Skip to content
Skip to content

تشارلي قسطه لـ “ملح الأرض”: الوجود المعمدانيّ في المنطقة محدود، لكن تأثيرهم الروحي والمؤسّساتيّ عالميّ

تاريخ النشر: أكتوبر 3, 2025 11:21 ص
رئيس الاتّحاد المعمدانيّ الأوروبيّ القسّ شارلي قسطة

رئيس الاتّحاد المعمدانيّ الأوروبيّ القسّ شارلي قسطة

داود كُتّاب- ملح الأرض 

شدّد القسّ تشارلي قسطة خلال مقابلةٍ حصريّةٍ مع ملح الأرض على أهمّيّة تبني الأخلاقيّات المسيحيّة المُستمدّة من العهد الجديد في مواجهة النّزاعات الإقليميّة والدّينيّة، مشيرًا إلى أنَّ القوّة وحدها لا تكفي لحلّ النّزاعات، وأنَّ الخدمات الإنسانيّة والرّحمة لها دورٌ فاعلٌ في تخفيف التّصعيد حتّى في الحالات المُعقّدة مثل الوضع في غزّة.

وأوضح الرّئيس الجديد للاتّحاد المعمدانيّ الأوروبيّ أنَّ فهم اصطلاح “شعب الله” يجب أنْ يكون مرتبطًا بالكنيسة، قائلًا أنّه من الضروريّ فهم مصطلح “شعب الله” في سياق الكنيسة المعاصرة، مشيرًا إلى أنَّ هذا المفهوم ينبغي أن يُنظر إليه من منظور رسالة بولس إلى روميا “وجهة نظر بولس تغيّرت مع الوقت وليسَت ثابتة أو مُتشدّدة؛ ويجب على القُرّاء اليوم دراسة المسألة جيّدًا بدلاً من تقبُّل افتراضات دون تمحيص”.

“الإسرائيليّون هم مواطنو دولة إسرائيل ويجب تقييمهم مثل أي مواطنين آخرين، أمّا الصهاينة فموقفٌ أيديولوجيٌّ وسياسيٌّ مُتميّزٌ عن الهويّة اليهوديّة أو الجنسيّة الإسرائيليّة”- القسّ تشارلي قسطه

وفيما يتعلَّق بالفارق الأخلاقيّ بين العهد القديم والجديد، شدّد قسطه على أنَّ المسيحيّين يعيشون تحت العهد الجديد القائم على النعمة والرحمة والعدالة ورفض الظلم، كُلُّها تجسَّدَتْ في شخصيّة يسوع. وأوضح: “مفاهيم الحرب والدّمار للبشر والحجر في العهد القديم لا يمكن اعتبارها قاعدة أخلاقيّة مسيحيّة في الوقت الحاضر”.

كما تناول قسطة مسألة الهويّات والمصطلحات في ظلِّ النّقاش السياسيّ المعاصر، مؤكِّدًا أنَّ “اليهود هم شعبٌ خلقهم الله ويستحقّون الاحترام والمحبّة كبشر، بينما الإسرائيليّون هم مواطنو دولة إسرائيل ويجب تقييمهم مثل أيّ مواطنين آخرين، أمّا الصّهاينة فموقفٌ أيديولوجيّ وسياسيّ مُتميّز عن الهويّة اليهوديّة أو الجنسيّة الإسرائيليّة”. وحذّر من الخلط بين هذه المفاهيم، والتّعميم المبالغ فيه، وتقسيم الأمور ببساطة إلى “مؤيدين” و”معارضين” لإسرائيل.

وردًّا على سؤالٍ حول ما هي أفضل الطّرق للتعامل مع الصّهيونيّة المسيحيّة – مواجهة نبويّة تدعو إلى التّوبة، أو التّواصل وبناء العلاقات للحفاظ على الحوار مفتوح والتّأثير التّدريجيّ، أوضح قسطه أنَّ كثيرًا من الوقت يُهدر في الجدال مع أصحاب الآراء المتصلِّبة مفضلًا تجاهلهم بدلًا من إضاعة الوقت معهم فيما شجع التّعامل مع أيّ شخص لديه ولو قدرة بسيطة على التحاور الصادق.

اقترح القس اللّبنانيّ تشارلي قسطة أسلوبًا مزدوجًا: مواجهة نبويّة لتسمية الخطأ عند الضرورة، مع الحفاظ على الحوار التدريجيّ لتعزيز التأثير الإيجابيّ

واقترح القسّ اللّبنانيّ تشارلي قسطه أسلوبًا مزدوجًا: مواجهة نبويّة لتسمية الخطأ عند الضرورة، مع الحفاظ على الحوار التدريجيّ لتعزيز التأثير الإيجابيّ. وأكّد أهمّيّة النّقد الأخلاقيّ المتناسب مع حجم الجريمة، وضرورة التّعاطف مع المتضررين، موضحًا أنَّ التّعاطف العالميّ قد يتغيّر مع استمرار المعاناة أو تصاعد الأحداث.

واستشهد بأمثلةٍ من حياة يسوع، مثل تطهير المعبد، حيث جمع بين الشجاعة الأخلاقيّة في فضح الظّلم وحماية الفئات الضعيفة، مؤكِّدًا أنَّ التحلّي بالحكمة والتعاطف في المواقف المُعقّدة هو المفتاح لتحقيق تأثيرٍ إيجابيّ دون الإضرار بالآخرين.

وقال قسطه أنّه عانى من البعض الّذي يتهمه باللّاساميّة مؤكِّدًا أنَّ العرب ساميون وأنَّ الخطأ في تصنيف أي اختلاف مع ما تقوم به إسرائيل بـ”معاداة الساميّة” معتبرًا أنّه غالبًا ما يكون ذلك التّصنيف ناتجًا عن ارتباك في المفاهيم.

القس تشارلي قسطه أوّل عربيّ في رئاسة الاتحاد المعمدانيّ الأوروبيّ

هذا وكان القسّ تشارلي قسطة محور احتفالٍ هامٍّ في عمّان بمناسبة مرور 75 عام على تأسيس الاتّحاد الأوروبيّ المعمدانيّ حيث تمَّ تنصيب القس اللّبنانيّ تشارلي قسطه ليصبح أوّل شخصيّةٍ من الشرق الأوسط تتولّى هذا المنصب في تاريخ الاتحاد الّذي يضمُّ نحو 750 ألف عضو من 59 اتحادًا معمدانيًّا في 52 دولة في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى.

وقال قسطه في الحديث المطوّل في عان أنّه يرتبط بالاتحاد المعمدانيّ منذ نحو ثلاثة عقود، بدأ علاقته عام 1995 بصفته رئيس المجمع المعمدانيّ في لبنان، ثمَّ تطوّر دوره لاحقًا ليمثّل الشرق الأوسط في المؤسّسات التنفيذيّة للاتّحاد. وقال: «لطالما سعيتُ كي لا يبقى تمثيل الرئاسة محصورًا بالدول الأوروبيّة الكبرى، واليوم انتُخبت بعد أنْ شغلت منصب نائب الرئيس لسنتين ضمن آليّة الانتقال المُتّبعة في مؤسّسات الاتحاد المعمدانيّ

وشدّد قسطة في المقابلة الحصريّة مع ملح الأرض عن واقع المعمدانيّين في المنطقة، مؤكّدًا أنّ وجودهم العدديّ محدود، لكنّه أكّد أنّ تأثيرهم الروحيّ والمؤسّساتيّ عالميّ، موضحًا: «نحن أقلّيّة صغيرة عدديًّا في الشرق، لكن فعلنا كبير على مستوى العالم، إذ يصل عدد المعمدانيّين عالميًّا إلى أكثر من مئة مليون مع عائلاتهم ومؤسّساتهم».

وأشار الرئيس الجديد إلى أنّ مهمّته تشمل تعزيز صورة المعمدانيين العرب في الغرب والدفاع عن حقوق الإنسان من منظورٍ مسيحيّ، مضيفًا: «رسالتنا أن نُظهر الموقف المسيحيّ الواضح: نحن ضدّ القتل وضدّ انتقاص حقوق الإنسان أيًّا كان مصدره».

أشاد قسطه بمواقف الأردن وقيادته حيال العدوان على غزّة، معتبرًا أنّ الملك عبد الله الثاني يعبّر عن «مواقف جريئة وعقلانيّة» في الدفاع عن القيم الإنسانيّة

كما أشاد قسطه بمواقف الأردن وقيادته حيال العدوان على غزّة، معتبرًا أنّ الملك عبد الله الثاني يعبّر عن «مواقف جريئة وعقلانيّة» في الدفاع عن القيم الإنسانيّة، وقال: «من واجبنا كمعمدانيين عرب أن نسلّط الضوء على هذه المواقف في الغرب».

إلى جانب انتخابه، أعلن الاتحاد المعمدانيّ الأوروبيّ تعيين القسّ الأردني نبيل عباسي أوّل «سفير» للاتحاد المعمدانيّ العالميّ في الشرق الأوسط، واصفًا هذه الخطوة بالتاريخيّة للاستجابة لحاجات المنطقة لصوت معمدانيّ فاعل على الساحة الدوليّة.

السفير المعمدانيّ للشرق الأوسط القس نبيه عباسي مع رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي

يُذكر أنّ الاتحاد تأسس عام 1949 ويحتفل هذا العام بمرور 75 عامًا على انطلاقه، ويعمل كجسم جامع للتعاون بين الكنائس المعمدانية في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى.

قرارات واستراتيجيّات مستقبليّة

دعا قسطه إلى إعطاء الأولويّة في المناصب العامّة والتّعليم للأخلاقيّات المستوحاة من العهد الجديد، وإعداد مواد تعليميّة تشرح النصوص الأساسيّة للرسول بولس، مثل رسالة رومية، لدعم المواقف اللّاهوتيّة المُتعلّقة بالكنيسة. كما أوصى بإعداد إرشادات للقساوسة والمُتحدّثين حول كيفيّة التّعامل مع الأحداث الرّاهنة بنضجٍ أخلاقيّ وتعاطف، مسترشدًا بسلوك يسوع كنموذجٍ للتّوازن بين الصراحة والرحمة.

وأكّدَ أنَّ التّغيير الحقيقيّ في القلوب لا يحدث إلا عبر عمل الروح القدس، وأنَّ الدعوة إلى التّوبة يجب أن تكون متوافقة مع المبادئ الأخلاقيّة والرحمة، بعيدًا عن الانحياز السياسيّ أو الإيديولوجيّ. وشدّد على ضرورة الدّقة في المصطلحات عند الحديث عن اليهود والإسرائيليين والصهاينة لضمان حوارٍ مُثمرٍ والحفاظ على المصداقيّة الأخلاقيّة.

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment