السابق قانون الإرث المسيحيّ: إلى متى؟.
رابط المقال: https://milhilard.org/p6lk
تاريخ النشر: نوفمبر 13, 2024 10:00 ص
رابط المقال: https://milhilard.org/p6lk
داود كُتّاب
قال الأستاذ حنضل حجازين مّدرِّس اللّغة الإنجليزية والنّاشط الكنسيّ، أنَّ زيارة البطريرك بييرباتيستا بيتسابالا لقرية السماكية في قضاء الكرك رفعَتْ من معنويّات أهل القرية في جنوب الأردن.
وقال حجازين في حديثٍ خاصٍّ لـ ملح الأرض، إنَّ هذه أوّل زيارة لكاردينال للقرية ذات الغالبيّة المسيحيّة في محافظة الكرك. “لقد أمضى سيادة الكاردينال أربعة أيّام في القرية، التقى فيها مع الجّميع وسَمِع لملاحظات المواطنين”.
وتابع حجازين أنَّ جميع سكّان السماكية تقريباً خرجوا لاستقبال الزّائر الكاردينال. “خرج الجّميع وبالذّات عائلتيّ الحجازين والعكشة، ومن كافّة الطّوائف لاستقبال الضّيف الخاصّ، وكانت زيارة رعويّة دينيّة واجتماعيّة شجعَتِ السُّكّان على الثّبات وتمَّ مناقشة تحدّيات الأهل في السماكية وخاصّةً مشكلة هجرة الشباب.”
وتابع حجازين في حديثه لـ ملح الأرض أنَّ سيادة الكاردينال تجاوب مع اقتراحات لتوفير أراضي وقفيّة تابعة لبطريركيّة اللّاتين للمواطنين للعمل فيها. “استعدَّ الكاردينال لتوفير أراضي بصورةٍ مجّانيّةٍ، شريطة أن يتقدّم الشّباب بمشاريع ذات جدوى اقتصاديّة، كي يتمَّ إثبات وجودها على أرضهم، خاصّةً أنَّ هناك أراضي واسعة بعضها بعيد قد يصلح للزّراعة البعليّة بسبب عدم توفّر مياه كافية، في حين هناك أراضي قريبة للقرية ومتوفّر لها كهرباء وماء ومن الممكن أن تنفع لمشاريع زراعيّة من خلال البيوت البلاستيكيّة”
كما تمَّ مناقشة اقتراح خلق صندوق على مستوى الأردن لدعم الطّالب الجامعيّ وقال حنظل حجازيين “إنَّ أحّد أبناء القرية حصل على معدل 96% إلّا أنَّ ذلك لم يكفِ لالتحاقه بكلّيّة الطّب ممّا اضطرّه أن يلتحق ببرنامج الموازي والّذي تزيد رسومه عن طاقة العائلة”. ومن ناحية أخرى تمَّ مناقشة مشاركة طلاب متفوّقين في بعثات إلى هنغارية.
يسكن في السماكية عشيرتيّ الحجازين والعكشة، تعيش هذه العائلات في علاقات طيّبة مع المجتمع المحلّي، وتضمّ البلدة كنيستين: كنيسة مار ميخائيل للّاتين وكنيسة القدّيس جورجيوس للرّوم الكاثوليك.
يبلغ عدد سكّان السماكية حوالي 3200 نسمة يشكِّلون حوالي 380 أسرة، من ضمنهم 218 عائلة لاتينيّة، يتولّى رعايتهم حاليّاً الأب خالد قموه ويساعده راهبات الورديّة والشماس الإنجيليّ الدّائم زعل حجازين، وقادة المجموعات الرعويّة المختلفة.
تفاصيل أكثر عن زيارة البطريرك لقرية السماكية عن موقع ابونا وإعلام البطريركيّة اللاتينيّة:
على الرّغم من الأحداث السياسيّة المربكة، استكمل غبطة الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للّاتين، زياراته الرعويّة لرعايا الأبرشيّة، حيث شرع بزيارة رعيّة السماكية في جنوب الأردن، والّتي استمرَّتْ من الخميس 7 تشرين الثاني إلى الأحد 10 تشرين الثاني 2024. لم يسمح غبطته للأوضاع الرّاهنة في الأرض المقدّسة، بأن تكون سبباً في ابتعاده عن رعيّته، بل جعلها دافعاً للتقرّب منهم، والاستماع إلى احتياجاتهم، وتقديم الإرشاد والدّعم الّذي يتطلّعون إليه من راعيهم.
إليكم أبرز أحداث الزيارة الرعوية:
اليوم الأول
بدأ غبطته زيارته الرعويّة بزيارة ومباركة أبناء رعية السماكية، وكان في استقبال غبطته حشدٌ كبير من الكهنة والسّلطات المحليّة وأهالي المدينة. في مقدّمة مستقبليه كان الأبّ خالد قموه، كاهن رعية اللّاتين في السماكية، والأبّ أيهم الزيادين، كاهن رعيّة الرّوم الكاثوليك، بالإضافة إلى الأبّ ماركوس مرجيه، كاهن رعيّة الرّوم الأرثوذكس في منطقة حمود، وعدد من كهنة البطريركيّة في محافظة الكرك وكهنة عائلة الحجازين، كما وحضر مدير مركز أمن لواء القصر، والسيّد منير المجالي رئيس بلدية شيحان، إلى جانب كبار شيوخ عشيرتيّ الحجازين والعكشة بالإضافة الى الأجهزة الأمنيّة الّتي رافقت موكب غبطته طوال فترة وجوده في البلدة، وتضمّن الاستقبال عزف مجموعة كشافة الزرقاء الشمالي، وفي قاعة الرعيّة رحّب الأبّ خالد قموه بغبطته وبالحضور الكريم، مشيراً إلى أهمّيّة هذه الزّيارة التاريخيّة لصاحب الغبطة، ومن ثم توجّهوا إلى الكنيسة للصّلاة وطلب معونة الرّوح القدس في بدء هذه الزّيارة الرعويّة وللصّلاة بروح المحبّة والوئام من أجل السّلام في العالم.
اليوم الثاني
زار غبطته في الصّباح عدد من المؤمنين في بيوتهم ومنحهم سرّ مسحة المرضى، وتلاه قداس احتفالي في قاعة الكنيسة لمنح سرّي الأوّل مناولة والتثبيت لـ36 طالب وطالبة، بحضور عدد كبير من أبناء الرعيّة، فقد كان الاحتفال بمثابة فرصة لتجديد مواعيد العماد لكافّة المؤمنين.
في عظته، ركّز غبطته على جانب مهم من الإيمان المسيحي، وهو حقيقة وجود الله بيننا وحضوره الدّائم معنا، قائلاً: “يسوع هو حضور الله بيننا”. أمّا إلى الطّلبة المقبلين على الأسرار المقدّسة فقد قال: “اليوم، ستنعمون بحضور الله في القربان المقدّس وبنعمة الرّوح القدس الّتي تقوّينا على أداء أعمال تتجاوز قدرتنا البشريّة، مثل المحبّة الّتي تغفر، مُتحدية المفهوم البشريّ في العديد من الحالات. وهذا يتجلّى في عمل يسوع الفدائي على الصّليب، وفي حبّ الأمّهات لأبنائهم وهو سبب رئيسيّ لتماسك العائلات. النقطة الأساسيّة هي أنَّكم ستتلقون يسوع ومحبّتَه لكم اليوم، لكن عليكم أن تجعلوه جزءاً من حياتكم اليوميّة، لتشهدوا له بأعمالكم وتصرفاتكم”.
بعد القداس، قام غبطته بزيارة أهالي بعض كهنة البطريركيّة، وهم: الأبّ سيمون حجازين، كاهن رعية جبل اللّويبدة، والأبّ صقر حجازين، الّذي توجّه إلى روما من أجل الدراسة، والأبّ أكثم حجازين، رئيس المحكمة الكنسيّة في الأردن.
ثمَّ توجّه غبطته إلى ديوان آل المجالي في بلدة الياروت، حيث كان في استقباله الشّيخ عاطف عطّوي المجالي، شيخ مشايخ الكرك، والشّيخ عصمت دليوان المجالي، والشّيخ عدوان أحمد المجالي، إلى جانب عدد من وجهاء وشيوخ عشيرة المجالي. وقد رحّب ممثّل العشيرة بغبطته والوفد المرافق له: “نرحّب بكم في محافظة الكرك، ونؤكّد لكم أنّنا قد تجاوزنا مرحلة التعايش السلميّ بين المسيحيّين والمسلمين، ووصلنا إلى مرحلة التآخي، فنحن أبناء الوطن الواحد والدم الواحد”.
وتعليقاً على كلمة الترحيب، قال غبطته: “العلاقة الأخويّة بين آل المجالي ومسيحييّ الكرك هي علاقة تاريخيّة عميقة وهامّة. فهم من باعوا الأرض للبطريركيّة لإقامة أول رعيّة في السماكية، وهذه العلاقة تبقى محوريّة في تاريخنا المشترك”. قدّم غبطته هديّة شكرٍ لأبناء آل المجالي عبارة عن الوثيقة التاريخيّة لبيع الأرض، والّتي تثمّن وتؤكّد على هذه العلاقة العريقة. وقد تسلّم غبطته درعاً يحمل صورة القدس، تعبيراً عن تقدير العشيرة لجهود غبطته الكبيرة في تعزيز أواصر المحبّة والتّعاون بين جميع أفراد المجتمع.
وفي ختام اليوم، التقى غبطته مع مختلف فعاليات الرعيّة: أخويّة بنات مريم، ومجموعة الطوارئ، والشّبيبة بمختلف فئاتها وأعمارها، إضافة إلى أعضاء الجّوقة وخدّام الهيكل. وكان اللّقاء فرصة لتبادل الأفكار وتعزيز الروابط بين الأفراد العاملين في خدمة الرعيّة، مؤكّداً على أهمّيّة العمل الجماعيّ في خدمة المجتمع والرعيّة.
اليوم الثالث
بدأ اليوم بزيارة لروضة ومدرسة البطريركيّة اللّاتينية، حيث كان في استقبال غبطته مدير المدرسة الأستاذ مهند حجازين ومديرة الرّوضة تساهيل حجازين، بالإضافة إلى الطاقم التعليميّ وطلّاب المدرسة.
بعد ذلك، توجّه غبطته لزيارة كنيستيّ الرّوم الكاثوليك في السماكية ومنطقة حمود والّتي يخدمها الأبّ أيهم الزيادين، وقد استقبله فيها مع كهنة البلدة وبعض من أبناء الرعيّة ومجلس الرعيّة والشّبيبة. كما قام بزيارة كنيسة القدّيس جورجيوس للرّوم الأرثوذكس، حيث استقبله كاهن الرعيّة الأبّ ماركوس مرجيه. كما زار غبطته الكنيسة القديمة الأثريّة للرّوم الأرثوذكس.
شملت الزيارة أيضاً مركز السماكية الصحي الأوّلي ومقبرة الكنيسة، كما قام بزيارة راهبات الورديّة. بعدها، ترأس غبطته قدّاساً إلهيّاً في كنيسة الرعيّة. تلا ذلك زيارة إلى جمعيّة جذور السماكية التعاونيّة، حيث استقبله رئيس الجمعيّة المهندس هيثم حجازين ونائب الرّئيس جلال بوالصة وأعضاء الجمعيّة. وفي ختام الزّيارة، افتتح غبطته أوّل مخبز في السماكية تابع للجمعيّة، والّذي سيعمل على خدمة المجتمع المحلّي. وختاماً زار غبطته الجمعيّة السياحيّة لإنماء المواقع الأثريّة.
اليوم الرابع والأخير
قام غبطته بزيارة متصرفيّة لواء القصر، حيث استقبله عطوفة المتصرّف السيّد معتصم القراله، ثمّ زار بلديّة شيحان واستقبله رئيس بلديّة شيحان السيّد منير سالم المجالي وأعضاء المجلس البلدي الّذين رحّبوا بهذه الزّيارة التاريخيّة شاكرين غبطته على كلّ ما تقوم به البطريركيّة من أعمال إنسانيّة وتربويّة لأبناء شيحان والسماكية والكرك بشكل عامّ.
ثمَّ قام غبطته بجولة على مدارس السماكية الحكوميّة، حيث استقبلته المديرة هدى الليمون، مديرة مدرسة البنات، والسيّد علي الدهيسات مدير مدرسة البنين، كما زار مركز شابّات السماكية حيث استقبلته السيّدة أمل الخمايسة، والّتي عرضت أهمّيّة هذا المركز في خلق فرص عمل للشّباب في القرية.
زار غبطته مشروع جمعيّة جذور على جبال السماكية، الّذي أنُشئ بتوجيهات ملكيّة، لتحويل الأراضي الجافّة إلى أراضٍ خضراء تساهم بخلق جوّ نظيف وإيجاد فرص عمل لشباب المنطقة. بعدها قام غبطته بزيارة أثار الربة، وهي عبارة عن أثار كنيسة رومانيّة بيزنطيّة قديمة، حيث استقبله مدير الأثار السيّد باسل الهلسة. ثمّ زار هيئة الضّباط المتقاعدين، وقام باستقباله عطوفة وزير الداخليّة السّابق ورئيس الهيئة السيّد قفطان المجالي، ورئيس مجلس عشيرة حجازين السيّد صبيح حجازين، والنّائب هيثم زيادين.
في نهاية الزّيارة الرعويّة التقى غبطته بمجلس الرعيّة وأبناء الرعيّة، ومن ثمّ احتفل بالقداس الإلهيّ الختاميّ حيث شكر غبطته الرعيّة لحسن ضيافتهم واستقبالهم له، مشيراً إلى أبرز ما جاء في هذه الزّيارة الرعويّة. وشجعهم ليستمرّوا في وحدتهم ومحبّتهم الأخويّة لبعضهم البعض، مستمدّين القوّة من كلمة الله الّتي تدعونا للعيش بقلب لا يسعى أن يُرى من قبل الآخرين، بل يكتفي بنظرة الله له.
تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.