الميثانول” في عددٍ من المحافظات الأردنيّة، وتُشير التّحقيقات الأوّليّة إلى أنَّ السّبب وراء هذه الحوادث هو استهلاك مشروبات كحوليّة تحتوي على مادّة “الميثانول” السامّة، الّتي تُستخدم عادةً في الصناعات الكيميائيّة ولا يُفترض وجودها في المشروبات المُعدّة للاستهلاك البشريّ.

بحسب بيانات الجهات الرسميّة وتقارير المُستشفيات، فإنَّ بعض المُنتجات الكحوليّة الّتي تمَّ تداولها في الأسواق أو تمَّ بيعها بطرق غير قانونيّة كانت تحتوي على تركيزات عالية من مادة الميثانول، وهي مادة سامّة تؤدّي إلى أعراض خطيرة تبدأ بالدوّار والقيء وتصل إلى فقدان البصر والوفاة، خاصّةً عند تناولها بكميّات حتّى لو كانت ضئيلة. هذه الحوادث فتحت باب التساؤلات حول فعاليّة الرّقابة على مصانع إنتاج الكحول، ومدى التزامها بالمعايير الصحيّة المُعتمدة.

المهندسة ديما حدادين: “الميثانول هو القاتل الصّامت النّاتج عن أخطاء التّقطير أو الغشّ التجاريّ”

في حديثها لـملح الأرض، أوضحت المهندسة ديما حدادين، وتشغل حاليًا منصب مهندسة أغذية في أحد مصانع الكحول، أنَّ مادّة الإيثانول – وهي الكحول الطبيعيّ المُستخدم في المشروبات الروحيّة – تختلف تمامًا عن الميثانول، الّذي يُعدُّ كحولًا صناعيًّا شديد السُمّية.

مُبيّنةً أنَّ الإيثانول هو ناتج طبيعيّ لعمليّة التّخمير، ويُستخرج من تقطير مواد غذائيّة كالخضروات والفواكه، مثل العنب والتفّاح. أمّا الميثانول، فهو مادّة خطيرة تُنتج بشكل جانبيّ خلال عمليّة التقطير، خصوصًا إذا تمّت بطريقة غير صحيحة أو باستخدام أجهزة بدائيّة لا تُتيح التحكُّم بدرجات الحرارة بدقّة.

وتشرح المهندسة أنَّ المواد الأوّليّة الّتي تدخل في التّقطير، مثل الفواكه المُحتوية على مادة البكتين – الموجودة في القشور – يمكن أنْ تُنتج الميثانول وتضيف لـ ملح الأرض “إذا لم يتمّْ التخلُّص من أوّل مراحل التقطير في بداية عملّيّة التقطير، تخرج مواد سامّة مثل الميثانول، الأسيتون، هذه يجب التخلُّص منها فورًا، لكن في بعض الحالات، خصوصًا في الإنتاج غير المُنظَّم، يتمّ الاحتفاظ بها إمّا عن جهل أو بهدف تقليل التّكلفة، ما يحوّل المشروب إلى مادّة سامّة قاتلة”.

وعن آليّة المراقبة، تُوضِّح المُهندسة أنَّ كلّ دفعة إنتاج من الكحول يجب أن تُفحص ويُحتفظ بعيّنات منها، ويجب أنْ تحصل على شهادة صحيّة تُثبت سلامتها المفروض أنْ تأخذ هيئة الغذاء والدّواء عيّنات من كلّ دفعة إنتاجيّة وتُحلِّل محتواها للتأكُّد من خلوِّها من الميثانول أو من تجاوز النسب المسموح بها فالميثانول حتّى وإنْ كان موجودًا بنسبة صغيرة جدًا – بالمليغرام – يمكن أنْ يسبّب أضرارًا بالغة مثل فقدان البصر، الغيبوبة، أو حتّى الوفاة إذا لم يُعالج التسمُّم فورًا.

وأشارَتِ المُهندسة إلى أنَّ بعض المصانع قد تلجأ إلى استخدام الميثانول عمدًا بسبب كلفته المُنخفضة مقارنةً بالإيثانول أحيانًا يكون الأمر غشًا مُتعمّدًا، ويتمّ خلط الميثانول بالإيثانول لتقليل الكلفة، أو بسبب عدم الالتزام بالمعايير الدّقيقة للتّقطير، ما يجعل المشروب ملوّثًا وخطرًا على الصحّة.

وتختم ديما حديثها بالقول إنَّ أغلب المشروبات الكحوليّة الآمنة لا تتجاوز نسب الكحول فيها الـ45% حتّى في أقوى أنواعها، مثل الويسكي أو الفودكا، وأنَّ أي مشروب يحتوي على نسب أعلى أو رائحة غريبة يجب الحذر منه.

وفي نفس السّياق، كشف المدير العام للمؤسَّسة العامّة للغذاء والدّواء، نزار مهيدات، عن إيقاف 3 مصانع مُصنِّعة لمادّة الميثانول الّتي أودت بحياة عدد من الأشخاص في الزرقاء، مؤكِّدًا أنَّه تمَّ إغلاق مصنع من المصانع الـ3؛ بسبب ثبات وجود المادّة في أحّد الخزّانات الّتي تحتوي على المادّة الكحوليّة.

وأوضح مهيدات لـ”المملكة” أنَّ المادّة وُجِدَتْ لدى الأشخاص المتوفّين، ممّا دعا الأجهزة الأمنيّة ومؤسّسة الغذاء والدواء لتشكيل 4 فرق السبت؛ للكشف عن أسباب وفاتهم، حيث تبيَّن أنَّ مادّة الميثانول هي السّبب وراء حالات الوفاة.

وأشار إلى أنَّ الجهات الأمنيّة ومؤسَّسة الغذاء والدواء أخذوا عيّنات للفحص من أكثر من موقع، وكانت النتائج أنَّ وجود الميثانول في أرض الحادثة، ممّا أكَّد أنَّ الميثانول هو السّبب المباشر للوفاة.

بيان الطّبِّ الشّرعيّ بعد تشريح الجُثث:

كشف مدير المركز الوطنيّ للطّبّ الشّرعيّ في وزارة الصّحّة، د. ماجد الشمايلة، في تصريحٍ خاصٍّ لـ”رؤيا أخبار” إنَّ نتيجة تشريح الجثّة الّتي وصلَتْ إلى طب شرعي الزرقاء، الخميس، وتعود لرجل أربعينيّ، كان يعاني من نزف في البنكرياس، وأظهر تشريحه نتيجةً سلبيّةً (أي لا يوجد سبب واضح للوفاة، كما لا توجد مؤشِّرات لشبهة جنائيّة). وفي اليوم التالي، وصلَتْ جثّة أخرى لرجل أربعينيّ آخر، أظهر تشريحه ذات النتيجة (سلبيّ).
وأوضح د. الشمايلة أنَّ التّشابه بين نتيجة الوفاة للمتوفّى الأوّل والمتوفّى الثّاني دفع الطّبيب الشّرعيّ إلى أخذ عيّنات للسمّية من الوفاتين، وهذا إجراء معمول به في حالات التّشريح السّلبيّ، وحسب الحالة.
وقال د. الشمايلة إنَّ ارتفاع عدد الوفيّات إلى 9 مع تشابه الأعراض، وظهور بعض نتائج العيّنات، تبيَّن من خلالها وجود ارتفاع في مادة الميثانول بنسب مُتفاوتة في عيّنات الجثث السبع.
وقال د. الشمايلة إنَّه تمَّ إخطار الجهات القضائيّة والصحّيّة بنتائج العينات الأوّليّة بعد الكشف عن التسمُّم بـ”الميثانول”، وعلى إثر ذلك تمَّ فتح تحقيق شرطي من قبل مديريّة الأمن العام، وأُعلِنَ عن نتائجه في بيانٍ أمنيّ صادر عنها.

بيان الأمن العام: الوفيّات والإصابات نتيجة تناولهم مشروبات كحوليّة مُنتجة من أحّد المصانع حيثُ جرى إغلاقه وإلقاء القبض على المسؤولين عنه

وقد أصدرتْ مُديريّة الأمن العام بيانًا حول تفاصيل الوفيّات والإصابات جاء فيه:

أكّد الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام إنّ فريق التحقيق المكلّف بمتابعة التحقيق بقضية وفيات الزرقاء نتيجة تناول مادة الكحول الميثيلي ( الميثانول) تمكّن من تحديد مصدر تلك المادّة من أحد مصانع المشروبات الكحوليّة المرخّصة .

وبيّن النّاطق الإعلاميّ أنَّ فريق التّحقيق عمل منذ لحظة تلقي البلاغات والتقاط العيّنات من مسرح الحادث وظهور نتائج الفحوصات المخبريّة على جمع عدد كبير من العيّنات من محال بيع المشروبات الكحوليّة في مدينة الزرقاء، حيث عثر على مادّة الكحول الميثيلي (الميثانول) في عدد من المنتجات الكحوليّة الّتي تمَّ الاستدلال على أنَّها تنتج في ذلك المصنع وبأسماء تجاريّة مُختلفة، وجرى على الفور التوجّه إلى المصنع المنتج لتلك المشروبات وأخذ عيّنات متنوِّعة من داخله لتظهر آثار لتلك المادّة داخل إحدى خزّانات خطوط الإنتاج والتّعبئة بعد إجراء الفحوصات المخبريّة.

وأضاف النّاطق الإعلاميّ أنّه جرى وبالتنسيق مع مؤسَّسة الغذاء والدّواء إغلاق المصنع والتحفُّظ على محتوياته وإلقاء القبض على المسؤولين عن تشغيله وبوشرت التحقيقات معهم تمهيدًا لإحالتهم للقضاء.

وأكّد النّاطق الإعلاميّ أنّه يجري وبالتّنسيق مع مؤسَّسة الغذاء والدّواء جمع الكمّيات المُنتجة والمُباعة من المصنع لمحال بيع المشروبات الكحوليّة سواء بشكلٍ مباشرٍ أو عن طريق الموزِّعين.

وبيّن النّاطق الإعلاميّ ارتفاع عدد الوفيّات النّاتجة عن تناول تلك المادّة إلى سبع وفيّات وحالة واحدة سيّئة بعد أنْ أجريت الفحوصات المخبريّة وتشريح الجثث وما زال التّحقيق جاريًّا.

وفي باين آخر من مديرية الامن العام : قال الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام إنّ التحقيقات في حوادث الوفيات والإصابات الناتجة عن التسمم بمادة الكحول الميثيلي ( الميثانول ) أثبتت تورط المصنع بالقضية وتم ضبط القائمين والعاملين بالمصنع، من بينهم الموظف المختص بتركيب الخلطات والذي قام بطلب تلك المادة من أحد الأشخاص و زوّده بها وتم استخدامها بتصنيع المشروبات الكحولية .

وأضاف الناطق الإعلامي أنّ الشخص الذي قام بتزويد المصنع بكميات من تلك المادة أكّد قيامه بشرائها من أحد المستودعات والذي جرت مداهمته والتحفظ على المواد كافّة بداخله.

وبيّن الناطق الإعلامي ارتفاع أعداد الوفيات الناتجة عن التسمّم بمادة الكحول الميثيلي إلى 9 وفيات والإصابات إلى 27 إصابة في محافظات العاصمة والزرقاء والبلقاء وإصاباتهم بين المتوسطة والسيئة .

وأشار الناطق الإعلامي إلى أنّ الفرق الأمنيّة وبمرافقة مندوبين من مؤسسة الغذاء والدواء تواصل جمع المواد الكحولية المنتجة من المصنع من الأسواق، حيث تم جمع كميات كبيرة منها

وسيتم إحالة القضية للقضاء حال استكمال التحقيقات فيه

بيانٌ صحفيّ صادر عن شركة سامي جريس الصناع لإنتاج المشروبات الروحيّة – الفحيص

تدولت وسائل الإعلام بيانًا صادر عن الشركة المُصنِّعة للمشروبات الرّوحيّة قالت فيه: تُعلن شركة سامي جريس الصناع لإنتاج المشروبات الرّوحيّة، الكائنة في مدينة الفحيص، عن توقُّف عمليّات الإنتاج في المصنع بشكلٍ كاملٍ، وذلك التزامًا بالقرارات الصّادرة عن الجهات المُختصّة.

ونؤكِّدُ في هذا السّياق احترامنا الكامل لسيادة القانون وحرصنا الدّائم على العمل ضمن الأطر القانونيّة والإداريّة المعمول بها في المملكة الأردنيّة الهاشميّة، كما نُعرب عن ثقتنا التامّة بنزاهة وعدالة القضاء الأردنيّ، الّذي نعتبره المرجع الأعلى في الفصل في القضايا والخلافات.

نُهيب بجميع الجهات الإعلاميّة والجمهور الكريم إلى استقصاء المعلومات من مصادرها الرّسميّة، ونؤكِّد استعدادنا الكامل للتّعاون مع الجهات المٌختصّة بما يٌحقِّقُ المصلحة العامّة ويحفظ سيادة القانون.

مع فائق الاحترام والتّقدير
شركة سامي جريس الصناع لإنتاج المشروبات الرّوحيّة

فيما يلي التقرير العلميّ حول أسباب التسمُّم بالإيثانول زوَّدتنا به السيّدة م. ديما حدادين يشرح تركيبة الميثانول وكيف تتحوَّل لمادّة سُميّة قاتلة:

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment