Skip to content
Skip to content

انطباعات من زيارة تركيا مع قادة الكنائس العالمية وعلى رأسهم البابا ليون الرابع عشر

تاريخ النشر: ديسمبر 1, 2025 8:09 ص
القس بطرس منصور سكرتير عام التحالف الإنجيلي العالمي في موقع مجمع نيقية في تركيا

القس بطرس منصور سكرتير عام التحالف الإنجيلي العالمي في موقع مجمع نيقية في تركيا

القس بطرس منصور– خاص ل ملح الأرض*

مع أنني زرتُ إسطنبول في الماضي، فإنني صُعِقت هذا الأسبوع من اتساع المدينة وضخامتها، ومن حركة السير التي يبدو أنها ازدادت بسبب إغلاق شوارع عديدة إثر زيارة البابا والرغبة في تسهيل تنقّله وضمان أمنه.
ليس من المستبعد أن محاولة اغتيال البابا يوحنا بولس الثاني قبل نحو ثلاثين عامًا، والتي قام بها مواطن تركي، قد ألقت بظلالها على الحكومة التركية وأثّرت في حشد قوات شرطة هائلة حول المدينة لضمان أمن البابا.

في الموقع التاريخي لمجمع نيقية

من تجربتنا القصيرة، يبدو أنه رغم الأعداد الهائلة من رجال الشرطة، فإن تعامل رجال الأمن مع الأجانب مثلنا كان مُتعثرًا. أغلبهم لا يتكلمون الإنجليزية، ورغم أننا ضيوف محترمون سنشارك في الصلاة مع البابا، فقد فُقِدت أسماؤنا من لوائح رجال الأمن الذين منعونا من دخول موقع مجمع نيقية. أظهَر الضابط صورة من برنامج الصلاة تؤكد مشاركتنا فيها، لكنه لم يسمح بدخولنا إلا بعد تدخل البطريرك المسؤول الذي استدعَيناه إلى المكان. وقد تكرر الأمر ذاته مرتين. لا يتصف رجال الأمن الأتراك بالليونة.

أثارت زيارة البابا لتركيا اهتمامًا واسعًا، ليس لمكانته الدينية الرفيعة فحسب، بل لأنها جاءت كأول زيارة رسمية له منذ تنصيبه قبل ستة أشهر، ولأنها لدولة ذات طابع إسلامي وأغلبية مسلمة مطلقة، رغم أنها شغلت في بدايات الكنيسة مركزًا مسيحيًا هامًا.

من خلال لقاءاتنا بالبابا، يظهر للملأ اختلافٌ بين البابا ليون وسلفه فرنسيس، رغم أنه ذكر الأخير في عدة خطابات واقتبس منه. فبينما تمتع البابا فرنسيس بكاريزما لافتة واستمتع بالتواصل مع الناس، يبدو أن ليون أكثر خجلًا وهدوءًا.

جاءت خطابات البابا ليون بروح وديعة، وشدّدت على الوحدة.

استقبل المسيحيون الأتراك البابا ليون بترحاب وحماس منقطعي النظير، تجلّى بالهتافات والزغاريد.

ورغم حضور رؤساء الكنائس المختلفة في إسطنبول وأزنيق، فقد افتقدنا وجود بطريرك الروم الأرثوذكس من القدس في حدث الذكرى الـ1700 لمجمع نيقية. كما غاب ممثل الروم الملكيين الكاثوليك والموارنة في تركيا، إذ يبدو أنهم فضّلوا لقاء البابا في زيارته اللاحقة إلى لبنان.

أخذ رجال الدين الكاثوليك والأرثوذكس المكانة الرئيسية في الاحتفالات، وبدا وكأن رجال الدين البروتستانت قد هُمّشوا رغم كونهم شركاء في العمل المسكوني.

يبدو أن تحضيرًا كبيرًا سبق لقاءات رجال الدين المنخرطين في العمل المسكوني المشترك، إذ سادت بينهم الألفة.

في الاجتماع الخاص الذي عقده البابا مع قادة الكنائس، شارك كل منهم بمداخلة من أربع دقائق حول تأثير بيان الإيمان النيقاوي على حياتنا اليوم ومستقبلنا. وكان لافتًا أن القادة تحدثوا بصراحة؛ فتجد من تحدث عن “اقتناص” أبناء طائفته من قبل جماعات مسيحية أخرى، وآخر شذّ عن القاعدة بانتقاد نتائج مجمع نيقية بدعوى أنها فتحت المجال للتكفير المختلف ولتدخل رجال السياسة في الدين عقب الإمبراطور قسطنطين، راعي المجمع. وقائد ثالث هاجم بوضوح القومجية المسيحية الأمريكية وغيرها.

حضر وشارك في الصلاة في أزنيق وفي اللقاء الخاص مع البابا في كنيسة مار أفرام السريانية في إسطنبول ممثلون عن طوائف مسيحية بروتستانتية وإنجيلية تُعدّ ما يقارب مليار إنسان، لكن التغطية الإعلامية الكنسية الرسمية والعامة تجاهلت وجودهم إلى حد كبير، وركزت على اللقاء الكاثوليكي–الأرثوذكسي، رغم الحفاوة التي قوبلوا بها من منظمي البرامج الأرثوذكس والكاثوليك.

شارك من البروتستانت والإنجيليين أصحابُ مناصب رفيعة في الكنائس الأنغليكانية واللوثرية والاتحاد الإنجيلي العالمي (كاتب هذه السطور)، ومجلس الكنائس العالمي، والكنائس الخمسينية، وكنيسة القداسة (الميثودية)، والمانونيت، والمعمدانيين وغيرهم.

صورة تذكارية في تركيا مع قادة مسيحيون

بالمجمل، أعتقد أن اللقاء التاريخي حول مجمع نيقية، الذي أكد الحقيقة الكتابية عن لاهوت المسيح الكامل، كان مهمًا، وبإمكانه الإسهام في تقارب وتعاون أكبر بين كل التيارات المسيحية المشاركة.

إقراء أيضا: القس منصور أمام رؤساء الكنائس: مجتمعاتنا المسيحيّة تواجه الحرب والخوف والجهل… وكثيرون يسألون: أين المسيح؟ هنا
:

  • الكاتب ابن الناصرة سكرتير عام التحالف الإنجيلي العالمي

تكافح مجلة “ملح الأرض” من أجل الاستمرار في نشر تقارير تعرض أحوال المسيحيين العرب في الأردن وفلسطين ومناطق الجليل، ونحرص على تقديم مواضيع تزوّد قراءنا بمعلومات مفيدة لهم ، بالاعتماد على مصادر موثوقة، كما تركّز معظم اهتمامها على البحث عن التحديات التي تواجه المكون المسيحي في بلادنا، لنبقى كما نحن دائماً صوت مسيحي وطني حر يحترم رجال الدين وكنائسنا ولكن يرفض احتكار الحقيقة ويبحث عنها تماشيًا مع قول السيد المسيح و تعرفون الحق والحق يحرركم
من مبادئنا حرية التعبير للعلمانيين بصورة تكميلية لرأي الإكليروس الذي نحترمه. كما نؤيد بدون خجل الدعوة الكتابية للمساواة في أمور هامة مثل الإرث للمسيحيين وأهمية التوعية وتقديم النصح للمقبلين على الزواج وندعم العمل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني المسيحيين و نحاول أن نسلط الضوء على قصص النجاح غير ناسيين من هم بحاجة للمساعدة الإنسانية والصحية والنفسية وغيرها.
والسبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو بالتواصل والنقاش الحر، حول هويّاتنا وحول التغييرات التي نريدها في مجتمعاتنا، من أجل أن نفهم بشكل أفضل القوى التي تؤثّر في مجتمعاتنا،.
تستمر ملح الأرض في تشكيل مساحة افتراضية تُطرح فيها الأفكار بحرّية لتشكل ملاذاً مؤقتاً لنا بينما تبقى المساحات الحقيقية في ساحاتنا وشوارعنا بعيدة المنال.
كل مساهماتكم تُدفع لكتّابنا، وهم شباب وشابات يتحدّون المخاطر ليرووا قصصنا.

No comment yet, add your voice below!


Add a Comment