
السابق “سَنَدَك” تُطلِقُ أوّلَ برنامجٍ رقميٍّ في العالم العربيّ عبر الواتساب لدعم الأهل في أوقات الأزمات
ملح الأرض – ليث حبش
في ظلِّ التّصعيد المُستمرّ في المنطقة على خلفيّة الحرب الإيرانيّة الإسرائيليّة، لم تعُدْ آثار الأزمات تقتصرُ على الجبهات السياسيّة أو الاقتصاديّة فقط، بل بدأت تتسلَّل إلى البيوت وتُحدثُ أثرًا نفسيًّا عميقًا، لا سيّما على الأطفال واليافعين.
وفي مقابلةٍ إذاعيّةٍ عبر برنامج “طلّة صباح” على أثير “راديو البلد” حذّر اللّواء المُتقاعد الدُّكتور أمجد الجميعان، المُستشار الأوّل في الطبِّ النفسيّ والمُتخصِّص في طبِّ الأطفال والمُراهقين، من تداعيات هذا التوتُّر الإقليميّ على الصّحّة النفسيّة لدى الفئات الصّغيرة في المُجتمع، مؤكِّدًا أنَّ الأطفال والمُراهقين هم الأكثر عرضةً للقلق والاضطراب النّفسيّ في مثل هذه الظّروف.
وأوضح الدُّكتور الجميعان أنَّ الأطفال يُتابعون الأخبار ويسمعون أحاديث الكبار، ممّا يخلق لديهم مشاعر من القلق وعدم اليقين، خاصّةً حين لا يجدون لدى البالغين ردودَ فعلٍ تعكسُ وعيًا بحجم الحدث. وأشار إلى ظهور علاماتٍ على بعض الأطفال تدلُّ على إصابتهم بحالةٍ من الصّدمة النفسيّة، مثل الانسحاب، والسّلوك العدوانيّ، وسلس البول، والتّراجع الدراسيّ، والخوف غير المُبرّر.
نسرين حواتمة: صفّارات الإنذار ليسَتْ مُجرَّد صوت
وفي سياقٍ مُتَّصلٍ، أكَّدَتْ نسرين حواتمة، مؤسِّسَة خدمة “سَنَدَك” المعنيّة بدعم الأطفال والأهالي نفسيًّا وتربويًّا، في تصريحٍ خاصٍّ لـ “ملح الأرض”، أنَّ صفّارات الإنذار ليسَتْ مُجرَّد صوتٍ بالنّسبة للأطفال، بل تجربة نفسيّة قد تحمِلُ آثارًا عميقةً على سلوكهم وشعورهم بالأمان.
وأضافت: “تُشير دراسات علم النّفس العصبيّ إلى أنَّ الأطفال، عند سماع الأصوات المُفاجئة مثل صفّارات الإنذار، يُفعِّلون تلقائيًّا ما يُعرف بـ’نظام الاستجابة للخطر’ في الدّماغ، حيثُ تنشِّط اللّوزة الدماغيّة ممّا يؤدّي إلى حالةٍ من الخوف، حتّى قبل أنْ يُدركَ الطفل معنى الصّوت”.
مُبيّنةً أنَّ الأطفال بسبب عدم اكتمال نضج القشرة الجبهيّة – المسؤولة عن التّنظيم العاطفيّ – يكونون أكثر عرضة للاستجابات الانفعاليّة غير المنظّمة وإنْ لم تُحتوى هذه الحالات تربويًّا، فقد تترك آثارًا طويلة الأمد.
توصيات تربويّة عمليّة
وحمّلت حواتمة الأهل والمُعلِّمين مسؤوليّة دعم الأطفال نفسيًّا خلال الأزمات، مُشيرةً إلى أهمّيّة شرح معنى الصفّارة بلغة مُبسّطة وواقعيّة، مثل قول: “هذه الصفّارة وُجِدَتْ لحمايتنا، هي تُخبرنا أنْ نكون مُستعدّين فقط، ونحن نعرف ماذا نفعل”.
كما أوصَتْ بتدريب الطفل على خطّة واضحة عند سماع الصفّارة، كأنْ يتوجَّه إلى مكانٍ آمنٍ، أو يمسك بلعبته المُهدِّئة، للحدِّ من شعور العجز وأكَّدَتْ أنَّ رد فعل البالغين هو مرآة للطفل، وأنَّ الاتزان والهدوء يُسهمان في بناء إحساس بالأمان الداخليّ.
ومن النّصائح الّتي شدَّدَتْ عليها أيضًا، تشجيع الطفل على التّعبير عن مشاعره من خلال الرّسم أو الحديث، وعدم التّوبيخ أو التّقليل من الخوف، واللّجوء إلى مُختصّ نفسيّ عند استمرار الأعراض، دون اعتبار ذلك علامةً على المرض، بل على الحاجة للدّعم المهنيّ.
وختمتْ حواتمة تصريحها بالقول “لا نستطيع دائمًا منع الصفّارات من أنْ تُسمع، لكن يُمكننا أنْ نضمن ألّا يبقى صداها في نفس الطفل إلى الأبد”.
وكانت خدمة “سَنَدَك” قد أطلقَتْ في مبادرةٍ هي الأولى من نوعها في المنطقة العربيّة، برنامجًا رقميًّا تفاعليًّا بعنوان “نصائح للوالدين”، يهدف إلى دعم الأهل ومُقدّمي الرّعاية في أوقات الأزمات، عبر رسائل قصيرة تصلهم يوميًّا من خلال تطبيق واتساب، مجانًا وبدون الحاجة لتحميل تطبيقات إضافيّة.
وقالت الأستاذة نسرين حواتمة، مسؤلة خدمة “سَنَدَك”، في حديثٍ خاصٍّ لـملح الأرض: إنَّ البرنامج يأتي استجابةً مباشرةً لما يواجهه الكثير من الأهل في العالم العربيّ من ضغوطٍ نفسيّةٍ وتحدّياتٍ تربويّةٍ، خاصّةً في ظلِّ الأزمات المُمتدّة والنّزاعات الّتي تؤثِّر على بنية الأسرة واستقرارها.
اقرأ المزيد: “سَنَدَك” تُطلِقُ أوّلَ برنامجٍ رقميٍّ في العالم العربيّ عبر الواتساب لدعم الأهل في أوقات الأزمات
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.
No comment yet, add your voice below!