
السابق هيئة تنشيط السياحة تستضيف فريق قناة God TV الكورية لتوثيق مسار الحج المسيحي

داود كُتّاب
عن موقع CNN عربي
غالبًا ما ارتبط مصطلح “الإنجيليّين” في نظر الكثيرين حول العالم، بالمسيحيّين المؤيّدين لإسرائيل. لكنَّ الواقع أصبح مُختلفًا تمامًا: فغالبيّة المسيحيّين الإنجيليّين اليوم يعيشون في الجنوب العالميّ المؤيّد للفلسطينيّين، ويتزايد لدى الإنجيليّين الشّباب في أمريكا الشّماليّة نظرةٌ سلبيّةٌ تجاه دولة إسرائيل.
سلّط الدُّكتور براد سميث، مدير قسم المُشاركة في التّحالُف والمُتحدِّث الإعلاميّ باسم التّحالُف الإنجيليّ العالميّ (WEA)، الضّوء على هذا التَّحوُّل الدّيمغرافيّ خلال انعقاد الجمعيّة العامّة في سيول من 27 إلى 31 أكتوبر / تشرين الأوّل.
وأشار سميث إلى أنَّ التّركيبة الدّيمغرافيّة للجمعيّة تعكس الواقع الأوسع للمسيحيّة العالميّة اليوم. وصرَّح للصّحفيّين: “(70%) من مسيحيّي العالم من المناطق الجنوبيّة والشَّرقيّة، ولدينا (71%) في هذا المؤتمر من تلك المناطق. لذا فإنَّنا نعكس ما يحدث في العالم”. من بين 850 مندوبًا حاضرًا، جاء (36%) منهم من آسيا و21% من أفريقيّا، مع تمثيلٍ إضافيٍّ من أوروبا (12%)، وأمريكا الشّماليّة (17%)، وأمريكا اللّاتينيّة (5%)، وجنوب المحيط الهادئ (3%)، والشَّرق الأوسط وشمال أفريقيا (3%)، وآسيا الوسطى (1.5%)، ومنطقة البحر الكاريبي (1.5%).
إلّا أنَّ التَّحوُّل في الخطاب الإنجيليّ يتجاوز الأرقام والجغرافيا؛ فقد تُرجِمَ التَّغيير الدّيمغرافيّ إلى تحوُّلٍ ملحوظٍ في قيادة الهيئات الإنجيليّة. في الأسبوع الماضي، انتخب التَّحالُف الإنجيليّ العالميّ – أكبر شبكةٍ عالميّةٍ تُمثِّلُ حوالي 650 مليونَ إنجيليٍّ من 161 دولةً – رئيسه وأمينه العامّ من دول الجنوب العالميّ.
وتمَّ تنصيب جودفري يوغاراجا من سريلانكا رئيسًا جديدًا لمجلسه الدُّوليّ، بينما تمَّ تنصيب القسّ المحامي بطرس منصور، الّذي يُعرِّفُ بأنَّه مسيحيٌّ فلسطينيٌّ من الناصرة، أمينًا عامًّا.
وصرَّح يوغاراجا في مؤتمرٍ صحفيٍّ أنَّ هذا التَّغيير “انعكاسٌ لِما يحدث عالميًّا”، مُشيرًا إلى النّموِّ “الهائل” للمسيحيّة في جميع أنحاء الجنوب العالميّ.
وتحدث تغييراتٌ مُماثلةٌ في الكوادر في أماكن أُخرى. انتخب الاتّحاد المعمدانيّ الأوروبيّ (EBF) القسّ تشارلي قسطه، وهو قسٌّ عربيٌّ لبنانيٌّ، رئيسًا جديدًا له خلال جمعيّته العامّة الّتي عُقِدَتْ في سبتمبر/أيلول في عمّان. كما عيّن الاتّحاد القسّ نبيه عبّاسي، رئيس المؤتمر المعمدانيّ الأردنيّ، سفيرًا له في الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا.

لا يقتصر التَّحوُّل داخل المجتمع الإنجيليّ العالميّ على التَّركيبة السُّكّانيّة أو القيادة، بل ينعكس أيضًا في تراجع نفوذ جماعة الضَّغط المسيحيّة الصُّهيونيّة الّتي كانَتْ قويّةً سابقًا في الولايات المُتّحدة، وخاصّةً بين الشّباب والشّخصيّات العامّة المؤثّرة. ويؤكِّد بحثٌ أجرتْهُ مجموعة بارنا هذا الاتّجاه: فقد انخفض دعم إسرائيل بين الإنجيليّين الّذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا بشكلٍ كبيرٍ من 75% عام 2018 إلى 34% فقط عام 2021، وهو رقمٌ من المُرجَّح أنْ يكون قد انخفض أكثر بعد الحرب في غزّة.
كما وأصبحَتْ شخصيّاتٌ إعلاميّةٌ مسيحيّةٌ بارزةٌ، مثل تاكر كارلسون، تنتقد بشكلٍ صريحٍ إسرائيل.
في سيول، صرّح القسّ الشّهير ريك وارن، مؤسِّس كنيسة سادلباك ومؤلِّف كتاب “الحياة الموجهة نحو الهدف” الأكثر مبيعًا، بأنَّه رفض دعم إسرائيل علنًا. وقد أخبر أصدقاءه أنَّه رفض مُناشدةً من رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو للمُساعدة في مواجهة خيبة أمل الإنجيليّين، موضِّحًا له أنَّ القُوّات الإسرائيليّة قصفتْ كنيسةً معمدانيّةً في غزّة.

خلال الجلسة الافتتاحيّة للجمعيّة العامّة للتّحالُف الإنجيليّ العالميّ في سيول، رفع المُشاركون أعلامهم الوطنيّة ومنها العلم الفلسطينيّ. وارتدى مندوبو فلسطين أثوابًا مُطرَّزةً وكوفيّاتٍ تقليديّةً. وظهر العلم الفلسطينيّ على بطاقات أسمائهم، وعُرِضَ بشكلٍ بارزٍ في كنيسة سارانغ، الّتي تتَّسع لـ7000 شخص في سيول، حيث عُقِدَ الاجتماع.

في جلسة صلاةٍ إقليميّةٍ، دعا الدُّكتور جاك سارة، الأمين العامُّ للتّحالُف الإنجيليّ للشّرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى الصّلاة من أجل أهالي غزّة والسودان الّذين “يعانون من الإبادة الجماعيّة.”

وفي خطاب قبوله، حثَّ القسّ بطرس منصور الإنجيليّين على استعادة معنى هويّتهم. وقال: “لقد سُيّس المُصطلح وتغيّر، ويستخدمه النّاس بطرقٍ مُختلفةٍ. نريد أنْ نكون حاملي البشارة للعالم أجمع. سنعمل جاهدين لتحقيق هذه المهمّة”.


تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.
No comment yet, add your voice below!